حكومة شارون

<<حكومة في حرب>>..

سينياريوهات الحرب الصهيونية القادمة..!

عبد الله الحسن

<<إن الخطر الجدي الذي كانت تواجهه فرنسا المنهكة هو الواقع في نوع من التعايش السلمي مع الهتلريين>>

جاك دوكلر (قائد المقاومة الفرنسية)

يبدو أن تيار التاريخ العربي العائد للتدفق مجدداً من لهيب انتفاضة الأقصى المباركة، والانتصار اللبناني العظيم، وصمود سوريا، المتضافرة مع يقظة  مصر لدورها العربي، واستجماع العراق لقواه، قد أصاب الحلم الصهيوني في يقينياته، وحتمياته وترك الشك يسود حول جدوى المشروع الصهيوني، وقابليته ليس للنجاح، وإنما للحياة، وارتد بالصراع إلى مربعه الأول، كصراع وجود.. وأزال براقع الزيف، وأسقط أوهام <<السلام>> بين الأمة والكيان الصهيوني، وأكد أن المقاومة هي الطريق الواقعي الوحيد، وليس المفاوضات تحت أي صيغة من الصيغ، وبدا أن طمس تاريخنا، لإنتاج تاريخ جديد، وأمل جديد.. هو التاريخ والأمل الأميركي-الصهيوني في امتلاك المنطقة العربية، وفق عبارة بيل كلينتون لدى افتتاحه مراسم توقيع اتفاق أوسلو: <<نحيي هذه الفرصة الكبيرة للتاريخ والأمل>> بتأسيس ذاكرة بديلة، ذاكرة ترتكز على المستقبل، وتقوم على نسيان الماضي، حسب ما رسمه الآباء المؤسسون للإمبراطورية الأميركية كما في قول جيفرسون في الأول من آب 1816: <<أحب أحلام المستقبل أكثر من حكايا الماضي>>، ونداء أبراهام لنكولن: <<لا أهتم لما كانه أجدادنا، بل فقط لما سيصيره أحفادنا؟>>.. ليخرج العرب من التاريخ، ويتحولوا إلى شرق أوسطيين جدد، ذوي هويات مذهبية وأثنية ليكونوا مجرد موضوع لا ذات فاعلة.. بدا كل ذلك ضرباً من خيال مريض، وكلبية مفرطة، بإزاء كما قلنا– أمة بقيت تتمرد وتتحدى <<النظام العالمي الجديد>>، وبلوغ الكيان الصهيوني حدود طاقاته القصوى، حتى صارت نقاط ضعفه مكشوفة للعرب، لا سيما أمنه، ببعديه: الأمن الجاري، والأمن الاستراتيجي. ولأن هذا الانكشاف يصيب المبرر الأول لاستمرار الكيان الصهيوني. فقد جعل صيانته، بمنزلة العقيدة الإيمانية و<<ثقافة>> الأمن <<الثقافة>> الوحيدة السائدة في التجمع الاستيطاني الصهيوني.. وهذا ما أشار إليه ديفيد بن غوريون بقوله: <<محظور على دولة إسرائيل أن تقامر بأمنها، ولهذا فإن استباق أي تهديد محتمل بضربة وقائية، هو عمل له مبرراته السياسية والأخلاقية، حتى وإن ثبت فيما بعد عدم صحته>>، ثم سار بهذه العقيدة أخلافه. وربما عبر عن ذلك خير تعبير، رئيس الوزراء الصهيوني ليفي أشكول يوم (29-6-1967)، وإن كان نسبه إلى الجنرالات، حين قال: <<إن هؤلاء الجنرالات يريدون لإسرائيل أن تعيش بالسيف وحده، وأن تعيش على السيف وحده إلى آخر العمر>>، وتبع إيغال آلون، ليفي اشكول، فحدد في كتابه <<ستار الرمل>> الصادر عام 1969: <<معايير الإجماع الأمني الصهيوني>> فقال: <<في بعض الأحيان يجب تقديم الهجوم المضاد الوقائي بأشهر، وفي أحيان أخرى، فإن بضعة أيام تكفي.. لكن يجب الاستباق فقط>>، ويضيف <<ليس هناك أخطر من غلطة السماح للعدو بإملاء مكان الحدث أو زمانه، فكم بالأحرى أسلوبه>>، وتحدث عن حالات أربع، تجعل الكيان الصهيوني يبحث <<في ضرورة وصحة اجتياز خط وقف إطلاق النار من أجل غارة قصيرة، أو من أجل بقاء أطول>>، و<<هي:

1-من أجل إزالة أسباب الحرب الصغيرة والإرهاب والتخريب التي تنفذ ضدنا من قواعد تقع وراء خط وقف إطلاق النار، ولا يمكن كبحها بوسائل أكثر محدودية.

2-من أجل مد يد العون لحلفاء محتملين في بلاد مجاورة.

3-في حال حدوث تغيير خطر يهدد الوضع الراهن في إحدى الدول المجاورة.

4-وطبعاً في حال الهجوم، أو حشد قوات معادية للهجوم.

ويوصي <<بضرورة درس كل حالة بحذر وشجاعة في ضوء ظروف الساحتين الإقليمية والدولية>>.

أما آرئيل شارون رئيس حكومة العدو، فيعرف معنى <<الإجماع القومي>> في مقالة <<لبنان وأمن إسرائيل الحاضر والمستقبل>> على امتداد (3) حلقات بعد (3) سنوات من غزو لبنان عام 1982 (إسرائيل وتجربة لبنان، تقويمات خبراء إسرائيليين) فيقول: <<إن معنى الإجماع بمفهومه الأول هو مجمل المعايير المختلفة التي توجه سياسة الأمن، وإدارة حربنا من جهة، ومن جهة أخرى المعايير التي تمكننا من إصدار الحكم على كل عمل حربي، من نواحيه كافة، وإصدار حكم سليم عليه، في ضوء ضرورته، ومساهمته في الأمن القومي الكياني للدولة اليهودية>>، وترتكز العقيدة الأمنية الشارونية للكيان الصهيوني على (4) ركائز (الأسبوع العربي العدد 2161) هي:

1-إن الحروب الوقائية ضد العربي هي مصدر التفوق الإسرائيلي، لأن إسرائيل لا تتحمل حروب استنزاف بطيئة.

2-إن إسرائيل يفترض أن تخوض معاركها على أرض عربية، لا على أرض إسرائيلية، لأن القتال في العمق الإسرائيلي يهدد مقومات الوجود الإسرائيلي.

3-إن الولايات المتحدة الأميركية كحليف استراتيجي يفترض أن تضمن في كل الظروف القدرة القتالية النوعية الضارية للجيش الإسرائيلي.

4-الاستمرار في إقناع العرب بصورة متواصلة، وبكل الوسائل الممكنة، بأنهم عاجزون عن إلحاق الهزيمة بالدولة العبرية وأن عليهم بالتالي أن يتخلوا عن القتال.

لذا وكترجمة <<للعقيدة الأمنية>> الصهيونية نشأت نظرية، تتوقع حرباً واسعة ضد العرب، يلجأ إليها العدو الصهيوني كل عشر سنوات. حتى أن بعض الاستراتيجيين الصهاينة الذين يوسمونها بالغيبية والقدرية، يسلمون بأن فيها، بعض الحقيقة، وفي ضوء هذه النظرية تكون حرب لبنان عام 1982، بمثابة حرب عقد الثمانينات، وحرب الخليج الثانية حرب عقد التسعينات، صحيح أن الكيان الصهيوني لم يشارك مباشرة في هذه الحرب التي تولتها الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن تدمير العراق كان في المصلحة الاستراتيجية العليا للكيان الصهيوني، وكما يقول محمد حسنين هيكل (السفير 1-3-2001). واليوم، وعلى ضوء تشكيلة حكومة <<الإجماع القومي>> الصهيوني برئاسة السفاح أرييل شارون، تسير المنطقة بخطى حقيقية نحو حرب، ستكون بالتأكيد حرب العقد الأول من القرن الجديد، القرن الحادي والعشرين. وتدلل مختلف الوقائع والمعطيات أن لا فكاك من هذه الحرب. فالعدو الصهيوني، مسكون بهاجس وقف تآكل الحلم الصهيوني، ومحاولة ترقيعه، ومهووس بضرورة تصديرا لمأزق الصهيوني الوجودي المستفحل بفعل لهيب الانتفاضة الباسلة، ونضال الشعب الفلسطيني، وجماهير الأمة. ويتساءل البعض، لكن تساؤل من يؤكد حتمية الحرب: إنه إذا كان باراك صاحب البرنامج الانتخابي <<برنامج السلام الإسرائيلي>> قد أدى إلى هذا القدر من المذابح بحق الشعب الفلسطيني، حيث سقط (600) شهيد في انتفاضة الأقصى المباركة، وأكثر من (22) ألف جريح، متوسط أعمارهم (23) سنة، (21%) منهم إعاقة دائمة و(19%) إعاقة مؤقتة، فكيف ستكون الحال مع شارون صاحب <<برنامج الأمن الصهيوني>> ناهيك أن لشارون أهم التفويضات من الكنيست والمستوطنين، فهو يحوز على ثقة (90) عضواً في الكنيست، وبواسطتهم (3) من أصل كل (4) مستوطنين.

تهيئة..

والأهم من كل ذلك أن شارون يحوز على موافقة واشنطن على ضرورة وقف ما يدعى في القاموس الأميركي-الصهيوني العنف، بوجهيه الفلسطيني واللبناني. وقد ظهر ذلك واضحاً في تصريحات مارتن أنديك السفير الأميركي لدى الكيان الصهيوني: إذ قال: <<إن الولايات المتحدة لن تتسامح مع تزايد التأييد الشعبي والرسمي الفلسطيني للعمليات التي تنفذ ضد إسرائيل>>، وتابع يقول: <<إن استمرار العنف في الضفة والقطاع سيشجع حزب الله على تنفيذ المزيد من العمليات قرب الحدود الشمالية لإسرائيل، لإظهار دعمه للفلسطينيين>>، ويضيف <<إن العمليات في شمالي إسرائيل (رغم أنها تجري في الأجزاء المحتلة من لبنان، مزارع شبعا)، ستؤدي إلى رفع مستوى الخطر من وقوع مواجهة عسكرية واسعة النطاق بين سوريا وإسرائيل تكون لها انعكاسات لا يمكن التنبؤ بها على استقرار الشرق الأوسط>>. وفي هذا السياق أيضاً نقل عنان غيسين زعيم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة عن الرئيس بوش لدى لقائه مع رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى في أميركا أن الرئيس: <<أصر على ضرورة وقف الفلسطينيين القتال، وأعمال العنف، قبل بدء أي مفاوضات ذات معنى>>. وعلى إيقاع هذا التوافق الأميركي-الصهيوني، كانت تصريحات وزير الحرب الصهيوني بنيامين بن اليعازر، خلال جولته يوم (13-3) على الحدود بين الأراضي المحتلة ولبنان من أنه <<يعتبر سوريا مسؤولة عن الهجمات التي شنها حزب الله>>، وقال للصحافيين: <<إن السوريين لا يقومون بأي شيء لمنع حزب الله من التسلح أو تنظيم صفوفه. ولو أرادوا القيام بذلك لفعلوا، وأني بالتالي أحملهم مسؤولية هجمات حزب الله>>، والتوافق لا يقتصر على مجرد التصريحات، بل هو قائم في الميدان العملي. فأميركا تعمل على ترتيب أوضاع منطقة الخليج العربي بصورة تنسجم مع مقتضيات الصراع العربي-الصهيوني في المرحلة المقبلة، من خلال الحيلولة دون التواصل بين بغداد، وعواصم الجوار الإقليمي، وتحديداً سوريا، لمنع تشكل المحور الاستراتيجي دمشق-بغداد-طهران-بيروت، وفي هذا السياق جاء قصف بغداد يوم (16-2)، والحديث عن تشديد العقوبات على بغداد تحت مسمى <<العقوبات الذكية>>، ثم كانت المناورات الأميركية-الصهيونية في صحراء النقب من 19-24/2 وبالتزامن مع جولة باول في المنطقة، وتركزت على تدريبات لصواريخ باتريوت المعدلة، و(آرو) (السهم) لمواجهة الهجمات الصاروخية العربية، ويندرج ذلك في سياق المحاولات الأميركية-الصهيونية المستميتة لاستعادة القدرة الصهيونية على <<الردع>>، ومن ثم امتلاك القدرة على فرض الشروط و السياسات الصهيونية على العرب، بعد أن وصل الكيان الصهيوني إلى أعلى درجات التشكك وعدم اليقين في قدرته على الردع الاستراتيجي، وبعد أن بدأت تتآكل قوته التقليدية في الردع، بفعل الانتفاضة، والانتصار اللبناني، ويرجح الأستاذ محمد حسنين هيكل (السفير 1-3) أن يسلك شارون في مسيرته نحو الحرب، <<أسلوب تصاعد يتدرج خطوات متوالية حركة بعد حركة>>، ويرسم هذه الحركات على النحو التالي:

-في الحركة الأولى، سيحاول شارن أن يثبت للعالم أنه رجل دولة إلى جانب كونه جنرال جيش. وكذلك فإنه على استعداد لأن يمد يده للعالم وللعرب، وسوف يطلب من بوش أن يساعده.

كما سوف يطلب من (2-3) من الرؤساء العرب أن يسمعوا منه مباشرة، إذا أمكن!. وأن يمد يده ليسلم على <<عرفات>>.

-أن يبادر بتوجيه رسالة اعتدال لمؤتمر القمة العربي، في سبيل تفويت الفرصة على أي <<متشدد>> عربي، بتقدير أن ذلك، يزيد من التشبث عند بعض العرب <<كالعادة>> حيث يصبح من المناسب <<الانتظار عليه>>!!

-الحركة التالية أن لا يكون لدى <<شارون>> ما يمكن قبوله، وذلك هو الأقرب إلى المحتمل، فالجنرال لا يستطيع أن يعرض أكثر مما عرضه سلفه باراك. والعرب لا يستطيعون أن يقبلوا بما هو أقل!

ويختم قائلاً: <<إذاً إنها أسابيع، وشهور، وتجد المنطقة نفسها أمام تفاقم، وترد في الأوضاع، أسوأ من كل ما سبق، ثم يفقد كل الداعين إلى <<الحذر>> و<<الانتظار>> و<<الفرصة>> و<<العقل>> حججهم، وذرائعهم>>.

ومن المعروف أن جل ما يهتم به شارون هو التوصل إلى ميثاق <<عدم اعتداء>> أي تعهد فلسطيني بالتزام الهدوء بصورة لا تضطره إلى تقديم تنازلات، ويواصل الكيان الصهيوني السيطرة على الأماكن المقدسة. ومعظم أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، ويحول دون حق اللاجئين في العودة، ويستمر في احتلال الجولان.. في انتظار أن <<يقتنع>> العرب والفلسطينيون بالشروط الصهيونية للتسوية، في وقت يعمل على تعطيل قدرة سوريا على المناورة، وذلك بالتوافق مع الولايات المتحدة الأميركية، لعزل الفلسطينيين وتحييد المقاومة اللبنانية. فسوريا الموجودة بحكم الجغرافيا والتاريخ، والإرادة، داخل البؤرة المباشرة للصراع العربي-الصهيوني، وكانت حجر الزاوية في عودة التيار التاريخي العربي للتدفق مجدداً، هي في مركز استهدافات الحرب الصهيونية. لذلك هي تحت وطأة حصار أميركي غير معلن في ثلاثة مواقع استراتيجية، وهذا يندرج في إطار تهيئة المسرح المناسب للحرب الصهيونية. هي: (الأسبوع العربي 2160):

الموقع الأول: الدور السوري في لبنان، عبر نزع الغطاء الإقليمي والدولي عنه، وفي هذا الصدد نشير إلى وثيقة الـ(63). نائباً في الجمعية الوطنية الفرنسية الذين يطالبون <<بخروج القوات السورية من لبنان>> ناهيك عن الإشارات الأميركية المتكررة حول ضرورة تطبيق القرار (520)، وعلى إيقاعه تتحرك القوى الانعزالية، لإثارة مسألة الوجود السوري في لبنان.

الموقع الثاني: تركيا: حيث تجددت المناورات التركية-الصهيونية-الأميركية في شرق المتوسط، في يوم (15-1). وتشير المعلومات أن العلاقات التركية-الصهيونية، قد تجاوزت مرحلة التعاون والتنسيق ثنائياً إلى منهجية العمل والتخطيط الاستراتيجيين لمرحلة جديدة، ومثيرة على مستوى المنطقة.

الموقع الثالث: يتأتى من انغلاق أفق التسوية، واستدارة إدارة بوش لترتيب أمن الخليج، كما تتصوره.

سيناريوهات..

قمة مؤشرات تقول: إن شارون، يحاول أن يوفر المبررات لحربه القادمة، بحيث تكون مزيجاً من المبررات التي استخدمت في حرب 1967، وغزو لبنان صيف عام 1982، وهما مسألتا المياه و<<الإرهاب>>. وفي هذا الصدد تأتي إثارة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية يوم (14-2) لمسألة مياه نهر الحاصباني، بدعوى أن لبنان يعمل على وقف تدفقه إلى شمال فلسطين، من خلال تركيب مضخات عليه، لنقل مياهه إلى القرى اللبنانية، وإطلاق سيل تهديدات، والطلب من الإدارة الأميركية نقل رسائل مستعجلة إلى سوريا ولبنان، تحمل تحذيراً شديد اللهجة، وتعتبر ذلك سابقة خطيرة، يمكن أن تشجع الأردن وسوريا لاحقاً على تحويل مياه اليرموك حتى لا تصب في نهر الأردن، وكذلك سابقة يمكن أن يستغلها الفلسطينيون للانفراد بالمياه الجوفية، ومع أن للبنان الحق الكامل في مياه الحاصباني، فإن الضجة الصهيونية لا أساس لها من الصحة، حسب ما أفادت به قوات الطوارئ في لبنان، حيث قالت بعد معاينة الأمر أن المسألة لا تعدو أنبوبي مياه قطر الواحد لا يتجاوز (10 سم)، وضعا على نهر الحاصباني، لارواء قريتين لبنانيتن فقيرتين. ومن المعلوم أن الكيان الصهيوني يحصل على غالبية مياه نهر الحاصباني البالغة (125) مليون متر مكعب سنوياً، لأغراض الشرب، وري مساحات واسعة في شمال فلسطين، وبخصوص المبرر الثاني، الإرهاب، نلحظ في الفترة الأخيرة، تصاعداً في استخدام هذا المصطلح، وتوسيع القوى المشمولة به حتى أن رئيس الأركان الصهيوني الجنرال شاؤول موفاز اتهم سلطة الحكم الذاتي بأنها تحولت إلى <<كيان إرهابي>>، ويبدو أن الغرب يساهم في إشاعة هذه الأجواء، مثلما ساهم قبيل غزو لبنان صيف 1982، حين اعتبر في مؤتمر فرساي للدول الصناعية السبع أن بيروت قد تحولت إلى <<مركز للإرهاب>>، وفي هذا السياق ننظر إلى قائمة وزارة الداخلية البريطانية عن القوى الإرهابية التي أعلنت يوم (1-3) وضمت (21) حركة سياسية، (75%) منها إسلامية، ومحاكمة النازي، برونو، مساعد انجمان، في فرنسا، وزج اسم سوريا، ويرسم كتاب صدر عن <<معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى>> بعنوان <<ثورة إسرائيل الأمنية>> ساهم في تأليفه ثلاثة يهود أميركيون هم: كوهين اليوت، ومايكل ايزنشتات، واندرو بيشينتش، وبرسط خمسة سيناريوهات واردة لحرب الكيان الصهيوني المقبلة. السيناريو الأول: حرب سريعة لإعادة احتلال مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني رداً على حرب عصابات مسلحة قد تشنها المجموعات الفدائية الفلسطينية تطويراً للانتفاضة. السيناريو الثاني: حرب باتجاه الأردن. وهنا يروج الكتاب، كما يذكر عبد الحليم قنديل، لمحاولة وقيعة تجعل الفلسطينيين في الأردن على تناقض محتوم مع النظام الأردني، الذي تتدخل إسرائيل بدعوى حمايته. السيناريو الثالث حرب ضد مصر بدعوى انتهاكها لالتزامات معاهدة السلام. السيناريو الرابع: حرب مع سوريا نتيجة تطورات الوضع في الجنوب اللبناني. السيناريو الخامس: حرب خاطفة ضد إيران أو العراق بدعوى الخوف من أسلحة الدمار الشامل. والمعنى باختصار حسب الكاتب: أن الكيان الصهيوني يعد لحرب، ويحدد اتجاهات الضربة القادمة. وهذا يعني أن المنطقة كلها من غزة والضفة إلى شبعا إلى الحدود العراقية-الإيرانية مرشحة لتكون ساحة حرب. ويبدو أن السيناريو الأول قد بدأ من خلال تنفيذ خطة <<حقل الأشواك>> الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع جزئياً. وهذه الخطة تشمل ثلاث مراحل (الرأي الأردنية،10-2).

-المرحلة الأولى: وتبدأ بإغلاق المناطق والقرى والمدن الفلسطينية، إغلاقاً كاملاً، بطريقة تقطع فيها الضفة والقطاع.

-المرحلة الثانية: تحاصر فيها قوات كبيرة من الجيش الصهيوني مدعمة بمئات الدبابات والطائرات العامودية والمدرعات، المدن والقرى الفلسطينية، وتفرض عليها حصاراً عسكرياً شديداً، وتسمح قيادة الجيش الصهيوني لجنودها باستعمال الطائرات العامودية لمواجهة وقمع المتظاهرين، وقوات الشرطة الفلسطينية، والضرب بقوة، ويطلب من الجنود إطلاق النار بكثافة، بهدف القتل، وليس الإصابة.

-المرحلة الثالثة: وهي الأخطر فتبدأ باقتحام المدن الفلسطينية بالدبابات، وإنزال قوات صهيونية عبر الطائرات إلى أهم مراكز المدن، وضرب واحتلال مواقع الشرطة الفلسطينية، والأمن الفلسطيني. واحتوت هذه المرحلة الثالثة أيضاً على إمكانية استخدام الطائرات الحربية لقصف بعض المواقع المحصنة، والبدء بحملة اعتقالات واسعة وتصفية (2000) من كوادر الانتفاضة، ويبدو أن <<خطة المائة يوم>> ليس سوى آلية جديدة لتطبيق <<حقل الأشواك>> حيث يجري تنفيذها وفق أسلوب اجتياح 1982، تقسيم الضفة إلى (60) جزيرة معزولة عن بعضها وفقاً لشعار <<قسم وسيطر>>، وعلى إيقاع هذه الخطة يجري تطبيق <<الترانسفير>> مبدأ الترحيل القسري لأبناء الشعب الفلسطيني، بهدف السيطرة على مناطق الضفة، وتهويدها، وفي هذا الصدد تشير المصادر إلى أن خطة <<الوطن البديل>> هي خيار شارون للتخلص من الشعب الفلسطيني، وحله للمأزق الصهيوني، وتنقل هذه المصادر عن أوساط صهيونية قولها، إن هذا الخيار كان أحد الأهداف الصامتة لغزو لبنان عام 1982.

ويورد الكاتب الصهيوني (أوريت شوحيط) في مقالة <<الحالم بالدولة>> (إسرائيل وتجربة لبنان، مصدر سابق) نقلاً عن الباحثان ش. فيلدمان وهـ.ريشنتز-كيجنز في دراسة عن معهد <<الدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب>>، قولهم: <<كان لحرب لبنان أهداف صريحة، وهدفان ضمنيان. وهذان الهدفان اللذان يفترض أن يكونا تحصيل حاصل لنجاح الأهداف الأخرى، كانا إضعاف منظمة التحرير الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في فرض الحكم الذاتي على تلك المناطق، وإيجاد مسار يؤدي إلى إسقاط الملك حسين، وإلى تأسيس دولة فلسطينية في الأردن>>. وفي حزيران عام 1982 عندما هوجم شارون في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، لتورطه في قتال ضد السوريين، قال: <<على الجبهة السورية لم أفكر قط في إمكان تحقيق إنجازات، وأنتم تعرفون أنني كنت أعتقد دائماً أن استخدام القوة هناك غير مجد، وعلى الجبهة المصرية، كنت أعتقد إمكان تحقيق إنجازات عسكرية. أما على الجبهة الأردنية فيمكن تحقيق أكبر هذه الإنجازات>>، وحين هاجمه رابين قائلاً: <<أفقدت صوابك! ستصدر الصحف غداً بعناوين تقول إننا ننوي مهاجمة الأردن>>.

سارع شارون إلى التراجع عن كلامه. وقال: <<إن الأمر يتعلق بأفكار كان يحملها في الماضي البعيد>>. لكن غداة اليوم التالي.. كان يقول للمقربين منه في الكنيست، بينهم مراسل <<لوماتان>> الفرنسية: <<لو كنت رئيساً لحكومة إسرائيل لأعطيت الملك حسين أربعاً وعشرين ساعة للتخلي عن عرشه، لإقامة دولة فلسطينية في الأردن>>.

-وفي محاضرة ألقاها شارون لأكاديميين أميركيين في عام 1974 شرح بالتفصيل مأزقه الأردني-الفلسطيني. وقال: <<إن أمام إسرائيل إمكان الاختيار بين خطرين اثنين الأول أن تنشأ دولة فلسطينية معادية في الأردن، والثاني أن تبقى المسألة الفلسطينية بلا حل، ومعلقة فوق رأس إسرائيل إلى الأبد>>. وقال: <<إنني أفضل الخطر الأول على الثاني>>.

ويشير الأستاذ محمد حسنين هيكل إلى مثل هذا الخيار ويقول (السفير، مصدر سابق): <<إن شارون قد يحاول نوعاً من العودة إلى الخيار الأردني بحيث تؤول إلى الأردن. تلك البقايا التي لا تريدها إسرائيل من فلسطين، ويكون لهذه الدولة، وما آل إليها، أن تختار اسمها النهائي، فتكون (الأردن) أو تكون (فلسطين) إذا شاءت>>.

وهكذا فالحرب كما يعد لها الحلف الأميركي-الصهيوني، هي حرب تصفية القضية الفلسطينية، وتدمير حلقات الممانعة في الوطن العربي، وبالتحديد سوريا ولأجل هذا سيطرح شارون على الرئيس بوش، في زيارته لواشنطن فرض الحصار على سوريا، لأن الأحداث كشفت أن سوريا قوية معناه أنها تستطيع أن ترد السحر إلى نحر الساحر، فحرب تقسيم، وتهويد لبنان أسقطته بدماء جنودها الـ(14) ألف شهيد ودعمها للمقاومة اللبنانية التي أثمرت نصراً، وهي قادرة اليوم مع العراق وإيران، ولبنان المقاومة، والانتفاضة الباسلة أن تجهض المخطط الصهيوني، وتحفظ للتاريخ العربي تدفقه، وشرط ذلك دعم صمود الشعب الفلسطيني، وانتفاضته الباسلة، وجعل الإرادة العربية في خدمة السياسة، وحسبي أن أردد ما قاله قداسة البابا شنودة، بابا الأقباط في مصر: <<أنا دائماً رأيي أن اليهود كلهم أصحاب سياسة واحدة يتفقون في الهدف وإن اختلفوا في الوسيلة. أو في طريقة التفكير، فكلهم لهم أهداف واحدة، وشارون لا يضرنا، بقدر ما يضرنا التفكك العربي، ولو كنا كعرب متحدين لعملت إسرائيل ألف حساب لنا>>.

والسؤال هل تكون القمة الدورية العربية الأولى في عمان (27-28) آذار في مستوى التحديات، أم طقساً يؤدى، وكفى؟!!

-----------------------------------

تركيبة حكومة شارون ووظيفتها..

التغطية على الأزمات أم افتعالها؟!

مأمون كيوان

نالت الحكومة الصهيونية الجديدة وهي الحكومة التاسعة والعشرون في ترتيب الحكومات الصهيونية منذ العام 1948، مصادقة الكنيست على خطوطها الرئيسة وتشكيلتها الوزارية بأغلبية 72 عضو كنيست مقابل 21 عضو كنيست.

انتفاخ وزاري

وتكونت هذه الحكومة التي تعتبر من أكبر الحكومات الصهيونية، بوصفها حكومة وحدة، من 26 وزيراً و12 نائب وزير. وكان توزيع الحقائب الوزارية على أعضائها وفق ما يلي: آرئيل شارون رئيس الحكومة ووزير الاستيعاب، وسلفان شالوم وزير المالية، وليمور لفنات وزيرة التربية والتعليم، وعوزي لنداو وزير الأمن الداخلي، ومئير شطريت وزير العدل، وروبي ريفلين وزير الاتصالات، وشمعون بيرس وزير الخارجية، وبنيامين بن اليعيزر وزير الحرب، وأفرايم سنيه وزير المواصلات، وشالوم سمحون وزير الزراعة، وداليا ايتسيك وزيرة التجارة والصناعة، ومتان فلنائي وزير العلوم والرياضة، وتساحي هنغي وزير البيئة، وإيلي سويسيه وزير شؤون القدس، وأفيغدور ليبرمان وزير البنى التحتية وإيلي يشاي وزير الداخلية، وناتان شيرانسكي وزير الإسكان والبناء، وشلومو بنزري وزير العمل والرفاه الاجتماعي، وأشراحانا وزير الأديان، ورحبعام زئيفي وزير السياحة، ونسيم دهان وزير الصحة، وشموئيل أفيغال وزير التنسيق والقضايا الاجتماعية، وتسيبي لفنه وزير التطوير الإقليمي وكل من: صالح طريف وداني نافيه ورعنان كوهين وزراء دولة.

ووفق هذه التشكيلة الوزارية التي تقدر كلفتها بربع مليار شيكل كان لحزب <<الليكود>> إضافة لرئاسة الحكومة ثماني حقائب لحزب <<العمل>>، بينما حصل حزب <<شاس>> على ست حقائب وزارية. وحصلت كل من الأحزاب التالية: <<يسرائيلي بيتنا>>، و<<يسرائيل بعالياه>>، و<<الاتحاد القومي>>، و<<شعب واحد>> على حقيقة وزارية واحدة فقط.

تجنب أزمات سابقة

ويلاحظ في هذه التشكيلة الوزارية الصهيونية محاولة مهندسها آرئيل شارون محاولته تلافي الثغرات البنيوية التي أفضت إلى أزمات حكومية في عهد سلفيه إيهود باراك وبنيامين نتنياهو إذ أعاد وزارة الداخلية لحزب <<شاس>> واحتفظ لليكود بوزارة التربية والتعليم التي ثارت حولها أزمة كبيرة في عهد حكومة باراك بين <<شاس>> وحركة <<ميرتس>> التي كان زعيم <<ميرتس>> وزيراً للتربية والتعليم فيها.

كما أن موافقة شارون على تولي بنيامين بن اليعيزر حقيبة وزارة الحرب تعكس إلى حد ما قدرته على التأثير في الصراعات داخل حزب <<العمل>> من جهة وإدراكه لوجود توافق بين مواقفه وتوجهاته ومواقف وتوجهات بنيامين بن اليعزر من جهة أخرى وهو اليهودي الشرقي من مواليد العراق عام 1936 وهاجر إلى الكيان الصهيوني عام 1950، وهو متزوج ولديه خمسة أطفال ويقيم في مستوطنة ريشيون ليتسيون، وخريج أكاديمية الأمن القومي وجنرال احتياط وسبق له أن شغل منصب الحاكم العسكري للضفة الغربية، وأشرف على عمليات إعدام الأسرى المصريين. وقد دخل بن اليعيزر الكنيست ممثلاً لحزب <<يا حد>> عام 1984، وتسلم في حكومة رابين <<الثانية>> (1992-1995) حقيبة الإسكان والبناء وأيضاً في حكومة بيرس شغل المنصب ذاته.

أزمة قادمة..

واختار شارون في سياق محاولته غسل ماضيه الإرهابي توزير عربي في حكومته رشحه حزب <<العمل>>، وهو عضو الكنيست صالح طريف الذي أصبح أول وزير عربي في حكومة صهيونية. لكن يبدو أن تفضيل شارون لصالح طريف كبديل عن عضو الكنيست الليكودي أيوب قرا يعود إلى محاولته التغطية على هدفه المتمثل في إحداث <<فتنة>> في ما يوصف بـ<<الوسط العربي>> التي ظهرت مؤشرات أولية عليها في مواقف أعضاء الكنيست العرب من توزير صالح طريف، إذ قال عضو الكنيست ولجنة الخارجية والأمن في الكنيست هاشم محاميد <<أعتقد أن أي شخص من غير يهودي يمثل منصباً وزارياً لا يعدو أن يكون ورقة تين تغطي عورة هذه الحكومة، وإن ما أقدم عليه طريف ليس مقبولاً للأغلبية الساحقة من السكان العرب في إسرائيل>>.

أما عضو الكنيست عن <<حداش>> محمد بركة فاعتبر كوزير عربي <<أمر جيد لا يمكن أن نمر عليه مرور الكرام. لكن هذا يتزامن مع جلوس أكثر شخصيات الصهيونية عدوانية على كرسي رئيس الحكومة، ولا نتعامل مع طريف كوزير للعرب إنما وزيد عن حزب العمل وعضو في حكومة شارون>>. وهذا ما أكده عضو الكنيست عن الحركة العربية للتغيير أحمد الطيبي. وذهب عوض عبد الفتاح الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي إلى حد إصدار بيان جاء فيه <<إن طريف ليس ممثلاً للجماهير العربية لأنه ضابط احتياط في الجيش الإسرائيلي أولاً ولأن الجماهير العربية لا تطالب بممثل عنها في حكومة صهيونية>>.

وإلى جانب محاولته إضفاء لمسات تجميلية على بنية حكومته يسعى آرئيل شارون إلى تأكيد الوظيفة السياسية لحكومته المتمثلة في <<صنع السلام>> وليس <<الذهاب إلى الحرب>>، وذلك من خلال عملها للحصول على تأييد دولي وسحب البساط من تحت سلطة عرفات. وهذا ما يتمثل في الزعم في أن حكومته استبدلت ما سمي بـ<<خطة المائة يوم>> الرامية إلى إخماد الانتفاضة وتشديد الحصار على الضفة الغربية وقطاع غزة بسلسلة من إجراءات تخفيف الحصار وفتح المعابر وضمان حرية التنقل والعمل لفلسطينيي الضفة والقطاع. وبذلك يسوق شارون صورته الجديدة كداعية للسلام للرأي العام العالمي وكذلك للإدارة الأميركية الجديدة التي تناغمت مع إشارات شارون وزعمت أن مسؤولية استمرار ما تسميه بـ<<العنف>> تقع على الفلسطينيين وعلى عرفات الذي لم يستطع أن يكون مانديلا الفلسطينيين في حين أن شارون يحاول أن يكون <<ديغول>> إسرائيل.

تبقى الإشارة إلى أن المدى الزمني لاستمرار واستقرار حكومة شارون التي يعتقد أن عمرها سيكون قصيراً لا يتعدى نهاية العام الحالي ليس رهناً بالتعديلات التجميلية التي أدخلها شارون على حكومته بل على قدرته على كبح واحتواء الأزمات الكثيرة المحتملة داخل هذه الحكومة وعلى قدرته أن يكون في منزلة بيغن <<الثاني>> لجهة إنجاز تقدم على صعيد عملية التسوية، وهذا الأمر يبقى رهناً للتقلبات والمتغيرات السياسية الإقليمية التي قد تظهر في المستقبل القريب.

 

كادر:

الفالاشا قادمون!!

إضافة إلى منصبه كرئيس للحكومة اختار آرئيل شارون حقيبة الاستيعاب التي تعنى بشؤون المهاجرين اليهود الجدد بديلاً عن حقيبة الحرب المحظور عليه تسلمها، وهو الحظر الناجم عن دوره في احتياج لبنان عام 1982 ومسؤوليته عن مجازر صبرا وشاتيلا حسب ما أفضت إليه نتائج تقرير لجنة <<كاهانا>>. وكان تسلمه لوزارة الاستيعاب تعبيراً عن اهتمامه الكبير بشؤون الهجرة وإعلانه المتكرر لحاجة كيانه المستمرة والدائمة لقدوم أعداد كبيرة من المهاجرين الجدد.

في هذا السياق تشير المعلومات إلى وجود مساع صهيونية مكثفة لاستقدام وتهجير أعداد كبيرة من يهود الفالاشا على غرار ما حدث أواسط الثمانينات في إطار عملية <<موسى>>.

وراهناً، يوجد معسكر للفالاشا قرب قنصلية الكيان الصهيوني في مدينة غوندار شمالي غربي أثيوبيا الواقعة على بعد 800 كيلومتر من أديس أبابا. ويضم هذا المعسكر أكثر من عشرة آلاف شخص من الفالاشا غالبيتهم من النساء والأطفال. ويتم ترحيل من ست إلى ثماني أسر يهودية من وقت لآخر بعيداً  عن رقابة وسائل الإعلام الأثيوبية المستقلة التي اتهمت الكيان الصهيوني مراراً باستغلال الظروف الاقتصادية والبيئية الصعبة التي تعانيها أثيوبيا للحصول على أيد عاملة رخيصة وجنود تدفع بهم في مواجهاتها المستمرة مع الفلسطينيين.

وبالمقابل، يزعم غيتو ويمني المشرف المباشر على عمليات ترحيل الفالاشا من أثيوبيا إلى الكيان الصهيوني في غوندار أن الفالاشا يأملون في الرحيل إلى إسرائيل ليس هرباً من الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمجاعة المتكررة التي تضرب أثيوبيا من حين لآخر. ولكن السبب الوحيد إلى الهجرة هو شوقنا إلى الوطن وأرض الأجداد>>!!

ويذكر أنه الفالاشا في الكيان الصهيوني يعانون ظروفاً صعبة تبدأ من التشكيك بيهوديتهم ولا تنتهي بصعوبة تعلمهم للعبرية وظروف سكنهم البائسة واتهامهم بنقل الأمراض المعدية وحظر استخدام دماء اليهود الفالاشا في المشافي. وقد يبدو أن شارون سيسعى لتدعيم وتفعيل أوعية الصهر الصهيونية لجعل الفالاشا صهاينة صالحين عبر دفعهم لتحويل عدوانيتهم نحو الفلسطينيين مقابل تحسين ظروف استيعابهم في الكيان الصهيوني.

------------------------------------