إعلان وقف إطلاق النار وانعقاد اللقاءات الأمنية

إجراءات ننبه إلى خطورتها ونحذر من مراميها.. وعلى كل قوى شعبنا التمسك بنهج المقاومة

بعد إعلان وقف إطلاق النار من قبل عرفات، تواصلت اللقاءات الأمنية، والسياسية بين السلطة وقادة العدو الصهيوني، برعاية جورج تينت مدير المخابرات  المركزية لبحث ما يسمى بالورقة الأميركية المقدمة والتي هي في جوهرها مطالب صهيونية

ما يلي:

ـ وقف شامل لإطلاق النار على المستوطنين أو الجنود الصهاينة، بما في ذلك وقف جميع أنواع المقاومة بغض النظر عن وسائلها، ناهيك عن العمليات العسكرية، لفترة قد تطول لمدة ستة أشهر.

ـ سحب الأسلحة غير المرخصة من جميع الفصائل بما فيها حركة <<فتح>>.

ـ تحميل السلطة مسؤولية أي عمل مقاوم حتى وإن نفذ من منطقتي (ب) أو (جـ) الخاضعتين أساساً لجيش الاحتلال، وأي عمل أو حركة داخل الكيان نفسه.

ـ إعادة اعتقال المناضلين من أبناء شعبنا وكل من شارك في قتل صهاينة منذ انطلاق الانتفاضة في 28/9 الماضي، ووقف التحريض في وسائل الإعلام الفلسطينية، إذاعة، تلفزيون، صحف، وما شابه ذلك، ووقف نقل أخبار الانتفاضة بشكل يشجع على مزيد من المواجهات.

أما الورقة التي قدمتها السلطة فتطالب بـ: انسحاب فوري للجيش الصهيوني إلى المواقع التي كان يتموضع فيها قبل 28 أيلول، وإنهاء الاعتداءات، ورفع الإغلاق الاقتصادي، وفك المنع عن الأموال الفلسطينية، وتطبيق توصيات (ميتشل) كحزمة واحدة، وتنفيذ مستحقات الاتفاقيات الانتقالية، والعودة إلى مفاوضات الحل النهائي من حيث انتهت إليه هذه المفاوضات، التي سبقت انتخابات رئاسة الوزراء للكيان الصهيوني في شباط الماضي.

وما يهمنا في هذا الصدد هو التأكيد على الجوهر الذي تنطوي عليه ورقة تلك الأوراق، والتي تتلخص بالموافقة على العودة إلى ما قبل 28/9/2000، ومن ثم إلى طاولة المفاوضات، في الوقت الذي أكد فيه شعبنا عبر انتفاضته المجيدة رفضه نهج المساومة والتفريط، وكل الاتفاقيات، معلناً أن خياره هو الاستمرار بالانتفاضة، وليس العودة إلى المفاوضات فالانتفاضة وخيار المقاومة، هي التي تحقق الحقوق وتنهي الاحتلال، وإن المهمة الملحة اليوم وخاصة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ نضال شعبنا، تتجسد في توسيع جبهة المقاومة، وبتفعيل أدائها الكفاحي بالتوازن مع الأنشطة والفعاليات الشعبية للانتفاضة، في إطار تعميق أزمة الكيان الصهيوني، من خلال استنزافه وضرب أمنه، وضرب اقتصاده، وضرب جانب من دوره العدواني على الأمة، والعمل على عدم تحقيق استقراره، وعدم إعطائه الفرصة لتهويد فلسطين.

إن شعبنا الذي سطر بدمه أروع صفحات المجد والبطولة، قد أعطى جوابه من خلال التضحيات الجسام التي قدمها على درب التحرير، وهو بهذا يرفض وقف الانتفاضة، ويستمر في صراعه مع العدو الصهيوني، والمقاومة لن تتوقف ما دام الاحتلال يجثم على أرض فلسطين، وشعبنا لن يقبل بأي حلول بغض النظر عن مسمياتها، سواء كانت أميركية، أو أوروبية، أو من أطراف عربية، ما دامت الأرض محتلة، وهو متوحد على مقاومة الاحتلال الصهيوني، ويعي طبيعة وخطورة إعلان وقف إطلاق النار، وما يطبخ من مشاريع أمنية تهدف إلى وقف الانتفاضة ويعي في الوقت ذاته أن العدو الصهيوني والولايات المتحدة تهدف من وراء ذلك الإعلان أو المشاريع إلى انتشال الكيان الصهيوني، وحكومة شارون من الأزمة الحادة التي يعيشها.

إن شعبنا الذي يتحمل بشجاعة كل أنواع القتل والتدمير والحصار والتشريد من قبل العدو الصهيوني يرى اليوم أن الحلقة المركزية كمهمة وطنية وقومية، هي مواجهة المشروع الصهيوني من خلال استمرار المقاومة والنضال، وهي لن تتوقف وسيسقط شارون عاجلاً أم آجلاً. وهو في إطار الأهداف التي وضعها أمام الانتفاضة الباسلة، لن يهون أو يخضع لإملاءات وشروط الولايات المتحدة، والكيان الصهيوني وسيواصل انتفاضته حتى تحرير الأرض، وطرد الصهاينة وعودة اللاجئين إلى فلسطين.

وفي هذا السياق، على قوى الأمة أن تتحمل مسؤولياتها في مواجهة المؤامرة التي تستهدف الانتفاضة وبالتالي العمل على دعم وإسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته، والضغط على حكوماتها وعدم التلطي بأي موقف من شأنه أن يعمل على وقف الانتفاضة والالتفاف عليها، وأن تدفع باتجاه تفعيل المقاطعة السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة الأميركية، حيث كشفت الانتفاضة من جديد موقع الكيان لدى الولايات المتحدة وأنها ليست حكماً عادلاً أو نزيهاً، بل هي العدو الأول لشعبنا وأمتنا ولكل الشعوب التي تناضل من أجل حريتها.

إننا في الوقت الذي نحذر وننبه فيه من خطورة ما تم الإعلان عنه، نقول ليس من حق أحد وقف إطلاق النار الأمر الذي يعني وقف الانتفاضة تحت أي مسمى أو ذريعة. وهنا نتساءل أليس هذا الذي يجري اليوم هو ما كنا قد نبهنا من خطورته منذ بداية اندلاع الانتفاضة، وقلنا: إن الانتفاضة لكي تستمر ويتطور أداؤها الشعبي والمقاوم بحاجة إلى قيادة وطنية، تتحكم بمسار الانتفاضة، وإلى برامج بعيداً عن الصيغ القائمة، والتي لا تعتبر بأي شكل من الأشكال وحدة ميدانية أو تنسيق، صحيح هنالك حالة شعبية عامة فرضت نفسها على أرض الواقع، لكن هذا يتطلب من الفصائل وكل فعاليات شعبنا، العمل على تنظيم الجهد والطاقات، لأن هنالك ما زالت توجد فئة لها مصلحة في وقف الانتفاضة وضرب أي حالة من التوحد على أرض المواجهة، وأن تصبح عبارة عن شرطي وحارس لأمن العدو الصهيوني، فهل في هذا مصلحة للشعب الفلسطيني؟؟.

إن شعبنا الذي ناضل طوال قرن ملحمي الغزوة الاستعمارية الصهيونية لبلادنا، كان دائماً موحداً في مواجهة أي تنازل، وتفريط بحقوق شعبنا، وموحداً على الطريق الذي يعيد الحقوق، طريق المقاومة الذي يوحد ويستنهض شعبنا وأمتنا، وهو الذي يقرب يوم من النصر، وقد حدد شعبنا خياره بشكل لا لبس فيه.. وواصل مقاومته فأوقع الكيان الصهيوني رغم ما تتظاهر به حكومة شارون من تصلب وقوة في مأزق استراتيجي كالذي يجدوا الصهاينة أنفسهم فيه اليوم، وهو بذلك لن يقبل من أي فئة كانت الذهاب إلى خيارات تدفع الانتفاضة إلى طرق ومسارات لا تؤدي إلى أن تحقيق الانتفاضة لأهدافها في دحر الاحتلال.

لكل ما تقدم نقول: لقد تكشفت حقيقة هذا العدو وأهدافه، وطبيعة السلام الذي يريده، سلام تهويد فلسطين، وإخضاع الأمة، وحقيقة ما تهدف إليه اللقاءات الأمنية والسياسية برعاية الولايات المتحدة، والضغوط التي تمارس من الولايات المتحدة وأوروبا باتجاه ذلك، الأمر الذي يستدعي بصريح العبارة من أجل استمرار الانتفاضة وحمايتها. فنحن في أمس الحاجة إلى قيادة وطنية قادرة على إدارة صراع مؤهل ومبرمج، وفق برنامج سياسي وكفاحي واقتصادي، أي نحن بحاجة إلى استراتيجية واضحة ومتكاملة لتنظيم الحركة الشعبية ولخلق التمازج بين العمل الشعبي، والعمل الكفاحي، وتوحد الطاقات، والإمكانيات بما يخدم الانتفاضة، في تحقيق أهدافها المتمثلة في دحر الاحتلال عن الضفة، والقطاع دون قيد أو شرط ودون التنازل عن أي حق، من حقوقنا التاريخية في فلسطين وفي المقدمة من ذلك حقنا في العودة إلى وطننا.

--------------------------------------