بيان سياسي صادر عن

اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني / فتح

بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لمعركة الكرامة المجيدة

 

 

 

يا جماهير شعبنا الفلسطيني المناضل..

يا جماهير أمتنا العربية الخالدة..

 

تحل علينا هذه الأيام ذكرى مأثرة نضالية كبيرة, شكلت محطة هامة في تاريخ نضالنا الوطني, لما جسدته من مواقف مشرقة في تاريخنا المعاصر. ففي الحادي والعشرين من هذا الشهر, نحتفل بالذكرى الثالثة والثلاثين لمعركة الكرامة المجيدة, التي سطر خلالها, ثوار العاصفة, ثوار فتح, ومعهم إخوانهم في الثورة الفلسطينية, وجيش التحرير الفلسطيني, والشرفاء في الجيش الأردني الشقيق, أروع صفحات المجد والبطولة في مواجهة العدو الصهيوني, دفاعاً عن فلسطين, والأمة, مشكلة بما حملته من معان ودلالات وبما جسدته من فعل وتراكم نضالي, أسهم في إغناء تجربة النضال الوطني الفلسطيني, عبر سنوات الصراع, جسدت انعطافة نوعية في مسار تطور الثورة الفلسطينية, إنه بحق القرار الصعب, قرار خيار المواجهة والقتال, رغم عدم التكافؤ في العدة والعدد, وتفوق العدو الصهيوني في قدراته وترسانته العسكرية.

لقد شكلت معركة الكرامة ملحمة فداء على أرض الكرامة, فضربت بذلك المثل الصادق والحي, على المواجهة والدفاع عن الثورة والتمسك بأهداف شعبنا الكبير, كخطوة لا بد منها, لتغيير الواقع وموازين القوى, في مجرى النضال الطويل, محققة النصر بسلاح الإرادة والعزيمة, حيث استبسل ثوارنا في الدفاع عن الثورة والقضية, وسقط منهم الشهداء الأبرار, أمثال ربحي وأبو شريف وأمية والفوسفوري, وهم يواجهون دبابات العدو بالأحزمة الناسفة, مؤكدين أن خيار المقاومة وخيار حرب الشعب, هو الذي يوصل إلى التحرير والنصر, ومنذ ذلك اليوم أضحت القضية الفلسطينية في دائرة الاهتمام العالمي, ورأى كل أحرار العالم من خلال معركة الكرامة وثوار فتح, أنهم يقاتلون من أجل قضية عادلة, في مواجهة كيان قائم على العدوان والاغتصاب والعنصرية والاستيطان.

اليوم, ونحن نستذكر الشهداء الأبرار, الذين سقطوا في ذلك اليوم الخالد, ونستحضر تلك الحقائق التي جسدها انتصار الكرامة, وطريق الكفاح والنضال, وما حققته من إنجازات, يواصل شعبنا داخل الوطن المحتل انتفاضته الباسلة, التي جسدت وحدة شعبنا في مختلف أماكن تواجده, في الضفة والقطاع وفي الجزء المحتل عام الـ1948, وفي الشتات, وأعادت القضية إلى مكانها الطبيعي, بوصفها القضية المركزية للأمة العربية, وأعادت للصراع أبعاده الحقيقية, بما هو صراع عربي صهيوني-امبريالي, وليس كما أراد البعض اختزاله إلى نزاع فلسطيني-صهيوني, وبالقدر نفسه فإن من الحقائق الجلية الوضوح التي أبرزتها الانتفاضة المستمرة, رفض شعبنا لمسيرة الاستسلام, وتمسكه بخيار النضال والكفاح, لاسترداد الحقوق, وهو الخيار الذي يوحد شعبنا وقوى أمتنا الحية.

يا جماهير شعبنا الفلسطيني المناضل..

يا جماهير أمتنا العربية المكافحة..

 

لقد كشفت انتفاضة الأقصى المباركة, طبيعة أبعاد ومخاطر ما يحاك من مخططات ومشاريع, ضد شعبنا وقضيته الوطنية, ومزقت الحجب التي كانت تغلف المواقف والممارسات لفريق أوسلو, وأكدت زيف وخداع السلام الذي كانوا يتحدثون عنه, والهادف إلى تهويد القدس وفلسطين, وضرب هويتنا وحضارتنا وتاريخنا.

كما كشفت الانتفاضة طبيعة مأزق تلك القوى, ومن شأن استمرارها ترسيخ تلك الحقائق, وتعميق أزمة القوى التي تسعى إلى ضربها, مبينة أن جوهر رسالة الانتفاضة يتلخص في أن شعبنا مستمر في كفاحه من أجل فلسطين, معبراً عن رفضه لمسيرة أوسلو, والمسار التسووي الاستسلامي,و محدداً هدفه الذي يتجسد بدحر الاحتلال, دون قيد أو شرط, ودون التنازل عن أي حق من حقوقه التاريخية, وفي المقدمة حقه في العودة إلى وطنه.

إن شعبنا الذي يقف بكل شجاعة وجرأة في مواجهة المشروع الإمبريالي-الصهيوني في منطقتنا, مقدماً عبر انتفاضة الأقصى التي دخلت شهرها السادس, مئات الشهداء والآلاف من الجرحى, يخط بالدم رسالته للأمة العربية والإسلامية, ليقول إنه شعب لم يفرط يوماً بحقوقه, ولم يساوم على ذرة من ترابه, وإنه يرفض الاتفاقيات الموقعة, التي تشكل تفريطاً بالحقوق وتشرع للعدو احتلاله لأكثر من 80% من فلسطين, وتبقي 20% من الأرض متنازعاً عليها.

إن شعبنا لم يغادر مواقع النضال والمواجهة مع العدو الصهيوني, طوال قرن ملحمي من النضال, وإن ذكرى معركة الكرامة, ويوم الأرض, وكل المناسبات الوطنية لشعبنا, تزيده إصراراً وعزيمة, على مواصلة نضاله, رغم كل وسائل البطش, والقتل, والاغتيال, والحصار, وتقطيع المدن والقرى, وتحويل أرضنا إلى معازل وهو بانتفاضته, يؤكد أن خيار المقاومة, هو النهج والقانون الذي يجمع عليه شعبنا وأمتنا, في مواجهة العدو الصهيوني.

إننا في اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح), بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لمعركة الكرامة وتواصل انتفاضة شعبنا, يهمنا أن نؤكد على ما يلي:

-إن شعبنا الذي يواصل انتفاضته, يؤكد في مناسبة الكرامة, ولشهداء الكرامة الذين سقطوا من أجل الدفاع عن كل ذرة من تراب فلسطين, أن أي اتفاق أو قرار ينتقص من حقوق شعبنا يعد مؤامرة يتوجب مواجهتها, وإسقاطها مهما كانت الجهة التي تقف وراءها, وهو يؤكد أن كل بقعة من فلسطين مقدسة, سواء كانت القدس, أو حيفا, أو بئر السبع, لا يمكن التفريط بها, أو التنازل عنها, وفي هذا السياق, فإن أصحاب الأوهام والحسابات الخاطئة, الذين حاولوا تضليل شعبنا, مطالبون اليوم بمصارحة شعبهم, ليقولوا إن خيار التسوية قد فشل, وأن يحددوا بوضوح, مواقفهم من كل القضايا المطروحة, سواء لجهة حق العودة, والقدس, والمستوطنات, والسيادة, أم لجهة مسار التسوية برمته, وليعلنوا أنهم متمسكون بكل الثوابت وبالميثاق الوطني الفلسطيني, وأن يكونوا مع خيار شعبهم وانتفاضتهم في العمل على تحرير الأراضي المحتلة عام 1967, دون التنازل عن أي حق من حقوقنا التاريخية, وفي المقدمة من ذلك حق العودة.

-إن انتفاضة شعبنا لكي تتواصل, ويستمر تطور فعلها الكفاحي, بحاجة إلى إطار سياسي, وبرنامج سياسي, وتنظيمي, وكفاحي, يحشد الإمكانيات, ويؤطر قوى شعبنا, وبالتالي, فإن المطلوب استراتيجية فلسطينية واضحة, من أجل استمرار الانتفاضة, تشكل الأرضية المناسبة للوحدة, وعلى قاعدة الميثاق, وبغير ذلك, وفي غياب المشروع الوطني والقيادة الوطنية, فإن شعار الوحدة, يكون الهدف منه غطاءً لتسويق الأوهام, والاتفاقيات, والعودة إلى التفاهمات في طابا وشرم الشيخ.

-إننا نخاطب الأمة رسمياً, وشعبياً, أن تلتزم بالاستراتيجية الهادفة لإعادة الحقوق والمقدسات, وأن تقدم كل ما من شأنه دعم وإسناد الانتفاضة, فعار على الأمة رسمياً, وشعبياً, أن لا توفر مستلزمات الصمود لشعبنا, الذي يواجه العدو وبرنامجه, الذي يهدد مستقبل المنطقة, وليس فقط الشعب الفلسطيني. وأن لا تكون في موقع المتفرج على ما يجري, من قتل, وحصار, وتدمير لشعبنا, فالمطلوب اليوم, أن توضع استراتيجية عربية, للدفاع عن الأمة, والشعب الفلسطيني, والمقدسات, وفي هذا السياق نطالب القمة العربية, أن تتبنى مواقف الشارع العربي, وأن لا تتنصل من مسؤولياتها القومية, وأن لا تتلطى بموقف عرفات على أرضية أوسلو, فقضية فلسطين هي قضية العرب, وليست قضية الفلسطينيين وحدهم, وبالتالي لا بد أن يسقط الرهان على الولايات المتحدة, العدو الرئيسي للأمة, فهي ليست حكماً عادلاً ونزيهاً,إنها الحليف للكيان الصهيوني,لا بل جزء من الاستراتيجية الإقليمية الدولية لأمريكا في المنطقة, ولم تتبدل سياسة الولايات المتحدة بتبدل الإدارات على صعيد المنطقة,وبالخصوص دعم وإسناد الكيان الصهيوني, والموقف من اللاءات التي يطرحها الكيان,ومنها موضوع القدس, والاستيطان,وحق العودة, والسيادة,وأيضاً موضوع العراق, والضغط على حلقات الصمود في أمتنا, والمتمثلة في سورية ولبنان,وهذا ما أكدته زيارة باول للمنطقة,وموقفه أمام مجلس الشيوخ الأمريكي من القدس.وعلى أمتنا أن لا تفتح الأبواب أمام المجرم شارون, كي لا تسهل له ضرب الانتفاضة,فسقوط باراك ومجيء شارون,لا يعد تبدلاً استراتيجياً في واقع الكيان وسياسته وبرنامجه ومشروعه,فكلاهما وجهان لعملة واحدة,يرفعان اللاءات الخمس نفسها, فالانتفاضة أسقطت زيف أوهام التسوية والسلام المزعوم.

-إن الحركة الشعبية اليوم, مدعوة للضغط على حكوماتها والعمل من خلال أحزابها ومنظماتها, من أجل الوقوف في وجه كل من يدعو إلى إضعاف الأداء الكفاحي ضد العدو الصهيوني, أو يراهن على حكومة شارون, وأن تطالب القمة العربية القادمة, التي ستعقد في عمان, أن تترجم قراراتها التي أعلنتها في القمة السابقة, رغم أنها لم ترتق حتى للحد الأدنى من تطلعات الشارع العربي,والضغط بأن يكون الجهد باتجاه دعم الانتفاضة وإسنادها,ودعم سورية, وتحصين لبنان المقاوم في مواجهة المخططات,ورفع الحصار عن العراق, وإبقاء حالة الحراك الشعبي المتصاعد, عبر المسيرات, والمظاهرات, والاعتصامات, والمذكرات. إذ لا ينبغي أن يهدأ الشارع العربي, من أجل خلق حالة إسناد حقيقي لشعبنا وانتفاضته, ولكل حلقات الصمود والمواجهة.

يا جماهير شعبنا الفلسطيني..

يا جماهير أمتنا العربية المكافحة..

 

في ذكرى معركة الكرامة, نتوجه بالتحية إلى شعبنا وانتفاضته الباسلة, داخل الوطن المحتل, في الجليل, والنقب والمثلث, في الضفة, والقدس, والقطاع, مجددين العهد على مواصلة النضال, والتصدي لكل المحطات والمشاريع الأميركية-الصهيونية.

- التحية إلى سورية, شعباً, وجيشاً, وإلى الأهل الصامدين في الجولان, وإلى حزب البعث العربي الاشتراكي, وأمينه العام سيادة الرئيس بشار الأسد.

كما نتوجه بالتحية إلى الشعب اللبناني الشقيق, رئيساً, وشعباً, وإلى مقاومته الباسلة.

- التحية لشعبنا العراقي الشقيق ونطالب كل العرب وأحرار العالم برفع الحصار الجائر عنه, ووقف العدوان الأميركي-البريطاني المتواصل على أراضيه.

-التحية للأسرى والمعتقلين في سجون العدو الصهيوني.

-المجد والخلود في ذكرى الكرامة لشهداء الكرامة الخالدة, لشهداء الثورة الفلسطينية, لشهداء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية.

وإنهـا لثـورة حتـى النصـر

اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني

(فتــــح) 

دمشق 21/3/2001

-----------------------------------