القصف الأميركي على بغداد

بروفة الحرب القادمة على الأمة

عبد الله الحسن

<<أهل الشرق يعيشون متاعب خط التماس مع الولايات المتحدة الأميركية مضاعفاً بسبب صعوبة الفصل بين العلاقة مع أميركا من جهة، والمواجهة مع إسرائيل المدعومة من أميركا من جهة ثانية>>.

الخبير الأميركي: غراهام فولر

حرص بوش، الابن، أسوة بأسلافه، أن يسجل تمسكه بتقاليد <<الكابوي>> في السياسة الخارجية، وأن يتخطى مألوف الحرب المتكررة ضد العراق منذ<<ثعلب الصحراء>>، ويقصف بغداد، ولم ينقض سوى (26) يوماً على تسلمه مهامه الرئاسية، وبهذا التوقيت بالذات، حيث المنطقة ككل ملغومة، ومرصودة على انفجار كبير، ينبغي ألا يضاف إليه ألغام جديدة، ليس سوى بروفة لحرب واسعة ومفتوحة على غرار عدواني نيسان وأيار 1982، مقدمات الاجتياح الصهيوني للبنان في حزيران ذات العام. وتتخذ من تعطيل دور العراق عنواناً لها. تلبية لحاجة استراتيجية صهيونية باتت ماسة مع تصاعد الانتفاضة الفلسطينية الباسلة، وتفاقم المأزق الوجودي الصهيوني، عبر تهيئة المناخ الإقليمي لتصديره إلى الخارج، بدءاً بدول الجوار، ولا يلغي فشل الكيان الصهيوني في السابق في تقسيم لبنان وتهويده، وتنفيذ مشروع <<الوطن البديل>> في الأردن، أنه ألقى سلاحه، ولن يعاود الكرة باتجاههما مرة أخرى. ويتوسل الحلف الأميركي-الصهيوني تفجير التناقضات العربية-العربية من جديد أسوة بما حصل في حرب الخليج الثانية، وسيلة للتغلب على التناقضات التناحرية العربية-الصهيونية، ولو بتجميدها مؤقتاً، ليتيح للعدو التخلص من مأزقه الاستراتيجي، ويبدو أن التنسيق، والقناعة قائمة لدى واشنطن وتل أبيب في ذلك. وبهذا السياق تندرج زيارة وزير الخارجية الأميركي كولن باول إلى المنطقة أواخر شباط، حيث يسعى لجعل المسألة العراقية، لناحية تشديد الحصار، ورفع وتيرة الاعتداءات لإسقاط النظام العراقي، في صدارة اهتمام دول المنطقة بدلاً من الصراع العربي-الصهيوني، ودعم الانتفاضة الباسلة، ومن المعروف أن المسألة العراقية وثيقة الصلة بالمسألة الفلسطينية، وهذا أمر لا يخفيه الحلف المعادي. ويلحظ ذلك على سبيل المثال مأمرأتقرير <<معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى>> إلى جورج بوش، الابن بقوله: <<يجب أن تفهم بغداد أن الولايات المتحدة سوف تعمل على تنسيق الردود السياسية وربما العسكرية، إذا ما سعى العراق إلى التدخل في النزاع العربي-الصهيوني، أو إلى ابتزاز الأطراف الإقليمية على غرار الأردن بغية تبني الأخير مواقف معوقة، أو إلى استغلال الوضع الراهن لنيل مكاسب عسكرية في أمكنة أخرى على غرار شمال العراق>>، وعلى هدي هذا التقرير كان قول الرئيس بوش في مقابلة مع وكالة رويترز: <<إنني أعتقد بالفعل أن صدام حسين تهديد كبير لأصدقائنا في الخليج وأنه تهديد لإسرائيل، وعلينا أن نواصل احتواء صدام، وأن نراقب أمواله ونتأكد من أنه لا ينتج أسلحة للدمار الشامل>>. إضافة إلى هذا كان الإعلان في اليوم الثالث التالي للعدوان على العراق (16-2) عن بدء مناورات مشتركة في جنوب فلسطين، صهيونية-أميركية لاختبار فعاليات صواريخ باتريوت، ضد الصواريخ البالسيتية. ثم هناك التناغم الشخصي بين الرئيس بوش، وأرئيل شارون، إلى مستوى الشراكة، كما في الجولة الشهيرة بالطائرة فوق الضفة الغربية وهضبة الجولان، حيث أدى فيها شارون دور الدليل المقنع لبوش، عندما كان حاكماً لولاية تكساس، وهذا يذكرنا بحالة التناغم الشخصي بين ريغان وبيغن، ثم أن شارون نفسه، وفي سياق حملته الانتخابية أعلن أنه يضع الخطر العراقي والإيراني في سلم أولوياته، لا بل ذهب إلى نقد منافسه إيهود باراك، لأنه لم يشترط ربط تنازلاته للفلسطينيين بمعاودة المراقبة الدولية الفاعلة  على مشروع التسلح العراقي.

كما يعزز وجود بول وولفوويتز نائباً لوزير الدفاع الأميركي عامل التناغم الشخصي بين بوش وشارون، فهو أي ولفوويتز يهودي أميركي ومقرب من المنظمات الصهيونية-الأميركية وصديق نتنياهو، <<المعجب بشارون>> يعتبر أن تأييد الكيان الصهيوني أمر تقتضيه المصلحة الأميركية فعلياً، وأمر يفرضه الالتزام بالمبادئ، ذلك أن أية ممارسات إسرائيلية إنما تهدف في صلبها إلى الذود عن الحريات ولو بدا الخلاف ذلك للوهلة الأولى، كما لعب وولفوويتز دوراً بارزاً في التقريب بين رئيسه بوش، وهو في مرحلته الاعدادية، وبين القيادات اليمينية في الكيان الصهيوني، عاملاً على توجيه هذا الرئيس، وهو طالب العلم القابل والمتقبل للتوجيه نحو <<استيعاب الصراع العربي-الإسرائيلي، وفق وجهة نظر أحادية مقتصرة على الحق الإسرائيلي>> (الحياة 18-2، ملحق التيارات)، ثم هناك الارتباط الوثيق بين بوش واليمين المسيحي الأميركي الذي يساند الكيان الصهيوني بقوة.

لماذا العراق؟!

يصعب تعليل الأمر بعامل أو اعتبار واحد لسبب بسيط، وهو أن العراق نقطة تتقاطع عندها رزمة من الاعتبارات المحلية والإقليمية والدولية، فرضتها مكانة العراق، كمفتاح في صوغ المعادلات الاستراتيجية الإقليمية والدولية، فبوش، الأب أعلن ولادة <<النظام العالمي الجديد>> مع بدء <<عاصفة الصحراء>> وعلى خلفية المعادلات الإقليمية التي خلفتها <<عاصفة الصحراء>> كان مشروع التسوية في مدريد، ومشروع الشرق الأوسط الجديد، لكن الاعتبار الأساس وراء استهداف العراق وجلعه عنواناً للحرب الواسعة المحتملة في المنطقة، هو كسبه معركة الصمود في وجه الحلف الانغلوسكوني ورفض أميركا التسليم بنتائجها، وقد تعرضت إلى هذه الحقيقة وإن بشكل جزئي صحيفة الـ<<واشنطن بوست>> حين كتبت: <<أن العراق تمكن من الانتصار في الحرب الإعلامية المضادة التي خاضها خلال الفترة الأخيرة>>، ولا يغرب عن بال أحد أن السياسة الأميركية ضد العراق تعاني من حالة تآكل مستمر منذ عامين تقريباً، مكنت العراق من تسجيل أهداف نوعية، ضد الحظر، والحصار الجائر المفروض عليه، وحسبنا أن نشير إلى الطائرات المدنية المتجهة إلى مطار بغداد، ومبادرة أكثر من 70 دولة إلى افتتاح ممثليات دبلوماسية لها في العراق، كما رفعت عملية التآكل في السياسة الأميركية ضد العراق، من فاعلية ووتيرة تحديه للسياسة الأميركية، تمثلت على الصعيد الداخلي في وتصديه اليومي، وفوق مناطق الحظر الجوي لطائرات الحلف الانغلوسكوني (الأميركي-البريطاني). وفي الميدان الخارجي جرى اعتماد تكتيكات سياسية-اقتصادية خلال الصدمة البترولية الثالثة، العام المنصرم، لدى ارتفاع أسعار النفط الخام من 10 إلى 30 دولاراً للبرميل الواحد للضغط على دول القرار بهدف رفع الحصار عنه، وكان ذلك بمثابة مؤشر على إمكانية استخدام النفط كسلاح سياسي. وهذا ما أشعل الضوء الأحمر في واشنطن، وجعلها تتنبه إلى ضرورة إجهاض هذه الإمكانية، لا سيما وأن العراق يمتلك ثاني أضخم احتياطي استراتيجي من النفط بعد العربية السعودية، ومخزونه من النفط ليس كما قيل 112.5 مليار برميل أي ما يعادل 1.09% من الاحتياطي العالمي، بل هو 261 مليار برميل، بحسب دراسات قدمت إلى مؤتمر للنفط عقد في نيويورك في آذار 1999 ويرى المحللون أن هذا السر ربما يكون أحد الأسباب الأساسية، بل الأكثر أهمية في فهم الإصرار الأميركي-البريطاني على احتواء العراق سلماً أو حرباً، وهذا الإصرار يتفق بطبيعة الحال مع اتجاهات الرأي العام الأميركي الشديد التأييد لسياسة الاستحواذ على الثروة النفطية العالمية، وبالأخص الثروة العربية، وللتدليل نستشهد بقول جيمس شليزنغر وزير الطاقة في إدارة كارتر في سياق مداخلة له بعنوان <<التغير الجيوسياسي وسوق الطاقة>> ورد فيه: <<إن ما تعلمه الشعب الأميركي من حرب الخليج أنه من السهل والمسلي الذهاب إلى الشرق الأوسط، وتلقين الناس درساً بدل التضحيات للحد من تبعية أميركا حيال النفط المستورد>>، ولم ينسى شليزنغر أن يوضح: <<أن الذين يعرفونني، يعرفون أنني ما كنت لاستخدام جملة كهذه لو لم تكن مستخدمة في أعلى المستويات الحكومية>>. وقد تجلت التكتيكات العراقية خلال الصدمة البترولية في الأمور التالية:

-إصراره أن تدفع عائداته النفطية باليورو <<العملة الأوروبية الموحدة>> بدلاً من الدولار الأميركي، وهو مطلب له معانيه الاقتصادية والسياسية فهو من جهة يحارب السياسة الأميركية، ومن جهة أخرى يشجع الموقف الأوروبي.

-إعلانه وقف ضخ النفط عبر تركيا، ولفترة محددة. وهو أمر زاد من وضع عدم الاستقرار في سوق النفط، وأثر على الأسعار لدى بدء ظهور بوادر الصدمة البترولية الثالثة.

-طلب زيادة 40 سنتاً على كل برميل مباع على أن تدفع هذه الزيادة باسم الحكومة العراقية، وتكون خارج صندوق عائدات <<النفط مقابل الغذاء>>.

-إعادة ضخ النفط إلى ميناء بانياس السوري <<وربما في وقت لاحق إلى ميناء طرابلس اللبناني>> وبمعدل 150 ألف برميل يومياً، قابلة للزيادة إلى 200 ألف برميل، وهي فضلاً عن الطابع الاقتصادي-التجاري ذي المنفعة المتبادلة، يؤشر إلى تواصل العراق المتزايد مع الهموم القومية والعمل العربي المشترك.

وهكذا يضاف صمود العراق إلى الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية، وصمود سوريا في تأكيد أهمية عوامل القوة اللينة: المعنوية والروحية والحضارية، والإرادة في مقاومة العدو وإحراز الانتصار عليه، ولعل هذا ما انطوى عليه تصريح وزير الإعلام العراقي د. همام عبد الغفور: <<لقد قصدت واشنطن تحويل العراق إلى رواندا أخرى، أو ما يشبه زائير.. أي خلق مجتمع جائع ومريض ومشلول على مدى سنوات. لكن هذا القصد لم يتحقق، فالعراق تراكم حضارات عظيمة ضاربة في عمق التاريخ الإنسان، وهذا البلد كان، ولا يزال وفياً لنفسه في النضال من أجل الحرية والتقدم..>>.

اعتبارات أخرى للعدوان؟!

ينبني على كسب العراق معركة الصمود، وفشل أميركا في تركيعه وتقرير مستقبله، العامل، أو الاعتبار الثاني وراء جعل العراق عنواناً للحرب الواسعة المحتملة، من قبل الحلف الأنغلوسكوني-الصهيوني، ويتمثل في نجاح العراق، التسرب من دائرة الحصار من خلال المثلث الفرنسي-الروسي-الصيني، والانفتاح العربي عليه، لا سيما من دولتين مركزيتين وأساسيتين في النظام الإقليمي العربي: مصر وسوريا.. وحضوره مؤتمر القمة العربي الطارئ في القاهرة ليساهم بإمكانياته في تصحيح الخلل الذي ضرب التوازنات في المنطقة منذ حرب الخليج الثانية.

وينطوي ذلك على معنى بالغ الأهمية، على المصير القومي، وهو أن كل مرارات ومصائب، وآلام عاصفة الصحراء، لم تؤد مثلما كان يأمل الحلف الانغلوسكوني إلى إنتاج نزعة <<وطنية>> قطرية عراقية، انعزالية (بابلية) تكفر بالعروبة، وتشيح عنها، على غرار الفينيقية والفرعونية، بل أدت إلى النقيض تماماً، حيث عمقت مسألة الانتماء العربي للعراق أكثر، وجعلته أكثر التصاقاً بهويته العربية، وليس أدل على ذلك من حالة المشاركة الجارفة، وبقوة مع الانتفاضة الفلسطينية الباسلة، وكان لا فتاً في هذا الصدد، استعراض مئات الآلاف من المتطوعين العراقيين في إحدى ساحات بغداد الضخمة، وهم يعلنون الاستعداد للجهاد في فلسطين، ومن ثم الكشف عن وجود 6 ملايين متطوع عراقي لنصرة الانتفاضة، والجهاد في فلسطين، واقترن، هذا، بدعم مالي، في لحظة قاسية بالنسبة للعراق، إذ أعلن عن تبرع العراق بمبلغ مليار يورو لشهداء فلسطين، ومساندة الانتفاضة ضد الاحتلال الصهيوني، وهو مبلغ كما نعلم يعادل تقريباً، المبلغ الذي أقرته الدول العربية مجتمعة في مؤتمر القاهرة الطارئ، ويبدو أن العراق قد أدرك أن أحد أهم أسباب العدوان على بغداد يوم (16-2) هو وقف الدعم العراقي للانتفاضة، فأعلن عن تشكيل 21 فرقة من المتطوعين للحرب في فلسطين، ولم يغب هذا السبب أيضاً عن جماهير الانتفاضة الباسلة، لذا خرجت إلى الشوارع في المدن والقرى تعلن وقوفها إلى جانب العراق، ورفضها الحازم للعدوان، وردت على ذلك بتصعيد الانتفاضة، كذلك بادرت سوريا إلى إدانة العدوان، واعتبرته عدواناً على مشاعر الأمة العربية ورأت أنه يتكامل مع الجرائم الصهيونية اليومية ضد الشعب الفلسطيني، فضلاً عن الوعي القومي، أن تحطيم العراق هو تصفية للقضية الفلسطينية فمشروع بلتيمور الصهيوني 1942 يقول هذا. حيث ينظر إلى العراق باعتباره المكان، والجغرافية التي ستحل فيها مشكلة اللاجئين، إضافة إلى ما تقدم وعلى أهميته، فإن الظاهرة الأكثر إثارة للقلق وتجاوزاً للخطوط الحمر حسب أعراف الحلف الانغلوسكوني-الصهيوني هو الطابع التصاعدي للتنسيق السوري-العراقي، والقابل لأن يتحول إلى <<اتفاقية استراتيجية>> للتعاون الشامل بعد رفع مستوى العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، حسب ما كشف عنه نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان، خلال زيارته لدمشق، وهذا أمر له دلالته في اللحظة الإقليمية الراهنة، خصوصاً في ظل الانتفاضة الباسلة، والانتصار اللبناني وهي تطورات، كما هو معلوم، أسفرت عن تكسر معادلات حرب الخليج الثانية، ولا ريب أن مكانة العراق كعمق استراتيجي لسوريا وللجبهة الشرقية ككل، يوفر حالة وصل جغرافية ضرورية لحلف استراتيجي بدأت تظهر ملامحه بين: دمشق-بيروت-الانتفاضة-بغداد-طهران، يرسي الأسس اللازمة لولادة معادلات إقليمية جديدة تقوم على مصلحة الأمة العربية-الإسلامية، وهذا الحلف، بالطبع ليس بعيداً عن حالة المخاض القائمة في عموم الساحة العربية-الإسلامية ضد العدو الانغلوسكسوني-الصهيوني، ولرصد مدى القلق الغربي والصهيوني من التنسيق السوري-العراقي وملامح المحور الاستراتيجي المذكور، نتوقف عند ما حملته افتتاحية الـ<<واشنطن بوست>> تاريخ 29-1 (الأسبوع العربي العدد 2157). من اقتراحات للإدارة الأميركية الجديدة في إزاء المعضلة التي تقارب المأزق في التعامل الأميركي مع الملف العراقي.

وتنص على تشديد الضغط على سوريا، حيث تدعو الولايات المتحدة إلى <<البحث عن نقاط ضعف في السياسة والاقتصاد والأمن في سوريا، وقد تحضر على طاولة أدوات الضغط طائفة واسعة من الخيارات والأعمال والأفكار تمتد من استغلال وتحريك ملفات لبنانية ساخنة للضغط في سبيل إحراج سورية في لبنان، وإلهائها بمسائل ذات طبيعة أمنية-سياسية، إضافة إلى البحث عن إمكان أداء إسرائيل لدور في هذا الملف>>.

وتعلق صحيفة (الأسبوع العربي) على ذلك بالقول: إن هذه الخطط ليست جميعاً، بالضرورة من إنتاج مخيلات الصحافيين التي كتبوها ونشروها، بل إن الكثير مما ورد فيها، يحمل جوانب جدية للغاية، تشير إلى أن هذه الأفكار قد نوقشت، وبتوسع في الدوائر الأرفع مستوى لصنع القرار في الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وتلفت الصحيفة المذكورة الانتباه إلى مقال زئيف شيف في صحيفة هأرتس الصهيونية (24-1) الذي يقول فيه: <<إن أهم حدث عسكري عربي وقع مؤخراً هو حشد القوات العراقية قرب الحدود السورية>> ويزيد: <<أن الأميركان الذين اكتشفوا التحركات العراقية وجهوا تحذيراً إلى سوريا بأنها تلعب بالنار، وأن المنطقة برمتها قد تنزلق نحو وضع أسوأ من الوضع الحالي>>، ويتابع: <<أن حشد القوات يجب أن ينظر إليه كإشارة استراتيجية، تمهد الأرضية لأي تدخل عسكري عراقي في نزاع عسكري قد يندلع في المنطقة>>، ويعيد شيف إلى الأذهان أن مصر <<استخدمت التكتيك ذاته لجعل إسرائيل تعتاد على وجود القوات المصرية قرب قناة السويس، أثناء الاستعداد لحرب تشرين 1973، كما أن شارون تابع الأمر ذاته، فنقل قوات من النقب إلى الحدود الشمالية، ثم أعادها إلى النقب عشية اجتياح لبنان العام 1982>>.

ولا يقتصر  قرع طبول الحرب والتحريض عليها، على وسائل الإعلام الغربية والصهيونية، بل يطال أيضاً مراكز الدراسات الأميركية، وفي هذا الصدد يقول باتريك كلوسون مدير البحوث في <<معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى>>. <<إن عودة العراق مقتحماً بأموال النفط، يمكن أن يسبب مشكلة حقيقية للولايات المتحدة وإسرائيل في حالة حدوث أزمة في الشرق الأوسط>>، ويستطرد: <<إن إدارة بوش ستواجه الخيار بين محاولة استعادة التأييد الدولي للعقوبات، والمخاطرة بأن تبدو، وكأنها تقدم تنازلات، مما قد يشجع العراق وسوريا على أن يتجاهلا، دون مجازفة التحذيرات الأميركية في موضوعات مثل تجنب الحرب مع إسرائيل>>، ولم يكن المسؤولون الرسميون في الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، بمنأى عن إثارة أجواء الحرب وقرع طبوله، فرئيس أركان جيش العدو الصهيوني الجنرال شاؤول موفاز كشف النقاب عن أن الجيش الصهيوني تلقى أمراً بالاستعداد لحرب إقليمية واسعة محتملة، وأحد أقطاب حملة شارون الانتخابية أفيغدور ليبرمان هدد بقصف السد العالي في مصر، إذا ما تدخلت مصر في أي نزاع ينشب في المنطقة، ورحبعام زئيفلي أحد أقطاب اليمين، والمرشح لتولي حقيبة وزارية في حكومة شارون يلوح بـ<<الترانسفير>> ويبدو أن قرع طبول الحرب من قبل الحلف الأميركي-الصهيوني، هي ما دفعت الرئيس المصري حسني مبارك للرد بغضب على سؤال وجه إليه خلال زيارته لإيطاليا عن تهديدات ليبرمان بقوله: <<إن مصر قوية بجيشها وقادرة على حماية نفسها، وأن هزيمة 1967، لن تتكرر، وإذا ما نشبت الحرب، فلن نذوق مرارتها وحدنا، بل سيذوقها أيضاً الإسرائيليون>>، وحديث الرئيس مبارك عن الحرب، وهو الذي كان يرفض حتى مجرد الحديث عن الحرب كافتراض أمام وسائل الإعلام، أمر ليس طبيعياً، ولا عادياً، بل يعني أن وراء الأكمة ما وراءها.

وإلى ما تقدم، فإن ثمة اعتباراً آخر من وراء استهداف العراق بالعدوان يوم (16-2)، ويمكن ملاحظته من تزامن العدوان مع أول زيارة للرئيس بوش إلى الخارج، والمحطة كانت المكسيك، حيث أراد بوش أن يعلن أن القوة العسكرية هي ذراع السياسة الخارجية الأميركية لمن لا يذعن للإرادة الأميركية، وأن الولايات المتحدة الأميركية ستتصدى لأية محاولة لتغيير البيئة الاستراتيجية الإقليمية، كما الدولية، يمكن أن يقلص من مكانتها أوهيبتها كقطب أوحد في العالم، ولعل هذا ما فهمه المسؤول في وزارة الدفاع الروسية الجنرال ليونيد إيفانوف، لدى تعقيبه على العدوان الأميركي على العراق: <<إن ما يقوم به العسكريون الأميركيون مع بداية تسلم الإدارة الجديدة مهامها هو تحد للأمن الدولي، وللأسرة الدولية برمتها>> وقال لوكالة (ايتار-تاس): <<إن الهجوم على العراق لا يترك لروسيا أي مجال للشك حول نوايا واشنطن الاستحواذ على دور الشرطي العالمي>>، واعتبر <<إن الولايات المتحدة تسعى إلى الحلول محل مجلس الأمن الدولي، وهو ما يشكل نزعة خطيرة ستزعزع استقرار الوضع الدولي الهش في حد ذاته<<، وبعد تصريح الجنرال تدفق سيل تصريحات الإدانة للعدوان من مختلف المستويات السياسية الروسية، وصولاً إلى الرئيس بوتين، وقد بلغ الغضب الروسي حد أن أعلن أحد مسؤولي اللجان في الدوما الروسي، أن الدوما سيبحث اتخاذ قرار لرفع الحظر عن العراق من جانب واحد، وبغض النظر عن الموقف الأميركي، ولم تتأخر فرنسا أيضاً في التقاط الرسالة الأميركية، فأصدرت بيانين حيث كان الثاني أكثر تشدداً من الأول أعربت فيهما عن استغرابها وقلقها من العدوان ولم يكن الموقف الصيني أقل حدة من نظيريه الروسي والفرنسي فحسب، بل وجهت له الاتهامات من قبل أميركا، بمساعدة العراق على تحديث دفاعاته الجوية، بتعزيزها بشبكة من الألياف الضوئية لتعزيز فاعليتها في مواجهة الغارات الجوية الانغلوسكسونية، المتواصلة!.

إزاء هذا الواقع الدولية الرافض لسياسة <<الكابوي>> ضد العراق، وما يعنيه من صعوبة تأمين غطاء دولي لأي عدوان أميركي كبير على العراق، يفترض في الدول العربية أن ترفض السياسة الأميركية الجديدة-القديمة، ليس من خلال رفض توفير حاضنة إقليمية عربية للموقف الأميركي في أي مواجهة كبيرة مع العراق، فحسب، وإنما في الانفتاح على العراق، بكسر الحصار المفروض عليه، فهذا هو المدخل الأساس لانهيار الاستراتيجية الأميركية ضد العراق، ولتشديد أزمة الكيان الصهيوني، ومنعه من تصديرها إلى الخارج، إلى دول الجوار حماية لأقطار عربية أخرى.. وهذا أمر باتت تقتضيه المصلحة القومية العليا التي يعتبر العبث فيها كفراً، فهل تعي الأنظمة العربية هذه المصلحة وتعمل بموجبها، أم تبقى أسيرة مصالحها الضيقة، فيكون مصيرها كمصير الخليفة العباسي الذي تقاعس عن مواجهة الغزو المغولي، تحت حجة أنهم سيتركون له عرشه، فكانت النتيجة أن لا عرش بقي، ولا خليفة، حيث داسته سنابل خيل الغزاة!!.

---------------------------------------------

التهديدات الأميركية-الصهيونية للبنان (وسوريا)

محاولة جديدة لتسويق بضاعة قديمة!

لا يمكن النظر إلى التهديدات الأميركية-الصهيونية للبنان، وتحميل الحكومة اللبنانية وسوريا وحزب الله مسؤولية <<الحفاظ على الهدوء>> في منطقة الحدود مع فلسطين المحتلة، بمعزل عن التطورات الصاخبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد أن نجحت الانتفاضة في تجاوز قطوع التهويل والتخويف اللذين حاول أقطاب سلطة عرفات تسويقهما، وواصلت عملياتها النوعية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين، وكذلك عن العدوان الأميركي، البريطاني على العراق والذي ووجه باستنكار عربي وعالمي غير مسبوق، حيث تشكل هذه القضايا الثلاث أضلاع المثلث الذي يتركز الجهد الأميركي الصهيوني باتجاه إشعاله وتحطيمه باعتباره البؤرة الملتهبة التي مرغت أنف التحالف الأميركي-الصهيوني في الوحل وباتت تؤسس لمرحلة عربية جديدة عنوانها إعادة صياغة العلاقات العربية وفق منطق المواجهة والتصدي للاحتلال والخروج من العباءة الأميركية التي كادت تلف الجميع خلال عقد التسعينات المنصرم.

ومع أن الاحتمالات ستبقى مفتوحة، سواء فيما يتعلق بالانتفاضة التي يتوعدها شارون بالسحل والإفناء، أو بلبنان ونظامه الوطني ومقاومته الباسلة وشعبه المجرب، أو بالنسبة للعراق الذي أريد بقصفه توجيه رسالة شديدة اللهجة إلى القمة العربية المقرر انعقادها في عمان في الثلث الأخير من آذار المقبل مفادها أن ثمة فيتو أميركياً في وجه أي نوع من أنواع التضامن العربي واستعادة العراق إلى دائرته العربية، وفي وجه مساندة الانتفاضة الفلسطينية ودعمها، إلا أن المرئي من اللوحة هو أن رئيس الوزراء الصهيوني الجديد الذي استخدم الفزاعة لإضافة كل العرب، لا يملك حلولاً سحرية لوقف الانتفاضة وشل حركة المقاومة  التي تستخدم حقها الطبيعي في مواجهة الاحتلال الجاثم فوق مزارع شبعا اللبنانية، وخاصة بعد أن جرب أسلافه من شامير إلى رابين إلى بيريس ونتنياهو، وأخيراً باراك، حظوظهم <<القمعية جداً>> وفشلوا فشلاً ذريعاً.

ورغم ذلك، فثمة خشية مشروعة ليس من احتمالات التصعيد الصهيوني ضد لبنان، والتي تشير المعطيات المختلفة إلى أنها ستتمحور حول عمليات القصف الجوي وضرب البنى التحتية اللبنانية، وإن كان البعض يعتقد بأن شارون سيفكر ألف مرة قبل الإقدام على هذا التصعيد الذي سيعني نوم أكثر من مليون صهيوني في الملاجئ بسبب الرد العنيف الذي ستقوم به المقاومة ضد المستوطنات والمدن الصهيونية، وإنما تنبع الخشية من <<النصائح>> الضارة والمؤذية التي يتبرع بها بعض اللبنانيين والعرب حول <<ضرورة تبريد>> خطوط المواجهة مع الاحتلال في مزارع شبعا وعلى طول ما يسمى بالخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة بذريعة نزع فتيل المواجهة المحتملة وعدم إعطاء مبرر لمجرم الحرب شارون لتصيدر أزمة الكيان التي فجرتها الانتفاضة باتجاه الفناء الإقليمي، ويستشهد هذا البعض بتهديدات النائب اليميني المتطرف وزعيم حزب <<اسرائيل بيتنا>> للمهاجرين الروس والمرشح لتسلم حقيبة في الحكومة المقبلة افيغدور ليبرمان والتي قال فيها إنه <<في حال لم يعم الهدوء الحدود الشمالية، فإن الوضع نفسه سينطبق على بيروت.. وسينزل جميع سكان بيروت إلى الملاجئ>>!!

غير أن موقف ليبرمان الذي كان قد هدد بقصف السد العالي في أسوان والعاصمة الإيرانية طهران، قابلته مواقف صهيونية من طراز آخر، أبرزها اعتبار نائب وزير الحرب أفرايم سنيه أن رداً مكثفاً على عمليات المقاومة، وليس محدوداً، من شأنه أن <<يوسع مخاطر المواجهة خصوصاً مع سورية>> وقوله: <<لسنا مهتمين بفتح جبهة جديدة علاوة على تلك التي تشغلنا في غزة والضفة الغربية وفي إسرائيل بالذات>> في إشارة إلى المواجهات المتنوعة مع فلسطينيي 1948، وهذا، وإن كان صحيحاً نسبياً، لا يغطي على حقيقة أن الجيش الذي هزم شر هزيمة في لبنان، وكان انسحابه من هناك محط إجماع في التجمع الصهيوني الهجين، لا يستطيع، ولا بأي حال من الأحوال ومهما كانت وحشية شخص رئيس الوزراء، العودة إلى ذات المستنقع الذي أذل <<الجيش الذي لا يقهر>>، ولعل صورة الجنرال باراك الذي هدد وتوعد لبنان ومقاوميه وشعبه عقب اختطاف الجنود الصهاينة الثلاثة في مزارع شبعا، ومن ثم ضابط الموساد، واضطر إلى بلع لسانه بعد أيام قليلة ما زالت ماثلة في أذهان اللبنانيين الذين وضعوا جنرالات الحرب الصهاينة في مكانهم الصحيح، وأشهدوا العالم بأجمعه بأن القوة الصهيونية المتخيلة تتغذى على ضعف العرب، وعلى المواقف الانهزامية المراهنة على <<كرم>> الراعي الأميركي وإمكانية <<نزاهته>> المتخيلة.

ما يهم في الموضوع هو أن أصحاب <<الآذان النظيفة>> الذين يصغون باهتمام لرأي وموقف واشنطن الذي عبر عنه المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب ريكر الذي اعتبر أن عملية المقاومة في مزارع شبعا <<انتهاكاً واضحاً>> للخط الأزرق>> و<<استفزازاً واضحاً يهدف إلى تصعيد موقف متوتر بالفعل>> مضيفاً أن <<على الحكومة اللبنانية أن تتحرك بشكل فوري لتنفيذ التزاماتها بموجب القرار 425(..) وتعيد تأكيد سلطتها على كل الأراضي اللبنانية، ومنع تكرار مثل هذه الأعمال أو انتهاكات أخرى لخطة الانسحاب>> وتبعه في ذلك السفير الأميركي في لبنان دافيد ساترفيلد الذي <<حذر>> من أنه <<ستكون لمثل هذه العمليات نتائج عكسية على الاستثمارات وعلى الثقة في الاقتصاد اللبناني في هذا الوقت بالذات الذي تحاول فيه الحكومة اللبنانية جذب الاستثمارات الخارجية والوصول إلى وضع اقتصادي مستقر>> وكأن الاستثمارات الخارجية، والتي تمنعها واشنطن أصلاً من القدوم، واقفة على الأبواب وعملية المقاومة ضد الاحتلال هي التي أوقفت دخولها، نقول: يبدو أن هؤلاء المستمعين الجيدين لنصائح واشنطن قد أغلقوا آذانهم وعيونهم عندما قصفت الطائرات الأميركية-البريطانية العاصمة العراقية بغداد موقعة شهداء وجرحى دون أي مبرر أو حتى ذريعة، كما كان يحدث في السابق، ولم يتذكروا منطق <<الذرائع>> إلا عندما قامت المقاومة بحقها المشروع في محاولة تحرير الأرض المحتلة في مزارع شبعا. وقد أوضح أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله حقيقة الاستهدافات الصهيونية-الأميركية من التهديد، عندما أكد أن واشنطن هي التي ضغطت وتضغط لمنع تقديم المساعدات إلى لبنان ولمنع الاستثمار فيه قبل أن توافق الحكومة اللبنانية على شروطها، ومنها: أن يتحول الجيش إلى حرس للحدود مع فلسطين المحتلة، وأن يلقى كل سلاح يمكن أن يخيف تل أبيب ويمنعها من الاعتداء على لبنان وأن يفك التلازم بين المسارين اللبناني والسوري، وأن ينقلب لبنان على سوريا وعلى الطائف، وبعدها تخضع البلاد للشروط الصهيونية، وأهمها توقيع الصلح مع الصهاينة.

في كل الأحوال، ما يبدو طافياً على السطح هو أن تل أبيب لن تقدم على عملية عسكرية كبيرة في انتظار تأليف الحكومة الجديدة التي تعاني مخاضاً صعباً، رغم أنهم هناك (في القدس المحتلة) يتوقعون استمرار الهجمات من جانب حزب الله، حيث يرون أنه ينبغي النظر إلى الهجوم في مزارع شبعا كعملية أوسع، وفي رأي المحلل في <<هآرتس>> زئيف شيف فإن استراتيجية حزب الله تقوم على أكثر من مستوى، ومنها مستوى جديد نسبياً هو <<زيادة التورط في العمليات للفلسطينيين>> وذلك بعد أن يشير إلى أن الحزب قد حصل مؤخراً على صواريخ متطورة من إيران وقام بنصبها في لبنان، بينما رأى مسؤول عسكري صهيوني كبير أنه مع مرور الوقت لن يكون الرد الصهيوني المتمثل في قصف بعض المواقع في لبنان كافياً، وفي حال لم تستأنف المفاوضات السياسية من جديد مع سوريا، فستكون هناك حاجة لاتخاذ خطوات أشد في لبنان تشمل أيضاً أهدافاً سورية <<حيث أن الرئيس السوري بشار الاسد، هو العنوان الذي ينبغي إرسال الرسائل إليه>> وفق تعبير المسؤول الصهيوني!!

وهكذا، يبدو أن طرفي التحالف الصهيوني-الأميركي قد قررا وقف التآكل الذي يعصف بمشاريعهما في المنطقة العربية بعد أن وضعت الانتفاضة الفلسطينية حداً لأوهام التسوية التي حاولا تسويقها على مدى السنوات العشر الماضية، واستطاع الشعب اللبناني، من خلال مقاومته الباسلة، تحطيم أسطورة الجيش الصهيوني وتمريغ أنف جنرالاته في الوحل، فيما بدأ العرب في استعادة الوعي الذي غيب طويلاً، وتلمس حقيقة أن المطلوب أميركياً وصهيونياً هو تنظيم الأمة برمتها، وأن لا استثناء لأحد منهم، حتى ولو كان مطواعاً إلى أقصى الحدود، وإذا كان المتوقع أن نشهد تصعيداً صهيونياً أميركياً على المستويات العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية خلال الفترة التي تفصلنا عن موعد انعقاد القمة العربية في عمان، فإن لا مجال للفرار من المواجهة المحتومة، وأن التراجع في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الأمة العربية سيعني الخروج من التاريخ والجغرافيا إلى أمد غير منظور.

مأمون الحسيني

---------------------------------------------

الأردن:

تأجيل الانتخابات النيابية، حاجة دستورية أم  استحقاق تسوية

 

·       مطالبات بالتأجيل بسبب الانتفاضة ومشروع التوطين

·       الحكومة بين إجراء الانتخابات والتمديد للمجلس الحالي

كايد كايد

لا يستبعد مراقبون أن يكون لدى صاحب القرار في الأردن، معلومات تؤكد أن المفاوضات بين سلطة عرفات والوفد الصهيوني المفاوض في "طابا" قد حققت تقدماً على طريق الاتفاق بشأن القضايا النهائية، على قاعدة مقترحات الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون.

المعلومات التي توفرت لدى صانع القرار الأردني، حسب اعتقاد هؤلاء المراقبين، وضعته في حيرة من أمره تجاه قرار إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد (خلال الفترة ما بين حزيران وتشرين الثاني القادمين، وذلك حسب النص الدستوري، لأن إجراء الانتخابات في هذه الظروف التي تمر بالمنطقة، يعتبر مغامرة غير محسوبة على صعيد نتائجها، فمن جهة فإن مقترحات كلنتون التي تؤكد موافقة سلطة عرفات والحكومة على مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة باستثناء لاجئي لبنان، الذين تجري الاتصالات بشأنهم بين أكثر من طرف دولي لحل قضيتهم عن طريق الهجرة والاستيعاب. هذا المشروع على الصعيد الأردني له انعكاسات على أكثر من صعيد، فالموقف من مشروع التوطين في أوساط اللاجئين الفلسطينيين مرفوض بالمطلق، وهو ما يعني أن القوى السياسية التي تعارض المشروع ستجد مؤيدين على مستوى واسع، وهو الأمر الذي يدركه النظام في الأردن جيداً، وبدأ التحضير لمواجهته منذ زمن. ومن جهة أخرى، فإن قانون الانتخاب الحالي بما يتضمنه من توزيع للدوائر وعدد النواب الذين يشكلون المجلس لن يكون صالحاً لإجراء الانتخابات في هذا البلد، الذي سيصبح مطلوباً منه منح الأردنيين من أصل فلسطيني تمثيلاً أكبر داخل المؤسسة التشريعية، فضلاً عن أن الأردن لا يعرف حتى الآن ما هو المطلوب منه خلال المرحلة القادمة، التي ستشهد توطين اللاجئين على أراضيه.

وينظر ساسة أردنيون إلى الانتفاضة الفلسطينية وما شهدتها من مذابح على أيدي العصابات الصهيونية، على أنها سبب مهم سيكون حاضراً عند مناقشة صانعي القرار الأردني لموضوع الانتخابات النيابية القادمة، وحسب رؤية هؤلاء فإن الظروف التي تعيشها المنطقة ستعزز من فرص معارضي عملية السلام مع الصهاينة وخطوات التطبيع مع المؤسسات الصهيونية، وفي الوصول إلى البرلمان الأردني، وهو ما يعتبره البعض في غير صالح الوطن، لأن وصول ( متطرفين) إلى قبة البرلمان سيجعل مهمة الحكومة تزداد صعوبة في تسييرها للأمور واستحقاقات معاهدة وادي عربة.

هذه الظروف وغيرها من المتوقع أن تدفع صانع القرار إلى اتخاذ قراره بتأجيل الانتخابات النيابية والتمديد للمجلس الحالي لمدة عام أو عامين، حتى لا تتوقف الحياة البرلمانية، التي يحرص النظام على استمرارها، منذ عودتها في العام 1989.

واتساقاً مع هذا الكلام، يقول مسؤول حكومي كبير، أن كافة المؤشرات تدل على وجود مثل هذه النية، معتبراً أن الأوضاع التي تعيشها المنطقة، وما  تشكله من حالة، خلقت ترقباً حذراً لما ستسفر عنه المفاوضات الفلسطينية الصهيونية، وما ينتظر المنطقة خلال الأشهر القادمة في ضوء التوتر الذي تشهده الأراضي الفلسطينية.

ويسوق المسؤول الحكومي عدداً من المبررات الداخلية التي يحاول البعض تضخيمها وخاصة في أوساط النواب لإقناع الحكومة بالتنسيب للملك بالتمديد للمجلس الحالي لفترة قادمة، حتى يستطيع المجلس إنجاز بعض القوانين المعروضة حالياً، والتي لا يتمكن من مناقشتها وإقرارها نظراً لقصر المدة القانونية المتبقية من عمر المجلس.

من أبرز هذه المبررات، يتم طرح قانون الانتخاب الذي يلقى معارضة واسعة في أوساط قوى سياسية وشعبية في مقدمتها حركة الإخوان المسلمين، وحزب جبهة العمل الإسلامي أكبر أحزاب المعارضة الأردنية، حيث سبق للحزب وأحزاب معارضة أخرى مقاطعة الانتخابات السابقة، حيث يرى أصحاب توجه التمديد للمجلس الحالي، أن القانون لا يزال في مرحلة المناقشة وأن المجلس النيابي لن يكون بوسعه التوصل إلى قانون متكامل خلال الفترة القصيرة المتبقية من عمر المجلس خاصة وأن القانون المرتقب يجب أن يكون ملبياً لطموحات جميع شرائح المجتمع وأطيافه السياسية، وهناك سلسلة من مشاريع القوانين منها ما هو متعلق بالاقتصاد والاستثمار يجب إنجازها بالسرعة الممكنة، وعدم رغبة الحكومة في سن قوانين مؤقتة خلال غياب المجلس، وهي الفترة  التي تمتد من انتهاء عمر المجلس الحالي وبدء المجلس الجديد أعماله، والتي قد تستثمر لأكثر من خمسة شهور. وأيضاً يبرز حرص الحكومة على مشاركة كافة القوى السياسية في الانتخابات النيابية المقبلة.

هذه الأسباب وغيرها جعلت المرحلة الحالية تغص بالعديد من الأسئلة حول الانتخابات المقبلة، وخلال الشهرين الأخيرين، شهدت الساحة السياسية، نشاطاً نيابياً غير معلن يتركز على ضرورة إقناع الحكومة بالتنسيب إلى القصر، بتأجيل الانتخابات وهي العبارة المرادفة للتمديد للمجلس الحالي، مستندين إلى جملة من المبررات التي يعتقدون أنها تدعم وجهة نظرهم، وكافية لاعتبار الظروف التي تمر بها الأردن، ظروفاً استثنائية توجب تأجيل الانتخابات.

وفي ظل امتناع القصر عن إبداء أية إشارات تبين موقفه من هذا الموضوع الذي بدأ يطرح بقوة وخاصة بعد وفاة النائب "لطفي البرغوثي" وامتناع المجلس عن إبلاغ الحكومة بشغور مقعده النيابي،، تمهيداً لإجراء انتخابات تكميلية، ومعاودة الحكومة التركيز على إجراء الانتخابات التكميلية في الدائرة الثالثة على الرغم من قصر المدة المتبقية للمجلس، وهو ما ينظر إليه على أنه مؤشر قوي على أن النية تتجه إلى تأجيل الانتخابات العامة، والتمديد للمجلس الحالي، الذي بدأ المواطنون يتندرون  بما يحصل داخل جلساته من خلافات بين النواب، وصل الأمر إلى أبعد من تبادل الشتائم عندما تعرض النائب أحمد عويدي العبادي للضرب على مرأى من زملائه والفريق الوزاري وأمام عدسات الفضائيات من قبل  نائب رئيس المجلس النيابي المهندس خليل عطية، الذي سبق وأن تصدى للهجوم الذي يشنه العبادي على المواطنين ذوي الأصول الفلسطينية.

-----------------------------------------------

شعارات وعلامات صهيونية على البضائع الأميركية

طريقة جديدة لابتزاز الأموال

سمعنا ونسمع في كل يوم عن جمعيات صهيونية، أو متصهينة، تضع نصب عينها وتعمل عملاً دؤوباً لكي تدعم الكيان الصهيوني بشتى الوسائل والطرق، ولكن بأن يتداعى إلى أسماعنا بأننا نحن أنفسنا نقوم بهذا العمل ليلاً ونهاراً، ودون علم منا، فتلك هي البلية التي يجب على كل مسلم، وكل عربي حر، وكل إنسان يحترم معنى الإنسانية، أن يفضحها، ويقاومها، ويقاطع من يقوم عليها، أو يدعمها، وأن يضع الخطط المضادة لها.

تتلخص وقائع هذه الخطة بأن يهود العالم أجمع، والغرب خاصة قد استحدثوا طريقة لكي تستنزف بها آلاف الملايين من الدولارات من عامة الشعب من خلال شيء شبيه بالضريبة المفروضة على الطعام. هذه الضريبة ندفعها للشركات المصنعة الكبرى، والتي بدورها تدفعها لجمعيات يهودية متعددة، وصل عددها لأكثر من 200 في الولايات المتحدة وحدها، بحيث تضع هذه الشركات العلامات الخاصة بهذه الجمعيات، والتي تؤكد بأن المادة التي تحتويها هذه السلعة هي مصنعة وفقاً للتقاليد اليهودية أو ما يسمى <<كوشار>>.

الغريب بالموضوع أن هذه العلامات قد بدأت تستخدم على السلع الغذائية، ومن ثم انتشرت حتى تشمل السلع غير الغذائية، مثل معدات الطبخ ومواد التنظيف، حتى وصلت إلى الأدوية.

وللعلم فإن هذه العلامات تدر الأرباح الطائلة على هذه الجمعيات اليهودية ولكي نتخيل إجمالي هذه الأرباح، فما علينا إلا أن نرجع إلى موقع أحد هذه الجمعيات وهي جميعة الاتحاد اليهودي الارثوذكسي http:\www.ou.org\kosher\kosherqa\food.htm  والتي صرحت بما يلي:

<<قدر سوق الكوشار بثمانية ملايين ونصف المليون مستهلك في عام 1998 أنفقوا مبلغ 3.5 بليون دولار أميركي على بضائع الكوشار في العام 1998 مبيعات أطعمة الكوشار تتزايد سنوياً بمعدل 13-15 بالمئة منذ عام 1992>>. ويزيد عدد الشركات التي تستخدم هذه العلامات والشعارات عن 1000 شركة، وفي الصورة المرافقة عدد من الشعارات والعلامات التي تستخدمها هذه الشركات.

(السبيل نقلاً عن الأنترنت 6/2/2001)

-----------------------------------------

لقاء مع علي حتر

في حوار لـ<<فتح>> مع عضو لجنة مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني في الأردن

المناضل علي حتر: لن نقبل التطبيع وسنحول مقاومته إلى حالة شعبية إننا نمنع، بعملنا، أحفاد غولدا مائير من التسوق في خان الخليلي، وأسواق الأردن.

شنت الحكومة الأردنية حملة اعتقالات بحق رئيس وأعضاء لجنة مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني في الأردن إثر قيام اللجنة بفضح المطبعين مع العدو أفراداً أو شركات، وقد أصدرت قائمة أسماء بهذا الخصوص.

هذا النشاط لم يرق للحكومة الأردنية التي ترتبط مع الصهاينة باتفاقية وادي عربة فاعتقلت ولاحقت ووجهت <<تهماً ملفقة لا أساس لها من الصحة>> كما قال المناضل الأردني علي حتر أحد أعضاء اللجنة الذي لم يتسن لقوات الأمن الأردنية إلقاء القبض عليه بسبب وجوده في بغداد لحضور مؤتمر اتحاد الكتاب العرب.

فتح التقت المناضل علي حتر محاولة الإطلالة على ما حدث وأسبابه وخلفياته، سألته عما تواجهه مقاومة التطبيع في الأردن بعد ما حدث فقال: لا شك ستستمر مقاومة التطبيع رغم هذه الظروف الصعبة فنحن نعتبر أن مقاومة التطبيع ليس واجباً على الأردنيين فقط بل هي واجب على كل العرب، ومن هنا فإن استمرار مقاومة التطبيع معلنة في أدبياتنا ويتحتم علينا كعرب التصدي للتطبيع سواء جاء من الأفراد أو الشركات ولأننا ندعو إلى استمرار هذا الفعل المقاوم فقد وجهت الحكومة إلينا هذه الضربة التي تتعلق أسبابها المباشرة بإعلان اللجنة أسماء الأفراد والشركات المطبعين مع العدو، وهذا العمل هو جزء من نشاط لجنتنا، ونعتقد أن إعلان مثل هذه الأسماء أقل خطراً من عدم إعلانها لأن ذلك –عدم الإعلان- سيفتح المجال للبعض ليزج خطأ أسماء لا علاقة لها بالتطبيع ونحن نعتقد أيضاً أن أهمية هذا العمل تكمن في أننا ننقل مقاومة التطبيع إلى الشارع لتصبح قضية على الصعيد الشعبي وليتاح للشعب ليأخذ دوره فيها.

وهنا نتدخل ونسأل إذا كان المطروح نقل قضية مقاومة التطبيع إلى الشارع العربي بشكل عام أليس هناك أهمية على شرح معنى التطبيع للمواطن.. هذا المعنى الذي لم يستوعبه حتى بعض المثقفين؟

يبتسم <<علي حتر>> موافقاً بل متحمساً متذكراً بعض المواقف التي تؤكد صحة ما ذهبنا إليه ويقول: إننا كبشر يعيشون علاقات إنسانية طبيعية لا نرضى بتثبيت مفاهيم العنصرية في الكرة الأرضية، وبسيادة مفاهيم قوانين الغاب ومبدأ العنصر الأقوى، وبالتالي لا نقبل أن نحول اغتصاب وطن واعتداء على شعب إلى حالة طبيعية، وبناء على هذا الفهم وقفنا، كبشر، ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وهو نظام استيطاني عنصري شبيه بالكيان الصهيوني، وأيضاً وقفنا ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر وهو احتلال استيطاني ورفضنا أن يصبح إلحاق الجزائر بفرنسا أمراً طبيعياً.

إذاً بشكل عام على البشر أن يقفوا موقفاً معادياً لأي احتلال أو اغتصاب والحال ينطبق على الكيان الصهيوني الذي عندما نتعامل معه باعتباره <<دولة>> طبيعية نكون قد توجنا المشروع الصهيوني بتاج الانتصار وحولناه إلى ما يريد أي أن يكون طبيعياً وهو في واقعه ليس كذلك هو أداة عدوان. ومن هنا فإن الحلم الصهيوني لا يمكن أن يتحقق إلا إذا طبعنا مع الكيان واعتبرناه <<دولة>> طبيعية لأننا بذلك نقدم له أكسير الحياة ليقوم بدوره تالياً في خدمة الغرب الاستعماري.

ويستطرد قائلاً: إن دور الكيان الصهيوني في خدمة الغرب يبدأ في الواقع عندما يصبح أمناً، ويتوقف صراعه مع <<الجوار>> أي عندما تتوقف الانتفاضة وتتوقف المقاومة من الدولة المحيطة بفلسطين، وعندما يدخل مع هذا المحيط في شركات ومشاريع اقتصادية وأحلاف ويهيمن بالتالي على المنطقة وهكذا فإن التطبيع هو محاولة لكي يصل الكيان إلى هذه المرحلة، أما مقاومة التطبيع فهي الفعل المعاكس أي مقاومته ومقاومة وجوده الطبيعي مقاومة الأحلاف والاتفاقيات والمؤسسات التي يكون جزءاً منها.

إننا نعتبر الاتفاقيات تطبيعاً وفي مقدمتها اتفاقية وادي عربة التي لا تعطي الكيان فقط ما لا يستحق بل تعترف به <<كحالة طبيعية>> وتمكنه من التغلغل والدخول إلى المجتمع العربي بمختلف الوسائل العلنية والسرية. ومثل هذه الاتفاقيات تنص على التنسيق الأمني مع العدو بمعنى أنها تقف في خندقه لمواجهة المقاومة.

ويضيف المناضل علي حتر: إن اتفاقية وادي عربية تتضمن إزالة العوائق عن طريق التطبيع وهذه العوائق هي البشر بموقفهم الرافض للتطبيع، هذا إضافة إلى الترويج للسلع الصهيونية وجعل الأردن جسر عبور للبضائع الصهيونية إلى كل المنطقة العربية.

وبمعنى آخر فإن التطبيع ومن ضمنه الاتفاقيات هو دعوة إلى إزالة كل الأدبيات التي تنظر إلى العدو باعتباره حالة غير طبيعية ولكي تحوله إلى حالة طبيعية ليمارس دوره في خدمة الغرب.

نسأله ولكن كيف هي الحالة الطبيعية للكيان الصهيوني؟ ويجيب: لا شك أن حربنا مع العدو لم تبدأ اليوم ولا في عام 1982 أو 1973 أو 1967 لقد بدأت حربنا منذ ما قبل عام 1948 بسنوات عديدة. والعودة إلى الحالة الطبيعية هي عودة إلى حالة الصهاينة في تلك الفترة، وحالتهم هي مجموعة من العصابات، من المستوطنين الذين استقدمهم الغرب إلى بلادنا والحالة الطبيعية للكيان هذه العصابات المرفوض وجودها أصلاً في فلسطين أما حالتنا الطبيعية فهي عودتنا إلى أرضنا في فلسطين إلى كل أرضنا ويضيف: إن الصهاينة يخافون من هذا الفهم لحالتهم وحالتنا الطبيعية لذلك كان مفهوم التطبيع الذي يبقي على الكيان الصهيوني قاعدة للعدوان وشكلاً من أشكال التحايل على الطبيعة والواقع بشكل خارج عن الطبيعة والواقع، وعلى هذا الأساس قالت غولدا مائير: أنا منتصرة عندما أستطيع الذهاب إلى خان الخليلي وأتسوق. ونحن من جهتنا نمارس دورنا لنمنع أحفاد غولدا مائير من الوصول إلى هذا الهدف.

هناك مفارقة وضعناها أمام المناضل علي حتر مفادها أنه ما دام وادي عربة يشرع التطبيع وتعامل مع الصهاينة وتحميه عبر القانون لماذا يخاف أصحاب الأسماء المنشورة من إعلان أسمائهم رغم أنهم يطبقون القانون؟

يبتسم ويقول: فعلاً إنها مفارقة فاقعة فإذا كان التعامل مع الصهاينة أمراً قانونياً فلماذا يخجل هؤلاء من الإشارة إلى أنهم يطبقون ذلك القانون.

إذاً  هذا القانون مسألة معيبة إنسانياً وقومياً وقطرياً وسياسياً وأمنياً، وإذا كان الأمر كذلك فليتوقف التطبيع وليس نحن.

وفي رده على سؤال حول المدى الذي وصلت إليه عملية التطبيع على الصعيدين الثقافي والاقتصادي في الأردن يجيب: لحسن حظنا أنه لا نتعرض لغزو ثقافي صهيوني في الأردن لأن ثقافة الكيان هي العنصرية والتعالي على الشعوب وبالتالي لا يستطيع نقل هذه الثقافة، لذلك فهو يلجأ إلى طريقة أخرى حيث لا يستبدل ثقافتنا بثقافته كما يفعل المستعمر عادة بل يلجأ إلى تحطيم ثقافتنا وتحويلنا إلى شعب بلا ثقافة وبذلك يهدف إلى تعميم النمط الأميركي الثقافي، باسم الحداثة ونقل التكنولوجيا.

في المجال الاقتصادي هناك تعامل مع بعض الشركات أو من خلال وجود وكلاء أردنيين لشركات صهيونية وهو في الحقيقة أمر قليل الوجود.

نتدخل ونسأله عن حقيقة وجود (40) ألف من العمالة الأردنية تعمل في فلسطين المحتلة.. فيجيب مستغرباً هذا الرقم قائلاً: لا يوجد إحصائية دقيقة، والحالات التي يمكن ينطبق عليها هذا الأمر فهي تنحصر فقط في أولئك الذين يذهبون لزيارة أقربائهم، ويمارسون هناك عملاً ما خلال هذه الزيارة، هؤلاء يواجهون طبعاً المعاملة السيئة علاوة على الأجر المنخفض الذي يتقاضوه.

ويضيف: الحقيقة أن العمالة الفلسطينية وغيابها أثر الانتفاضة ولجوء الكيان إلى استقدام عمالة أجنبية رومانية أو فلبينية يسبب لهذا الكيان مشاكل اجتماعية عميقة.. فالكيان كما ذكرنا مبني على مفاهيم العنصرية وشعب الله المختار. وليس من السهل أن يستوعب في داخله كم كبير من الشباب غير <<الإسرائيليين>> فهؤلاء لن يستطيعوا التكيف مع التجمع الصهيوني لأنه يرفضهم، وهم ضدهم ويراهم غوييم. وهذا سيستمر خاصة وأنهم سيستغرقون تماماً في حياة التجمع الاستيطاني ولا يستطيعون الحياة على هامشه، وهذه المشاكل لم تبرز لدى العامل الفلسطيني الذي يرفض التعامل باستغراق تام مع العدو في مجمل ظروف حياته، فهو مثلاً يعرف أن هذا التجمع معاد وأنه ليس بحاجة إلى التكيف معه، هذا إضافة إلى أن العامل الفلسطيني ينتقل إلى بيته لينام ولا يبقى كما هو العامل الأجنبي.

نختتم حوارنا مع المناضل علي حتر بالسؤال عن القضية وأين أصبحت الآن؟

فيقول: ما أعرفه من الصحف أن أعضاء اللجنة تنظر إليهم الحكومة على أساس فئتين، الفئة الأولى وتضم 5-6 أشخاص ويمكن التفاوض حول قضيتهم، وخرج منهم البعض بكفالة، والتفاوض جار بين مجلس النقباء والحكومة. أما الفئة الثانية وتتألف من شخصين وهما رئيس اللجنة علي أبو السكر وعلي حتر فقد وجهت لنا علاوة على تهمة العمل في جمعية غير مشروعة ونشر كتابات تثير الكراهية بين الأردنيين تهمة حيازة متفجرات وهي تهمة ملفقة ولا أساس لها من الصحة وهم من خلالها يريدون أن يدفعونا ثمن صلابتنا عبر إخراجنا من اللجنة من خلال تهمة حكمها من خمس سنوات إلى الإعدام.

قبل أن ننهي الحوار، فإن إجابة علي حتر الأخيرة تدفعنا إلى أن نسأل:

كيف اكتشفت الحكومة وبعد هذه السنوات الطويلة أنكم تنتمون إلى جمعية غير مشروعة؟

يجيب: طبعاً هذا أمر مضحك فإعلان أسماء المطبعين ليس أول نشاط لنا، بل نحن موجودون علناً منذ سنوات وقد استضفنا في ندواتنا وزراء وأعضاء مجلس نواب ونشاطنا معروف بالنسبة للشارع.. لكن يبدو أن نشاطنا وصل إلى درجة أصبح يأتي بثماره وهذا ما ترفضه الحكومة المقيدة باتفاق وادي عربة.

وهل ستعود إلى الأردن؟

طبعاً قريباً وفي الوقت المناسب..

--------------------------------------------

نـــــداء

عقدت أحزاب وقوى حركة التحرر الوطني العربية والصديقة اجتماعاً استثنائياً بتاريخ 15 شباط الجاري استمعت فيه لحديث المهندس علي حتر، حول تجربة اللجنة النقابية لمقاومة التطبيع في الأردن،خصوصاً أن قيادة هذه اللجنة تتعرض الآن للمحاكمة السياسية من قبل السلطات الأردنية.

وترى أحزاب حركة التحرر الوطني أن من واجبها أن تتوجه بهذا النداء إلى جماهير الأمة العربية، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، لتؤكد على جملة من المسائل:

أولاً: إنها تقف بحزم إلى جانب لجنة مقاومة التطبيع في الأردن وكل اللجان الشعبية المناهضة للتطبيع في الوطن العربي، وتندد في الوقت عينه بالإجراءات القمعية الأردنية، وبالمحاكمة السياسية الجارية، وتلفيق التهم الكاذبة ضد الأخوة المناضلين الأردنيين، الذين يخوضون معركة شرسة ضد الاختراق الصهيوني للنسيج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي داخل الأردن.

ثانياً: إن مقاومة التطبيع في الأردن،وفي كل الوطن العربي تندرج ضمن سياق الإلتزام بالثوابت الوطنية والقومية للشعوب العربية،وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي ترتكب بحقه فظائع ومجازر دموية،وتنكيل وحشي للقضاء على انتفاضته الباسلة،التي كانت هدف الأهداف العدوانية الصهيونية.

ثالثاً: إن التطبيع الاقتصادي والسياسي والثقافي بين بعض الأنظمة العربية والعدو الصهيوني يشكل كارثة حقيقية بالاقتصاديات العربية، لأنه يحوّل الأسواق العربية إلى مصب لكل السلع الصهيونية، ويقضي على الانتاج الوطني العربي ويخدم مصالح فئات البرجوازية الطفيلية العربية المتماثلة في الوظيفة السياسية مع الكيان الصهيوني، لجهة ضرب السوق العربية المشتركة، ومعاداة الوحدة العربية، وإبقاء النظم السياسية العربية جزءاً من ركائز السيطرة الإمبريالية الأمريكية في المنطقة.

رابعاً: إن بعض الأنظمة العربية الموغلة في نهج التطبيع مع العدو الصهيوني تقف موقفاً غاية في السلبية والعدائية إن لم نقل غاية في الشبهه والإنحياز إلى الخندق الصهيوني المعادي ليس للشعب الفلسطيني وحسب، بل للعروبة وكل ما هو عربي أيضاً، إذ تمارس تعتيماً إعلامياً على انتفاضة الشعب الفلسطيني والإنتهاكات الصهيونية، وتمارس القمع ضد أي صوت أو رأي سلمي يدعو إلى مقاومة التطبيع والتنديد بالمجازر الصهيونية، غير عابئةٍ بما يلحق مواقفها هذه من ضررٍ بالإنتفاضة وقضية الشعب الفلسطيني ومسيرة النضال التحرري العربي.

خامساً: إن هذه النظم العربية المهرولة مهما تكن دوافعها الذرائعية، فالخطير فيها أنها تشكل خروجاً على المبادىء والقيم الوطنية والقومية التي تطالب بالوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل ونصرة الشعوب العربية التي تناضل من أجل حريتها واستقلالها.

واكثر من هذا، فإن هذه النظم في مواقفها الإستسلامية هذه تشكل خروجاً على مقررات مؤتمري القمة العربية في القاهرة والقمة الإسلامية في الدوحة، التي دعت الدول الأعضاء في مؤسستي القمتين إلى دعم الإنتفاضة ومقاومة العدو الصهيوني، رداً على عدوانه الآثم على الشعب الفلسطيني.

كما أن هذا التهافت على الكيان الصهيوني، إنما يمكن السياسة الصهيونية من اختراق الصف العربي والإسلامي، ويشجع الحكام الصهاينة على التمادي في عدوانهم على الشعب الفلسطيني، وتهديداتهم بالحرب ضد لبنان وسوريا ومصر،وأن هذا كله يرفع بالنتيجة من درجة الخطر المتربص بالأمن القومي العربي.

إننا في أحزاب وقوى حركة التحرر الوطني العربية والصديقة نطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين أعضاء لجنة مقاومة التطبيع في الأردن،والسماح للمبعدين بالعودة إلى وطنهم، ونعتبر أن مقاومة التطبيع حق مشروع لكل مناضل باعتباره يندرج في إطار الصراع مع العدو الصهيوني من أجل تحرير فلسطين.

                                                                                               17/2/2001

أحزاب وقوى حركة التحرر

 الوطني العربية والصديقة

-------------------------------------------

مهرجان تضامني مع الجماهيرية العربية الليبية في مخيم اليرموك

بدعوة من لجنة التنسيق والمتابعة الفلسطينية لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي،أقيم في قاعة سينما النجوم بمخيم اليرموك مساء يوم 18/2/2001 الجاري مهرجان تضامني مع الجماهيرية العربية الليبية في مواجهة المواقف العدوانية الأمريكية البريطانية،ورفضاً للحكم الجائر الذي اتخذته المحكمة الاسكتلندية بحق المواطن الليبي عبد الباسط المقراحي.

وحضر المهرجان حشد غفير من جماهير شعبنا الفلسطيني،والسوري،يتقدمه ممثلو تحالف القوى الفلسطينية،وأحزاب وقوى حركة التحرر العربية والصديقة،وممثلو المنظمات القومية العربية،والمنظمات الشعبية الفلسطينية،وكان في مقدمتهم الأخ ابو خالد العملة، أمين السر المساعد للجنة المركزية لحركة "فتح"،عضو الأمانة العامة لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي،وعربي عواد الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني الثوري،ومحمد عبد العال عضو القيادة القطرية الفلسطينية لحزب البعث العربي الاشتراكي،ولجنة التنسيق والمتابعة الفلسطينية لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي، وطلال ناجي الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية القيادة العامة-، وخالد عبد المجيد الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني،وراتب شهاب أمين فرع اليرموك لحزب البعث العربي الاشتراكي،والدكتور علي عقله عرسان،عضو الأمانة العامة لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي،رئيس اتحاد الكتاب العرب،وعبد الوهاب رشواني عضو مجلس الشعب السوري،عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري.

كما حضر المهرجان السيد محمد سالم الشويهدي رئيس مكتب العلاقات العربي الليبي بدمشق .

بدئ المهرجان بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً وإكباراً لشهداء فلسطين والأمة،ثم ألقى السيد عبد الوهاب رشواني عضو مجلس الشعب في سورية،عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري كلمة أحزاب وقوى حركة التحرر العربية والصديقة.

عبر في بدايتها عن دعم الجماهيرية والتضامن مع شعبها الشقيق،شعب عمر المختار الثائر العربي الكبير،وعن إدانته واستنكار سياسة أمريكا وحصارها للجماهيرية،والعراق،والسودان، وأكد أن الحكم الذي أصدرته المحكمة الاسكتلندية لا يستند إلى أي سند قانوني،بل هو موجه إلى الجماهيرية الليبية لأنها تدعم شعب فلسطين في نضاله ضد الصهاينة،ولأنها تدافع عن نفسها وسيادتها.

وطالب كل أحرار العالم باستنكار هذا الحكم الجائر الذي جاء بفعل ضغط أمريكا دولة الإرهاب القائمة على نهب واستغلال ثروات الشعوب،وتجاهل حق هذه الشعوب في الدفاع عن هويتها وفي تقرير مصيرها.

وأكد أن شعب فلسطين، ورغم الآلة العسكرية الصهيونية التي تزج في مواجهته، مصمم على متابعة نضاله حتى تحقيق أهدافه الوطنية.

وحيا الشعب اللبناني ومقاومته، التي تمكنت بإسناد ودعم سورية من طرد المارينز من بيروت،وتحرير جنوب لبنان،وهو يواصل نضاله لطرد العدو من مزارع شبعا.

ودعا إلى مقاطعة البضائع الأمريكية، وتوسيع أعمال لجان مقاومة التطبيع،وأكد الوقوف إلى جانب سورية المتمسكة بالثوابت الوطنية والقومية،بقيادة الرئيس بشار الأسد .

عادل مغاري: أمريكا التي تستهدف الجماهيرية هي العدو الأول للأمة

الأخ :أبو خالد العملة أمين السر المساعد للجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني/فتح/

الاخوة: قادة تحالف القوى الفلسطينية

الأخ: أمين مكتب الأخوة في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى

الأخوة: ممثلو حركات التحرر العربية والصديقة

الأخوة: رؤساء المنظمات الشعبية العربية

أيتها الأخوات والأخوة:

من على أرض سوريا الأسد، سوريا الموقف المبدئي الثابت، ومن مخيم اليرموك الصامد نقيم هذا المهرجان لنؤكد  دعمنا واسنادنا للجماهيرية وثورتها وقائدها معمر القذافي بخصوص قرار المحكمة الاسكتلندية الظالم والجائر، والذي يعتبر مفاجأة لكل المتابعين للقضية والمهتمين بها، كونه جاء معاكساً لكل التوقعات وحيثيات المحاكمة وتوقعات المراقبين، ومخالفاً لكل القوانين التي استند إليها القرار، حيث شكل هذا القرار سابقة خطيرة في تاريخ القضاء الاسكتلندي ذاته،وأحدث صدمة عميقة ومؤلمة لأنصار الحق والعدالة على الصعيد العالمي، إن هذا القرار الجائر لا يمت للقضاء بأية صلة، ويأتي تحت ضغوط علنية وسرية من الولايات المتحدة واستجابة لها، وهو قرار سياسي ليبرر السياسة العدوانية ضد الجماهيرية، الذي استمر لسنوات طويلة من الحصار،  عاشها الشعب العربي في ليبيا،  ورداً واضحاً على المواقف المبدئية لثورة الفاتح وقائدها معمر القذافي تجاه قضايا الأمة العربية وعلى وجه الخصوص القضية المركزية للأمة-قضية فلسطين وتجاه قوى حركة التحرر في العالم.

وإزاء ذلك كله فإن الولايات المتحدة وبريطانيا تتحملان كل التبعات الناجمة عن هذا القرار، وعلى وجه الخصوص الاستمرار في فرض الحصار على الجماهيرية وشعبها.

أيتها الأخوات أيها الأخوة:

إن سياسة الولايات المتحدة وما تقوم به تجاه شعبنا وأمتنا سواء لجهة استمرار الحصار على ليبيا والسودان والعراق، وعدوانه المستمر على العراق لتمزيق وحدة أرضه وشعبه، يشكل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، تقوم على أساس فرض مصلحة الطرف الأقوى وفرضها على الاخر، إنها سياسة تشكل بالنسبة لأمتنا مصدر تهديد وعدوان وخطر على مستقبل أمتنا ومرتكزات وجودنا، هذه هي أمريكا التي تريد أمركة الكون يفرضها نظامها العالمي الجديد، إنها العدو الأول لأمتنا ولكل الشعوب التي تسعى من أجل استقلالها وحريتها، فهي منحازة وليست راعية للسلام المزعوم إنها في الموقع الداعم للكيان الصهيوني، وتريد فرضه في إطار ما تخطط على صعيد المنطقة كمركز قيادي للشرق الأوسط الجديد.

أيتها الأخوات أيها الأخوة

إننا ونحن نتضامن مع أخوتنا في الجماهيرية شعباً وثورة وقيادة ضد سياسة الولايات المتحدة وبريطانيا، يتعرض شعبنا داخل فلسطين في الضفة والقطاع والقدس وفي الـ 48 ، لأبشع أنواع الاغتيال والقتل والتدمير والحصار من قبل الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة، حيث يخوض شعبنا العربي الفلسطيني داخل الوطن المحتل نضاله البطولي، عبر انتفاضته التي اقتربت من دخول شهرها السادس، وهي أكثر عزماً وإرادة على مواصلة النضال عصية على التطويع والإخضاع، وهي تمثل اليوم صفحة نضالية مشرقة من صفحات نضال شعبنا المتواصل طيلة أكثر من قرن، وتكتسب اليوم أهمية استثنائية لما مثلته أيضاً من تطور كفاحي نوعي مهم، ولما جسدته في مجرى استمرار الصراع من حقائق، في رفضها القاطع لكل الاتفاقيات الموقعة مع العدو الصهيوني، وما تم الاتفاق عليه في كامب ديفيد أو في طابا لجهة القدس واللاجئين في إطار ما يسمى بالحل النهائي ، مؤكدةً أن المفاوضات لن تقدم لشعبنا الحلول لأستعاد الحقوق، وأن طريق النضال والكفاح هو الذي يعيد الحقوق وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وهذا ما عبر عنه شعبنا في الضفة والقطاع وفي ذلك الجزء العزيز المحتل في الـ 48 الذي عبر عن عمق انتمائه لأمته وتمسكه بهويته، وأنهم العرب  الفلسطينيون أصحاب الأرض والحق لا عرب "إسرائيل" كما يدعي البعض .

أيتها الأخوات أيها الأخوة

كما يتم التآمر والعدوان على الجماهيرية والعراق والتهديد لحلقات الصمود في أمتنا المتمثل في سورية ولبنا وإيران، يجيء العدوان المستمر على شعبنا وانتفاضته الباسلة من قبل الكيان الصهيوني من أجل وأد الانتفاضة لما تمثله من تهديد حقيقي لمخططات البرنامج الأمريكي – الصهيوني، الأمر الذي يضيف أمامنا كفصائل وطنية وبالتحديد تحالف القوى الفلسطينية استحقاقات ومهامّ صعبة تتطلب إدارة نوعية للصراع، وتراكماً نوعياً في الأداء الكفاحي والسياسي والشعبي لمواجهة ذلك كله، والعمل على حماية الانتفاضة واستمرارها الأمر الذي يستوجب تشكيل قيادة وطنية تنبثق من خلال الانخراط في الصراع وإدارته، وتؤسس إلى اقتصاد مقاوم، يحمل برنامجاً سياسياً وتنظيمياً يكون هدفه دحر الاحتلال من  الضفة والقطاع والقدس دون تنازل عن أي حق من حقوقنا التاريخية وفي المقدمة حق شعبنا في العودة إلى وطنه.

فالمطلوب اليوم أمام فوز شارون وتشكيل ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية في الكيان، وأمام العدوان الأمريكي على العراق الذي يأتي دعماً لشارون، العمل على تعميق أزمة العدو وأزمة الولايات التي لم تستطع في إطار ما تخطط له أن تفرض على أمتنا الخضوع لإملاءاته وشروطه ومصالحه، لأن المطلوب هو كسر إرادة الأمة ووقف الانتفاضة، الأمر الذي يتطلب حشد الطاقات والإمكانيات من أجل مواصلة النضال ونبذ أوهام التعايش والتصالح مع هذا العدو الذي لا يؤمن بالسلام، وبالتالي عدم المراهنة على حزب الليكود أو العمل فكلاهما وجهان لعملة واحدة، وإن سقوط الجنرال باراك في المعركة الانتخابية لا يعد تبدلاً استراتيجياً في واقع الكيان الصهيوني وسياسته وبرنامجه، فالجنرال المجرم باراك الذي جرى الترويج له كداعية للسلام في طابا، وبعض الأعلام العربي، جاء إلى سدة الحكم رافعاً الراية نفسها متسلحاً بلاءاته المعروفة حول القدس وحق العودة والاستيطان والحدود، منطلقاً من نظرية التفوق الاستراتيجي وتعاظم القوة، يبني سياسته ومواقفه على أساس الإخضاع وفرض الشروط والإملاءات.

أيتها الأخوات أيها الأخوة

إن خيار أمتنا هو الصمود، وكما انتصرت المقاومة في جنوب لبنان سوف ينتصر شعبنا ويحرر أرضه ، وأن أمتنا تمتلك من عناصر القوة ما يؤهلها لمواجهة كل التحديات والمؤامرات.

نعم أيتها الأخوات والأخوة نحن على ثقة بأن الأمة منتصرة ما دامت سوريا بشار الأسد تسير على خطى ونهج الراحل الكبير حافظ الأسد ،الذي لم يفرط بثابت من ثوابت الأمة ولا بذرة تراب من سورية ، ولا بالحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني ورحل وهو يرفض ان يصافح العدو الصهيوني، ويرفض منطق توريث الهزيمة لأجيال الأمة، وكان لهذا الموقف ، ولهذه الإرادة أثرها الحاسم في انتصار لبنان العربي وفي دحر الاحتلال عن جنوبه الطاهر وأيضاً ما دام في ساحة الصمود القومي ضد التحالف الأمريكي- الصهيوني لا زال القائد معمر القذافي وثورة الفاتح تقف بشموخ صامدة مدافعة عن قضايا الأمة لا تحيد،ولن تحيد أبداً ، عن ثوابتها القومية.

وما دام في ساحة الصمود القومي يقف أيضاً العراق الذي يعاقب عبر العدوان المستمر عليه من قبل الغرب الاستعماري وعلى رأسه الولايات المتحدة، منتصرٍ لفلسطين وشعبها وانتفاضتها الباسلة.

لذا فأنى أقول لكم وبالفم الملآن وبكل ثقة أن أمتنا بخير، وقادرة ليس على الصمود والمواجهة والتحدي فحسب، بل وتحقيق الانتصار، ولن تتمكن سياسات القتل والاغتيال التي يقوم بها العدو الصهيوني ضد شعبنا ومناضليه ،وضد امتنا العربية سواء في حصار العراق وضربه أو في استهداف الجماهيرية وصمود سوريا ولا سياسات المعايير المزدوجة، ولا سياسة الصيف والشتاء على سطح واحد الذي تسلكه الولايات المتحدة الأمريكية أن تنال من إرادة الأمة وعزيمتها ونضالها من أجل التحرر والوحدة، فهذا هو حكم التاريخ وهذه هي إرادة الأمة.

أيتها الأخوات أيها الأخوة

إننا في لجنة التنسيق والمتابعة الفلسطينية لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي في الوقت الذي ندين فيه قرار المحكمة بخصوص قضية لوكربي تلك التهمة الجوالة ندعو كافة القوى الحية في أمتنا، وجماهير أمتنا للوقوف إلى جانب الجماهيرية وقائدها وثورة الفاتح، وأن تعبر عن سخطها وغضبها لهذا القرار الجائر ، وأن ترفع صوتها مدوياً للمطالبة بتبرئة واطلاق سراح عبد الباسط المقراحي،لأن في ذلك الموقف انتصاراً لقضايا العدل والحرية في كل مكان.

كما ندعو الدول العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز وكافة المؤسسات الدولية للعمل فوراً من أجل رفع الحصار الجائر عن الجماهيرية والعراق والسودان ،وإجبار الإدارة الأمريكية التي تقتل شعبنا وأمتنا للإذعان للقانون ووضع حد لأخذ القانون بيدها وأن تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية عدوانها الذي لحق بالشعب العربي الليبي الخسائر البشرية والاقتصادية والمادية، نتيجة عدوانها الوحشي البربري على ليبيا عام  1986وكذلك الأضرار التي أصابت الشعب الليبي من جراء  الحصار المستمر وأيضاً على العراق والسودان.

-التحية لكل قوى الصمود في أمتنا

-التحية لسوريا العربية ولشعبها وحزبها حزب البعث العربي الاشتراكي وسيادة الرئيس بشار الأسد

       -التحية إلى الجماهيرية الليبية وقائدها معمر القذافي

-التحية إلى شعبنا وانتفاضته الباسلة

-التحية لشهداء الانتفاضة وشهداء الأمة العربية وإلى أسرانا

 

                              وإنها لثورة حتى النصر

--------------------------------- 

 

د. علي عقله عرسان

 

: الجماهيرية تدفع ثمن مواقفها القومية

ألقى الأخ د. علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتاب العرب، عضو الأمانة العامة لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي، رئيس اللجنة الفكرية لملتقى الحوار كلمة المنظمات الشعبية قال فيها: نحن أمام قضية سياسية بالدرجة الأولى، وقد دفع الشعب الليبي عشر سنوات من الحصار أي ما يعادل آلام آلاف الأشخاص من أي مجتمع تعرضوا لقتل عزيز عليهم، كما دفعت ليبيا ثمناً باهظاً جراء الحصار.

وتساءل د. عرسان قائلاً: أليست هذه قضية ترتبط أصلاً بفواتير على الجماهيرية أن تؤديها، وعلى القائد معمر القذافي أن يدفع ثمنها بعد أن نجا من دفع ذلك الثمن عام 1986 حينما تمت الغارة على بيته في طرابلس؟!

وأكد أن الجماهيرية العربية الليبية تدفع اليوم ثمن وقوفها إلى جانب حركات التحرر في العالم، والقضية الفلسطينية بالدرجة الأولى، العمل العربي بشكل عام والمساندة الكبيرة لدول وجهات تناضل ضد الإمبريالية الأميركية، وضد النفوذ الأميركي سواء في أفريقيا وفي آسيا وأوروبا أو أي مكان من العالم، وأيضاً ثمن أن مدت يدها يوماً إلى السود في الولايات المتحدة، لقد قرع القائد القذافي البيت الأميركي من الداخل ولذلك عليه أن يدفع الثمن.

وأضاف: أن نضال الجماهيرية العربية الليبية هو جزء من نضال الأمة العربية ضد الاحتلال والصهيونية والاستعمار. وأنه يجب على العرب الوقوف إلى جانب ليبيا.

وتابع قائلاً: من الواضح أن المواقف التي نعرفها جميعاً ونذكرها جميعاً للجماهيرية كانت ضد العدوان وضد الهيمنة وضد الاستغلال وضد النهب ومن أجل القومية العربية ومن أجل الوحدة العربية ومن أجل فلسطين.. وأدان د. عرسان المنطق الغربي الأميركي الاستعماري الصهيوني، الجائر بخصوص لوكربي، وقال إن المحاكمة التي جرت ما زالت مفتوحة بالاستئناف وأن المقرحي مواطن عربي ليبي دفعت ليبيا ثمن موقفه، عشر سنوات من الحصار ونحن مع ليبيا إلى أن يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ولا بد من موقف واضح يبنى على انتمائنا وهويتنا واختيارنا.

ودعا د.عرسان الجماهير العربية لرفض كل شكل من أشكال الحصار واعتباره غير قائم وغير موجود ولا أثر له.

واعتبر أن ماتتعرض له ليبيا اليوم من حصار ظالم وجائر يفرض على الأمة اتخاذ موقف حازم، وإذا كان للجماهيرية الليبية جناح ممتد في أفريقيا على الجسم العربي أن يحمل جناحه وأن يخفق به وأن يحلق به عالياً.

وأكد أن الجماهيرية الليبية تدفع ثمناً لكلمة السر في ثورة الفاتح وتدفع ثمناً لمناصرتها للانتفاضة والقضية الفلسطينية، وتدفع ثمناً لرفضها المفاوضات والاعتراف والتطبيع.

وأن الغاية من الحصار، سواء كان في السودان أو في الجماهيرية أو في العراق، هي إخضاع الأمة للتفاوض والاعتراف والتطبيع، ومن لا يخضع يدفع الثمن، والثمن معروف.

وحيا في ختام كلمته من سوريا الموقع النضالي الصامد الأخ العقيد معمر القذافي والجماهيرية الليبية الذي يخوض في لوكربي معركة فلسطين، ومعركة من أجل الأمة، ومعركة ضد النفوذ الإمبريالي الأميركي الصهيوني في المنطقة العربية.

وفي الختام حيا الانتفاضة الفلسطينية برمزها الشهيد الطفل محمد الدرة الرمز المشترك للجميع، رمز الأطفال والقضية والدم، والبطل علاء خليل أبو علبة الذي كان آ خر من سجلوا شهادة عملية على الانتماء والتحرير والفعل القومي.

 

د. طلال ناجي: أبناء فلسطين يقفون بحزم إلى جانب الجماهيرية

ثم ألقى الدكتور طلال ناجي الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة كلمة تحالف القوى الفلسطينية أكد فيها وقوف الشعب الفلسطيني مع ليبيا شعباً وحكومة، وثورتها العملاقة التي انطلقت وكلمة سرها القدس، وقد حددت هدفاً قومياً لها والتي شكلت رافداً هاماً لكل المناضلين العرب.

وقال: إياكم أن تصدقوا للحظة واحدة أن معمر القذافي وإخوانه في ثورة الفاتح قد كفروا بالقومية العربية، وتوجهوا إلى أفريقيا وأداروا ظهورهم للعرب، إن العروبة تسير في شرايين معمر القذافي وإخوانه، كما القضية الفلسطينية والانتفاضة الفلسطينية، وشدد على أن التضامن مع ليبيا ضد ما يستهدفها من ابتزاز سياسي للنيل من صمودها، هو واجب الأمة العربية، وأن الأعداء لن يستطيعوا أن ينالوا من صمود ليبيا شعباً وقيادة، وما يجري اليوم من انتفاضة مباركة في فلسطين هي بداية النهاية للحلم الصهيوني، لم يعد هناك خوف. ولم يعد شعبنا العربي والفلسطيني يخاف.

وأضاف: أن الانتفاضة الأولى هزمت اسحاق شامير ومجازر قانا هزمت شمعون بيرس وانتفاضة الخليل والأقصى السابقة هزمت نتنياهو وهذه الانتفاضة هزمت باراك وسيهزم الشعب الفلسطيني شارون، وأؤكد لكم بأن هذا الشعب العظيم سيستمر بالانتفاضة إلى أن تحقق أهدافها، في دحر العدو الصهيوني عن كامل الأرض الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة وتفكيك المستوطنات. وحق عودةكل اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم دون التنازل عن الحقوق التاريخية لشعبنا الفلسطيني.

وطالب بتوفير كل أسباب نمو انتفاضة الأقصى وتحقيق الوحدة الميدانية لشعبنا بعيداً عن المتسلقين والمساومين والمفرطين، مشدداً على أن الوحدة هي التي تقوم على التمسك بالميثاق الوطني الفلسطيني والتي تقوم على التمسك بالثوابت والأهداف التي أجمع شعبنا عليها وناضل من أجلها، وختم د.ناجي كلمته بتوجيه التحية لكل مواقع الصمود والنضال في الوطن العربي من أجل قضاياه الحرة ومستقبله الكريم.

 

محمد سالم الشويهدي: مواقفكم تستند إلى إدراك حقيقة الاستهدافات المعادية

ثم ألقى أمين مكتب العلاقات العربي الليبي في دمشق السيد محمد سالم الشويهدي،كلمة حيا فيها العرب الذين يجتمعون في هذا المهرجان تضامناً مع الجماهيرية مؤكداً أن هذه الوقفة هي امتداد لوقفات كثيرة سابقة،وأن المواقف العربية تنطلق من القلوب الصادقة. وشدد على أنه إذا كان الشعب الليبي الذي بدأ كفاحه في بداية هذا القرن قدم تجربة في الكفاح للعرب،فإن الشعب الفلسطيني يعلّم اليوم العالم كيف يكون الدفاع عن الأوطان.

وحيا القائمين على الدعوة والإعداد،والمشاركة في المهرجان مشدداً على أن موقفهم يستند إلى إدراك حقيقة الإستهدافات المعادية التي تتلطى خلف الحكم في قضية لوكربي .

ورأى أن موقف الجماهير العربية الداعم للجماهيرية يؤكد صوابية الموقف العربي الليبي الذي نال كل تقدير،واحترام حيث لم تتراجع الجماهيرية الليبية ولم تهتز.

وحيا سورية التي دعمت بمواقفها المتميزة الجماهيرية في محنة الحصار،وحيا جميع الذين وقفوا إلى جانبها مشدداً على أن الذين وقفوا ضد الجماهيرية قد عزلوا أنفسهم.

وفي ختام المهرجان رفعت الجماهير المشاركة من المهرجان،ولجنة التنسيق والمتابعة الفلسطينية لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي برقيتين إلى كل من العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح،والرئيس بشار الأسد حيت فيهما المواقف القومية للجماهيرية،وسورية، معبرةً عن الوقوف إلى جانبهما،ومؤكدةً الاستمرار في النضال حتى تحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة.

 

وفي ختام المهرجان رفعت الجماهير المشاركة من المهرجان،ولجنة التنسيق والمتابعة الفلسطينية لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي برقيتين إلى كل من العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح،والرئيس بشار الأسد حيت فيهما المواقف القومية للجماهيرية،وسورية، معبرةً عن الوقوف إلى جانبهما،ومؤكدةً الاستمرار في النضال حتى تحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة.

-----------------------------------------

ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقرطي

العدوان رسالة إلى العرب تتعدى العراق..

بيان سياسي حول العدوان الأمريكي الجديد على العراق الشقيق..

أصدرت الأمانة العامة لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي 0بيانا حول العدوان الأمريكي البريطاني على العراق الشقيق جاء فيه: ان  هذا العدوان يشكل في أبسط معانيه و دلالاته رسالة تحذير متعددة الجوانب والأوجه تتعدى العراق، إلى الحكام العرب فهي أولا جاءت لتؤكد إن الإدارة الأمريكية باقية ومصرة في بسط نفوذها وسيطرتها على المقدرات والثروات العربية وان القوة العسكرية الأمريكية سوف تبقى سيفا مسلطا على من يحاول الخروج عن حرابها وهي ثانيا جاءت كمحطة اعتراض وفيتو على محاولات التقارب العربي مهما كان بسيطا ومتواضعا والذي بدأ يشهد في الآونة الأخيرة بوادر إيجابية ومشجعه وهي ثالثا جاءت كمحاولة لإجهاض النجاحات التي حققتها حركة الثورة العربية بقيادة الأخ الثائر معمر القذافي من اجل بناء الفضاء العربي الأفريقي 00وهي رابعا جاءت من أجل جس نبض الشارع العربي وقياس ردود فعله خاصة بعد تقارير الاستخبارات الأمريكية (CIA)الأخيرة وتحذيراها من ردود فعل هذا الشارع تجاه السياسة الأمريكية وتوصيتها بضرورة تكثيف مراقبة ودراسة حركة هذا الشارع وهي أخيرا جاءت لتغطية الجرائم التي يقوم بها الصهاينة العنصريون ضد أهلنا في فلسطين المحتلة وتشجيع الإرهابي "            شارون             "في المضي في سياسته النازية وإرغام الحكام العرب على التعامل معه وتقديم المزيد من التنازلات على حساب الحق العربي في فلسطين 0وادان ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي العدوان الأمريكي البريطاني الجديد على شعبنا في العراق ودعا النظم والحكومات العربية إلى ضرورة الارتفاع إلى مستوى مسؤولياتها الوطنية والوقوف إلى جانب العراق أرضا وشعباً ضد العدوان وأهدافه كما دعا الجماهير العربية في الخليج العربي إلى التحرك وعدم تمكين قوى العدوان من استخدام أرضها كمنطلق للعدو وأهاب بالحركة الشعبية العربية إلى مزيد من رص الصفوف وحشد الطاقات وتعبئتها من أجل مواجهة قوى العدوان وضرب مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية المنتشر ة في أرجاء الوطن العربي دفاعا عن النفس والحق المهدور.

ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي

18/2/2001   

-----------------------------------------------

حول العدوان الأميركي البريطاني الغاشم على العراق الشقيق. التحالف الشعبي التقدمي في موريتانيا ،سياسة العدوان الأمريكي ثابتة.

أصدر التحالف الشعبي التقدمي في موريتانيا بياناً حول العدوان الأمريكي البريطاني على العراق الشقيق مؤكدا أن هذا العدوان الآثم ليؤكد علي آن سياسة العدوان والتدمير والإخضاع التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية كقائد للقوى الإمبريالية الغربية تجاه الأمة العربية والإسلامية لا يتغير بتغير  الأشخاص، وإنما هي ثابت من ثوابت السياسة الإمبريالية الأمريكية، تأتي ضمن إطار الصراع الحضاري بين الأمة العربية والإسلامية والقوى الإمبريالية الغربية

وأضاف وإننا في التحالف الشعبي التقدمي وعيا منا بأبعاد الصراع التي تخوضه أمتنا في مواجهة العدوان الإمبريالي الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والتزاما بمواقفنا الرافضة للهيمنة الإمبريالية..

ندين العدوان البربري الأمريكي البريطاني على أهلنا في العراق.

ونعلن وقوفنا إلى جانب الشعب العراقي البطل في مواجهة هذا العدوان الآثم.

وندعو جماهير الأمة العربية

---------------------------------------------------

في تنديد بالغارة الأميركية-البريطانية على العراق الشقيق

أحزاب وقوى حركة التحرر العربية والصديقة، العدوان رسالة موجهة إلى شعوب الأمة.

نددت أحزاب وقوى حركة التحرر الوطني العربية والصديقة بقوة، بالغارات الوحشية الأمريكية والبريطانية التي استهدفت يوم أمس الشعب العراقي الصامد،الذي يعاني من وطأة الحصار الظالم، والاضطهاد السياسي، وخطر تقسيم العراق.

واعتبرت أن هذا العدوان السافر هو رسالة موجهة إلى شعوب المنطقة مفادها أن الإمبريالية الأمريكية مصممة على الاستمرار في نهج الحرب والعدوان ضد الأمة العربية، ونهب الخيرات الطبيعية والبشرية العربية وفي مقدمتها النفط، واعتبار الوطن العربي مصباً وسوقاً استهلاكية لتصريف السلع الأمريكية التي تدر على الاحتكارات الأمريكية مليارات الدولارات، وعلى صرف الأنظار عن الجرائم والمجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني بقيادة شارون وباراك ضد الشعب الفلسطيني، بهدف إجهاض انتفاضته الباسلة، وتصفية القضية الفلسطينية.

وقال البيان: إننا في ظل هذا الوضع، نكرر تنديدنا بالسياسة الأمريكية – الصهيونية المعادية لشعوب المنطقة، والتي تمارس الازدواجية السياسية والكيل بمكيالين، ونطالب الحكومات العربية بضرورة رفع الحصار الظالم المفروض على العراق، كما نطالب أيضاً المجتمع الدولي وكل القوى المحبة للسلام والعدل لجم العدوانية والصلف الأمريكيين.

-------------------------------------------------

في الذكرى الـ 43 للوحدة السورية – المصرية

متى يصير الحلم واقعاً..؟‍‍‍

هيئة التحرير

"يجب التأكيد على أنه لم يحصل البتة انقطاع تام بين ماضٍ ممعن بالقدم والزمن الحاضر. إن تجارب الماضي لم تتوقف أبداً عن إغناء الحياة الراهنة"

المؤرخ الفرنسي فيرناند بروديل

ليس هناك سوى حقيقة واحدة تطالعنا، حين يجري استنطاق مراحل التوثب والنهوض بالتاريخ العربي قديمه وحديثه، عن نقطة انطلاقها وهي الوحدة. لذا حين تسترجع الأمة اليوم ذكرى أولى تجاربها الوحدوية في التاريخ المعاصر، وحدة القطرين المصري والسوري، قبل (43) عاماً، في الثاني والعشرين من شباط عام 1958، فإنها لا تنظر إليها بدلالات الماضي وحسب على أهمية ذلك، وإنما بدلالات الحاضر والمستقبل، حتى لا يتكور التاريخ العربي على ذاته، ويصبح تاريخ، ندب ولطم، وحسرة، على ما فات من أمجاد، وإنما ليكون تاريخ فعل وبناء. فعل مقاوم، وبناء مقاوم، من أجل أن تستعيد الامة حضورها على مسرح التاريخ الإنساني. فتلك - كما أسلفنا حقيقة نطق بها التاريخ، يستحيل أن تمحى من الذاكرة العربية مهما جهد أعداؤها، فالوحدة مثلما هي حقيقة العروبة، وأساس وجودها، ضرورة حياتية، لحمتها، وسداها موحداتنا الحضارية الكبرى، ولا يضيرها أو ينتقص من ضرورتها، وراهنيتها، إخفاقها في مرحلة ما، بصرف النظر عن مداها الزمني.. لأن هذا هو ديدن حركةالتاريخ الإنساني، المحكومة أبداً بجدلية الصعودوالهبوط، والوحدة ليست استثناء منها. والتاريخ حافل بأمثلة أكثر من أن تعد.

فالثورة الفرنسية هزمت لفترة حتى أن الأسرة المالكة عادت إلى الحكم مرة أخرى بعد هزيمة نابليون في معركة واترلو 1815، ولكن ذلك لم يدم طويلاً، والأمة الألمانية تجزأت إلى دويلات بلغت المئات، وعاشت آماداً طويلة، هكذا، غير أنها عادت وتوحدت في القرن التاسع عشر، ومزقت إلى كيانين بعد  الحرب العالمية الثانية، وعادت إلى وحدتها مع نهاية الحرب الباردة… وحسبنا الصين، وهي فقدت أجزاء منها لقرون عديدة مثل هونغ كونغ، وماكاي، لكن عادت إلى حضن الوطن الأم، وهي تبدو على أعتاب تحقيق حلمها الصين الموحدة مع إصرارها على عودة تايوان... ثم هناك نموذج الأسرة الاقتصادية الأوروبية التي أخضعت الوحدة السياسية الأوروبية للعقلانية الاقتصادية، فبدأت منذ عام 1957 بتأسيس متدرج لاتحاد جمركي ولسوق مشتركة، وصولاً، وذلك ابتداء من عام 1992  لإلغاء الحدود السياسية، ثم لإقرار العملة الموحدة (اليورو)، ومن المعروف أن حلم الوحدة الأوروبية داعب خيالات الأوروبيين وسعوا إلى تحقيقه منذ القرن التاسع عشر، ولكن الجهود كانت تحبط لأسباب موضوعية وذاتية، وحتى من حدد طرحه وساهم في إرساء أسسه الرئيس الفرنسي الراحل "الجنرال ديغول" والمستشار الألماني إديناورلم يقيض لهما شهادة ميلاده.

فما بالك بالأمة العربية التي يتوافر لها من أسباب الوحدة ما لا يتوافر لأي أمة في التاريخ، بدءاً من وحدة الثقافة والتاريخ والأرض والعادات والإرادة، وصولاً إلى المصير المشترك. ولديها إضافة إلى عوامل الوحدة، المثال التاريخي: المرحلة الأموية والعباسية، حيث كانت الوحدة هي الأساس في تشييد المعمار الحضاري العربي-الإسلامي، يضاف إلى ذلك في التاريخ المعاصر: التحدي الصهيوني، حيث يهدد الوجود العربي بهويته، عبر اغتصابه لإحدى اثنتين من حقائق العروبة هي: فلسطين، وعمله كقوى صادة، ومعوقة، ومجهضة، للحقيقة الثانية للعروبة: الوحدة. وهنا يبرز المثال التاريخي الثاني، على ضرورة وأهمية الوحدة للتخلص والتحرر من الاحتلال والنفوذ الأجنبي، ورد الغزوات الخارجية. وهذا مثاله توحيد صلاح الدين الأيوبي المشرق العربي ضد الصليبيين، والذي كان أساس الانتصار عليهم في معركة حطين، نقطة الانطلاق لتحرير بيت المقدس، ثم تبعه سلاطين المماليك في التصدي للغزو المغولي على بلاد الشام في معركة عين جالوت. لذا حين وصل محمد علي باشا، وابنه ابراهيم بالجيوش المصرية إلى جبال طوروس اعتبروها حدود الأمن المصري، ولا يجادل أحد في حقيقة أن وعي هذه الحقائق والأمثلة التاريخية بأبعادها الحضارية والتحررية، كان الأساس في وعي الزعيم القومي الخالد جمال عبد الناصر، لأهمية وضرورة الوحدة العربية، ويبدو ذلك واضحاً في متن كلامه يوم 19 /4 / 1957 حين قال : " التكامل بين أمن مصر والأمن العربي، لوحدة العرب، هي طريق تحقيق الاستقلال وطرد النفوذ الأجنبي. كانت هذه الحقيقة ماثلة أمام عيني، طوال فترة المناقشة التي كانت تدور حول وسائل الدفاع عن مصر، ولأول وهلة اتضح أن مصر مثلها مثل كل جزء من أجزاء الوطن العربي لا يمكن أن تضمن سلامتها إلا مجتمعة مع كل شقيقاتها في العروبة في وحدة متماسكة قوية ".

وقد جسد عبد الناصر لاحقاً هذا الوعي الوحدوي، واقعاً معاشاً، بعد أقل من سنة من كلمته تلك، كانتصار لخيار الشعب العربي السوري والشعب العربي المصري، وخيار الأمة.. وحيث جاءت بعد أقل من (10) أعوام على نكبة فلسطين، التي صارت فيها فلسطين إلى جانب الوحدة حقيقة العروبة، وبعد أقل من عامين على دحر العدوان الصهيوني، يمكن القول أنها (الوحدة) كانت الثمرة الإيجابية الأولى لدحر العدوان الثلاثي، وكان معناها، كما يقول مطاع صفدي، من الوجهة الاستراتيجية: "أن ثمة تكريساً لإنقضاء عهد الاستعمار القديم ومحاولة لقطع الطريق على الاستعمار الجديد القادم"، ولأجل هذا أجهضت الوحدة، وتم الانفصال، وجرى عدوان 1967، وأجهضت حرب تشرين، وطرحت الشرق أوسطية وكل ذلك من أجل اقتلاع المشروع الوحدوي من جذوره؟؟!

لكن ولئن أجهضت الوحدة السورية – المصرية عام 1958 في انفصال 28 أيلول 1961، فإن ثمة حقيقة طغتها للأجيال اللاحقة وهي أنها أخرجت هدف الوحدة من كونه حلماً إلى واقع. وهي تعني في لغة الحاضر الراهن. إن إمكانية تحويله (هدف الوحدة) من جديد إلى أمر واقع. ويبدو اليوم شبيهاً بالأمس، قبل (43) عاماً. فبعد (10) أعوام من نكبة حرب الخليج الثانية، والهجمة السياسية الأمريكية على المنطقة بمشروع التسوية والنظام الشرق أوسطي الجديد" حققت حلقات الصمود والممانعة في الأمة العربية، أول نصر لها على العدو الصهيوني في الجنوب اللبناني، حيث اضطر للاندحار تحت وطأة ضربات المقاومة اللبنانية، واندلعت بعده بفترة وجيزة انتفاضة الشعب الفلسطيني الباسلة، وتحت ظلال الصمود والمقاومة، والانتفاضة أعادت الأمة اكتشاف ذاتها، وقدرتها على الفعل. وهي بذلك صنعت اللحظة الأساس، الركيزة للمشروع النهضوي العربي المعاصر، والذي لا بد أن يقطع مرحلته الثانية، ويحقق الهدف المنشود، هدف الوحدة، لكن شرط ذلك هو أن تبادر الأمة بكل قواها الرسمية والشعبية لاحتضان انتفاضة الشعب الفلسطيني، احتضاناً كاملاً، وكسر الحصار المفروض على العراق، ودعم صمود سورية، لأنه هنا على أرض المشرق العربي وفي الصراع مع العدو الصهيوني يتقرر مصير المشروع النهضوي العربي، ومصير الأمة أيضاً. وهنا أشير إلى قول المناضل العربي الكبير الرئيس أحمد بن بلة بعد نيل الجزائر استقلالها: إن استقلال الجزائر لا يكتمل من دون تحرير فلسطين. ولا غرو في ذلك فالأحداث الكبرى دائماً هي المفتاح، لتحقيق الأهداف الكبرى. لكن شرطها، ومثلما أسلفنا أن تخوضها الأمة ككتلة واحدة. وخصوصاً أن ثمة عاملاً إضافياً جديداً فوق التحديات التقليدية المعروفة بات يفرض نفسه، وهو تيار العولمة الذي يهدد الأمة، وبتذررها لا إلى كيانات قطرية، كما هو عصر الاستعمار التقليدي والجديد، وإنما إلى كيانات فسيفسائية، اثنية وطائفية ..الخ ولا حماية لنا إلا بالمسارعة في بلورة مشروعنا القومي النهضوي بالاستفادة من اللحظة التاريخية التي وفرتها لنا المقاومة اللبنانية، والانتفاضة الباسلة وصمود سورية، وكسب العراق معركة صموده، وحالة المخاض التي تعيشها الجماهير العربية في مختلف أصقاع الوطن العربي. ولا خيار، فالوحدة هي حقيقة التاريخ العربي ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.

لذا حين نقف أمام مناسبة الوحدة المصرية السورية، فإننا نقف لتأكيد هذه الحقيقة، أولاً، ولنؤكد ثانياً أن أهداف الأمة في التحرر والوحدة ليست ضرباً من "رومانسية" أو "مثالية" أو ترجمة لدعوات إيديولوجية وهمية، وإنما هي إمكانية قابلة للتحقيق متى توافر عامل الإرادة القومي، وأن جدلية المقاومة والتحرير والوحدة هي الأساس والناظم لمشروعنا العربي النهضوي. وكل تشكيك بقدرة أجيال الأمة على تحقيق هذه الأهداف مجافية للحقيقة وللواقع القائم، ومثل هذا معزوفة تظهر في كل مرحلة، وحسبنا أن نذكر هنا قول الراحل الكبير جمال عبد الناصر: "إني لأرفض رفضاً مطلقاً ذلك القول الذي يتردد في بعض الأحيان اعزازاً للماضي واسترجاعاً لذكرياته بالقول إن الأجيال التي مضت لن تعوض، وأن مافات لن يعود، وأن الأجيال السابقة خير من أجيال لاحقة، أرفض هذا المنطق، ليس فقط لأنه يجافي سنة التطور، وأرفضه أيضاً لأنه يجافي الحقيقة". فمثلما لم تردع عبد الناصر الحسابات وتوازنات القوى عن طرحه مشروعه الحضاري والصراع من أجله، مهني أيضاً لن تردع أجيال الأمة عن تجديد هذا المشروع. فالأمة دائماً وأبداً ولاَدة.

------------------------------------------------

ضجة حول فوز <<هدى بركات>> بها لهذا العام

المثقفون المصريون يرفضون جائزة الجامعة الأميركية تضامناً مع الانتفاضة الفلسطينية

-وزير الثقافة المصري فاروق حسني يدعو المثقفين المصريين إلى مؤتمر عام.. والمثقفون يرفضون.

-موقف المثقفين الرافض للجائزة.. يعني من الأساس مواجهة سياسة أميركا المنحازة إلى إسرائيل.

القاهرة: حسن حامد

في الحادي عشر من ديسمبر الماضي، أعلنت الجامعة الأميركية فوز الأديبة اللبنانية هدى بركات بالجائزة التي تمنحها سنوياً باسم <<نجيب محفوظ>> وقد أثارت الجائزة هذا العام عاصفة من التساؤلات والاستنكارات أفرزها جدل واسع وعنيف بين المثقفين من مصر، حيث أعرب عدد من المثقفين في بيان صدر مؤخراً عن رفضهم لهذه الجائزة بسبب موقف الإدارة الأميركية المنحاز للكيان الصهيوني والمضاد للانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، مؤكدين أن رفضهم لهذه الجائزة توقيت مناسب لإعلان التضامن مع الشعب الفلسطيني.

-والمثير أنه على الرغم من حداثة الجائزة، حيث افتتحها إبراهيم عبد المجيد عام 1996 مناصفة مع لطيفة الزيات، إلا أنها منذ فوز إبراهيم عبد المجيد بها وهي تفتح كل عام باباً واسعاً للتساؤلات، وتثير ضجة لا تنتهي إلا بحدوث نوع من الانقسام بين المثقفين المصريين، وكانت ضجة هذا العام قد بدأت فور الانتهاء من مراسم الاحتفال بالجائزة التي حصلت عليها هذا العام الأديبة اللبنانية هدى بركات عن روايتها <<حادث المياه>>، حيث بادر الأديب يوسف القعيد وهو -للمفارقة- أحد أصدقاء نجيب محفوظ المقربين، بصياغة بيان يدعو لرفض هذا الاحتفال ويطالب الفائزة الأديبة هدى بركات برفض الجائزة أو على الأقل التبرع بها لصالح الانتفاضة الفلسطينية، وقام بالتوقيع على البيان عدد كبير من المثقفين، كان على رأسهم الروائي محمد جبريل نائب رئيس اتحاد الكتاب المصري والروائية سلوى بكر والكاتب عبد الفتاح رزق، والروائي إبراهيم أصلان والروائي خيري شلبي والروائي عبد العال الحمامصي، إلا أن الثلاثة الأخيرين سحبوا توقيعاتهم بعد أن بادروا بها، وهو ما اعتبره البعض نوعاً من الانقسامات داخل المثقفين المصريين يزيد من هوة وعمق خلافاتهم.

-ثم أن هذا البعض اعتبر أيضاً أن هذا البيان كان قد جاء في توقيت مناسب، حيث يعاني الفلسطينيون من عمليات القتل والاعتداءات الدموية المستمرة على أيدي قوات الاحتلال، ولذلك قاموا بمطالبة جميع المثقفين بالتوقيع على البيان بسبب الموقف الأميركي المعادي للانتفاضة مؤكدين أن البيان ليس في مواجهة الجامعة الأميركية وليس ضد الجائزة وإنما ضد الموقف الأميركي المنحاز للكيان الصهيوني، والذي ينطلق في الأساس من النظرة الأميركية إلى الهيمنة، باعتبارها حقاً ومسؤولية وهو ما تعتقد به الجامعة الأميركية وتكشف عنه من خلال نشاطها المزعوم في مصر ومن ثم العالم العربي، ولهذا أثار المؤيديون للبيان علامات استفهام عديدة كان منها: لماذا تمنح الجامعة الأميركية جائزة باسم أديب مصري، ثم لماذا تحصره الجامعة الأميركية بالقاهرة كل عام على أن تكون اللجنة القائمة على هذه الجائزة من مصريين، وهذه التساؤلات تعد في حقيقتها استكمالاً لتساؤلات قديمة منذ أن بدأت الجامعة في منح الجائزة، وبداية من فوز إبراهيم عبد المجيد في المرة الأولى لهما بها عن رواية <<البلدة الأخرى>> ووقتها تساءل البعض: كيف استثنت الجائزة جيل الستينات، وربما تجاوزت ما قبل ذلك على اعتبار أنها جائزة للأعمال الحديثة نسبياً أو الإصدار الأقرب، إذ إن <<البلدة الأخرى>> لم تكن أحدث أعمال إبراهيم عبد المجيد آنذاك، فقد أصدر في العام نفسه <<لا أحد ينام في الاسكندرية>> ورافق ذلك صدور <<ساعة مغرب>> للبساطى، و<<هاتف المغيب>> لجمال الغيطاني، وغيرها من الأعمال وهوما يؤكد أنه الجائزة ليست لأهم أعمال العام ولا الأعوام التالية، بل ظلت تمنح لأشخاص وروايات متخطية الحاجز الزمني وهو ما حدث حديثاً.

-وقد أثار المؤيدون كذلك أن الهجوم على الجائزة في هذا الوقت لا يعني الهجوم على نجيب محفوظ، ولكن على دلالة وجود أميركا وسياستها المنحازة للعدو، كما أنها مناسبة لإعلان موقف متضامن مع الانتفاضة الفلسطينية، والدليل على ذلك أن هناك عدداً رفضوا الحصول على جوائز احتجاجاً على المواقف الأميركية، منهم الفنان العالمي مارلون براندو، عندما رفض جائزة أوسكار اعتراضاً على موقف الولايات المتحدة من الهنود الحمر ولم يتساءل أحد حينها ما علاقة الهنود الحمر بالأوسكار، وعلى نفس المستوى فإن الانتفاضة الفلسطينية لن تستفيد من مقاطعة الجامعة الأميركية ولا الجائزة التي تمنحها باسم نجيب محفوظ، كما أن هناك فارقاً بين الجامعة كحرم تعليمي وبين المخابرات الأميركية التي تبث من ينفذ سياسة أمريكا المنحازة، كما أن هناك فارقاً بين ذلك، والجامعة التي تضم في صفوفها طلاباً أخذوا مواقف واضحة وأحرقوا العلمين الصهيوني والأميركي داخلها، كما أن كل من حصلوا على الجائزة منذ أولى دوراتها عام 1996، كانت لهم مواقف واضحة من التطبيع مع الصهاينة، فقد حصل عليها يوسف إدريس والشاعر الفلسطيني مديد البرغوثي والأديبة الراحلة لطيفة الزيات وإبراهيم عبد المجيد وغيرهم، كما أن اللجنة القائمة على هذه الجائزة تضم الناقد عبد المنعم تليمة ود. عبد القادر القط وغيرهما ممن هم معروفون بمواقفهم الوطنية أيضاً، وهو ما يعني أن الهجوم ليس موجهاً ضد أحد سوى أمريكا.

-وقد جدد الناقد الأدبي دكتور سيد البحراوي هجومه مؤخراً، مؤكداً رفضه أن تمنح الجامعة الأميركية جائزة عربية، باستخدام أسماء لامعة في المحاولة الخبيثة لربط المثقفين العرب بالثقافة الأميركية، و يقول د. سيد البحراوي: لقد هاجمت الجائزة بغض النظر عن الأسماء التي فازت بكثير من تلك التي تمنحها الجامعة الأميركية بالقاهرة، ويذكر أنه بتجديد الهجوم على الجائزة ألقت الخلافات الدائرة حيال جائزة نجيب محفوظ عمقاً جديداً على الانقسامات والخلافات التي تشهدها الأوساط الثقافية من معه، حيث انقسمت الأراء حول دعوة وزير الثقافة المصري فاروق حسني لإقامة مؤتمر عام للمثقفين في يناير الحالي لمناقشة التحديات المستقبلية القادمة، على الواقع الثقافي العربي، حيث يرى البعض أن هذا المؤتمر لن يهدف إلى شيء ولا يقصد من ورائه المثقفون شيئاً، بل إنه مجرد ديكور للوزير المصري، وبهذا بدأت مجموعة من المثقفين المعارضين في الإعداد لمؤتمر مضاد في التوقيت ذاته، مما اعتبره المحايدون في النهاية أن أمريكا ونجيب محفوظ ووزير الثقافة المصري هم مجتمعون أهم أسباب فرقة المثقفين المصريين، لكن على الرغم من هذا كله تبقى قيمة نجيب محفوظ كروائي مصري انطلق من المحلية إلى العالمية بجدارة.

---------------------------------------

لمحة:

تحذير قديم جديد

تفادت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية للانعقاد في العاصمة اللبنانية سنة 1953 بغية بحث مسألة الصلح مع الكيان الصهيوني، فوجه المواطن العربي السوري فخري البارودي إلى رئيس وأعضاء هذه اللجنة، قال فيها:

<<لقد انتهزت فرصة انعقاد لجنتكم في بيروت لبحث مشكلة صلح العرب مع اليهود، وأرسلت إلى كل فرد منكم كتابي <<كارثة فلسطين>> كما أرسلته من قبل إلى كل عضو من أعضاء المؤتمرات التي عقدت في سبيل فلسطين ليقرأ قراءة التبصر والاعتبار ويعلم منه مدى ما يبيته اليهود للشعب العربي والبلاد العربية من ضغائن وأحقاد لا يشفي غليلها الظامئ إلى شرب دمائنا إلا أن يمحى ذكر آخر عربي من سجل الوجود.

وإني لأحذركم اليوم، إذا امتدت أكفكم إلى <<إسرائيل>> بالصلح، من سخط الله وغضب العرب، ونشوب ثورة جائحة جامحة سوف لا تبقي ولا تذر إذا استمرت نيرانها وانفجرت براكينها، ولن يعلم أحد غير الله مدى امتداد ألسنة لهيبها. فلقد تيقظت الأمة العربية يقظة حذرة واعية، وأصبح يومها غير اسمها، ولم تعد تهاويل الاجتماعات وأباطيل التصاريح واضاليل الخطب لتنطلي عليها، فاسمعوا وعوا وقدروا لأرجلكم قبل الخطوة موضعها، واحذروا ألاعيب الغرب الذي يسعى جاهداً لجعلنا عبيداً أذلاء خانعين خاضعين لنيره ونير اليهود. فلا تصموا سجل تاريخ العروبة بتوقيعكم على وثيقة الصلح. <<دمشق في 28/12/1953>>.

بعد مضي عقود عدة على هذا التحذير القديم الجديد تم إجراء صلح رسمي مع الكيان الصهيوني من قبل حكومتين عربيتين، لكن الرفض الشعبي سيظل قائماً، بل إنه ليتنامى أكثر، وأن الثورة العارمة لا بد آتية، فها هي جذوتها تتوهج في الحجارة، وها هم أطفالنا يغنون: <<تباركت السواعد/ تبارك الحجر. وها هم رسميو التصالح ينظرون إلى الحجارة برعب، ويعملون على انتزاعها حتى من الأرصفة لإبعادها عن الأيدي الآتية. لكن الأيدي التي جعلت الحجارة تتوهج تعرف جيداً كيف تجد أسلحتها المناسبة.

 

ع. الحلبي

----------------------------------------------------