أيوب قره والهوية الجديدة

خيري الذهبي

حين قال أيوب قره وهو نائب عربي في الكنيست الصهيوني يجيب محاوره في إحدى الصحف الصهيونية إنه يفضل أن يدعى بغير اليهودي على أن يدعى بالنائب العربي، حين قال أيوب قره جملته هذه وهو يظن أنه بهذه المقولة يتبرأ من العرب ويزيد من التحاقه بأعداء وطنه ومغتصبة الصهاينة سيتقرب من الصهاينة ومن اليهود ومن حزبه الليكود، وأنهم سيدللونه ويكرمونه وربما عينوه وزيراً، بل ربما صار يوماً رئيساً لمجلس الوزراء وعندها سيعيد تشكيل الوطن الفلسطيني ولكن من فوق، أفلم يصبح رئيساً للوزراء في الكيان البغيض، حين أدار أيوب قره ظهره لأهله وتاريخه وقال عن الفلسطينيين: إخواننا الفلسطينيين وهذه سمعتها منه في إحدى حواراته التليفزيونية، فتساءلت ساعتئذ، هذا الرجل إذا لم يكن يهودياً وهو ليس كذلك قطعاً فاليهود بحاخاماتهم وعلمانييهم لم يعتبروه يهودياً وهو يتشهى لو اعتبروه كذلك وهو ليس عربياً كما صرح وتمنى على محاوره، فما هو إذن؟! ولاحظوا أني استخدمت الكلمة (ما) وليس (من) المخصص للبشر.

حين أدار أيوب قره ظهره لأهله الذين أخجلوه بانتفاضتهم وزعرنتهم واستشهادهم الذي يشرشح الصورة التي يريدها للمتحضرين من غير اليهود في (الكيان) والذين صاروا من الليكود ومن إسرائيل بعليا ومن أشد الأحزاب الصهيونية تطرفاً، وقبل أن أشعر بالكثير من الأسى تذكرت تجربة مماثلة لأناس مماثلين سئموا الهزيمة العسكرية فأداروا ظهورهم لأهلهم وقرروا أن يكونوا مع المنتصرين، فلعلهم يصبحون من المنتصرين.

يحدثنا علي باشا مبارك وهو سياسي ومؤرخ ومصلح كبير مصري عن رحلة قام بها إلى فرنسا في النصف الأول من القرن التاسع عشر ليفاجأ بمرسيليا بعدد من الشحاذين والقوادين والعاملين في المهن الدنيا ممن يسمون من أنفسهم بالمصريين فأمسك بواحد منهم وطلب منه أن يقص عليه قصته وكيف يسمي نفسه بالمصري وسحنته سحنة أوروبية، فتأوه الرجل وبقصور ثم تحدث عن نابليون العظيم نابليون الذي هزم المماليك وهزم العثمانيين واحتل مصر فقال علي مبارك: كل هذا معروف، ولكن ما قصتك أنت بالذات فتحدث عن الشعور باليأس وهم يرون أسلحتهم، أي المماليك وقد فلت أمام السلاح الفرنسي الناري الجديد، وعن فروسيتهم التي خابت أمام المدافع والبنادق، وعن الشعب الذي تخلى عنهم وقد كره طول تسلطهم وتجبرهم وجشعهم فلما أيقنوا بالهزيمة قرر بعض منهم أن يعمل بالمثل الإنكليزي: إذا لم تستطع هزيمة عدوك فانضم إليه وهكذا انضم عدد من المماليك إلى نابليون، انضموا إليه بأزيائهم الشرقية الساحرة بعمائمهم الحريرية الجميلة وزنانيرهم المزخرفة وقطشياتهم المطرزة وسراويلاتهم الضيقة المقصبة الجميلة انضموا إليه بخناجرهم المطعمة بالذهب والعاج، انضموا إليه برماحهم الرشيقة المحلاة بشراشيب ريش النعام، انضموا إليه بخيولهم العربية الأصيلة المزينة بالريش والخرز والودع والمشيات الرشيقة المدربة على الرقص أمام السلاطين، انضموا إليه فجعلهم حرسه الخاص، وهكذا تحول المماليك من مدافعين عن مصر إلى مدافعين عن نابليون أمام مصر. ثم.. هزم نابليون في مصر، فرحل إلى فرنسا، ولكنه أصر على اصطحابهم معه إلى فرنسا حرساً خاصاً له، بهم يتباهى ويباهي جنرالات فرنسا وملوك أوروبا، اصطحبهم معه في كل حروبه الأوروبية فكانوا خير مدافع عنه يستميتون في الذود عن سيدهم ويتجملون به ويحملونه أمام أوروبا، شيء يشبه استيراد الزراف والجمل في ذلك الحين، شيء من غرابة الشرق الساحر الغامض جال المماليك مع نابليون أوروبا كلها، وانتصروا على أوروبا كلها انتصروا على ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، ثم مضوا مع نابليون إلى روسيا فهزموها حتى موسكو وهكذا استعادوا من ذاكرتهم الطفلية أرض الآباء والأجداد في البلدان الإسلامية التي احتلها الروس فظنوا أنهم هزموا عدوهم الروسي، أفلم يدخلوا موسكو منتصرين، ولكنهم انسحبوا فيمن انسحب من روسيا، انسحبوا إلى فرنسا وإلى واترلو، وكانت الهزيمة، وكان نفي نابليون، ثم محاولته الثانية فاستعادوا بعضاً من أمل، ولكنهم بعد نفيه الثاني إلى جزيرته التي مات فيها مسموماً وجدوا أنفسهم المكروهين، أفلم يكونوا من أنصار الحكم البائد، وجدوا أنفسهم المطاردين المرجومين بحجارة الكراهية لكل نصير لحكم سابق، فانهاروا، لا عمل ولا مال، ولا أهل ولا.. مصر تستضيفهم ثانية، فأخذوا ينزلون السلم الاجتماعي درجة درجة مطاردين محاربين مكروهين حتى لقيهم علي مبارك في مارسيليا حيث تجمعوا زبالين وقوادين وعتالين وموصومين بلعنة التخلي عن الوطن إبان أزمته.

----------------------------------------

 

 

أنس حداد

راحة الآخر.. إزعاج!!

لم يسعد واشنطن أن تشاد العلاقات بين روسيا وإيران وتتمتن، وخاصة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني إلى موسكو،يرافقه وفد سياسي واقتصادي وعسكري كبير، وبعد الاتفاقات التي تم توقيعها بين البلدين في أكثر من مجال وميدان.

لماذا؟لأن واشنطن ترى أن تعاون موسكو مع إيران من شأنه الحد من توسعها وعلاقاتها سواء مع إيران أو مع أي دولة آسيوية.

يغضب واشنطن على الدوام قيام أية علاقات بين الدول ، لأن في ذلك قوة ترى فيها الولايات المتحدة تحدياً لقوتها وهيمنتها على العالم.

من هنا يمكن فهم تصريحات كولن باول-وزير الخارجية الأمريكي-إثر لقائه وزير الخارجية الروسي إيفانوف بأن علاقات البلدين متينة،وأن واشنطن تسعى للتفاهم مع موسكو حول كل القضايا المعلقة، وعلى رأسها الموقف من الأسلحة الشاملة، وضرب العراق واستمرار الحصار عليه وغير ذلك.

لكن تصريحات باول هذه لا تعني شيئاً، طالما أن إيران-على سبيل المثال- مرتاحة للاتفاقات التي وقعتها مع موسكو..فتلك الراحة مصدر إزعاج لواشنطن كبير!!.

الخروج من الورطة!

قبل الأعضاء المتطرفين الذين شاركهم شارون في حكومة العدو أخيراً..شهد الكيان في مجمله متطرفين كثيرين ودمويين كثيرين ودعاة قتل وتهجير وطرد لشعبنا الفلسطيني ما لا يعد ولا يحصى..

وقبل زعيم حزب"موليدت" المدعو رحبعام زئيفي الذي راح يغني موال طرد الفلسطينيين العرب جميعاً من فلسطين المحتلة منذ 48 غنى غيره هذا الموال، ون اشهرهم رئيس حكومة العدو الحالي أرييل شارون..

غير أنه لا غناء هذا، لا تطرف ذاك،ولا دموية الثالث والرابع والعاشر أجدت أو نفعت في إقتلاع الجذر العميق لشعبنا الفلسطيني من أرضه، حكومة العدو تعرف ذلك، ويعرفه المتطرفون والدمويون، ويشهد له التاريخ القريب والبعيد، بل لعل "الورطة"الأعقد التي يعاني منها الكيان الصهيوني تتمثل في المعادلة التالية: وهي أنه كلما أشتد حصار العدو وقمعه لشعبنا،كلما استنهض روح المقاومة في أبناء فلسطيننا!!

ولهذا تدعو واشنطن بين الحين والآخر إلى الحوار وتهدئة الأعصاب والتفاوض وما إلى ذلك من مفرداتها السياسية التي تلعب بها على خط المواجهة الساخن.

ولو كان تصعيد القمع،وتحشيد المتطرفين يجدي لكانت انتهت قضيتنا وانهزم شعبنا، غير أن الحال هو على العكس تماماً،وهو ما تسعى حكومة العدو للخروج من"ورطته"!!.

دفتر علامات المدرسة

تنحو بعض الصحف الروسية نحو الصحف الأمريكية في البحث عن التفاصيل الصغيرة فيما يتعلق بالزعماء في بلادهم ثم نشرها على اعتبار أنه فضيحة!!

من ذلك إعلان صحيفة روسية شعبية أنه عثرت على دفتر تقييم مدرسي لبوتين يعود إلى سنوات عمره الأولى حين كان في الحادية عشرة من العمر وفيه يظهر أن بوتين كان ضعيفاً في مادة الرياضيات، وحصة الرياضة، وأنه كان مشاغباً في الصف... الخ.

ما نفع هذه المعلومة" الخطيرة" في سياسة روسيا الآن، أو في تزعم بوتين لها؟!أية أهمية أن تكشف الصحيفة عن اجتهاده بمادة التاريخ أو رسوبه بمادة أخرى، أو إلقائه الممحاة على زملائه وإحضاره ولي أمره إلى المدرسة وغير ذلك؟!

لعبة أمريكية-غربية بامتياز، حلت لصحيفة روسيا أن تمارسها في سياق التقليد الأعمى لكل ما هو غربي أمريكي، على اعتبار أن نبش التفاصيل الشخصية لحياة بوتين المدرسية يمكن أن يقدم أو يؤخر في مستوى روسيا الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي!!

أليس مهيناً أن تنقلب الصحف الروسية على جمود الماضي بميوعة الحاضر؟!!.

شهادة الغرب!

رغم موجة الهستيريا التي تجتاح حكومة الكيان والمطالبة بضرورة فرض الحصار على المدن الفلسطينية المختلفة، وخصوصاً منها تلك التي تظهر فيها أعمال المقاومة الباسلة لجنود الاحتلال..

ورغم أن رئيس الوزراء الحالي منشغل تماماً في كيفية إدارة الصراع مع أبناء شعبنا،إلا أن الأخبار الواردة تؤكد على التصدي الدائم من أبناء شعبنا للحصار المضروب على هذه المدينة أو تلك.

وقد أفادت وكالات الأنباء الأجنبية أن عدداً من الشبان الفلسطينيين قد وضعوا أجسادهم أمام الجرافات للحيلولة دون إطباق الحصار على سكان المدن الفلسطينية أو وقف التواصل فيما بينها.

وجاء في تعليق لصحيفة فرنسية أن الملاحم التي عرفتها البشرية عبر تاريخها الطويل يعاد تسطيرها الان من فتية بعمر الزهور داخل فلسطين المحتلة، وأن مشهد المواجهة بين الناس العزل-تضيف الصحيفة-وآلات القتل العسكرية الصهيوني تلخص القضية الفلسطينية برمتها، وتؤثر في الرأي العام الأوروبي بأكثر مما تفعله عشرات المجلدات.

تلك شهادة واحدة من عشرات الشهادات التي لم يستطع الغرب الامتناع عن تقديمها لإيضاح حقيقة ما يجري..

بالخطأ!!

حتى في المناورات والتدريبات العسكرية الأمريكية لا ينجو البعض من شر هذا الشيطان الرجيم!

ففي نبأ أذاعته وزارة الدفاع الكويتية جاء أن" ستة عسكريين(خمسة أمريكيين ونيوزلندي واحد) قد قتلوا شمال الكويت عندما ألقت طائرة أمريكية من طراز إف-18 بالخطأ قنبلة على قوات أمريكية شمال الإمارة" وهكذا صح القول:على نفسها جنت براقش!و"براقش" ها هي القوات الأمريكية التي لا تكف عن ارتكاب جنايات القتل بحق الشعوب مدنيين كانوا ام عسكريين تحت يافطة كاذبة هي السلام العالمي والأمن العالمي.

وبالطبع، فلا شماتة في الموت.. وإنما لا بد من العظة وخصوصاً حين يجيء الموت على ايدي قوات أمريكية ولكن ضد الجنود الأمريكيين هذه المرة.. وبالخطأ.

ذلك أن أخطاء أمريكا لا تعد ولا تحصى سواء أكانت كاذبة أم صادقة، ولكن قصف السفارة الصينية-بالخطأ مازال ماثلاً في الأذهان إلى اليوم بل وفي صلب العلاقات السياسية بين واشنطن وبكين!

فهل يتوقف الخطأ؟ ومتى يكف القصد عن قتل الشعوب؟!!

سفيران وأمريكا واحدة!!

طريف أن تستمع أحياناً إلى رأي سفيرين أمريكيين كرأي السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة هولبروك والسفير الأمريكي الحالي مارتن إنديك.

ففي حين يؤكد الأول على أن منطقة الشرق الأوسط تشهد غلياناً  خطيراً لم تشهد مثيله منذ حرب 1973 ، وأن هذا الخطر لا يمكن للإدارة الأمريكية الجديدة أن تصرف النظر عنه، ولا بد أن تتدخل لإيجاد حل ما..

في هذا الوقت يقول إنديك أن واشنطن لم تكف عن الطلب إلى الجهتين بضبط النفس ووقف العنف، وأنه يضيف السفير- قد طالبت الفلسطينيين بالعمل لقيام السلام لا لطرد اليهود وإبادتهم!!

طريف.لأن السفير الأول المستقيل صحا الآن على الخطر القائم واحتمال الانفجار في المنطقة!! وطريف لأن السفير الأمريكي لدى الكيان يرى أن الفلسطينيين يريدون إلغاء الكيان بدلاً من البحث عن السلام، وليس العكس!!

أما إذا كان السفير يقصد أن الفلسطينيين يحاولون إلغاء الاحتلال، فهذا صحيح جداً، وهل لديه فكرة أخرى لشعب يتم احتلال أرضه وطرده وتشريده وقتله سوى المقاومة لإنهاء الاحتلال !!.

----------------------------------------