كلمة الثقافة:

عام مضى على الثقافة

 

ها نحن نودع عاماً و نستقبل عاماً فنتأمل حياتنا وراءنا وحولنا وأمامنا فماذا تقول نشرةالأخبار الثقافية في محصلة عام مضى وآخر يهل؟  لا شك أن أهم ظاهرة ثقافية اكتسحت العالم أجمع كانت من إحدى مضاعفات نظام العولمة الاقتصادي الذي يدعو إلى إطلاق حرية التبادل التجاري إلى أقصاها بين دول العالم. فكان لا بد لهذه التحولات أن تنسحب على الميدان الثقافي في الدعوة إلى رفع الرقابة والحواجز من كل الأنواع على جميع المطبوعات والأفلام وبرامج الكمبيوترالمتبادلة وخاصة بعد ثورة الاتصالات والمعلومات الأخيرة التي جعلت من العالم أجمع قرية واحدة كما يقال، وكان لا بد من أن تثور المخاوف على الخصوصية أو الهوية الثقافية الوطنية أن يلتهمها <<الغزو الثقافي>> الكاسح الهاجم عبر أقنية الدول المتطورة الكبرى فإذا بالأصوات ترتفع هنا وهناك محذرة من تسيب الحياة الثقافية وضياع الخصوصية الوطنية لصالح الأغنياء ضد الفقراء ودول التقدم ضد دول التخلف..

وبدلاً من أن تنتبه الدول النامية -أو المتخلفة- ومنها الأقطار العربية طبعاً إلى أهمية إطلاق حرية التعبير في بلادها تنشيطاً لحركة الإبداع القادرة وحدها على تحصين الثقافة الوطنية ضد مخاطر العولمة، بدلاً من هذا التوجه وجدنا الحكومات العربية تضيق الخناق أكثر فأكثر من خلال المنع المسبق للنشر، أو السحب من التداول، أو المصادرة، أو إقامة الدعاوى باسم <<الحسبة>> في المحاكم من قبل الأفراد أو بعض المؤسسات الاجتماعيةا لتي زاد تدخلها الأمور سوءاً.

تلك هي إذن الصورة العامة للثقافة عالمياً ومحلياً في العام الفائت ولا نعتقد أنها سوف تتغير كثيراً في العام المقبل، وهكذا لا بد لعالمنا إذا ما أراد عالمنا البحث عن خلاص حقيقي من أن يدرك أن هناك قيماً باتت مطلوبة أكثر من أي وقت مضى، ليس لإنقاذ الثقافة وحدها في العالم، بل لإنقاذ الحياة ذاتها على كوكب الأرض المهدد.

المحرر الثقافي  

  -----------------------------------------

جائزة ماجد أبو شرار للثقافة

تكريم ثقافة المواجهة

  مركز الشهيد ماجد أبو شرار للثقافة في تظاهرة ثقافية وطنية

يحتفي بالمبدعين الفائزين في الدورة الثالثة

 

إن تكريم الإبداع عمل غير عادي، بما يمنحه من أثر نفسي معنوي إيجابي قبل أي شئ آخر، حيث يتحول إلى دافع للابداع الحقيقي حين يترافق مع تقييم النصوص المقدمة على أساس التحامها بالروح الوطنية والقومية والثورية ودفعها إلى التسامي والرقي مواكبةً للعمل النضالي اليومي الذي يخطه أبناء شعبنا الماجد في فلسطين هذه الأيام كما في أيامه السابقة، إن سؤال الثقافة لهو بحق أخطر الأسئلة في صراع هو في حقيقته صراع أسئلة حضارية، وإذا كنا نرى المشروعية في ممارساتنا النضالية اليومية على أرض الوطن فذلك لا بد من أن ترافقه حالة النضال الثقافي بشتى أشكاله لتثبيت وتجذير العمق الحضارلهذا الهدف السياسي الذي يفرض أن يحمل في طياته معاني سامية لا بد من إتكائها على الفني والثقافي بمعناه العميق في معركة تجري رحاها على كافة المستويات وفي شتى المحاور والمحافل، سلاحها في ذلك الرصيد الهائل من التراث المستمر والذي يعبر عنه مبدعو هذا الشعب، الذي يعي منذ البداية قوة وقدرة الثقافة، واليوم أكثر من أي وقت مضى، واذي بات يدق حصون الإعلام العالمي بخطابه الإنساني الفني العالي السوية الذي يخطه بالحجر والشهادة، بالشعر واللوحة وغيرها من الفنون الراقية في آن معاً، وقد دأبت لجنة " جائزة ماجد أبو شرار" للسنة الثالثة على التوالي بأخذ زمام المبادرة في تكريم الأعمال الإبداعبة ذات النفس القومي والوطني المكافح تشجيعاً لهذا النمط من الفن الجاد الذي أقل ما يقال فيه أنه خطوة راسخة في الاتجاه الصحيح الذي سيوصل في النهاية حصراً إلى الهدف الأسمى الوطني والقومي، والذي هو تمجيد للوعي العالمي الذي يخطه الرواد الأوائل.. وواحد من هؤلاء الرواد هو الشهيد الذي حملت الجائزة اسمه، هذه الجائزة التي تكرم الأعمال الجادة من قبل لجانٍ مختصة حسب كل حقل من حقولها وهي " البحث، القصة، الشعر، والفن التشكيلي  وكان أهم شرط للحصول عليها إلتزامها القومي والوطني على أن تكون ذات شكل فني ولغة عاليين،وقد اتسمت الأعمال في أغلب أحوالها بقوة اللغة ووحدة النص وجمالية ودقة اللوحة التشكيلية وتعبيرها البليغ. والتزاماً منها بالثقافة الملتزمة، ودعماً لهذه الثقافة وذاك الألتزام فقد أعتمد الإبداع الملتزم كعامل مقررفي حسم نتائج المسابقة،علماً بأن المشاركات هذا العام قد بلغت حداً كبيراً من حيث عدد المشاركين مما يؤكد حضور ورساخة هذه الجائزة في الساحة الثقافية الفلسطينية والعربية والتي تواكب بجدارة هذه الأيام –الانتفاضة الفلسطينية الخلاقة بحيث يتم التواصل الثقافي والكفاحي في آن معاً، وفي خندق واحد، ولهدف واحد.

وتأسيساً على ذلك فقد أقام مركز الشهيد ماجد أبو شرار للثقافة حفل تكريم المبدعين الذين فازوا في جائزة المركز لهذا العام مساء يوم 15/1/2001 بحضور الأخ أبو خالد العملة أمين السر المساعد للجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح والأخ أبو فاخر عضو اللجنة المركزية للحركة وعدد من أعضاء مجلسها الثوري ولفيف من كوادرها،كما حضر الحفل د.صابر فلحوط رئيس اتحاد الصحافيين في سورية ود.طيب تيزيني ورؤوساء وأعضاء لجان التحكيم وعدد من أعضاء اتحاد الكتاب العرب وعدد من أعضاء الأمانة العامة للكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحشد من المهتمين.

المطالعات :

وقدم الشاعر. عبد القادر الحصني / عضو لجنة التحكيم / مطالعة الشعر/ الانتفاضة محراب الجهاد فيما يلي نصها :

مساء الخير: مساء الحب والحياة والفن..

مساء الدم العربي الفلسطيني الذي يفتح أفقاً مشرقاً لأمة سادرة. كان الشعر وما زال ديوان العرب،فيه سجل أيامها وأخبارها..ومجال عزها وافتخارها..يؤرخ لإنتصارات الأمة ويقف على مواطن إنكساراتها،ويستجمع خلاصة روحها المقاوم إذا إدلهم الخطب، والشعر ديوان الذات العربية أيضاً ؟ في تشظيها وإنهياراتها وارتكاساتها على عمقها الصلب،المتمثل بتراث الأمة المركوز على وجودها ووجدانها.

حين نظرت هيئة تحكيم جائزة الشهيد ماجد أبو شرار الشعرية في النصوص المتسابقة عاينت أولوية الهم الوطني والقومي،ورأت جراح الأمة النازفة تسيل دماؤها بين السطور ويهدر عنفوانها في قلب الشعراء الذين باحت قصائدهم بحب الأرض والإنسان..وتمجيد الشهادة والصمود. حيث فلسطين قبلة الجهاد، وحيث الانتفاضة محراب هذا الجهاد، وحيث دماء أطفالنا وأبطالنا تضئ قناديلها في ظلمات الواقع العربي السادر، عابرة بإيمانها إلى الألفية الثالثة على جسر من التضحية والفداء، ونظرت هيئة التحكيم أيضاً في المعايير الفنية لفن الشعر واتخذت روائز متعددة، كان أهمها أنها لم تفرق بين أي لون من ألوان الشعر، بين نظام البيت ونظام التفعيلة وقصيدة النثر وأنها أخذت التقنية الشعرية بعين الاعتبار،وتطور هذه التقنية وأخذت وحدة القصيدة ووحدة الموضوع والوضوح والغموض في القصيدة بعين الاعتبار ؟ حين أعلنت نتائجها.

فكانت نتائج مسابقة الشعر على النحو التالي :

1- الجائزة الأولى مناصفة بين قصيدة " مرثية القرية الضائعة" للشاعر طالب هماش وقصيدة " طلل" للشاعر موفق نادر.

2- الجائزة الثانية مناصفة بين قصيدة " ومنتشياً بأبعادي" للشاعر سليمان حلاوة وقصيدة " ذري تراب الهدى" للشاعر مصطفى عكرمة.

3- الجائزة الثالثة مناصفة بين قصيدة " هي طلقة تجتاز أنظمة السكوت" للشاعر منهال الشوفي،وقصيدة " فضاء للعشق والشهادة" للشاعر محمد حيدر.

4- كما نوهت الهيئة بالقصائد التالية :

1- "مدي هديل الحمام " للشاعر عبد الرحمن ابراهيم

2- " عكا وحقيبة الغياب" للشاعرة ثرى علوش

3- " حيفا واسطورة الوصول" نضال رجب سليمان

4- " سلاماً يا أم الشهداء" مصطفى أحمد النجار.

5- " إلى ناجي العلي مع التحية " محمد عنجريني.

6- " صلوات فوق سجادة الماء " عدنان علي الحلقي.

7- "حتى عطلة التاريخ" ياسر محمد الأطرش.

باسم زميلي في لجنة تحكيم مسابقة الشعر الشاعر العربي الدكتور جودت فخر الدين والشاعر العربي خالد أبو خالد وبأسمي :أتوجه بالتحية والمباركة للشعراء الفائزين، كما أتوجه بالتمنيات الطيبة لجميع الذين شاركوا في هذه المسابقة وإلى اللقاء في مناسبات كبيرة وشامخة ومنتصرة أيضاً.

مطالعة القصة :

ثم ألقى الأديب أحمد يوسف داود/ عضو لجنة تحكيم القصة/ مطالعة القصة/ الابداع صناعة وعي / فيمايلي نصها :

الأخ أبو خالد العملة :

الأخوة في قيادة حركة فتح.

الأخوة في قيادة جميع الفصائل الوطنية القومية المناضلة من أجل تحرير فلسطين ومن أجل حل هذه المعضلة على أنها قضية صراع وجود لا صراع حدود.

الأخوة والأخوات الحضور.

إنحناءة الروح لكل قطرة دم أريقت وتراق وستراق في سبيل فلسطين..من أية جهة كانت،ومن أي شخص كان.. إنحناءة إجلال لكل يد ساهمت وتساهم بأي طريقة كانت من أجل هذا العمل الوطني القومي الانساني لتحرير فلسطين. ليست منة أن يكون العربي فلسطينياً، كما ليست منة أن يكون الفلسطيني عربياً هذه بديهية.

نحن نجتمع الأن تحت سقف لقاعة سميت باسم شهيد، ولا يمكننا إلا أن نقول إلا أن الابداع هو صناعة وعي يساهم في تحرير القطبية لأن اليد العمياء إذا اشتغلت ربما أضرت بأصحابها، الأدب هو أحد أشكال صناعة الوعي، ولا أريد أن أطيل لكنني عندما قرأت القصص المقدمة وقد بلغ عددها (58) قصة فوجئت بالمستوى الفني العالي لغالبية هذه القصص،كانت الفروقات الفنية قليلة جداً بين القصص جميعاً تقريباً ياستثناء قلة قليلة والحقيقة أن الإنسان كان يحار بعد ثلاث قصص أو أربع قصص، لمن يعطي الجائزة التالية.

شكراً لجميع الذين ساهموا في المشاركة في هذه المسابقة، لأنهم يدللون على أن أرواحهم مع هذه القضية وأود أن أوضح نقطة: ربما حدث لغط بأن اللجنة خضعت لضعط ما من أحد ما فهذا لم يحدث إطلاقاً لا أذكر الآن الترتيب الذي وضعت فيه القصص، لكن الفروق كانت بسيطة جداً وعندما اجتمعنا لنقررمن هو الفائز بالدرجة الأولى لم نختلف كثيراً لأن القصص التي فازت بالدجة الثانية ربما كانت تستأهل أيضاً الفوز بالدرجة الأولى ليس هناك حكم مطلق في أن يعطى هذا النص أوذاك الأولوية أو أن يؤخر إلى الدرجة الثانية جميع الكتاب الذين شاركوا يستحقون الشكر.

نتائج مسابقة القصة على النحو التالي :

1- المرتبة الأولى مناصفة بين قصة " كانوا هنا وعادوا" للقاصة فيحاء ستيتيه وبين  "المرياع " للقاص زكريا محظية.

2- المرتبة الثانية مناصفة بين " حفنة من تراب" للقاص عبد الحليم أبو عليا وبين " أبو بديع" للقاص أحمدعبد الحليم غانم

3- المرتبة الثالثة مناصفة بين " محمد العسال" للقاص فوزات رزق و " قيل لها طعم مر"  للقاص حسام محمد الخشان و"جدي ورحيله المفاجئ إلى البحر" للقاص عبد الرحمن جميل الملاح.

كما نوهت الهيئة بالقصص التالية :

1- " المواجهة" للقاص أحمد السرساوي

2- "هواجس" للقاص أكرم ابراهيم

3- " الأبالسة" للقاص نصر محسن

4- " مشاهد من حياة قرية" للقاص محمود حسن

5- " الفوراني والدوشكا" للقاص عدنان الكنفاني

6- " الشقيقة للقاص محمد أحمد العبد الله

7- " شال الداية " للقاص خليل البيطار

8-  "أفواه الصغار" للقاص عادل يحيى

شكراً لهذا المركز الملتزم، ولكل المراكز الثقافية العربية فلسطينية، وسورية وعربية عموماً، وهي تهتم بالابداع لأن الروح الوطنية إذا لم تنم بتذوق الابداع، فإننا في النهاية لا نجد عقلاً جيداً يستطيع أن يحارب أو يدفع الجسد إلى الحرب بشكل جيد.

شكراً لكل المجهودات التي تبذل، وشكر لكل المسؤولين في هذا المركز والشكر لقيادة حركة "فتح " التي تقيم هذه المسابقة.

مطالعة الفن التشكيلي :

الدكتور عبد الله السيد / عضو لجنة تحكيم / الانتفاضة جددت وجدان المواطن العربي

السيدات والسادة.. السلام عليكم يوم تبعثون.

الانتفاضة جددت وجدان المواطن العربي وأحيت في نفسه الأمل وكان لهذا الوجدان أن يعبر عن نفسه من خلال مجموعة من الفنانين التشكيليين والتشكيل آيها السادة جديد على هذه الأمة بعد مرحلة ظلامية. وما زالت هذه الظلامية تفعل في بعض شوارع الوطن العربي. أذكر في هذه المناسبة، مع النهضة الفكرية أن الشيخ محمد عبده كان أول من برر الفن التشكيلي وقد قارن بين الشعر وبين الفن التشكيلي فرأى أنه أكثر دقة في التعبير.نتمنى أن يتكاثر أمثال الشيخ محمد عبده في هذه الشوارع المظلمة.

 بالنسبة لنتائج المسابقة، فقد تقدم إليها مجموعة كبيرة من المصورين وبعض الحفارين والنحاتين وقد ارتأت اللجنة في معاييرها أن توفق بين البحث الجمالي وبين الالتزام،فكان وراء هذين المعيارين النتائج التي سأقولها :

أولاً " في الفن التشكيلي:

اتفقت لجنة التحكيم المكونة من الفنانين التشكيليين عبدالله السيد، الياس زيان، مصطفى الحلاج، على فوز الأعمال الفنية التالية:

1- المرتبة الأولى مناصفة بين الفنان زياد أبو خولة عن عمله " صباح الخير يا ماجد" والفنان سليمان العلي عن عمله " تاريخ وحاضر".

2- المرتبة الثانية مناصفة بين الفنان مفيد زعرات عن عمله" الأمل" والفنان هيثم محمد أمين مصطفى عن عمله "القيامة".

3- المرتبة الثالثة مناصفة بين الفنان شعيب الحك عن عمله " صرخة" والفنان حسن أبو صبيح عن عمله" 1967"

كما نوهت اللجنة بالأعمال التالية :" لوحة 2000" للفنان جهاد حميد، لوحة "عصر الهموم" للفنانة سهام منصور، لوحة " فلسطين" للفنان سيف عبد الرحمن. لوحة " فلسطين "- حفر للفنانة ابتسام الزبيدي، لوحة " مفتاح مدينتا" للفنان محمود عبد الله، منحوتة " فلسطين" للفنان محمود أبو خالد.

تقديرنا ومباركتنا لهؤلاء الفنانين ونأمل أن تتجدد أمثال هذه المسابقات وأن يكون هناك فائزون آخرون.

 مطالعة الدراسة والبحث.

د.طيب تيزيني : الانتفاضة دخول في عصر جديد

وألقى الدكتورالطيب تيزيني/ عضو لجنةتحكيم الدراسة والبحث/ مطالعة البحث والدراسة فيمايلي نصها:

أيها الأخوة :

أيها الحضورالكريم:

يسعدني ويشرفني أن أتحدث عن مجموعة من الأبحاث التي تقدمت للمطالعة حولها وبيان الرأي فيها، وقد رأيت في هذا الأمر حدثاً هاماً وذا دلالة كبيرة أن يطرح الفكر الجديد الآن في سياق توهج الانتفاضة فهذا يعني أن عصراً جديداً نريد له أن ياخذ مداه وقد انطلقت في مطالعتي للابحاث التي قدمت من موقعين اثنين: الموقع الأول يتمثل في الصرامة المنهجية الدقيقة التي تستطيع أن تصنع نتائج دقيقة لتصنع إلى مقدمات دقيقة وتفضي إلى نتائج أيضاً دقيقة. الصرامة المنهجية الدقيقة أمر هام وعلى غاية الأهمية في المرحلة العربية الراهنة. ولكن بشرط أن بكون في سياق الراهنية.إن معياراً جديداً يسفر عن نفسه في الفكر العربي المعاصر، ذلك الذي يتمثل في أكتشاف راهنية ما نحن نعيشه الآن. ولا أظن أن حدثاً يمتلك راهنية عظمى كما هو الحال بالنسبة إلى الأنتفاضة،هذا الحدث الذي أراه يتدفق كالشمس.إذاً صرامة المنهج وراهنية البحث، ومن ثم فإننا على هذا نستطيع أن نضع يدنا على مايدور في الفكر العربي المعاصر.وسأذكر بفكرة طرحها بن غوريون قبل عقود لنستطيع من خلالها أن نحدد ربما بالضبط ما هي الراهنية لأي فكر عربي يطرح الأن.قال بن غوريون: نحن بحاجة إلى السلام-ويعني هنا اسرائيل والصهيونية- لأننا لا نستطيع أن نعيش في حرب دائمة،أي لأننا مدعون لأن نبي اسرائيل، ولكن من أجل هذا ينبغي علينا إذاً أن نكتشف طريقاً ما نتفاوض فيها مع العرب من أجل سلام يمثل بالنسبة إلينا أداة،أما الأستراتيجية المطلقة فهي التمكين المطلق للصهيونية في إسرائيل.

أظن أننا قد نجعل من هذه الفكرة أهم موجه فكري في معاركنا الراهنة.إن إسرائيل التي تمارس الآن أدواراً متعددة كثيرة، نجد أن هذه الأدوار على تعددية ألوانها وأنساقها وأنماطها تفضي جميعاً إلى فكرة حاسمة،كيف نستطيع أن نوظف السلام في خدمة التمكين المطلق للصهيونية في إسرائيل.من هنا كانت الرؤية باتجاه الأبحاث المقدمة. كانت مع طليعة الأبحاث التي قدمت أبحاث هامة. وعلى غاية الأهمية، ولكن في إطار هذه الأبحاث الهامة كان هنالك بحثان مميزان استطاع صاحباهما أن يضعا يديهما فعلاً إلى أهم حدث راهن من خلال منهجية علمية صادقة:

البحث الأول يتصل بفكرة التسوية، والبحث الثاني، وهو هنا الوجه الآخر من المسألة الأولى-التسوية- ويتمثل بفكرة الشرق أوسطية.

إن فكرة التسوية الآن يراد لها أن تشغل الحيز الأكبرفي الفكر السياسي العالمي. بطبيعة الحال أيضاً، الفكر السياسي العربي وإلاسرائيلي، ذلك لأن المطلوب الآن من أجل وأد هذه الانتفاضة المتوهجة،أن تحدث تسوية باسم السلام نفسه، ومن ثم فإن وأد الانتفاضة سيكون وأداً ليس سهلاً بالاعتبارات التاريخية. هناك الجهود المكثفة المضنية التي تتجه جميعاً عربياً وإسرائيلياً وأمريكياً وأوروبياً،نحو إهاب ازالة الانتفاضة، ذلك لأن الانتفاضة إن استمرت فإنها سوف تعني- وقد بدأت تعني- تاريخاً عربياً جديداً لذلك نلاحظ أن مسألة التسوية هنا هي المسألة الأساس،كيف للفكر السياسي العالمي أن يحتضن هذه الفكرة ويرغم من يرفضها من العرب والفلسطينيين والآخرين في العالم،يرغمهم على تقبلها باسم سلام يوضع فيه السم حقيقة،لذلك كان البحث الذي يتصل بفكرة التسوية في طليعة الأبحاث التي نالت الأولوية،إضافة إلى أن هذا البحث اتسم فعلاً بنقدية منهجية صارمة جعلت منه بحثاً نموذجياً في فكر عربي مفتوح.

أما البحث الثاني، وهو الذي تحدث عن الشرق أوسطية، فقد حاول صاحبه أن يسستنبط الدلالات الأساسية التي أراد لها أن تبرز في سياق طرح مسألة الشرق أوسطية، إن الشرق أوسطية يراد لها الأن أن تكون بديلاً تاريخياً عن القضية، بل عن القضية العربية عموماً، ولابد من أن يعود قليلاً إلى مفهوم ما بعد الحداثة"، هذا المفهوم الذي يراد له أن يغطي فلسفياً ونظرياً فكرة الشرق أوسطية. يقولون أن الشرق أوسطية تأتي نسيجاً طبيعياً لتفكك الهويات التاريخية، الهويات التي نشأت على أنها هويات مفتوحة باتجاه التقدم التاريخي كالهوية الوطنية والقومية،والديموقراطية والعقلانية، إن هذه الهويات بدأت تتفكك لتفسح الطريق واسعة أمام هوية لا مجال إلى نكرانها وهي الهوية الجيوسياسية أي تلك التي تركز الجغرافيا الاقتصادية وحدها، ومن ثم تأتي هذه الشرق أوسطية لتؤكد على ضرورة بروزها في منطقة الشرق العربي ومن ثم للتأكيد على أن العرب إذا أرادو أن يفعلوا شيئاً فعليهم أن يسعوا إلى اكتشاف ما يقدم إليهم. هذه النزعة الشرق أوسطية إذاً تأتي لتكرس حالة جديدة هي حالة التدفق العولمي الإمبريالي وحالة التدفق الصهيوني. وألخص الفكرة بالجملة التالية:

إن النظام العولمي الإمبريالي الجديد يطالب المنطقة بالتحول إلى سوق كونية سلعية تفكك كل الهويات التي نشأت تاريخيا وتبتعث الهويات التي لا تستطيع أن توقف عملية التقدم التاريخي وذلك من نمط الهويات الشرق اوسطية، الطائفية، المذهبية، أي كل ما يعيق عملية التقدم التاريخي. من هنا امتلك البحث الثاني جدارة معرفية علمية منهجية وأهمية راهنية مع البحث الأول. لهذا أتت الجائزة الأول مناصفة بين هذين البحثين الذين أرى أنهما فعلاً يفتحان في إطار الفكر العربي- ربما سورياً- يفتحان كوة جديدة للبحث العلمي. من هنا أريد أن اهنئ الصديقين اللذين فازا بهذين البحثين واهنئ الآخرين جميعاً الين أسهموا في التحريض على التفكير العلمي وإن كانوا يحتاجون بعض الشئ إلى المواءمة الأكثر بين الراهنية والصرامة العلمية المنهجية. من هنا أنهي كلمتي بالـتأكيد على أن البحث العلمي يجب الآن أن يأخذ مداه حقيقة في سبيل خلق حالة جديدة نستطيع من خلالها أن نتمعن في ما يحدث وأن نحول هذا التمعن الفاهم إلى حالة عملية كفاحية. أتمنى للفائزين التقدم، واتمنى للانتفاضة ان تتحول إلى لحظة من لحظات حياتنا.

نتائج مسابقة البحث والدراسة:

الجائزة الأولى حجبت.

الثانية: بين الباحث منصور إبراهيم عن"التسوية والهدنة آفاق ورؤى" والباحث عبد الحميد أسعد" الشرق أوسطية وعناصر المشروع الصهيوني" والباحث محمود سرساوي" القصيدة الدرويشية بين الصمت والصوت".

الثالثة" الباحث عارف آغا" السلام المؤسس على إسقاط الحقوق" والباحث محمد سليمان حسن" الآحزاب الصهيونية وعملية السلام" والباحث محمد قرانيا "من صور الأنثى في الرواية النسوية الفلسطينية"

د. صابر فلحوط: الانتفاضة لا تقبل أن يكون مهرها إلا تحرير كل فلسطين

وألقى الدكتور صابر فلحوط رئيس اتحاد الصحافيين في سوريا كلمة فيما يلي نصها :

مطلع القول لهذه النخبة الخيرة من المبدعين، تحية اتحاد الصحافيين في سوريا" الصحافيين الذين يشاطرونكم رغيف الدم والهم والقلق والأرق على مصير هذه الأمة.

أيها الأخوة الأعزاء:

مسكينة هي الكلمات الثائرة والحناجر الهادرة وهي تحول الغضب الساطع إلى خطب على منابر القول  المترنح والتأرجح على نار الحزم والعزم بين الإحجام والإقدام والاكتفاء من الغنيمة بالإياب. لقد سبقتنا أيها الأخوة المناضلون، الانتفاضة الباسلة كما سبقتنا دماء شهدائها بدءاً من ماجد أبو شرار الذي نحيي ذكراه فيحيا فينا الأمل الذابل والتفاؤل المكسور، وانتهاء بآخر طفل بطل تحول الحجر في يده الطرية إلى صاروخ يزعج الأحلام الوردية في أجفان الصهيونية وامتداد أفاعيها ومفاعيلها من البيت الأبيض هناك إلى البيوت السود على الأرض التي باركنا حولها هنا.

آيها الأعزاء :

بالأمس، أعلن في دمشق عن قيام تجمع شعبي لدعم الانتفاضة اسمه" اللجنة العربية لدعم المقاومة ومعاندة التطبيع والمشروع الصهيوني" وقد ضمت هذه اللجنة شخصيات وطنية تاريخها النضالي يمشي أمامها من مختلف المذاهب والمشارب السياسسية العربية وقد وجدت دربها في ليل الأمة الأليل نار الدم المتوهج من جراح الانتفاضة العملاقة وقد استذكرنا ونحن نزور قبر صلاح الدين العظيم تاريخاً تؤكد نبضاته الرائعة وذكرياته الساطعة صدق انتسابنا إلى هذه الأمة التي رفعها أجدادنا إلى سدرة المنتهى حيث هي أمة خير أمة أخرجت للناس، فهبطنا بها ومعها إلى حفرة الذل والبؤس والهوان يوم لم نكن أكفياء لخيلها وليلها وكريم طموحاتها وعظيم رسالتها مع أن المرحلة التي انتصر فيها صلاح الدين كان اختلال موازين القوى فيها أكبر وأخطر لصالح العدو في السلاح والعتاد والرجال وجميع المقاييس.

آيها الأعزاء :

لقد قدر للانتفاضة ان تعيش بعد ولادتها القيصرية جداً أياماً، بل أسابيع، ثم تدخل العناية الفائقة،فالنعي الأبدي، غير أن ما أغفلته عبقرية الحواسيب الحدثية، وهو كرامة الشعوب واستعدادها لبذل الدم والطهور من أجل الشرف الرفيع والعزة الوطنية، جعل من الانتفاضة إحدى معجزات هذا العصر والتي تحار بها العقول والقلوب في كل المقاييس والمكاييل والشروط، وهاهي اليوم تواصل مواجهة الرومين الأرذلين، روم الدبابات والصواريخ والطائرات الصهيونيةوروم العمومة الخؤولة ممن يلفون حبال الثعابين على عنقها لإخماد أنفاسها وإطفاء جذوتها ولجم إرادتها تحت المطارق السياسية الخبيثة ومشاريع الإستسلام المموهة.

أيها الأعزاء :

إن الانتفاضة التي اتقدت شرارتها الأخيرة إثر زيارة الإرهابي شارون للحرم القدسي مستهيناً بالمشاعر والشعائر الاسلامية والمسيحية والعربية عموماً، تدرك أن دماء شهدائها لا تقبل أن يكون مهرها عودة القدس فحسب على جلال هذا الثمن وشموخه،وإنها والله والتاريخ والجماهير شهودها العدول، لن ترضى بأقل من تحرير فلسطين كل فلسطين وإلقاء المشروع الصهيوني الإستيطاني إلى مقبرة التاريخ. فلا الأدراة الأمريكية التي أفل نجمها ولا الأدارة الصاعدة بحماستها وزخمها ولا دهاقنة السياسة العربية الذين أتقنوا طب تسكين الأوجاع وتضميد الجراح على دغل بقادرين جميعاً على إيقاف شلال الدم الموصول بأوردة أطفال الحجارة المباركين من شعبهم وربهم الذي قال لهم وفيهم" ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون".إن الحديث أيها الأعزاء عن دعم الانتفاضة ليس فرض كفاية إذا قام به مواطن سقط عن الآخرين بل هو فرض عين على كل مناضل في هذه الأمة وفي مختلف الحقول والميادين والساحات بدءاً بالمسيرة ومروراُ بالتبرع بالدم والجهد وانتهاءً بمحاصرة مصالح العدو وأعوانه الأمبريالية الأمريكية والغرب الإستعماري، مشيرين أن الحياد في هذه المعركة المقدسة مرفوض وملعون في جميع المذاهب والشرائع مؤكدين أن قوة عدونا مستمدة من ضعفنا وتخلخل صفوفنا وتفرق كلمتنا وتقديمنا ثروتنا لقمة سائغة لخزائن عدونا ومصانعه،وهنا تتضح أطراف المعادلة المرعبة بين عدو يواجهنا بالموت وشقيق يدفع له بالصاع والذراع والباع ثمن هذا الموت مصدقاً لقول الشاعر القومي:

يا بائع النفط صاروخاً يهددنا

 

ومدفعاً بلهيب الموت مختضبا

ليس العدو الذي بالنار واجهنا

 

لكن من وهبوه النار والحطبا

عدونا كل نذل في مسيرتنا

 

برء من العرب لا أصلاً ولا نسبا

والانتفاضة أيها الأخوة- وهي تخوض بالصدور العارية والقلوب العامرة بالإيمان بالشهادة طريقاً للنصر، إنما تدفع عن الأمة أغلى وأعز ضريبة وهي الدم ولا تطالب بالرجال لدعمها فالعين بحمد الله ملأىالساحات طافحة وأصلاب الرجال وأرحام الماجدات في عطاءٍ يدهش ويقلق العدو الذي يهتم بأخطار الديمغرافية وحساباتها المستقبلية،إنما الذي تحتاجه الانتفاضة، بعد الزخم الهائل والنبض العالي للشارع القومي الذي هبط منسوبه عن أيام الانتفاضة الأولى، إنما هو المال وقوداً لمعركة البطولة في فلسطين والتي سيكون نفسها الطويل سبيلاً لتقصير أعمار المتآمرين عليها والعاملين بالسياسة المخادعة لإجهاضها، هذه الانتفاضة والتي جعلت من كل شبر في فلسطين عروساً لعروبتنا إلى جانب قدس الأقداس،يقول شاعرها وشارعها مذكراً ومحدداً أبعاد المعركة ووسائل ديمومتها:

لو كان نفط الرفاق جعلته

 

يجري على جثث اليهود وقودا

يا صاحب الآبار تدفق ثروة

 

تكسو الرمال من الربيع ورودا

من رجال للجهاد ومنكم

 

ذهب يحوله الرجال حديدا

 

 

أيها الأعزاء، هل سمعتم بالمطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم الذي غنى مؤخراً أغنية ذات العنوان" أكره إسرائيل " فقد استطاعت هذه الأغنية الشعبية المتواضعة على جلا رسالتها وشموخ قامتها، استطاعت استقطاب الملايين من شعبنا العظيم في مصر الرافض للتطبيع حتى العظم، حيث انتشرت في كل مكان انتشار النار في الهشيم في يوم شديد العواصف، مما جعل إسرائيل تصرخ وتحتج لدى السلطات المصرية المعنية على مفاعيل وآثار هذه الأغنية في تحشيد الكره لإسرائيل وهذا مؤشر متواضع على تنوع بل دعم الانتفاضة والوقوف ظهيراً لها ودعما لظهرها. ولعله من الأهمية بمكان، أيها السادة، أن نعمل على سحب كلمة" سلام " من التداول الإعلامي بمعناها ومفهومها الصهيونيين بعدما أصبحت هذه الكلمة مصنوعة لتطرب إسرائيل وتغدر العرب وتطعمهم جوزاً فارغاً. ولنركزعلى التضامن العربي ووحدة الموقف والرأي والرؤية والقرار لميلاد المشروع النهضوي العربي في مواجهة الصهيونية وحلفائها خارج الدار العربية وداخلها.

تحية للشهيد ماجد أبو شرار الذي نجتمع اليوم تحت يافطة ذكراه العطرة والمباركة، وتحية لشهداء الانتفاضة نقطة الضوء الأروع في تاريخنا المعاصر، وتحية للمقاومة الوطنية اللبنانية التي دحرت غطرسة العدو الصهيوني ومرغت جباه جنرالاته بوحل الهزيمة بفضل تضحيات هذه المقاومة الأسطورية والدعم غير المحدود من سوريا العربية بقيادة الزعيم الخالد حافظ الأسد الذي يتابع مسيرته الخلاقة بكفاءة عالية وجسارة مشهودة الرئيس بشار الأسد،وتحية لأهلنا في الجولان الصامدين  يواجهون صابرين ولا يرتضون بديلاً عن الهوية العربية والانتماء القومي.

 

------------------------------------------

 

       - نكتب ونبدع من أجل فلسطين وتحريرها.. من أجل وحدة أمتنا ومن أجل الديمقراطية والعدالة والتقدم..

- لا فصل بين الكاتب الملتزم والسياسي الملتزم فالسياسة ليست أحجية بل هي التي تنعكس عن الوعي الثقافي والتراث الكفاحي الذي تحمله الأمة للدفاع عن حقوقها وعن حاضرها ومستقبلها..

- الشرق الأوسط الجديد مشروع أميركي لضرب الهوية العربية يكون فيه الكيان الصهيوني مركزاً قيادياً اقتصادياً وتكنولوجيا وأمنياً..

- الانتفاضة انطلقت دون أن يعطيها أحد الأوامر فوحدت شعبنا بعد أن حاولت اتفاقات أوسلو شرذمته وأظهرت أبناء شعبنا في أراضي فلسطين 1948 عرباً فلسطينيين يدافعون عن فلسطين وانتمائها للأمة وليسوا كما قال عنهم البعض <<عرب إسرائيل>>..

- نعم لحوار بين كل آليات العمل القومي للوصول إلى بنى قادرة على تحصين مجمعاتنا ورفد الانتفاضة وتوفير مستلزماتها لتحقق النصر..

 

وألقى الأخ أبو خالد العملة أمين السر المساعد للجنة المركزية للحركة، رئيس هيئة الإشراف لمركز الشهيد ماجد أبو شرار للثقافة كلمة فيما يلي نصها:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها الأخوات.. أيها الأخوة الكرام..

بكل السعادة، نلتقي معكم في حفل تكريم أخوة مبدعين وضعوا جهودهم لخدمة قضايا أمتهم.. وبهذه المناسبة نهنئ هؤلاء المبدعين الذين فازوا والذين شاركوا في مسابقة ماجد أبو شرار للإبداع الثقافي.

إننا ونحن نلتقي معكم في هذا الحفل نتوقف أمام دلالات هذا المركز الذي يحمل اسم شهيد مناضل مثقف عربي فلسطيني. وعندما نتوقف لنحيي ذكراه، ولنحدد جائزة باسمه، فإننا نقوم بذلك وفاء لكل الشهداء ولكل المبدعين في ساحتنا الوطنية والقومية، الذين لم تنحن هاماتهم ولم يبدلوا، أو يتراجعوا عن ثوابت الأمة رغم كل الظروف الصعبة. إننا نلتقي كل عام لإحياء هذه المناسبة من أجل أن نثبت معاً كل المعاني والمضامين التي ناضل من أجلها آباؤنا وأجدادنا، ومن أبدع في كل مجالات الإبداع، في الثقافة في الأدب، في الشعر، في القصة، في الفن التشكيلي.. أو عبر دوره الريادي القيادي في مواجهة أعداء الأمة. نعم نستحضر كل هؤلاء، لأنهم هم معلمونا حتى نواصل الدرب لنحقق أحلامهم في الحرية والتحرير، وفي الوحدة، والديمقراطية، والعدل الاجتماعي.

أيها الأخوة والأخوات..

عندما نكتب القصة أو القصيدة أو نرسم اللوحة من أجل فلسطين وتحريرها فإن العمل يستحضر معه عناصر تحقيق التحرير، وبالتالي من يكتب لفلسطين، يكتب للوحدة، لأنه دون وحدة لا يمكن أن نحرر فلسطين. إننا نكتب للديمقراطية، لأنه دونها لا يمكن أن نتوحد، نكتب للإنسان الذي سيبني المجتمع وهو يملك حريته، وبالتالي نقوم ببناء مجتمعنا الحر المقاوم المبدع، من أجل مواجهة الاستهدافات، التي تحول دون امتلاكنا لحريتنا، ولقدرتنا على تحرير وطننا، وقدرتنا على العمل من أجل وحدة أمتنا، ودون أن نبني العدالة، حيث أن العدالة مضروبة في واقع أمتنا وهذا الأمر يوجب علينا أن نعمل من أجل تجاوز التخلف والتجزئة وبالتالي، كيف نهزم هذا المشروع الصهيوني، الذي ولد كياناً، حاجزاً مانعاً للوحدة، والتقدم والحرية التي يعشقها وقاتل ويقاتل من أجلها كل عربي.

نعم أيها الأخوة.. من أجل كل ذلك نكتب ومطلوب منا أن نبدع لنخلق روحاً جديدة، لأن الثقافة ليست حزمة من الحرف في المجتمع، إنما هي كل مناحي الحياة، وكل النبل الذي يعشقه الإنسان وتحمله بكل مضامينه الإنسانية النبيلة الثقافة المنفتحة على الإنسان، بكل ما يعنيه من إنسانية هذا الإنسان الذي لم ينصف في مجتمعاتنا وبالتالي ليس غريباً أن نكون على ما نحن عليه، وليس غريباً أن ينتصر أعداؤنا وتهزم أمتنا!

لهذا لأن أن نكتب للتجاوز، نكتب لنقفز عن أمراضنا ونحن نشخص هذه الأمراض، نعم أيها الأخوة عديد من الثورات والهبات والانتفاضات قام بها الشعب الفلسطيني عبر قرن ملحمي من النضال مدعوماً من أمته، وفي ظروف قد تكون أصعب مما نعيش. والثابت في هذه الانتفاضات أن الشعب العربي الفلسطيني، صمد ولم يساوم ولم يفرط بذرة تراب من الوطن على مدى الصراع المفتوح مع هذا المشروع الصهيوني، الاستثناء أنه خرج من بين صفوفه من لديه الاستعداد للتفريط والتنازل عن الحقوق، وهنا أتساءل لماذا لم يتوفر لشعبنا الذي قدم مئات آلاف الشهداء ولهذه الأمة التي قدمت أيضاً، مئات آلاف الشهداء من المغرب العربي، من المتطوعين، من المغرب وليبيا وتونس، والجزائر إلى اليمن والجزيرة والعراق وكل الوطن العربي، من سوريا ولبنان، وهما بلد واحد، في بداية المشروع الصهيوني، قسموه (بشفرة) سايكس بيكو، نعم أتساءل، لماذا لم يتوفر لدى الشعب الفلسطيني على مر نضاله حتى هذه اللحظة ولا للأمة نتيجة ظروفها المعقدة، قيادة وطنية تستطيع أن تضع إمكانات هذا الشعب في سياق صراع صحيح، يراكم لعملية النصر الطويلة المعقدة؟ إن المشكلة ليست في شعبنا، إنما في قياداته فشعبنا لم يبخل يوماً بالعطاء أبداً، وهكذا أمتنا رغم ظروفها التي قد تكون استثناء قياساً بمختلف بلدان العالم حيث ممنوع عليها أن تتوحد، وذلك لنفس الأسباب التي جيء بالكيان الصهيوني لينزرع في أرضنا ويمنع وحدتنا وتقدمنا وتطورنا وهنا أشدد على ما قاله د. طيب تيزيني حول الدراسة المقدمة حول التسوية، فللأسف في ربع القرن الأخير، أو أكثر، من هذا القرن، سادت ثقافة التسوية في بلادنا، ليس فقط لدى النظام العربي، إنما طالت معظم أطراف حركة التحرر العربية، ونظر لها ولا زال هذا التنظير قائماً، لذا فإن والتصدي لمثل هذا التنظير هو جزء من مهامكم كمثقفين وككتاب وكشعراء، وكفنانين، ولا يوجد ثمة فصل بين الكاتب الملتزم والسياسي الملتزم، فالسياسة ليست أحجية، كما يقوم بها البعض لتخدم حفنة أو شريحة محددة في المجتمع. إن السياسة هي التي تنعكس عن هذا الوعي الثقافي، وعن هذا التراث الكفاحي القيمي الذي تحمله الأمة لتدافع عن حقوقها، وعن حاضرها ومستقبلها، لا بل تدافع عن تاريخها، حيث التاريخ أصبح مطروحاً للتزوير والتزييف، أمام أعيننا، أقول إننا معنيون في إطار ما نكتب أن نفكر في كيفية هزيمة ثقافة التسوية، وانتصار ثقافة المقاومة، هذا شرط من شروط بناء مجتمعاتنا القادرة على الصمود، وليس على هزيمة المشروع الإمبريالي الصهيوني،.

أيها الأخوة والأخوات..

في أي تقدير موقف، سياسياً كان أم عسكرياً تستحضر عناصر لمن يقدر الموقف، لمعرفة العدو، ما هيته، وطبيعته، وما هي أهدافه الاستراتيجية والقريبة، ما هي مكوناته وعلاقاته وتحالفاته ما هي خططه الراهنة في سياق مشروعه الاستراتيجي، ما هي نقاط قوته خططه الراهنة في سياق مشروعه الاستراتيجي، ما هي نقاط قوته ونقاط ضعفه، وبالتالي يطرح على الذات نفس الأسئلة فيما يتعلق بنا.

وبناء عليه فإن ثمة من يعتقد أن هنالك مساحة واسعة بين الكيان والمركز الإمبريالي. وأريد هنا أن أقدم مثالاً فالبعض يعتقد أن الشرق الأوسط الجديد هو مشروع صهيوني لأنه كتب وأخرج باسم (شمعون بيريز)، ونسي هؤلاء أن هذا المشروع قد قدمه بوش في مدريد في دراسات صدرت عن مراكز الأبحاث، فالدراسات الأميركية تحدثت عن ذلك منذ زمن طويل وهذا يعني، أن ما يجري في بلادنا بالفعل ضمن هذه المعادلة <<إسرائيل>> واليهود واللوبي الصهيوني الذي يحرك ويحكم العالم، هؤلاء جميعاً جزء من المشروع الإمبريالي، وبالتالي علينا أن نحدد موقفنا من أميركا. هل هي حكم ونزيه وقاض، ويقدم لنا الحقوق؟ أم أنها العدو الذي يريد أن يؤمرك الكون، وليس فقط بلادنا؟ لا شك أن أهمية بلادنا قد ازدادت في إطار الاستراتيجية الكونية للولايات المتحدة، فهم يريدون وضع أيديهم على هذه الثروة، على هذا الموقع الاستراتيجي الهائل، وأن يوظفوا الكيان الصهيوني في إطار استراتيجيتهم الإقليمية والكونية، فأميركا لا تخفي ذلك الآن بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وهذا الوحش  الأميركي ازداد شراهة للنهب والعدوان بل ازداد انحيازاً إلى الكيان الصهيوني مزوداً إياه بكل ما يملك من إمكانيات لإخضاع الأمة العربية.

أيها الأخوة والأخوات..

لقد وجد الكيان الصهيوني على أرضنا من أجل تجسيد هدفين يحققان مصالح الإمبريالية، الأول استجلاب يهود العالم إلى فلسطين، وتهويد فلسطين لتكون كقاعدة ونقطة إرتكاز، وشرط ذلك أن يلغى أو يذوب الشعب الفلسطيني المتواجد على أرضه ومن أجل هذا الهدف وضعوا كل إمكاناتهم عبر قرن، لكنهم فشلوا فاليوم يوجد على أرض فلسطين أكثر من 4 ملايين فلسطيني، نعم قد نجحوا في تهويد جزء من الأرض، لكنهم لم ينجحوا في إلغاء هذا الوجود الفلسطيني، فرغم مرور 52 عاماً على اغتصاب فلسطين يجري القتال على كل متر من الجليل والمثلث والنقب. وهكذا الآن في الضفة والقطاع.

والهدف الثاني هو إخضاع الأمة لاملاءات العدو الأميركي ومصالحه وفي هذا الهدف أيضاً وعبر الخمسين عاماً من ميلاد الكيان الصهيوني، لم ينجحوا في إخضاع الأمة، حيث جرى احتواء هذا المشروع، رغم كل الثغرات في شكل إدارة الصراع وتحملت مصر عبد الناصر وسوريا وبعمقها العراق مهمة مواجهة المشروع واحتوائه. نعم لقد كان هذا هو دور المثلث العربي ومعه الشعب الفلسطيني الذي لم يتوقف عبر قرن ومعه الشعب اللبناني، والأردني، فهذه الأقطار الثلاثة شكلت تاريخياً، مرتكزات النهوض ومواجهة ومجابهة وهزيمة الغزاة، تحملت بشكل نسبي الدور الأساسي في احتواء هذا المشروع وعدم تمكينه من أن يشكل (إسرائيل) الكبرى، وهذا شيء مهم، وأحد دلالات أهمية هذا الذي يجري الحديث عنه اليوم أي الانتفاضة.

أيها الأخوة..

في مسار الصراع، اعتقد الأعداء أنهم في عام 1967، قد هزموا الأمة، وأن الأمة رفعت الأعلام البيضاء، لكن ذلك لم  يحدث بل ما حدث هو الإعداد في مصر وسوريا لإزالة آثار العدوان بالقوة.. وهذا هو المصطلح الاستراتيجي لهذا المضمون هو إلغاء وظيفة الكيان الصهيوني خارج فلسطين، ولو جرى تنفيذ تلك الخطة، التي جرى الإعداد لها من حرب الاستنزاف في سيناء وصولاً إلى الجولان، لكانت خريطة المنطقة، مختلفة، بمعنى آخر كانت تلك الخطة هي أشبه ما يكون بمعركة حطين وتحرير القدس وهي مرحلية التحرير، وليس مرحلية التفاوض والاستجداء.

تصوروا أيها الأخوة.. أن الجيش الصهيوني، وخيرة المستوطنين على جبهتي سيناء والجولان في حرب تشرين تسحق وتؤسر وبالتالي تضرب أسطورة الكيان، نعم كانت تشرين مرحلية تحرير لكن كلكم يعرف ما جرى بعد ذلك من خيانة لهذه الحرب بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، ومن خلال السادات ونتائج تلك الخيانة التي أوصلت إلى كامب ديفد لتخرج مصر من دائرة الصراع، وأيضاً ليزج بسبب أو لآخر بالعراق في حرب مع إيران ليست في مصلحة العراق ولا في مصلحة الأمة وبقيت سوريا وحدها ومعها بقايا الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية لأنه منذ حرب تشرين ظهر في الثورة الفلسطينية من اختار طريق السادات، وقد انعكس ذلك على بنية وأداء الثورة، بين عامي 1973 و1982، لقد جاء اجتياح 1982 بأهداف معلنة ثلاثة وهي: ضرب البنية التحتية لمنظمة التحرير وتأهيل قيادتها لإنتاج مشروع مع الملك حسين للاستمرار في التسوية، الهدف الآخر هو بناء دولة مركزية في لبنان على قاعدة اتفاق سموه فيما بعد اتفاق 17 أيار لتحويل لبنان إلى محمية صهيونية وفرض انكفاء قسري على سوريا إلى داخل سوريا، وهذه محطة استراتيجية، في تقدير الموقف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأميركية التي جاءت بقوات الأطلسي إثر هذا الاجتياح، وكان هناك رهان وتحد على أن سوريا لا تملك شروط البقاء في لبنان في ظل هذه المعادلة، ولو خرجت من لبنان فعلاً لما رأيتم ما جرى اليوم من نصر في جنوب لبنان ولما رأينا ما جرى من تفاعل في الساحة الوطنية الفلسطينية، حيث واجهنا الانحراف العرفاتي في حينه لوقف الانهيار. لكن سوريا صمدت وأسقطت الطائرات الأميركية، وانكفأ الأطلسي وفرض الانكفاء القسري على العدو الصهيوني لأول مرة في تاريخ الصراع العربي-الصهيوني، من صوفر، من أطراف المصنع إلى الحزام الأمني. وعليه نقول إنه بالمنطق الاستراتيجي قد انتهى دور ووظيفة الكيان لإخضاع أي قطر عربي بالقوة فانتصار 25 ايار عام 2000 وكان تتويجاً لهذا النصر، وبعد هذا التاريخ لن يكون بمقدور <<إسرائيل>> احتلال أي قطر عربي.

وربطاً بالموضوع الذي تحدث عنه د. طيب تيزيني حول الشرق الأوسط الجديد الذي طرحه بيريز، أقول إن هذا المشروع هو نتاج أميركي، فأمريكا أدركت أن الكيان عاجز، وبناء عليه طرح مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يحمل أكثر من هدف، منها ضرب الهوية العربية وإقامة التعاون الإقليمي يكون الكيان فيه مركزاً قيادياً في الشرق الأوسط اقتصادياً وتكنولوجيا والذراع الأمني الضارب للولايات المتحدة الأميركية.

التقط ذلك رابين الذي قتل، وبيريز الرجل الآخر الذي يملك وعياً لتبدل وظيفة الكيان، ومن هنا نقرأ الأزمة التاريخية التي يعيشها الكيان الصهيوني والتي لا مخرج منها، نعم لقد دخل مأزقه التاريخي، هذا الكيان أعجز من أن يحتل قطراً عربيا بعد أن ظهر أن قدره تحمل الأمة أكثر من قدرة تحمل الكيان، وبالتالي كان لا بد أن يصوروا في إطار الألعوبة التاريخية أن الكيان الصهيوني هو البلد الديمقراطي الذي يريد السلام. ومن هنا وأثر حرب الخليج الثانية واستثمار الأمريكان للفوز تمت الدعوة إلى مؤتمر مدريد وذهب العرب إلى المؤتمر ونحن نعتقد أن الذين ذهبوا لم يكونوا كلاً واحداً منهم في منطلقاتهم من ذهب على قاعدة الوهم أنه إذا اعترف الفلسطينيون بقرار 242 فأعطوهم دولة في الضفة والقطاع والقدس، وذلك سيبقي (إسرائيل) جزءاً من نسيج المنطقة، ومنهم من ذهب من موقع العجز، ولا زال البعض يعتقد أن الكيان يمكن أن يتطور ديمقراطياً ويمكن سحب ونزع صهيونيته وتنظيفه على قاعدة أن ثمة قوى سلام في الكيان قد تتطور وتصبح لها الغلبة، وثمة من يعتقد أنه يمكن التعايش مع هذا العدو، أيها الأخوة.. إن أمريكا قامت بما قامت به لأنها تريد إنهاء الصراع، تريد الاستقرار وتريد وضع يدها على منابع النفط العراقي والإيراني المتبقي وباقي النفط الليبي وتضع يدها على حوض العرب الإسلامي الأفريقي وذلك من بحر قزوين، من المثلث الروسي الصيني إلى أفريقيا، ومن أجل أن تكون هذه البحيرة النفطية من قزوين إلى الخليج العربي إلى الثروات الهائلة في أفريقيا والتي للأمة ثلثاها هناك تحت السيطرة الأميركية ولذلك يجب أن نكون مزقاً، عبر الشرق الأوسط الجديد فاقدي الهوية ليضعوا بنا ما يريدون! هذه خطة أميركية لاعتماد الكيان الصهيوني وكيلاً قائداً للشرق الأوسط، وهذا الكيان غير قادر على التقدم للأمام ويحاصره موقفان أيديولوجي وأمني مهددينه بالتراجع وليس أمامه إلا ضخ ما يجعله متماسكاً أي التأكيد على البعد <<الإيديولوجي الأسطوري>> المبني على كل ما هو مزيف ومصطنع على التوراة، وفلسطين هي أرض الميعاد وهؤلاء الصهاينة هم شعب الله المختار وفلسطين أرضهم، وذلك كان عنصر تماسك الكيان للقيام بوظيفته ودوره وأخذ أبعاداً في كل مناحي الحياة، في الأنظمة والقوانين داخل الكيان الصهيوني، ومن هنا.. يجب أن نرى ذلك في أزمة الكيان، أما البعد الآخر فهو بعد أمني، حيث أن هناك استحالة مطلقة أن يعطى كيان فلسطيني مستقل ذو سيادة على كيلو متر مربع داخل الضفة الغربية لكن قد يعطوا كياناً ربما يسموه إمبراطورية لكنه مسيطر عليه، فخطة أوسلو وجدت أصلاً لوأد الانتفاضة الأولى، ولوضع استراتيجية تخفف عليهم الخسائر، ولهذا رتبوا الأمور من الطرق الالتفافية إلى المستوطنات التي زادت من أوسلو لليوم أضعاف ما كانت من أجل وضع أي كيان مستقبلي تحت السيطرة الامنية المطلقة، من الترتيبات الأمنية وخرائط الهضبة الشرقية للضفة أقصى جنين إلى الخليل، والحدود والقدس، والقدس داخل الأسوار. وفي هذا السياق فإن القدس الكبرى التي وسعتها <<إسرائيل>> 86% من مساحة هذه الأرض هي في إطار الاتفاق للكيان الصهيوني أما 14% من القدس فهي مجزأة وللفلسطينيين، إن الصهاينة لم يتنازلوا عن تسمية المسجد الاقصى -جبل الهيكل- وحائط البراق الذي أعطاهم إياه ياسرعرفات هو جدار الأقصى الذي يبلغ 400 م ليس 58 م كما يقولون، وأعطاهم حارة المغاربة وحي الشرف الذي أسموه بحارة اليهود وجزءاً من حارة الأرمن، حتى مناطق داخل الاسوار والأخطر من الجغرافيا وهذه المساحة أن ذلك التنازل يعني إقراراً بحق تاريخي لليهود وللأسطورة وللكذب وإذا أقرت هذه التنازلات وتغطت عربياً سيلاحقون العرب على الكعبة ومكة وغيرها.. يقولون بحق تاريخي لهم فيها قبل 3000 سنة.

ومن هنا أيها الأخوة.. فإن الإقرار بأي حق تاريخي لليهود في بلادنا خطير فعندما وافق عرفات في غزة على إلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني قال بيريز إن ذلك يشكل أهم تحول إيديولوجي في القرن، وأن كل أشكال الحفريات والآثار لم تثبت ذلك وهناك لجان بريطانية لا زالت منذ 140 سنة تعمل لتثبت أو لترى انسجاماً ما بين أطروحات التوراة، والواقع عل الأرض ولكن لا يوجد شيء من هذا القبيل ولو وجدوا شيئاً من ذلك لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها.

أيها الأخوة والأخوات..

إن القضايا التي من أجلها اندلعت الانتفاضة الباسلة جعلت فلسطين تتوحد من النهر إلى البحر، فهذه الانتفاضة انطلقت دون أن يعطيها أحد أوامر فوحدت شعبنا بعد أن حاولت أوسلو أن تشرذمه وتصدى أهلنا في مناطق الـ48 للصهاينة مؤكدين أنهم عرب فلسطينيون وليسوا عرب <<إسرائيل>> كما يحلو وللأسف لكثير من قوى شعبنا وفصائل شعبنا أن تطلق عليهم نعم لقد عبر أبناء فلسطين 1948 أنهم ينتمون إلى الأمة وإلى فلسطين مجسدين ذلك بالدم رغم أن أوسلو أسقطهم من الحساب حيث ووفقه لم يعودوا فلسطينيين وهم الذين صمدوا وتشبثوا بالارض وبعد أن كانوا 130 ألفاً أصبحوا مليوناً وثلاثمائة الف يقارعون العدو على مدى 52 عاماً انتفضوا ليس من أجل تحسين شروط المفاوضات وأوسلو، لقد انفجروا في وجه العدو دفاعا عن مستقبل فلسطين والشعب الفلسطيني وقضاياه المطروحة في كامب ديفيد والذي أعلن ياسر عرفات أنه موافق على 80% منها أي أنه موافق على بقاء المستوطنات على بقاء الحدود بالطريقة التي طرحت وكذلك على الترتيبات الأمنية، والحل في القدس وعلى أن الاجئين ملف ملغي بوثائق لأنه من غير المنطقي أن يرجع هؤلاء لأرضهم في الـ48، هذه الأسباب، ومن ضمنها زيارة شارون، وإدراك شعبنا السلوك العام للسلطة، وتعاونها الأمني مع الـCIA والموساد.. وضربها روح النضال لدى شعبنا وتحويله لتابع أمني واقتصادي، هذه الأسباب أدت إلى اندلاع انتفاضة الشعب الفلسطيني، وهذه الانتفاضة كشفت بالتالي، مأزق الكيان، بشكل دقيق وكشفت أزمة السلطة وكشفت أزمة حركة التحرر العربية وكشفت أزمة القوى الوطنية الفلسطينية وتجلياتها في غياب برنامج وطني وقيادة وطنية للانتفاضة، وكشفت أزمة النظام العربي ونعتقد أن الذي تحدث سياسة في مؤتمر القمة الإسلامي هو  الرئيس بشار الأسد فهو على الاقل طرح بأن خيار السلام سلام الضعفاء ليس سلاماً وإنما استسلام، لذا يجب أن نملك خيار القوة إذا أردنا أن نعبر باتجاه السلام، فليس مسلمة أن هذا الخيار لا خيار غيره للأمة، والحقيقة أن النظام العربي مأزوم والانتفاضة ستعمق أزمته.

أيها الأخوة.. من الخطأ أن يبقى هذا الطوفان البشري دون نواظم وأن لا يوجد من يؤطره، وبالتالي فإن هذه الانتفاضة حتى تستمر وتأخذ دورها في سياق صراع مفتوح مع العدو ولتعمق أزمة الكيان وأزمة كل أطراف الصراع المنحرفة عن الرؤية الصحيحة للصراع لا بد لها من توليد، قيادات مؤهلة لإدارة الصراع تخرج من رحم الانتفاضة تصيغ برنامجها وهدفها السياسي وبالتالي كلنا معنيون بالانتفاضة نعم نحن الوطنيين معنيون بها وليس عرفات الذي لم نسمع خمس جمل من عرفات حول استمرار الانتفاضة.

أيها الأخوة.. من المهم أن يتوحد أي جهد ميداني شعبي ضد العدوعلى أن لا يستثمر سياسياً كما يخطط له ياسر عرفات في ظل غياب القيادة، وغياب الهدف السياسي، فنرى كل طرف يطرح ما يريد مثلاً يقولون حرية واستقلالاً فعلي أي قاعدة يتم ذلك؟ على قاعدة أوسلو؟ على قاعدة التنازل عن 80% من الأرض أم على قاعدة نموذج لبنان.. انتزاع الحقوق بالقوة؟

تعالوا نتفق لنطرح شعارنا نعم لدحر الاحتلال عن الضفة والقطاع والقدس دون قيد أو شرط دون أن نتنازل عن أي حق تاريخي بما في ذلك حق العودة، كحق في إطار صراعي وليس في إطار استجداء، إذا حددنا الهدف، نحدد من ثم البنية التنظيمية، والبرنامج الكفاحي، لأنه من غير المعقول أن تستمر الانتفاضة التي قدمت 15 ألف جريح وأكثر من 350 شهيداً، بهذا الشكل. إذا علينا أن ننظم الحركة الشعبية والمسلحة بما يخدم استمرار الصراع مع هذا العدو وتعميق مأزقه وإيقاع أكبر الخسائر في صفوفه وفي هذا الحال نحن أيضاً نحتاج إلى اقتصاد مقاوم كان نموذجاً خلال الانتفاضة الأولى.

وأيضاً على الصعيد العربي يجب أن تولد حركة تحرر عربية على الأقل تضع مهمات واضحة لدعم الانتفاضة ملموسة عينية، مادية، سياسية، إعلامية.

نعم أيها الأخوة يجب عينا أن نقوم بكل هذا وذاك في سياق الصراع أي وعلينا أن نمتلك إجابات على الأسئلة المطروحة في سياق بناء مشروعنا التحرري النهضوي الوحدوي العربي، إجابات على كل التساؤلات والتعقيدات وليزج بطاقات الأمة، وهي تبني نفسها، في إطار معركة مفتوحة مع المركز الإمبريالي وليس فقط مع الكيان الصهيوني، وبالتالي علينا بناء مجتمعاتنا على قاعدة غير ما نحن فيه في سياق أن تأخذ الجماهير دورها -خاصة أنها لم تأخذ دورها في كل الحروب الماضية- حيث خيضت الحروب نيابة عنها، وبالتالي فإن المناخ السياسي الذي نقول بكل الثقة أنه جرى الوصول إليه عبر الصمود، وعبر الأداء المعقد في الصراع الذي أنتج انتصاراً ولولاه لما كان الشعب اللبناني قد قاوم وأبدع حزب الله في دوره الكفاحي ولما كان الفلسطينيون قد قاوموا، فلولا العامل السوري لما كان هناك نصر في لبنان وهذا المناخ الاستراتيجي، الذي أنتجه هو الرئيس الراحل حافظ الأسد هو الذي أدى إلى هذا الانتصار.

أيها الأخوة.. إن الانتصار الذي جرى في لبنان جاء لأن ثمة قيادة واعية موحدة، لها وحدة رؤية، وحدة هدف، وحدة إرادة، وحدة أداة، بعمق عربي وإسلامي حققت النصر. وبالتالي فإننا فلسطينياً بحاجة إلى كل هذه الأبعاد، فنحن لا نملك وحدة الرؤية والهدف والإرادة والأداة، وأيضاً مطلوب، من حركة التحرر العربي أن تأخذ دورها داعمة الشعب الفلسطيني حتى تستمر الانتفاضة، وحتى نكون صادقين فإن الذي يؤثر في الانتفاضة هو البعد الشعبي، رغم أن هناك ثمة فصائل بألوانها المختلفة، وهناك سلطة لها رؤيتها ومصلحتها حتى تستمر وكيف تتوقف، وهناك أداء العدو وهناك العامل الموضوعي.

ثمة عناوين تتحكم بمسيرة الانتفاضة، لكن غياب قيادة مركزية وبرنامج وأهداف وعدا عن ذلك عدم كفاية الدعم الشعبي العربي على الإطلاق في إسناد الانتفاضة واستمرارها، أيها الأخوة.. سمعنا من د.صابر فلحوط أنه يوجد لجنة لدعم الانتفاضة جرى الحديث عنها خلال الأيام الماضية وهناك الكثير من اللجان في الوطن العربي، نتمنى أن يصار إلى حوار بين كل آليات العمل القومي المتعددة حيث هناك مؤتمر قومي إسلامي، وملتقى حوار ثوري عربي ديمقراطي وهناك مؤتمر شعبي في العراق، وهناك أحزاب في الأردن.

إذاً المهم كيف يصار إلى حوار لنستخلص بنى قادرة على تحصين مجتمعاتنا ورفد الانتفاضة وتوفير مستلزماتها لتستمر وتحقق النصر.

باسمكم جميعاً نوجه التحية إلى الشعب السوري وحزب البعث العربي الاشتراكي الذي احتضن ميلاد الثورة، وضمد جراحها في أكثر من مرة والتحية للجبهة الوطنية التقدمية والجيش العربي السوري الذي يذود عن حياض الوطن والأمة وإلى قائد هذا الشعب الدكتور بشار الأسد، تحية إلى أهلنا الصامدين في الوطن إلى كل المقاومين من أبناء شعبنا، إلى كل المناضلين والشرفاء من أبناء أمتنا الذي رأيناهم طوفاناً بشرياً في كل العواصم العربية، والبعد الإسلامي وكل أحرار العالم، تحية إلى الشهداء منارات طريقنا للحرية، الشفاء للجرحى.. المجد والخلود للشهداء، والنصر لأمتنا.

 

وثورة حتى النصر

 

--------------------------------------

     

فتح تكرم مؤسسات ورجال الإعلام في سوريا

 

بمناسبة الذكرى السادسة والثلاثين لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.

وتقديراً لدور المؤسسات الإعلامية العربية السورية وعدد من مراسلي وكالات الأنباء والصحافة العربية وذلك لدورهم في تغطية فعاليات الانتفاضة وخوضهم معركة كشف العدو الصهيوني العنصري الغاصب.

قامت دائرة العلاقات السياسية في حركة (فتح) بتكريم المؤسسات الإعلامية العربية والصديقة ومراسلي وكالات الأنباء والصحف المعتمدين بدمشق، وذلك مساء الخميس 18/1/2001 في مقر الدائرة السياسية للحركة.

وحضر حفل التكريم الأخ أبو فاخر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والأخ أبو طارق أمين سر الدائرة.. والسادة، د. فايز الصائغ المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون في سوريا، ود. علي عقلة عرسان الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، والأستاذ محمود سلامة المدير العام لمؤسسة الوحدة للطباعة والنشر رئيس تحرير جريدة الثورة كما حضر الحفل الأخوة فضل شرورو المشرف العام على إذاعة القدس، وعز الدين درويش أمين تحرير صحيفة تشرين وعبد الرؤوف الكفري أمين تحرير صحيفة البعث، منير غانم وكالة سانا كما حضر الحفل عدد من الأخوة مراسلي الصحف ووكالات الأنباء، وكالة أنباء الجماهيرية، صحيفة اللواء، صوت الشعب، التلفزيون الإيراني، تلفزيون المنار، وكالة اسيوتيشد برس، وكالة رويترز، وكالة الأنباء الإيرانية، وكالة الأنباء الفرنسية، تلفزيون الجزيرة، صحيفة المجد، وكالة أنباء الخليج، صحيفة الوطن العراقية، مجلة دنيا المجتمع، جريدة كيهان العربي، صوت فلسطين، مجلة الطلائع، مجلة فتح، مجلة المقاومة الشعبية.

وألقى الأخ أبو طارق أمين سر المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح أمين سر الدائرة السياسية كلمة ترحيبية بالسادة الإعلاميين والأدباء والمدعوين والضيوف قال فيها:

السادة ممثلو وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة..

أيها الزملاء الكرام:

وانتفاضة الأقصى المباركة، تدخل بشموخ وصلابة وعنفوان شهرها الرابع وتقرع بالدم بوابات الألفية الثالثة وهي أكثر قدرة وقوة على الاستمرار من أجل دحر الغزاة الصهاينة عن أرض فلسطين العربية. نلتقي اليوم بكم جميعاً، هنا على أرض سوريا الصمود والثورة، سوريا قلعة الأحرار والشرفاء وسوريا التي احتضنت انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وها هي اليوم تسير على خطا النهج الثابت والمبدئي والقومي الذي اختطه الراحل الكبير حافظ الأسد بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد.

تحية من قلب الفلسطيني الذي يبذل دمه، وهو يمتشق حجره، ويمتطي صهوة نضاله ومقاومته، في انتفاضة مباركة، تنتصر على أيام المحن والبؤس والاحتلال، وتؤسس مع كل السواعد العربية المقاومة، لحظة النهوض القومي العربي، لحظة يكنس فيها الاحتلال الصهيوني عن أرضنا الحبيبة فلسطين بلا قيد أو شرط، لتعود الأمة إلى مسرح التاريخ، لمكانها تحت الشمس، فاعلة مؤثرة، توصل ما انقطع من مجدها التليد، لتبلور مشروعها القومي النهضوي الكبير.

السادة الزملاء المحترمون:

حيث يحتفل شعبنا الفلسطيني ومعه كل قوى أمته وأحرار العالم بالذكرى السادسة والثلاثين لانطلاقة ثورته المعاصرة، انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الفاتح من كانون الثاني عام 1965، وتحت ظلال القدس ورايات انتفاضة الأقصى المباركة، التي تتقدم بخطا حثيثة نحو شهرها الخامس، دون أن تنال من عزيمتها كل الدسائس والمؤامرات والمبادرات الخبيثة، حيث لا يجرؤ أحد أن يوقف هذا السيل من الدم الفلسطيني الزكي ودماء 498 شهيداً و22 ألف جريح تورق مزيداً من المقاومة والتصميم على تحقيق هدف كنس، الاحتلال نهائياً عن أرضنا العربية.

أيها السادة ممثلي وسائل الإعلام..

لقد أثبتت التجربة أن الصورة والكلمة لا تقلان أهمية عن الحجر المقاوم والطلقة المقاومة في الصراع مع العدو الصهيوني الاحلالي العنصري، إذ أنه مع الثورة الإعلامية الجديدة يتضح اليوم دلالات مقاومة الشعب الفلسطيني بكل فئاته وأجياله.

والصورة تقول وتختزل الكلمات، وأبلغ دليل على ذلك تلك اللقطة التلفزيونية التي التقطت لدرة الشهداء، الطفل الفلسطيني محمد الدرة وهو يتلقى رصاصات العدو الصهيوني الفاشي والتي أيقظت الضمير العربي والإنسان على هول الجريمة بحق الأرض والإنسان، وباتت تلك الصورة كابوساً يقض مضاجع الصهاينة ويلاحقهم، إنهم الأعجز عن أن يمحونها من ذاكرة الإنسانية جمعاء بل إن الذاكرة الإنسانية ستظل شاهدة على الدوام على عبقريتهم الشريرة، وهنا نستذكر ما قاله أحد المعلقين: إن هذه الانتفاضة -انتفاضة الأقصى- هي بحق ثورة تلفزيونية. ومن هنا -أيضاً- ونحن نلتقي بهذه الوجوه الإعلامية العربية الكبيرة، نقول لكم، نحن على يقين تام بأن الإعلام العربي يضطلع اليوم وربما أكثر من أي وقت مضى بدور رائد وفعال في معركة المصير العربي، وهو يحمل رسالته الوطنية والقومية، دفاعاً عن الحق العربي، وانتصاراً للقضية الفلسطينية العادلة، ودعماً لنضال شعبنا الفلسطيني وانتفاضته الباسلة.

إنه شرف الكلمة وشرف الموقف، وأصالة ونبل رسالة تحملونها وتستمرون بها.

الزملاء الأعزاء..

مما يثلج صدورنا، أن نلتقي معاً في هذه القاعة، التي تزينها صور شهداء فلسطين والأمة العربية، وفي هذا الموقع من مواقع الثورة الفلسطينية.

فمرحباً بكم جميعاً في دائرة العلاقات السياسية للحركة وفي قاعة الشهداء ونشكر لكم حضوركم وتلبيتكم دعوتنا.

 

د. علي عقلة عرسان: النصر لأمتنا فهي تملك ما لم يملكه العدو الحق الساطع والشعب الواسع

ثم ألقى د. علي عقلة عرسان الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب كلمة جاء فيها:

أحييكم وأشكركم على تكليفي بالكلام باسمكم، وباسمكم أحيي من هنا شعبنا الفلسطيني الصامد المكافح الصابر، الذي يجدد بالدم الطهور حروف الميثاق الوطني الفلسطيني، ويؤكد أنه ملتزم بتحرير الأرض وبحماية القدس، وبانتمائه لأمته وبرفضه لكل أشكال المساومة والتصفية، لقضية هي الحياة بالنسبة له، وهي القضية المركزية بالنسبة للأمة كلها.

إننا ننتسب جميعاً إلى سلاح الكلمة بتجلياتها وأساليب توصيلها وتأثيرها.

وأعتقد أن هذا السلاح في هذه الظروف، هو الأقدر والأقوى والذي يتحمل مسؤوليته الكبرى التي، تتصل بالأمانة والمبدأ والمسؤولية التاريخية وبالحرية المسؤولة أيضاً، وبكل المقومات التي تجعل من المقاتل في هذه الجبهة رمزاً مؤثراً، وقدوة لا بد من أن تذكرها الأجيال.

إن الذين استشهدوا من الصحفيين والكتاب في تاريخ الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها، لا سيما في إطار فتح التي قدمت الكثير من الشهداء منهم، تسجل أمام الأجيال وأمامنا نحن أبناء هذا الجيل، يسجل قدوة ويقدم حقيقة، وهي ما لم نقدم الأنموذج للآخرين فإن كلماتنا تفقد مصداقيتها على نحو ما،  وتفقد تأثيرها من ثم على من ندعوهم إلى القتال وإلى التحرير والمقاومة والتشبث بالحق والأرض وحقائق الحياة والحضارة التي ننتمي إليها.

من هنا، كان العبء كبيراً والمسؤولية تحفز صاحبها على حمل الأمانة بصبر والأداء باقتدار وامتلاك لغة العصر، والقدرة على التعامل مع أدواته وحقائقه ومعطياته..

إننا في سوريا نردد دائماً قول رئيسنا الراحل بأن الجولان ليست أكثر أهمية لنا من حيفا ويافا والقدس، وأن مستقبل النصر للأمة العربية لأنها تملك ما لم يملكه العدو على الإطلاق، الحق الساطع والشعب الواسع، وإننا في سوريا نذرنا أنفسنا لقضية فلسطين، وليس في هذا منة على أحد، وإنما هو تعبير عن المبدأ وحقائق الانتماء التاريخي والوجداني لأمتنا، ونحن نكبر في الشعب العربي الفلسطيني تضحياته واستمراره على الأداء، وتقديمه في كل مرحلة، الأنموذج تلو الأنموذج لرفض التصفية ورفض المساومة والذل والتمسك بفلسطين والتمسك بكل المبدئية التي استشهد من أجلها رجال ونساء وأطفال، هم مثلنا لهم آمال ولهم أسر ولهم تطلعات فتجاوزوا عن ذلك كله في سبيل القضية وفي سبيلنا، ويتوجب علينا على الأقل، أن نحمل الأهداف التي ضحوا من أجلها، وأن نحمل تلك الأهداف إذا كنا من أمة واحدة، ومن طينة واحدة ومن درجة من المسؤولية عن الكلمة والمبدأ والحرية والدم، شتان بين من يكتب تاريخ أمته بدمه، ومن يكتب عن تاريخ المقاومة وتاريخ الأمة أسفاراً بقلم!!

فأؤلئك لهم المجد ولهم الخلود، ولهم الموقف الأول. أما نحن فإننا في نضالنا نحاول أن نرقى إلى مرتبة تقربنا من الشهداء، وعلى ذلك فإن كل ما نتمسك به من مبدأ وحقيقة، يقر بنا درجة من ساحة النضال الحقيقية، التي لا أرى إلا أن نتمسك بثوابتها، وأن النصر لنا من بعد.

تحية لفتح الصابرة الصادقة المتمسكة بأهداف الانطلاقة الأولى، وبالميثاق وبأهداف الشهداء، تحية لكل شهداء فلسطين ولكل المقاومين الذين تمسكوا بتحرير الأرض.

نحن نرفض المساومة على الأرض، وحينما يعاد لنا الجولان، تحت أي صيغة من صيغ الحرب والسلام، نقول بأن المعركة لن تنتهي، وبأن فلسطين هي الهدف وبأن الصهيوني عدو، ولا يمكن التعايش معه، وأن الصراع هو صراع وجود، وليس نزاعاً على حدود، وأن هدفنا الأساس، هو استمرار المعركة من أجل تحرير فلسطين والعودة إلى القدس، عاصمة العرب التاريخية، التي بناها أجدادنا اليبوسيون عام 3200 قبل الميلاد، أي قبل أن يخلق إبراهيم الخليل وموسى واليهودية والصهيونية، وكل هذا الذي يتذرعون به، ليقولوا أن القدس لهم! القدس لنا، والقدس فلسطين، وفلسطين الأمة، وأنتم طلائع النضال.

تحية لانتفاضة الأقصى، تحية لانتفاضات الشعب الفلسطيني منذ عام 1936 التي تتجدد دورياً، لتقول هذا الشعب حي، هذا الشعب مناضل، ويستحق الحرية والاستقلال والكرامة، ولا يستحق أن يباع شهداؤه في أسواق أوسلو أو في أسواق كامب ديفيد الثانية، ولا يستحق أن يجتمع من أجل القضاء على انتفاضته، الـ(CIA) والموساد وجهاز الأمن الفلسطيني، وجهاز أمن دولة عربية هي الأكبر والأكثر تقدماً في إطار الأمل لتقود نضالاً مشرفاً من أجل الأمة كلها،  كما أكد جمال عبد الناصر وقال فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.

نحن معاً على الطريق، بيت واحد، شعب واحد، جبهة واحدة، مستوى واحد من الأداء، دمكم دمنا، بيتكم بيتنا، مستقبلكم مستقبلنا، وهذه جبهتنا التي نعيش في أمل أن ننتصر بها، وينتصر شعبنا على طريقها. إنني أهنئ المناضلين المتمسكين بالمبدأ بالذكرى العزيزة لانطلاقة فتح وأبارك نضالهم جميعاً، وأنحني بإكبار أمام تضحيات الشعب العربي الفلسطيني أمام شهدائه.. أمام شهداء الأمة من أجل تحرير فلسطين، أمام المقاومة الوطنية في لبنان التي حققت التحرير، وقدمت الأنموذج أمام أهلنا الصامدين في الجولان وأمام شهدائنا الذين سقطوا على طريق القضية منذ بدأ النضال على طريقها وحتى آخر قوافل الشهداء.. النصر لكم، النصر لنا والمجد لأمتنا.

 

الأخ أبو فاخر نشيد بالدور الذي يلعبه الإعلام السوري في دوره تجاه الانتفاضة

ثم ألقى الاخ أبو فاخر عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) كلمة حركة فتح جاء فيها:

باسم اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، أرحب بكم، وباسم الدائرة السياسية والإعلامية للحركة في هذا الحفل التكريمي.. وأشكركم جميعاً على تلبيتكم لهذه الدعوة التي تغمرنا بسعادة كبيرة، وخاصة أننا نلتقي ونتحاور مع إعلاميين مشهود لهم دورهم الكبير وجهودهم الجبارة.. يحملون أمانة الكلمة في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة، التي تعيشها أمتنا وتقع على عاتقهم مسؤوليات كبيرة في مخاطبة الجماهير والرأي العام وتعكس الهموم والتحديات التي تواجهها أمتنا.

والأكيد أيها السيدات والسادة الكرام، أنكم أصحاب الخبرة والتجربة والقدرة على الاضطلاع بالمسؤوليات الجسام التي تقع على عاتقكم.

فالإعلام، الكلمة والصوت والصورة يلعب دوراً كبيراً في حياة الشعوب والمجتمعات، وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي نعيش.

اليوم، يتقلص حجم الكون نتيجة التسارع الكبير في ثورة الاتصالات ومن هذه الانفجارات المعرفية والتكنولوجية المذهلة يعيش الإنسان حالة من الدهشة الأسطورية، فتطور وسائل الإعلام والاتصال، تجاوز حدود الخيال البشري، حيث نعيش اليوم ثورة (الفاكس) و(الانترنت والهاتف الخليوي والكوابل التلفزيونية الفضائية) وثورة الأقمار الصناعية والكثير الكثير مما لا نعرف حتى اليوم.

ونقف أمام سؤال كبير، كيف نصف أولاً تأثير هذه الثورة العلمية التكنولوجية في العقول والمفاهيم والحياة الاجتماعية للبشر، وخاصة أن ثورة الاتصال هذه ووسائل الإعلام المتقدمة، أدت إلى إحداث تغييرات جوهرية في مفاهيم البشر، وتصوراتهم وأحدثت انقلاباً هائلاً وشاملاً في أمزجة الناس، وعاداتهم وتقاليدهم وأساليب حياتهم.

هنالك جوانب إيجابية في ثورة العلم والاتصالات، والأكيد أنه ينبغي مواكبة إنجازات العلم والاستفادة منها، لكننا نقف أمام تحديات كبيرة، أمام قوة غاشمة تملكها هذه الوسائل في هدم الثقافات التقليدية القائمة، وبناء ثقافات استهلاكية تنتفي فيها معالم القيم الإنسانية الأصيلة، هناك اليوم إمكانية تصنيع الثقافات وهي في متناول البلدان الصناعية المصنعة، وأصبحت الثقافات الإنسانية مهددة بالذوبان والتلاشي، تحت تأثير مخططات الهدم والإبادة الثقافية التي تمارسها البلدان الرأسمالية المتوحشة والأخطبوط الإعلامي الجديد بوسائله وتقنياته الهائلة، يخلق كل محاولة جادة لنهضة ثقافية في البلدان السائرة على طريق النمو.. وبدأت ثقافات وإرادات تتساقط أمام الهجمة الإعلامية الإمبريالية المحمومة، الساعية إلى هدم الوجدان الثقافي للأمم المختلفة.

إن ثقافتنا العربية اليوم مهددة ومستهدفة، والثقافات الغازية لمجتمعاتنا توظف اليوم خلاصة التكنولوجيا والعلوم الإنسانية لاجتثاث الوجود الثقافي العربي دفعة واحدة.

حيث تتعرض ثقافتنا لهجمة إعلامية ثقافية يندر مثيلها في تاريخ الإنسانية، والهدف واضح وهو تحويل الوطن العربي إلى منطقة نفوذ ثقافية ذات بعد استهلاكي واحد، ووحيد الاتجاه.. وهنا سؤال كبير، كيف نجد لنا مكاناً تحت الشمس؟!

والجواب عليه صعب، في غياب دراسات وأبحاث علمية جادة، لا بد للباحثين والإعلاميين من إيجاد الركيزة الإعلامية والانطلاق نحو آفاق استراتيجية لحماية الثقافة والوجود، وتحليل معطيات العصر الثقافية والإعلامية وتحديد مراكز النفوذ، ورسم الغايات والأهداف، واليوم أمام التحديات الجسام التي يمر بها الوطن العربي، لا زلنا نشهد ترويج ثقافة التسوية والتصالح، والتعايش والتطبيع مع العدو، تفتح أمامها وسائل إعلام عربية متعددة وترصد لها إمكانات كثيرة وهو سلاح في يد الأعداء يضاف إلى ترسانة القتل والمجازر التي يرتكبونها، ورغم العديد من الإيجابيات من الدور الذي تقوم به العديد من وسائل الإعلام العربية، إلا أن السلبيات من خلال السياسات الإعلامية المتبعة تشكل خطراً كبيراً وتسهم في تزييف الحقائق ولا تنقل الأمور بأمانة ودقة، وأقف هنا أمام بعض ما نشاهده يومياً على بعض شاشات التلفزة العربية خارطة (إسرائيل) التي تبثها بعض وسائل الإعلام العربية تصفع وجوهنا كل يوم، خارطة فلسطين تأخذ هذه المساحة باسم (إسرائيل) استضافة بعض المسؤولين الصهاينة على الهاتف وهذا شكل من أشكال التطبيع، وكثير ممن يستضافون هم قتلة مجرمون، حتى أن متابعة الانتفاضة وأحداثها، رغم الجوانب الإيجابية التي لعبتها العديد من وسائل الإعلام العربية لا تغطي كما ينبغي، مع أن الكثير من المواد موجودة، لدى وسائل الإعلام بحجة أن هذه الصورة تصدم المشاعر وتهزها!

أيها السيدات والسادة:

هناك عدو أو هناك احتلال، وهناك تهديدات مستمرة، والإعلام العربي مفترض فيه أن يقف أمام مهمة تعبئة الرأي العام العربي، وكشف طبيعة العدو وممارساته وأهدافه ومجازره ودوره العدواني.. كيف نحصن شعوبنا، كيف نحصن الأجيال الناشئة؟!

أسئلة كثيرة ومهام كبيرة متعددة.. والسؤال الكبير في هذه المرحلة، كيف يصل الإعلام العربي ليكون عالمياً في انتشاره وخطابه لمخاطبة الرأي العام العالمي للتأثير به؟ إن ما نلحظه اليوم، أن العديد من وسائل الإعلام العربية، يردد ثقافات وسياسات ونظريات الغرب الاستعماري وكأنه لا دور له في مقاومتها وفي مواجهتها.

ونعيش اليوم أجواء الاحتفالات في الذكرى السادسة والثلاثين لانطلاقة (فتح) انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، ونعيش اليوم أجواء الانتفاضة التي تتحفز لدخول شهرها الخامس بكل أسبابها وعوامل تفجرها وأهدافها، ونعيش اليوم مؤامرات جديدة، تستهدف الأهداف والآمال والتطلعات والأحلام التي حملتها انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة والتي تؤكد عليها اليوم من جديد انتفاضة الأقصى، انتفاضة شعبنا المناضل داخل الوطن المحتل، هناك المقترحات الأميركية التي تقدم بها الرئيس الأميركي كلينتون وهي في جوهرها، استهتار بالعرب ومشاعرهم، واستهتار بالأمة وحقوقها وحاضرها ومستقبلها وكأنه يتحدث ويدلي بسياسات ويسعى لفرض املاءات وشروط، غير عابئ بهذه الأمة وحضارتها وثقافتها وحقوقها ومقوماتها. لا زالوا يشوهون النضال الوطني الفلسطيني عندما يصفونه (بأحداث العنف!) وللأسف الشديد أن العديد من وسائل الإعلام العربية بأقنيتها التلفزيونية تكرر هذه المسألة -أحداث العنف-!

وينفون عنه الجانب الوطني العادل في هذا النضال الحق وفي هذا النضال المشروع إن النضال الوطني الفلسطيني ليس أحداث عنف، إنه نضال وطني، إنه نضال عادل وإنه حق مشروع، وبصفاقة كبيرة يخططون حول القدس، ويساومون عليها ويجزئونها إلى أحياء عربية وأخرى يهودية وإلى ما فوق المسجد الأقصى، وما تحته ويعطي وهو لا يملك حقاً ذرائع مستنداً إلى الخرافات التوراتية للصهاينة في الحائط الغربي للمسجد الأقصى وهو حائط البراق، ويبقي على الكتل الاستيطانية في الأرض المحتلة في الضفة الغربية، يقول كلينتون في مقترحاته أنه في المنطقة التي تقع فيها الكتل الاستيطانية لا بد أن يكون هناك أقل عدد من الفلسطينيين، بمعنى أن إعادة تهجير للفلسطينيين في وطنهم ستكون إحدى المؤامرات القادمة، إذا ما كتب لهذه المفاوضات أو لمثل هذه المقترحات أن ترى النور، ووأد حق العودة نهائياً، هذا الحلم الكبير الذي طالما رافق حياة الأجيال المتعددة من أبناء شعبنا الفلسطيني ولم يفارق ضميرهم ووجدانهم، بل أن الثورة الفلسطينية المعاصرة قامت من أجل تكريس هذا الحق، وتمكين شعبنا في العودة إلى وطنه. والسؤال الكبير نطرحه رغم تقديرنا للعديد من وسائل الإعلام العربية، وهنا نشيد بوضوح وصراحة بوسائل الإعلام في القطر العربي السوري من هيئة الإذاعة والتلفزيون ومن صحف تشرين والثورة والبعث للدور الهام والجيد والبارز الذي تلعبه في فضح وكشف طبيعة مثل هذه المفاوضات والمقترحات والأسس التي يضعونها لتصفية القضية الفلسطينية، وحتى الآن كثير من وسائل الإعلام العربية لا تقوم بهذا الدور، المطلوب منها أن تقوم به.

أيها الإعلاميون أن جهودكم مشكورة ونحن نتابعها، وأنتم نخبة مشهود لها في دورها المسؤول والهام ونشكركم جزيل الشكر على كل الجهود التي تقومون بها، ونطمح باستمرار لمزيد من التواصل والتفاعل، وما نطمح له إعلام عربي يرتقي إلى مستوى آمال وتطلعات أمتنا باستمرار.

تحية لكم مرة أخرى وتحية للأهل المنتفضين داخل فلسطين في عموم فلسطين في الجليل والمثلث والنقب، تحية لأهلنا في الضفة الغربية وقطاع غزة الذين يواصلون انتفاضتهم، وأمامنا إزاء هذه الانتفاضة المباركة مهام نضالية كبيرة تنتصب أمامنا وأمام القوى الوطنية الفلسطينية فإلى جانب الفعل الانتفاضي الشعبي، ينبغي أن يتصاعد الأداء الكفاحي والفعل المقاوم لإيقاع الخسائر في صفوف العدو لتكبيد المستوطنين الخسائر جراء ما يرتكبونه من فظائع ومجازر وإجرام بحق أهلنا وشعبنا، لتعميق مأزق العدو الاستراتيجي، لإجباره على الاندحار دون قيد أو شرط من الضفة الغربية والقدس وغزة ودون التنازل عن أي من الحقوق التاريخية، وفي المقدمة من ذلك، حق شعبنا في العودة إلى وطنه، نواصل جنباً إلى جنب نضالنا مع كل الوطنيين الفلسطينيين، وإخوانكم في قوات عمر المختار أحد أجنحة قوات العاصفة الضاربة داخل الوطن المحتل يقومون بواجبهم المتواضع ضمن الإمكانات المتاحة، لكننا عازمون على مواصلة وتعميق هذا الخط الكفاحي جنباً إلى جنب مع كل القوى الوطنية الفلسطينية مستندين إلى إرادة الأحرار والشرفاء في أمتنا، وهي التي عبرت في وقفاتها وهباتها ومسيراتها ومظاهراتها، عن أشكال الدعم والمساندة على التأكيد على أننا أمة واحدة نواجه عدواً واحداً، نناضل في سبيل تحقيق الأهداف الواحدة.

فلكم التحية ولهم التحية، وتحيتنا إلى هذا البلد العربي الشقيق لسوريا لشعبها الأبي لجيشها الباسل، لحزبها حزب البعث العربي الاشتراكي ولسيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد. وثورة حتى النصر

 

وفي نهاية الحفل قدم الأخوان أبو فاخر وأبو طارق الهدايا التكريمية للسادة ممثلي المؤسسات الإعلامية في القطر العربي السوري ولمراسلي وممثلي الصحف العربية والفلسطينية وذلك لدورهم الإعلامي الذي قاموا به تجاه انتفاضة أهلنا في فلسطين.

وتثميناً لجهودهم في فضح وتعرية العدو الصهيوني وجرائمه واغتصابه للأرض العربية.


 

من أدب المقاومة:

ممدوح عزام

ارفع جبينك وانتصب عالياً!

 

يلخص الشاعر(ابراهيم نصرالله) في قصيدته - الديوان ، (الحوارالأخيرقبل مقتل العصفوربدقائق) مسيرة شعب فلسطين في مواجهته مع الاحتلال .فيرسم أولاً صورة القهر ، والاضطهاد ، والظلم الذي يمارسه المحتل ضد الشعب .

يقول: رصاصتهم تترصدني ربما انفجرت في الصباح في بدني بينما انتظر الباص في طريقي إلى المدرسة .

ويقول : أصبح جندهم اكثر من شرفات المنازل والياسمين

و: غاص رصاصهم في دمنا ودم أطفالنا وانتشر

-طفل جيراننا اختطفته رصاصاتهم

وهم يضيفون إلى سجل القتل والتصفيات الجسدية سلاسل اخرى من القهر وقد :اصبح سجنهم في لحظة مدناً وفي الشوارع والساحات يحاصرون الناس ، ويضيقون عليهم حياتهم أو ما تبقى من هذه الحياة التي يحكمها الرصاص والسجون فيهاجم أحد الجنود أمراة فلسطينية حاملاً :

ماذا هنا تحت ثوبك ؟

سلاح؟ رسائل ؟ أم ملصقات ؟!

وراحت البندقية تبحث عن طائر الرحم !

الجندي : هيا أجيبي ! سلاح ..رسائل .. أم ملصقات

الحامل : إنني أحمل الآن كل الحياة

لا بل إن الكراهية تمتد لتشمل معظم الصهاينة القاطنين في فلسطين المحتلة :

 تقلب عينيك في قسمات الوجوه الغريبة ..هذا 

الذي ينحني للجريدة ..يقرأ في صدر صفحتها فرحاً:

 

"إن أربعة وثمانين من بين مائة مستوطن يكرهون العرب!

ويؤكد الشاعر من ثم أنهم :

دائماً يحملونك للموت

هم ينشرون المذابح ..يزرعون السجون :

ويكمل الصورة بالتفصيل المرعب :

هم يغلقون الطريق إلى صدر أمك

هذي عيون بنادقهم وحواجزهم

والكلاب التي خرجت في مدارسهم

وقفت في الجوار مجوعة تترصد

ولكن الصورة القاتمة التي تكاد تبهظ القلب ، وتدمر الروح ، يجب ألا تستمر حتى لو كان الواقع رديئاً وحالكاً ، فإن الشاعر ، وكل شاعر باعتباره منشداً يعزف على أوتار الحياة والبقاء يقول : لا تبتئس

أنت ما كنت إلا لتبقى النقيض لهذا السكون فانفجر ! وانفجر !

وكن في صقيع التعقل عاصفة وجنون .

ومن الواضح أن الوقائع والأحداث تثبت أن اليأس لم يتسرب إلى النفوس والأجساد :

انتبه !

كل من حولك امتشقوا حقدهم< دورتين ..إسمع الآن غزة ..ماذا تقول حين يأتي إليك لتمضي معك :

المحارب يمضي إلى الحرب ..لا للحروب ..ولكن ليمحوا خطى الموت ..عن عتبات المنازل

في ليلة من دم حالكة ! والمزارع يمضي إلى حقله لا ليجرح أرضاً بفأس..ولكن لتغدو المياه وريداً

وتتبعه في المساء إلى بيته ليلكه

وليس أمامنا الآن ،أو أمام البطل المتخيل الذي يمنحه الشاعر شرف الخطاب إلا أن يقف ويصمد ويقاوم :

افتح العين ..عين النخيل ..وعين سلاحك

ها أنت تكتمل الآن كم حاجز سوف يرفع هذا المدجج بالحقد عبر الطريق وشمسك تصعد هذي الليالي

وحلمك لما يزل يتورد

 إنه الحقد أسود! إنه الحقد أسود

منذ ثلاثين عاماً نقاتل- لن تتبدد في لحظة :آه لن تتبدد !

وما دام الحقد أسود فإن المقاوم يمضي بعكس اتجاهه ، وسوف يجد الشاعر ضرورة كي يوصيه بالخطر الكامن هناك :

 انتبه ! انت تمضي إلى الضوء

لا تريد الآن يا ولدي هذيان الفراشة

وانتبه جيداً أوصيك يا ولدي حين تمتد أرض السواحل عارية أويكثر الجند حولك كن في امتداد السهول جبل

وكن أنت دولتك العالية ! حين تسقط كل الدول كلهم حولك الآن كره وموت

وأنت الربيع الذي ينحني فوق صدر البلد فانتبه جيداً !!

كما أن الشاعر الذي يرفص أن يكون بطله فراشة ،حتى لو كان هوالضوء الذي يقودها .فإنه لا يدعه وحيداً دون بوصلة .إذ يوصيه أيضاً: كن يقظاً كالصقور !

انتبه !يطلقون الرصاص :

الحواجز !

دائماً كنت أطيب مما أردت

لم تبصر الحاملين الخديعة حولك

أبصرت من يحملون البنادق في وجه غزة

الآن اكتملت الصورة لدينا ، فالشاعر انما يخاطب بطلاً - فدائياً وسوف نرى اذا ما عدنا إلى البدايات أن الجندي الذي حاصر المرأة الحامل اتهمها بأنها تحمل مخرباً .فقالت : بل فدائي .وها هو ينفذ عمليته :

كن مرة قاتلاً يا صديقي

لا تتردد .. إنك تملك كل الفصول بدمك

هم يصعدون السلالم بالموت للحافلة

وحدك الآن ! لكنك الآن مثل جناح على سطح غزة

ليس يحد ولا يتتحد 

ها أنت تكتمل الآن .

------------------------------------------

  

 في حوار لـ(فتح) الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي:

التطبيع الثقافي.. خيانة

 

أعارض أي اتفاق نهائي يفرط في الحق الفلسطيني ويصادر فرص الأجيال القادمة.

القاهرة: نهاد عبد الوهاب

دعا الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي إلى تفعيل دور المقاطعة العربية للكيان الصهيوني، ومؤسساته السياسية والثقافية والاقتصادية وقال أن تفعيل مكتب المقاطعة التابع للجامعة العربية سيؤدي إلى ارتفاع خسائر ا لكيان الصهيوني، وعزله في المحيطين العربي والدولي، وأكد أن أي اختراق يحققه العدو الصهيوني في المجتمع العربي يعتبر خيانة لدماء الشهداء العرب، الذين سقطوا دفاعاً عن أمن فلسطين، الذي هو جزء من الأمن العربي الشامل، وأشار الشاعر العربي الكبير إلى أن لقاء المثقفين العرب مع مثقفين صهاينة لا يخدم القضية العربية، وإنما يصب في مصلحة العدو الصهيوني في وقد يدفع فيه شباب وأطفال فلسطين دمائهم من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى. وهنا نص الحوار معه.

أستاذ حجازي: كيف تنظر إلى موافقة عرفات على المقترحات الأميركية، هل هذه المقترحات تعادل الطموح الفلسطيني أو تساوي قطرة من دماء شهيد فلسطيني؟

إذا تحدثنا عن دم الشهيد وثمنه أو قيمته أستطيع القول إن الدنيا كلها لا تساوي قطرة من دم الشهيد، وقيمتها عند الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يشتري منه  المؤمنين أنفسهم، لذلك فإن استعادة القدس كاملة، وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر هو الثمن الذي يمكن أن يقبله الضمير العربي مقابل دم الشهيد، وثقي في أنني لا أتحدث هنا كشاعر لعبته المشاعر، وإنما كإنسان عربي غير محدود الطموح في استعادة حقوقنا السليبة في فلسطين، أما موافقة عرفات على المقترحات الأميركية (بشروط)، فإنني أرى أن هناك ضغوطاً كبيرة مورست على رئيس السلطة الفلسطينية لكي يقبل ما هو معروض عليه من مشروع أميركي لا يعبر عن الطموح الفلسطيني أو العربي بدليل أن عرفات نفسه تردد كثيراً في قبول (الطبخة) الأميركية، وقد رضخ في نهاية الأمر، لأن المشكلة تكمن في رهان عرفات على الأنظمة العربية، في حين أن الرهان على الشعوب يؤدي إلى نتائج إيجابية أفضل، وإذا قلنا أن القرار الرسمي الفلسطيني هو محصلة أو حاصل جمع لقرار بعض الأنظمة العربية ذات الصلة بالإدارة الأميركية.

لكن الانتفاضة عمل شعبي في الأساس، فلماذا يسرقها ويجهضها عرفات أو النظام الرسمي العربي؟

هذه امشكلة كبيرة، ومعقدة ترتبط بغياب الديمقراطية في معظم الدول العربية، ومن ثم تهميش الشارع، وتغييب المواطن، ولقد اندلعت الانتفاضة في العام 1987 وكانت الرد العملي على هزيمة النظام العربي وانتكاسته، لكننا فوجئنا بوفد فلسطيني في مدريد ثم أوسلو وبعدها مدن أميركية، وفوجئنا بأن مسلسل التفاوض ثم التنازل مستمر من دون سقف لهذا التنازل، ولذا لن نفاجئ أن يتم التنازل عن القدس بدعوى حماية المسجد الأقصى، وكأن القدس هي المسجد الأقصى فقط، أنني مع كل تحرك شعبي، ولدي هواجس عديدة، ومتنوعة ضد أدراج القضايا العربية الكبرى في أيدي الأنظمة، إذ أن لهذه الأنظمة حسابات وارتباطات، وربما أيضاً مصالح، ولا أريد في هذه النقطة لسبب أساسي هو أن رجل الشارع العادي يعرف كل شيء، والديمقراطية مطلب رئيسي إذا كانت الحكومات العربية راغبة في دخول الألفية الثالثة، أو مواجهة التحدي الحضاري الكبير، (فإسرائيل) ليست مشكلة في حد ذاتها، وإنما هي مشكلة إذا وضعت في إطار الصراع الحضاري بين العرب والغرب، هذا الصراع هو الذي أنتج دولة (إسرائيل)، ورعاها، وحماها، وفرضها كخنجر في ظهر العرب، وأمدها -حالياً- بالتكنولوجيا لكي تحقق التفوق العلمي والتكنولوجي على كل العرب، في هذا الإطار يكون ترتيب المجتمع العربي ترتيباً علمياً مسألة في غاية الأهمية، ويكون إطلاق الحريات والديمقراطيات،و احترام حقوق الإنسان أحد شروط النهضة، التي هي الداعم، و الرافد الرئيسي للمقاومة الحضارية طويلة، وبعيدة المدى.

في إطار الصراع الاستراتيجي بين العرب والكيان الصهيوني، كيف تنظر إلى ما يسميه البعض التطبيع الثقافي بدعوى الحوار مع الآخر، أو الحوار مع اتجاهات (إسرائيلية) لا تعادي العرب؟

هناك خلط شديد في المفاهيم، ويبدو أنه خلط متعمد، أنني لا أرى في <<إسرائيل>> اتجاهات سياسية لا تعادي العرب، وحتى ما يسمى <<حركة السلام الآن>> هي حركة عنصرية، صهيونية متطرفة ضد العرب، لأنها جزء من المشروع الصهيوني، الذي هو جزء من الصراع العربي، الغربي، ومن ثم لا أرى أي مبرر لمثل هذا الحوار المزعوم، وأدعو جميع المثقفين العرب إلى مقاطعة المثقفين والفنانين والكتاب والصحفيين (الإسرائيليين)، لأن المقاطعة سلاح مهم في يد العرب، ويكفي أن المقاطعة الاقتصادية التي فرضها العرب على إسرائيل والشركات المتعاونة معها حققت نجاحاً كبيراً في فترة من الفترات، وهذا ما قاله د.عصمت عبد المجيد فيت صريحات صحفية نشرت مؤخراً في القاهرة، ومن هنا أدعو إلى تفعيل المقاطعة الاقتصادية والثقافية (لإسرائيل)، داعياً إلى استمرار وتصعيد المقاومة المسلحة من كل فئات الشعب الفلسطيني، وبخاصة في المدن والقرى التي احتلت في عام 1948، فضلاً عن تصعيد الانتفاضة في جميع أراضي فلسطين، (فإسرائيل) لا تعترف إلا بلغة القوة، وأي مفاوضات لا تستند إلى قوة حقيقية، ومعطيات مقاومة سوف تنتهي في الفراغ، أو تؤدي إلى نتائج وخيمة في المدى البعيد.

في إطار الصراع الاستراتيجي، كيف ترى موافقة سلطة عرفات على مشروع أميركي لإنهاء الصراع، في حين أن هذا المشروع لا يحقق الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية؟

أعتقد أن أي مفاوضات تجري في ظل اللا توازن سوف تؤدي إلى نتائج غير طيبة على الصعيد العربي، وهذه مسألة معروفة لأنها من حصاد تجارب الشعوب، لذا أرى عدم توقيع أي اتفاق ينهي الصراع إذا كان هذا الاتفاق لا يتناسب مع الحق العربي، بل يصادر فرصة أجيال قادمة في انتزاع حقوق العرب، وإذا كان البعض -وأنا منهم- يرى أن العرب يمرون حالياً بمرحلة ردة حضارية، وتراجع بينما العدو متفوق عسكرية وتكنولوجيا، فإنني في المقابل أرى عدم توقيع أي اتفاق نهائي في ظل هذه الأوضاع، ويمكن للمفاوض الفلسطيني أن يراوغ، وأن يناور إذا كانت الضغوط الدولية والإقليمية شديدة، والمهم أن لا يتم تنازل (تاريخي) عن أرض أوحقوق بما يصادر فرصة الأجيال القادمة في استرداد هذه الأراضي أو الحقوق.

وما هي مسؤولية المثقف العربي في حشد وتعبئة الجماهير ضد المشاريع الاستسلامية؟

المثقف بطبيعته على يسار السلطة، أياً كانت هذه السلطة، وهو معارض بطبيعته لأنه يسعى إلى التقدم، وتطوير وتنمية المجتمع، وفي هذا السياق تكون مسؤولية المثقف كبيرة، نحن نكتب القصائد، أو نكتب المقالات التي تدعو إلى استرداد الحق العربي كاملاً، وغير منقوص، ويبقى أن تقوم الأحزاب والمنظمات السياسية بدورها، لأن المثقف ليس جهة تنظيم، ولا جهة لإدارة الحشد والتعبئة، وإنما هو مصدر للوعي والفكر والتنوير، وفي كل الأحوال يبقى المثقف في طليعة مجتمعه، لأنه مسؤول عن إضاءة الطريق بكشف عورات المجتمع ونظمه وقوانينه، والتبشير بكل ما هو جديد وتقدمي.

 

 

-----------------------------------------------