يفترض من الناحية النظرية أن تكون دولة الرفاه هي الملاذ الأمين للناس، سواء على مستوى توفير فرص العمل للطبقة العاملة أو على أساس توفير المساعدات الاجتماعية للطبقة الفقيرة ولا سيما اولئك الذين يعيلون عدداً كبيرا من الأطفال. أما التطورات الاجتماعية والسياسية الجديدة التي أخذت بها الدولة في أوروبا الغربية، وفي أمريكا، فقد جعلت من دولة الرفاه أداة تحول دون توفير الأمان للفقراء. لقد اصبح دورها، أي الدولة، الإلقاء بالفقراء إلى مواقع العمل حيث يتم ضمان استغلالهم بشكل مربح من قبل أصحاب الأعمال. وهكذا، فقد أصبحت دولة الرفاه في امريكا، الاسم الرسمي لعملية تدفع الفقراء ليكونوا على حالة من اليأس بحيث يقبلون العمل بأي اجر يعرض لهم وتحت أية ظروف.
أما غير القادرين على العمل فإن الهجوم على وسائل دولة الرفاه يعني سحب البساط من تحت أقدامهم لدرجة لا إنسانية. أن الحقيقة المخفية في دولة الرفاه هي أن معظم الذين يحصلون على المعونة من الدولة هم الأولاد. قدم البرنامج الفدرالي الأمريكي ولعدة عقود مساعدات للأسر التي تعيل اولاداً، وللاسر التي فيها ملايين النساء العازبات اللواتي بحاجة لإعالة أولادهن.
لكن السياسة اللبرالية الجديدة عرضت مشروعاً اسمي "مشروع إصلاح الرفاه". أن جوهر مشروع إصلاح الرفاه هو أن تضطر هاتيك النسوة لقبول أي عمل يعرض عليهن بأي اجر. وذلك لان المعونة الممنوحة لأطفالهن يتم تقليصها. وإذا وضعنا بالاعتبار، ان مشروع الرفاه نفسه كان غير كاف لحاجات هؤلاء الناس، فما بالك بعد مشروع "الإصلاح" هذا؟.
كان الرفاه قبل التقليصات –عام 1994- تجربة مرة حيث أن 14 مليون شخص أي 5,5% من السكان كانوا يحصلون على مساعدات للعائلات التي تعيل أطفالا حيث كان معدل الشيك المدفوع للأسرة على مستوى وطني (بالمتوسط) 366 دولاراً للأسرة او (4392 دولاراً في السنة).
ولكن بعد القانون الفدرالي "قانون المسؤولية الشخصية وفرص العمل"لم تعد المساعدات التي يفترض تقديمها للأطفال مضمونة.. بلغت التقليصات التي أجريت على برنامج الرفاه ( المقتطعات) 56 بليون دولار كان يدفعها برنامج الرفاه الفدرالي حيث كانت تستخدم لدفع الديون الفدرالية للممولين الرأسماليين. أما المساعدات التي تدفع للأسر التي تعيل أولادا، فقد أعيدت تسميتها ب "مساعدة مؤقتة للأسر المحتاجة".
وعليه، فقد نقص، منذ عام 1996، عدد الأسر التي تحصل على رفاه بمعدل النصف. أي من 12,2 مليون عام 1996 إلى 6,6 مليون عام 1999. وهكذا، يجري في طول البلاد وعرضها فصل الناس من برنامج الرفاه والإلقاء بهم في لجة الفقر. ففي ويسكنسن مثلا، (وهذه تعتبر نموذجا وطنيا لتقليص الرفاه) تصل الأرقام إلى المستوى الأكثر تطرفا.
ففي منتصف الثمانينات، كان 98 ألف شخص يحصلون على مساعدات في ويسكنسن أما اليوم فالذين يحصلون عليها هم 7,000 شخص فقط.
يحتاج مشروع "الإصلاح" هذا إلى تغطية إعلامية وإيديولوجية. لذا، تقوم الدولة بهجمة رسمية هائلة عنوانها نقل الناس من "ثقافة التبعية إلى ثقافة العمل". إلا أن هذه الدعاية تخفي وراءها حقيقة أن معظم النساء اللواتي على قائمة الرفاه قد حصلن بشكل متزايد على عمال لأنفسهن. أما قبل اقتطاعات الرفاه 1996، فان معظم النساء اللواتي على الرفاه كن يجدن عملا خلال عامين. وفي نفس الوقت فان كثيرا من النساء اللواتي تركن الرفاه واستلمن اعمالا اصبحن في الغالب غير قادرات على العناية بأسرهن بالحد الأدنى من الأجر الذي يحصلن عليه ولذا اضطررن للعودة إلى الرفاه نظرا للواقع القاسي للشرائح الدنيا من الطبقة العاملة.
يبلغ متوسط نقص الأجرة في المواقع الدنيا للطبقة العاملة أقل بدولارين لكل ساعة عمل اقل مما كان عليه الأمر قبل عشرين سنة. وهذه الأجرة لا توفر ببساطة ما يكفي إعالة أسرة. لا شك أنها لا تكفي لدفع نفقات العناية بالأطفال. أن هذه السياسة هي إرغام الناس على القبول بوظائف باجر قريب من حافة المجاعة. وهذا يعني إرغامهم وأطفالهم على الغوص عميقا في اكثر أوضاع الفقر بؤسا وفي اللجوء إلى الاقتصاد غير الشرعي.
يمكننا اليوم، بعد أربع سنوات من تطبيق برنامج الإصلاح هذا، رؤية الآثار السلبية لهذه السياسة. فقد ورد في تقرير عن المعهد الحضري أن ثلث إلى نصف النساء اللواتي أرغمن على ترك الرفاه عانين من مصاعب جمة منها بكل بساطة إطعام أولادهن. هناك قرابة 40 بالمئة منهن لم يستطعن دفع أجرة السكن في السنة الماضية. أن 39 بالمئة من الحاصلات سابقا على الرفاه بقين بلا عمل، وربع العدد يعشن في مساكن حيث لا أحد من سكانها يجد عملاً.. ومن بين اللواتي يعملن، هناك 20 بالمئة فقط يحصلن على تامين صحي على وظائفهن.
هناك مسح وطني أجراه "مركز الميزانية وأولويات السياسة" أن متوسط الدخل الجاهز للإنفاق للخمس الأكثر فقرا من الأسر التي تعيلها الأم قد هبط ب 580 دولاراً للأسرة الواحدة بين 1995-97. وفي حين أن الحكومة تتحدث عن "ازدهار لا سابقة له"، فان دخل العشر الأكثر فقرا من السكان قد تراجع بنسبة 14%.
يقول تقرير للدفاع عن الأولاد، انه في الفترة ما بين 1995-97 كان هناك ارتفاع في عدد الأولاد الذين يعيشون في "فقر مدقع" (أي يعيشون على دخل يصل إلى نصف المبلغ الذي يعرف بأنه خط الفقر". لقد قلصت الحكومة الطعام لهؤلاء الأولاد بينما تقوم بكل حماس ببناء زنازين سجن سوف يقبع فيها الكثيرون.
يقول تقرير لولاية اريزونا أن عدد الجياع من الشعب قد تضاعف في السنوات العشر الأخيرة ليصل إلى 900 ألف شخص. ان مستودعات الغذاء على طول البلاد على شفا أن تفرغ من الطعام نظرا للأعداد الكبيرة من الجياع الذين يصطفون في طوابير للحصول على المساعدة والإغاثة. أن مطابخ الحساء التي كان يؤمها في السابق رجل بمفرده تستقبل اليوم أسرا كاملة وكبارا في السن يصطفون للحصول على وجبة طعام.
تقوم السلطة الفدرالية بإرغام حكومات الولايات بفصل اكبر عدد ممكن من الناس من برنامج الرفاه. فلم تعد تحصل هذه الولايات على قائمة بنسبة الفلوس التي ينفقوها على الرفاه، وبدلا من ذلك تحصل الولايات على مبالغ محددة من النقود تسمى "منحة مقطوعة" وإذا لم ينفقوا كل المبلغ على الفقراء فعليهم صرفه على أمر آخر. وبهذا الطريقة، فان 45 ولاية إضافة إلى مقاطعة كولومبيا قد راكمت حتى أيلول 1999، ما قيمته 7 بليون دولار في الصندوق الفدرالي. (وطبقا لدراسة من قبل الحملة الوطنية عن الوظائف والدخل) ، أن الأموال التي تم تراكمها بسبب عدم صرفها على الفقراء.
تم استخدام هذه الأموال في بعض الولايات مثل ويسكنسن، لتمويل مقتطعات الضريبة المخصصة لأصحاب الأملاك. وعليه، فإن ما تم حقيقة هو تحويل النقود من هؤلاء الذين لا يملكون شيئا لصالح الذين لديهم شيء. وهكذا فان الكثير من الثروة تذهب لصالح الأغنياء الطبقات العليا. لذلك، فإن ثروة 400 أغنى العائلات في أمريكا قد زادت بمعدل 940 مليون دولار لكل واحدة ما بين 1997-1999.
لقد تناقص عدد الذين يحصلون على مساعدات في ولاية ويسكنسن منذ منتصف الستينات بنسبة 90% ليصلوا إلى 7 آلاف. أما اكثر من تحولوا من الرفاه إلى العمل فقد أرغموا على القبول بوظائف تدفع أجرا اقل من اجر الحد الأدنى أي بشكل عام من 6,5- 7,5 دولار في الساعة.
كانت ولاية نيويورك تعتبر الأكثر لبرالية فيما يخص الرفاه. بلغ المسجلين على لائحة الرفاه فيها عام 1994 مليون ومئة ألف شخص. أما الآن فلا يزيد العدد عن 650 ألفا. وعليه فان اكثر من نصف مليون اسقطوا من المساعدات معظمهم من الأولاد في مدينة يعيش واحد من كل أربعة من أهلها في فقر وأربعة من كل عشرة من الأولاد فقراء.
بينت دراسة في نيويورك انه بعد ستة اشهر من ترك الرفاه عام 1977، فان ما يقارب نصف من اسقطوا من قائمة الرفاه لم يجد عملا ثابتا وان قرابة الثلث لم يجد عملا قط.
قاد تقليص الرفاه إلى رمي أعداد كبيرة من العمال في الفقر وهذا يزيد ثراء الأغنياء حيث يزيد عدد قوة العمل المعروضة باجر رخيص. وهذا سلوك مشترك بين الحزبين. ففي حين يدعي كثيرون أن الحزب الديمقراطي هو الحزب الأكثر ميلا للطبقات الوسطى والفقيرة وان الحزب الجمهوري هو حزب رأس المال، فإن شواهد الواقع تعاكس ذلك تماماً.
أن مختلف التقليصات التي أوردناها أعلاه، والتي طالت بقسوة الطبقات الفقيرة تمت في حكم الديمقراطيين. وصل عدد المشردين بلا مسكن في أمريكا اليوم إلى نصف مليون شخص.
لعل بيت القصيد هنا كامن في نقطتين:
الأولى: أن الحزبين يعملان لصالح الطبقة الرأسمالية. وبالتالي، لا يمكن لبرنامج أي منهما أن يخرج عن رغائبها.
والثانية: وهي أن أمريكا لا تعيش بالبعد الداخلي المحض لاقتصادها. فهي متحكمة باقتصاد العالم بأسره. أي أن جزءا كبيرا من تمويل اقتصادها يتم عبر تدفق ثروات العالم إليها، سواء بتحويل أرصدة ومدخرات الكثير من الأشخاص والدول إليها، أو عبر استغلالها ثروات بلدان مثل بلدان الخليج العربي (النفط خاصة)، أو بالتبادل اللا متكافئ مع مختلف بلدان العالم…الخ.
وعليه، فإن النظرية التي طالما تشدق بها اقتصاديون أمريكان بأن أمريكا قادرة على الانعزال عن العالم والاكتفاء بمقدراتها لا أساس لها من الصحة.
اذن، يبقى القول، انه حتى يتمكن الشعب الأمريكي من وعي واقع نظامه الحاكم، لا بد أن تقوم الأمم الفقيرة والمسلوبة بوقف تدفق ثرواتها إلى أمريكا. عندها يصبح التأثير على الرأي العام الأمريكي سواء لصالح تغيير نظامه السياسي والاقتصادي أو سياسة أمريكا الخارجية أمراً ممكنا.
-------------------------------------
حين قال أيوب قره وهو نائب عربي في الكنيست الصهيوني يجيب محاوره في إحدى الصحف الصهيونية إنه يفضل أن يدعى بغير اليهودي على أن يدعى بالنائب العربي، حين قال أيوب قره جملته هذه وهو يظن أنه بهذه المقولة يتبرأ من العرب ويزيد من التحاقه بأعداء وطنه ومغتصبة الصهاينة سيتقرب من الصهاينة ومن اليهود ومن حزبه الليكود، وأنهم سيدللونه ويكرمونه وربما عينوه وزيراً، بل ربما صار يوماً رئيساً لمجلس الوزراء وعندها سيعيد تشكيل الوطن الفلسطيني ولكن من فوق، أفلم يصبح رئيساً للوزراء في الكيان البغيض، حين أدار أيوب قره ظهره لأهله وتاريخه وقال عن الفلسطينيين: إخواننا الفلسطينيين وهذه سمعتها منه في إحدى حواراته التليفزيونية، فتساءلت ساعتئذ، هذا الرجل إذا لم يكن يهودياً وهو ليس كذلك قطعاً فاليهود بحاخاماتهم وعلمانييهم لم يعتبروه يهودياً وهو يتشهى لو اعتبروه كذلك وهو ليس عربياً كما صرح وتمنى على محاوره، فما هو إذن؟! ولاحظوا أني استخدمت الكلمة (ما) وليس (من) المخصص للبشر.
حين أدار أيوب قره ظهره لأهله الذين أخجلوه بانتفاضتهم وزعرنتهم واستشهادهم الذي يشرشح الصورة التي يريدها للمتحضرين من غير اليهود في (الكيان) والذين صاروا من الليكود ومن إسرائيل بعليا ومن أشد الأحزاب الصهيونية تطرفاً، وقبل أن أشعر بالكثير من الأسى تذكرت تجربة مماثلة لأناس مماثلين سئموا الهزيمة العسكرية فأداروا ظهورهم لأهلهم وقرروا أن يكونوا مع المنتصرين، فلعلهم يصبحون من المنتصرين.
يحدثنا علي باشا مبارك وهو سياسي ومؤرخ ومصلح كبير مصري عن رحلة قام بها إلى فرنسا في النصف الأول من القرن التاسع عشر ليفاجأ بمرسيليا بعدد من الشحاذين والقوادين والعاملين في المهن الدنيا ممن يسمون من أنفسهم بالمصريين فأمسك بواحد منهم وطلب منه أن يقص عليه قصته وكيف يسمي نفسه بالمصري وسحنته سحنة أوروبية، فتأوه الرجل وبقصور ثم تحدث عن نابليون العظيم نابليون الذي هزم المماليك وهزم العثمانيين واحتل مصر فقال علي مبارك: كل هذا معروف، ولكن ما قصتك أنت بالذات فتحدث عن الشعور باليأس وهم يرون أسلحتهم، أي المماليك وقد فلت أمام السلاح الفرنسي الناري الجديد، وعن فروسيتهم التي خابت أمام المدافع والبنادق، وعن الشعب الذي تخلى عنهم وقد كره طول تسلطهم وتجبرهم وجشعهم فلما أيقنوا بالهزيمة قرر بعض منهم أن يعمل بالمثل الإنكليزي: إذا لم تستطع هزيمة عدوك فانضم إليه وهكذا انضم عدد من المماليك إلى نابليون، انضموا إليه بأزيائهم الشرقية الساحرة بعمائمهم الحريرية الجميلة وزنانيرهم المزخرفة وقطشياتهم المطرزة وسراويلاتهم الضيقة المقصبة الجميلة انضموا إليه بخناجرهم المطعمة بالذهب والعاج، انضموا إليه برماحهم الرشيقة المحلاة بشراشيب ريش النعام، انضموا إليه بخيولهم العربية الأصيلة المزينة بالريش والخرز والودع والمشيات الرشيقة المدربة على الرقص أمام السلاطين، انضموا إليه فجعلهم حرسه الخاص، وهكذا تحول المماليك من مدافعين عن مصر إلى مدافعين عن نابليون أمام مصر. ثم.. هزم نابليون في مصر، فرحل إلى فرنسا، ولكنه أصر على اصطحابهم معه إلى فرنسا حرساً خاصاً له، بهم يتباهى ويباهي جنرالات فرنسا وملوك أوروبا، اصطحبهم معه في كل حروبه الأوروبية فكانوا خير مدافع عنه يستميتون في الذود عن سيدهم ويتجملون به ويحملونه أمام أوروبا، شيء يشبه استيراد الزراف والجمل في ذلك الحين، شيء من غرابة الشرق الساحر الغامض جال المماليك مع نابليون أوروبا كلها، وانتصروا على أوروبا كلها انتصروا على ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، ثم مضوا مع نابليون إلى روسيا فهزموها حتى موسكو وهكذا استعادوا من ذاكرتهم الطفلية أرض الآباء والأجداد في البلدان الإسلامية التي احتلها الروس فظنوا أنهم هزموا عدوهم الروسي، أفلم يدخلوا موسكو منتصرين، ولكنهم انسحبوا فيمن انسحب من روسيا، انسحبوا إلى فرنسا وإلى واترلو، وكانت الهزيمة، وكان نفي نابليون، ثم محاولته الثانية فاستعادوا بعضاً من أمل، ولكنهم بعد نفيه الثاني إلى جزيرته التي مات فيها مسموماً وجدوا أنفسهم المكروهين، أفلم يكونوا من أنصار الحكم البائد، وجدوا أنفسهم المطاردين المرجومين بحجارة الكراهية لكل نصير لحكم سابق، فانهاروا، لا عمل ولا مال، ولا أهل ولا.. مصر تستضيفهم ثانية، فأخذوا ينزلون السلم الاجتماعي درجة درجة مطاردين محاربين مكروهين حتى لقيهم علي مبارك في مارسيليا حيث تجمعوا زبالين وقوادين وعتالين وموصومين بلعنة التخلي عن الوطن إبان أزمته.
----------------------------------------
أنس حداد
راحة الآخر.. إزعاج!!
لم يسعد واشنطن أن تشاد العلاقات بين روسيا وإيران وتتمتن، وخاصة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني إلى موسكو،يرافقه وفد سياسي واقتصادي وعسكري كبير، وبعد الاتفاقات التي تم توقيعها بين البلدين في أكثر من مجال وميدان.
لماذا؟لأن واشنطن ترى أن تعاون موسكو مع إيران من شأنه الحد من توسعها وعلاقاتها سواء مع إيران أو مع أي دولة آسيوية.
يغضب واشنطن على الدوام قيام أية علاقات بين الدول ، لأن في ذلك قوة ترى فيها الولايات المتحدة تحدياً لقوتها وهيمنتها على العالم.
من هنا يمكن فهم تصريحات كولن باول-وزير الخارجية الأمريكي-إثر لقائه وزير الخارجية الروسي إيفانوف بأن علاقات البلدين متينة،وأن واشنطن تسعى للتفاهم مع موسكو حول كل القضايا المعلقة، وعلى رأسها الموقف من الأسلحة الشاملة، وضرب العراق واستمرار الحصار عليه وغير ذلك.
لكن تصريحات باول هذه لا تعني شيئاً، طالما أن إيران-على سبيل المثال- مرتاحة للاتفاقات التي وقعتها مع موسكو..فتلك الراحة مصدر إزعاج لواشنطن كبير!!.
الخروج من الورطة!
قبل الأعضاء المتطرفين الذين شاركهم شارون في حكومة العدو أخيراً..شهد الكيان في مجمله متطرفين كثيرين ودمويين كثيرين ودعاة قتل وتهجير وطرد لشعبنا الفلسطيني ما لا يعد ولا يحصى..
وقبل زعيم حزب"موليدت" المدعو رحبعام زئيفي الذي راح يغني موال طرد الفلسطينيين العرب جميعاً من فلسطين المحتلة منذ 48 غنى غيره هذا الموال، ون اشهرهم رئيس حكومة العدو الحالي أرييل شارون..
غير أنه لا غناء هذا، لا تطرف ذاك،ولا دموية الثالث والرابع والعاشر أجدت أو نفعت في إقتلاع الجذر العميق لشعبنا الفلسطيني من أرضه، حكومة العدو تعرف ذلك، ويعرفه المتطرفون والدمويون، ويشهد له التاريخ القريب والبعيد، بل لعل "الورطة"الأعقد التي يعاني منها الكيان الصهيوني تتمثل في المعادلة التالية: وهي أنه كلما أشتد حصار العدو وقمعه لشعبنا،كلما استنهض روح المقاومة في أبناء فلسطيننا!!
ولهذا تدعو واشنطن بين الحين والآخر إلى الحوار وتهدئة الأعصاب والتفاوض وما إلى ذلك من مفرداتها السياسية التي تلعب بها على خط المواجهة الساخن.
ولو كان تصعيد القمع،وتحشيد المتطرفين يجدي لكانت انتهت قضيتنا وانهزم شعبنا، غير أن الحال هو على العكس تماماً،وهو ما تسعى حكومة العدو للخروج من"ورطته"!!.
تنحو بعض الصحف الروسية نحو الصحف الأمريكية في البحث عن التفاصيل الصغيرة فيما يتعلق بالزعماء في بلادهم ثم نشرها على اعتبار أنه فضيحة!!
من ذلك إعلان صحيفة روسية شعبية أنه عثرت على دفتر تقييم مدرسي لبوتين يعود إلى سنوات عمره الأولى حين كان في الحادية عشرة من العمر وفيه يظهر أن بوتين كان ضعيفاً في مادة الرياضيات، وحصة الرياضة، وأنه كان مشاغباً في الصف... الخ.
ما نفع هذه المعلومة" الخطيرة" في سياسة روسيا الآن، أو في تزعم بوتين لها؟!أية أهمية أن تكشف الصحيفة عن اجتهاده بمادة التاريخ أو رسوبه بمادة أخرى، أو إلقائه الممحاة على زملائه وإحضاره ولي أمره إلى المدرسة وغير ذلك؟!
لعبة أمريكية-غربية بامتياز، حلت لصحيفة روسيا أن تمارسها في سياق التقليد الأعمى لكل ما هو غربي أمريكي، على اعتبار أن نبش التفاصيل الشخصية لحياة بوتين المدرسية يمكن أن يقدم أو يؤخر في مستوى روسيا الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي!!
أليس مهيناً أن تنقلب الصحف الروسية على جمود الماضي بميوعة الحاضر؟!!.
رغم موجة الهستيريا التي تجتاح حكومة الكيان والمطالبة بضرورة فرض الحصار على المدن الفلسطينية المختلفة، وخصوصاً منها تلك التي تظهر فيها أعمال المقاومة الباسلة لجنود الاحتلال..
ورغم أن رئيس الوزراء الحالي منشغل تماماً في كيفية إدارة الصراع مع أبناء شعبنا،إلا أن الأخبار الواردة تؤكد على التصدي الدائم من أبناء شعبنا للحصار المضروب على هذه المدينة أو تلك.
وقد أفادت وكالات الأنباء الأجنبية أن عدداً من الشبان الفلسطينيين قد وضعوا أجسادهم أمام الجرافات للحيلولة دون إطباق الحصار على سكان المدن الفلسطينية أو وقف التواصل فيما بينها.
وجاء في تعليق لصحيفة فرنسية أن الملاحم التي عرفتها البشرية عبر تاريخها الطويل يعاد تسطيرها الان من فتية بعمر الزهور داخل فلسطين المحتلة، وأن مشهد المواجهة بين الناس العزل-تضيف الصحيفة-وآلات القتل العسكرية الصهيوني تلخص القضية الفلسطينية برمتها، وتؤثر في الرأي العام الأوروبي بأكثر مما تفعله عشرات المجلدات.
تلك شهادة واحدة من عشرات الشهادات التي لم يستطع الغرب الامتناع عن تقديمها لإيضاح حقيقة ما يجري..
حتى في المناورات والتدريبات العسكرية الأمريكية لا ينجو البعض من شر هذا الشيطان الرجيم!
ففي نبأ أذاعته وزارة الدفاع الكويتية جاء أن" ستة عسكريين(خمسة أمريكيين ونيوزلندي واحد) قد قتلوا شمال الكويت عندما ألقت طائرة أمريكية من طراز إف-18 بالخطأ قنبلة على قوات أمريكية شمال الإمارة" وهكذا صح القول:على نفسها جنت براقش!و"براقش" ها هي القوات الأمريكية التي لا تكف عن ارتكاب جنايات القتل بحق الشعوب مدنيين كانوا ام عسكريين تحت يافطة كاذبة هي السلام العالمي والأمن العالمي.
وبالطبع، فلا شماتة في الموت.. وإنما لا بد من العظة وخصوصاً حين يجيء الموت على ايدي قوات أمريكية ولكن ضد الجنود الأمريكيين هذه المرة….. وبالخطأ.
ذلك أن أخطاء أمريكا لا تعد ولا تحصى سواء أكانت كاذبة أم صادقة، ولكن قصف السفارة الصينية-بالخطأ مازال ماثلاً في الأذهان إلى اليوم بل وفي صلب العلاقات السياسية بين واشنطن وبكين!
فهل يتوقف الخطأ؟ ومتى يكف القصد عن قتل الشعوب؟!!
طريف أن تستمع أحياناً إلى رأي سفيرين أمريكيين كرأي السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة هولبروك والسفير الأمريكي الحالي مارتن إنديك.
ففي حين يؤكد الأول على أن منطقة الشرق الأوسط تشهد غلياناً خطيراً لم تشهد مثيله منذ حرب 1973 ، وأن هذا الخطر لا يمكن للإدارة الأمريكية الجديدة أن تصرف النظر عنه، ولا بد أن تتدخل لإيجاد حل ما..
في هذا الوقت يقول إنديك أن واشنطن لم تكف عن الطلب إلى الجهتين بضبط النفس ووقف العنف، وأنه –يضيف السفير- قد طالبت الفلسطينيين بالعمل لقيام السلام لا لطرد اليهود وإبادتهم!!
طريف.لأن السفير الأول المستقيل صحا الآن على الخطر القائم واحتمال الانفجار في المنطقة!! وطريف لأن السفير الأمريكي لدى الكيان يرى أن الفلسطينيين يريدون إلغاء الكيان بدلاً من البحث عن السلام، وليس العكس!!
أما إذا كان السفير يقصد أن الفلسطينيين يحاولون إلغاء الاحتلال، فهذا صحيح جداً، وهل لديه فكرة أخرى لشعب يتم احتلال أرضه وطرده وتشريده وقتله سوى المقاومة لإنهاء الاحتلال !!.
----------------------------------------