تعويم صيغة النفط مقابل الأغذية

وواشنطن تريد إعادة عقارب الزمن للوراء

بعد مضي أكثر من عشرة أعوام على فرض العقوبات الأميركية على العراق، تبدو الصورة الآن، وكأن الحالة ما زالت تذكرنا بالبدايات، أو حتى ما هو أقل من هذه البدايات. فقد نجحت الولايات المتحدة، لأسباب دولية وعربية في إدامة العقوبات التي تعرضت أسسها حياة وبقاء الشعب العراقي، وفي كل مرة، بأسلوب جديد. فمن الهروب من المطالبة الدولية، بتخفيف العقوبات المفروضة على العراق، قبلت واشنطن صيغة النفط مقابل الأغذية، التي ساهمت إلى حد بسيط للغاية، في تغيير الحالة المعاشية للعراقيين، وأدت، من بين عوامل وأسباب أخرى، إلى إحداث خروقات في جدار الحصار الأميركي، بعد أن يأست الكثير من الدول، من الرهان على إمكانية اتخاذ مجلس الأمن، لقرار يقضي برفع العقوبات، وقد تيقظت إدراة جورج بوش الابن، إلى واقع أن العقوبات بدأت بالتداعي، للحد الذي وصفها <<كولن باول>> بكونها تشبه طائرة تهوي وتكاد تتحطم، فطرحت الإدارة الجديدة في التداول مفهوماً للعقوبات أسمته العقوبات الذكية، التي قالت الصين عنها، أنها أشد من العقوبات المفروضة بالأصل، وتحفظت عليها روسيا لنفس السبب، فلمواجهة الدعوة لرفع العقوبات كلياً عن العراق، لجأت واشنطن ولندن، إلى طرح مشروع العقوبات الذكية من جانب، والتلويح بإقامة ما يسمى منطقة آمنة في جنوب العراق، من جانب آخر.

ومن الواضح للغاية، أن مفهوم العقوبات الذكية، مناورة أميركية-بريطانية، لاستبعاد مناقشة قضية رفع العقوبات عن العراق، داخل مجلس الأمن الدولي، إذ انشغل هذا المجلس بمناقشة المشروع الأميركي منذ أكثر من شهر، بدلاً من البحث في القضية الأساسية، وهي رفع العقوبات. وإزاء ذلك تصرفت روسيا والصين، من منطلق أن العين بصيرة واليد قصيرة، ومن هذا المنطلق، أدت النقاشات بين الدول دائمة العضوية إلى تعليق العمل بصيغة النفط مقابل الغذاء، عبر تمديدها لمدة شهر واحد فقط، من أجل استكمال النقاش حول مشروع العقوبات الذكية، والغريب في هذا الأمر موافقة روسيا والصين، فقد اعتبرت الدولتان هذا المشروع تشديداً للعقوبات، ومع ذلك وافقتا على خوض النقاش بصدده، ربما بهدف تعديل بعض بنوده، وإذا حدث ذلك فإن موسكو وبكين سوف تبقيان تلعبان في الملعب الأميركي، وتحت السقف السياسي الأميركي، بدلاً من الأخذ بزمام المبادرة في طرح مشروع أو أكثر لرفع العقوبات دون قيد أو شرط، أو في أضعف الإيمان وضع جدول زمني لإنهاء معاناة العراقيين القاتلة.

معركة نفط غير متكافئة:

هددت بغداد، قبل قرار مجلس الأمن، بإيقاف ضخ النفط، إذا لم يتم تمديد صيغة النفط مقابل الأغذية مدة ستة أشهر، وحتى صدر قرار تمديد هذه الصيغة مدة شهر واحد، أقدمت بغداد على تنفيذ تهديدها، فأصبحت المطالبة ببقاء صيغة النفط مكسباً يدافع عنه العراق، بعد أن كان يعترض عليه، ويطالب برفع شامل للعقوبات.

وقد حرصت بغداد، فيما يبدو، على عدم إيقاع أضرار بالأردن وتركيا، فأعلنت عن بقاء إمدادات النفط لهاتين الدولتين، لأن هذه الإمدادات خارج صيغة النفط مقابل الأغذية، وهي حركة استباقية، إذ سبق لواشنطن أثناء ترويجها لمفهوم العقوبات الذكية مدى الدول المجاورة للعراق إن طرحت فكرة تعويض الدول المتضررة، في حال أقدمت بغداد على ما أسمته واشنطن خطوات انتقامية ضد الدول التي تؤيد العقوبات الذكية، ومن الواضح أن الموقف العراقي بوقف إمدادات النفط قد أثر جزئياً في أسواق النفط، بعد أن أعلنت منظمة <<أوبك>> عدم زيادة إنتاجها لتعويض نقص النفط العراقي، حيث ما زالت الأسعار تتراوح بين 22-28 دولاراً للبرميل الواحد، وليس في المستبعد في حال تجاوزت الأسعار هذا السقف المتفق عليه في <<أوبك>> أن تلجأ دول أعضاء في <<أوبك>> إلى زيادة إنتاجها في النفط، بشكل فردي، ومهما يكن الحال فإن معركة النفط من الجانب العراقي ليست متكافئة، إذ سبق وخلال سنوات، أن جربت واشنطن الاستغناء عن النفط العراقي، عبر استنزاف مخزون النفط السعودي والكويتي بشكل خاص، إلا أن بغداد لا تملك سلاحاً ترد به على المشروع الأميركي سوى هذا السلاح، الذي لم يعد سلاحاً لا بيد العراق ولا أيدي العرب، منذ زمن طويل بل وتحول إلى سلاح بيد واشنطن لضرب ما تبقى من بنية تحتية في العراق وتجويع الملايين وترويعهم، ربما من المبكر الحديث عن نجاح واشنطن في تمرير مشروع العقوبات الذكية داخل مجلس الأمن، أو تسويقه لدى الدول المجاورة للعراق، ذلك لأن المساعي الأميركية تشبه محاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وهو ما تلوح به واشنطن ليس بالعقوبات الذكية فقط، بل بتصريحات ساحتها حول إقامة <<منطقة آمنة>> في جنوب العراق على غرار تلك التي أقيمت في شماله، أي تمزيق العراق عملياً إلى كانتونات على أسس عرقية ومذهبية، ورغم كل ما يمكن أن يقال عن <<منطقة آمنة>> في جنوب العراق، فإن من يعرف تركيبة العراق السكانية يستطيع أن يجزم سلفاً، بفشل مثل هذا المشروع الخطير، لأن العراقيين أول من يقاومه، بغض النظر عما يقوله، بعض عملاء واشنطن الذين يسيرون وراء المشاريع الأميركية وعيونهم معصوبة، وجيوبهم منتفخة!

-------------------------------------

نواة سوق عربية مشتركة بين سوريا ومصر والعراق وليبيا

وقعت كل من سوريا ومصر والعراق وليبيا على اتفاقية إقامة سوق مشتركة بين الدول الأربع، وجاء ذلك بعد أن وقع العراق مع كل من سوريا ومصر على اتفاقيتين للتجارة الحرة وإزالة الحواجز الجمركية، وقد عدت الأوساط الاقتصادية والسياسية خطوة الدول الأربع مشجعة وبادرة صالحة لأن تكون نواة لإقامة سوق عربية مشتركة بين كافة الدول العربية، وربما من هذه النقطة بالذات تكتسب الخطوة الرباعية أهميتها لأن نجاح هذه التجربة تشجع دول عربية أخرى على الانضمام للاتفاقية، سواء بشكل إفرادي أو جماعي. ومن المهم أيضاً ملاحظة أن خطوات التقارب الاقتصادي العربي،تتخذ بدون ضجيج وشعارات أكبر من الوقائع،ذلك لأن نجاح أو فشل أية اتفاقية أمر مرهون بالتنفيذ،فالتجارة البينية بين الدول العربية،لا تكون سوى نسبة 12% من مجمل تجارتها،أي أن العالم العربي يتاجر بما نسبته 68% مع العالم الخارجي،خاصة الولايات المتحدة وأوروبا واليابان ودول أخرى أسيوية، ولا تقتصر أهمية إقامة نواة للسوق العربية المشتركة على الجوانب الاقتصادية المتصلة بالتجارة، بل تمتد إلى الصناعة وإمكانية تقاسم العمل بين الدول العربية في جميع المجالات، وكمثال على ذلك فإن سوريا تملك مخازن كبيرة من الأنسجة المختلفة وتستطيع مصر أو العراق، القيام بمهمة تصنيع هذه الأنسجة وتحويلها إلى سلعة نهائية، والأمثلة كثيرة جداً، ومنها تصنيع مشتقات البترول في مصر وسوريا من النفط العراقي والليبي، وقد بدأت بالفعل بوادر تقسيم العمل في بعض الصناعات بين سورية والعراق، وتوجد إمكانية لتطوير قسمة العمل هذه وتعميمها بين الدول الأربع. فكل بلد لديه ما يفيض عن حاجاته وما يحتاج إليه مما ينتج في بلدان أخرى، وفي كل بلد مواد أولية، تصلح لأن تصنع في بلد آخر أو في نفس البلد، لكنها تجد سوقاً كبيراً يجنب اقتصاديات هذه الدول في آفة الركود التي تقترب بالفعل اقتصادات مصر وسورية والعراق وإلى حد ما ليبيا. ومن شأن التوصل إلى اتفاقات لحماية المنتجات المحلية في دول الاتفاق من المنافسة الأجنبية أن يحدث نقلة كبيرة للأمام تقرب على الأرض، أولئك الذين باعدتهم السياسة بعضهم عن البعض.

إذا وضعنا الشعارات والجدالات الفارغة جانباً فما هي الوحدة العربية؟ إنها سوق واحدة، وحرية تدفق الناس دون قيود، وتشريعات جمركية وإدارية متشابهة أو متماثلة، وفتح الأبواب أمام الاستثمار الحر في دول الاتفاق وتنسيق السياسات الاقتصادية، ووضع ضوابط تعود بالفائدة على دول الاتفاق وشعوبها وتجنبها إغراق أسواقها بالبضائع الأجنبية وقتل إمكانات النمو والتطور في كل بلد وكل بلدان الاتفاق في آن واحد. وإذا ما نجح كل ما سلف، لا بأس من يبقى لكل بلد علمه، ونشيده، ونظامه السياسي، كما هو الحال في أوروبا، التي توحدت من القاعدة أولاً، أي من الاقتصاد، ثم جاء البناء التعرفي لاستكمال ما هو موجود على الأرض، لقد أخفقت جميع محاولات توحيد الدول العربية من الأولى بقرارات سياسية، لأن القواعد الارتكازية لإقامة الوحدة غير متوفرة، وبالنتيجة فإن الانفصال، كما في وحدة مصر وسورية، قد تم بسهولة.

ليس من شك في الخطوة السورية المصرية العراقية الليبية مهمة للغاية، وتزداد أهميتها في التنفيذ الفعلي لبنودها، التي تساعد اقتصاديات الدول الأربع وتقدم نموذجاً يمكن أن يحتذى.     

--------------------------------------------------------

 

ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي

الأمانة العامة

بيان في الذكرى الأولى للانتصار ودحر العدوان

بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لانتصار المقاومة في لبنان،أصدرت الأمانة العامة لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي بياناً جاء فيه:

لقد شكل هذا النصر فعلاً قومياً شعبياً امتزج فيه الدم العربي في ملحمة بطولية رائعة سقط خلالها المئات من الشهداء وآلاف الجرحى في تجسيد حي ومباشر لوحدة الإدارة والفعل الشعبي العربي،وهي حقيقة يدركها الجميع داخل أمتنا العربية وفي العالم أجمع،وذلك بصرف النظر عن العنوان أو الطيف السياسي الذي يجري الفعل المقام تحت سقفه،فهناك القومي،وهناك الإسلامي،وهناك المسيحي والوطني..إلخ جميعهم شارك في صنع هذه الملحمة وهذا الانتصار.

إن هذا الانتصار الذي جاء عبر تلك التراكمات النضالية منذ السبعينات لم يكن يتحقق لولا توافر جملة من الشروط والمناخات تظافرت كلها لصنع هذه الملحمة المباركة والمجيدة منها:وجود قضية عادلة وإيمان مطلق بها،وتوافر إرادة قتال ومقاومة حتى النصر أو الشهادة،والتفاف وطني وقومي عربي وإسلامي وراء هذه القضية والمقاتلين من أجلها،والدعم اللامحدود المادي والمعنوي الذي حظيت به المقاومة وخاصة من سورية والجماهيرية وإيران الثورة،وتفهم الرأي العام العالمي المحب للحرية والحق والعدل والسلام لنضال المقاومة وأهدافها المشروعة في دحر الغزاة وتحرير الأرض.

إن الانتصار الذي صنعه الرجال في الخامس والعشرين من أيار 2000 قد أكد ومن جديد (وعلى عكس ما يروجه ويشيعه المستسلمون) بأن هزيمة العدو الصهيوني الذي تبجح كثيراً ممكنة وحتمية، وأن موازين القوى المختلة لصالحه لتسقط وتتهاوى أمام إرادة الشعوب ومقاومتها المستمرة،وهذا هو الدرس الأكبر الذي يجب أن نستخلصه من تجربة المقاومة اللبنانية وانتصارها ومن تجربة الانتفاضة الشجاعة والمجيدة لأهلنا في الوطن المحتل فلسطين،والذي يجب أن يتأكد ويترسخ على الدوام في الذهنية والذاكرة العربية حتى تنفض عن كاهلها غبار التردد والاستسلام والانهزامية لمقادير القوة الأميركية/الصهيونية المتوحشة.

إن ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي وهو يعيش هذه الفرحة العارمة مع جماهير الشعب اللبناني ومقاومته الوطنية الباسلة ومع الجماهير العربية كلها يؤكد أن هذا الانتصار رغم فخامته وعظمته إنما هو خطوة أساسية وهامة على الطريق الطويل الذي يشقه اليوم شعب فلسطين العظيم بانتفاضته الباسلة والمستمرة ضد العدو النازي العنصري البغيض وآلته العسكرية من أجل تحرير فلسطين وعودة أهلها وإقامة الدولة الفلسطينية فوق كامل ترابها،ومن هذا المنطلق وفي هذه الذكرى السنوية الأولى للانتصار يجب أن لا تدفعنا نشوة النصر فيها إلى الاسترخاء خاصة وأن هذه الذكرى تتزامن مع تصعيد صهيوني عنصري شامل ضد شعبنا في فلسطين لم يسلم منه حتى الرضع والآطفال والنساء والشيوخ في أبشع صورة من صور حرب الإبادة الجماعية،كما أنها تتزامن مع التهديدات الصهيونية بشن حرب واسعة ضد مصر وسورية ولبنان ومع حشود عسكرية ضخمة على الجبهتين السورية واللبنانية.

وختم البيان قائلاً:

إن الأمة العربية كلها معرضة للخطر والعدوان..والأمة العربية مطالبة بمواجهة هذا العدوان وهزيمته انتصاراً للحق ودرءاً للبشرية من كل المخاطر التي تشكلها النازية الجديدة داخل الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين العربية.

--------------------------------------

إحياء للقرار 3379 المساوي بين الصهيونية والعنصرية

حلقة بحث في المركز العربي للدراسات الاستراتيجية

 

تحت عنوان "إعادة الاعتبار لقرار الأمم المتحدة رقم 3379" الخاص بقرن الصهيونية بالعنصرية،يعقد المركز العربي للدراسات الاستراتيجية في الثامن عشر من الشهر الحالي بمركزه في دمشق حلقة بحث يحضرها باحثون من سورية ومن عدد من الدول العربية،وستقدم فيها عدة أوراق عمل تتناول الظروف التي مر بها القرار رقم 3379 الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10/11/1975 والذي نص على أن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية ثم ألغته بقرار مجحف في 16/12/1991.

والجدير بالذكر أن حلقة النقاش ستصدر جملة من التوصيات حول الصهيونية كأيديولوجية استعمار استيطاني،وأنه من الممكن إحياء القرار على صعيد جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي،ومنظمة الوحدة الإفريقية وحركة عدم الانحياز.وتعتبر الحلقة أن المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية الذي يعقد بدءاً من أواخر آب 2001 في مدينة دوربان في جنوب إفريقيا يمثل محطة هامة جداً في الجهود من أجل إحياء القرار 3379 وتوصي باعتماد خطة عربية مدروسة للاستفادة من المؤتمر،كما ستتضمن الحلقة الدعوة إلى عقد ندوة تحضيرية عربية حكومية وغير حكومية للبحث في كيفية الاستفادة من المؤتمر في إحياء القرار المذكور.

وتوصي أيضاً بالاستفادة الإعلامية من صورة الشهيد محمد الدرة،بوضع الصورة في ترويسة الأوراق العربية المتداولة مع مؤتمر دوربان،وإصدار طوابع بريدية عربية مناسبة وعرض الصورة على شاشات التلفزيون في وسائل الإعلام في كل مرة يشار بها إلى مؤتمر دوربان،وإصدار كافة القرارات التي اتخذتها منظمة الوحدة الإفريقية بشأن قضية فلسطين في كتاب خاص يوزع على نطاق واسع في الدول الإفريقية،وقد نص عدد من هذه القرارات على عنصرية الصهيونية،وقرن بين الصهيونية وبين الفصل العنصري "الأبارتيد".

-----------------------------------