كلمة الثقافة:

الملتقى الثاني للقصة القصيرة جداً

الواقع والآفاق

بدأت في المركز الثقافي الروسي بدمشق فعاليات الملتقى الثاني للقصة القصيرة جداً، وذلك اعتباراً من الخامس من آب، ولغاية الثالث عشر منه، بمشاركة أكثر من خمسين قاصاً وناقداً وحقيقة الأمر.. أن انعقاد الملتقى الثاني، يتابع السجال والحوار في المشهد الثقافي، حول فن القصة القصيرة جداً، كجنس أدبي، ما زال يثير جدله، وأسئلته، ولعل أكثر تلك الأسئلة اقتراباً من عناوين الندوات التي يضمها الملتقى، هل ثمة تأسيس نظري وعلمي لهذا الجنس الأدبي، وهل يقارب النقد، تلك النصوص بآفاقها الكلية ومنظومتها الفكرية، وأنساقها اللغوية، انطلاقاً من خصوصيتها التي تسعى للتحقق في فضاء المشهد الثقافي؟

صحيح أن الهم المنهجي بات يشغل العديد من النقاد، كما تشغلهم تلك النتاجات الإبداعية التي تتبادل التأثير بين المبدع والقارئ، باعتباره طرفاً في العملية الإبداعية. إن إعادة الاعتبار للسجال الثقافي وحراكه الساخن، لا يتم بمعزل عن سؤال الهوية والتاريخ والوطن والمقاومة والحرية وصون الوجدان القومي..

وبطبيعة الحال، ليست مجرد أسئلة، لأن الثقافة بمفهومها الأرحب، وبدلالاتها الأخرى، هي آخر قلاع الأمة في تصديها لمشروع صهيوني يستهدف حاضرها ومستقبلها، إنه سؤال الإبداع أيضاً وهو يستشرف آفاق المستقبل المنشود، إنه سؤال النقد وهو يرقى في اقترابه المعرفي من الإبداع بكل طيوفه وألوانه، إلى ماهية الأدب ومهامه ووظيفته الاجتماعية والوطنية والقومية والإنسانية، أمام تحديات باتت تهدد منجزنا الثقافي والحضاري في آن معاً.

المحرر الثقافي

---------------------------------------

آخر الكلام أوله:

لماذا هذا الطاغية بالذات؟!

شوقي بغدادي

لو أتيح للبشرية أن تضع في قفص الإتهام كل الطغاة الذين لطخوا سمعتها بجرائمهم فأية أقفاص قادرة على احتواء أعدادهم الغفيرة؟!

لا شك أن <<ميلوسوفيتش>> الصربي واحد منهم، وأنه يستحق ما يحدث له الآن، غير أنه ليس الوحيد الذي يستحق ذلك، ففي البلقان وحده تجاهلت الولايات المتحدة الأميركية مثلاً -ومعها دول الناتو- مطالبة محكمة العدل الدولية في لاهاي القبض على مجرمين آخرين من الدرجة الثانية والثالثة مثل <<رادوفان كراديتش>> رئيس صرب البوسنة السابق، و<<راتكو ملاديتش>> الجنرال الصربي، وكلاهما مطلوب ومتهم بالتطهير العرقي في البوسنة، وقد صدرت الأوامر لقوات الناتو بالقبض عليهما، إلا أنهما يجوبان المنطقة التي يسيطر عليها الناتو بكل اطمئنان وحرية.. فلماذا ميلوسوفيتش بالذات؟! فإذا خرجنا من البلقان لأصابنا ذهول ونحن نحصي عدد الحكام، وأعوانهم الغارقين في دماء الأبرياء في باقي أوروبا كما في القارات الأخرى إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. وما أفظعهم وما أكثرهم!

وفي بعض الأقطار العربية طغاة من هذا النوع. وفي فلسطين خاصة كيف يمكن تجاهل الجرائم التي يرتكبها النظام الصهيوني على يد شارون قبل تسلمه الحكم أبو بعده؟

لماذا يتناسى <<الناتو>> أو الغرب المهيمن كل هؤلاء الطغاة الملوثين بالهباب والدم فيتساهل مع بعضهم أو يتباطأ في محاسبتهم ويصر على ميلوسوفيتش بالذات؟!

لا شك أن العدالة لم تطبق في عالمنا المعاصر تحقيقاً لمبادئها، وإنما تنفيذاً لأوامر طغاة آخرين قادرين على أن يضعوا القوة <<فوق>> الحق قانوناً سائداً. وما دام القانون المطبق بهذه الصيغة الواقعية الملتبسة فإن الطغاة سيتكاثرون في المستقبل كما تكاثروا في الماضي وأنهم بكل دم بارد سوف يحزون الرقاب، ويبقرون البطون ويراكمون جثث الأطفال والنساء والكبار بعضها فوق بعض في حفر مرتجلة يحسبون أنها لن تكشف.. ومع ذلك فلن يقلقهم كثيراً أمر اكتشافها ما دامت <<لاهاي>> بعيدة عنهم، وما دام القادرون على اختطافهم وحملهم فجراً في الطائرات إلى هناك يمكن استرضاؤهم بإضافة جريمة التواطؤ والعمالة القادرة على تغطية القائمة الطويلة لجرائمهم القذرة!

استنتج من هذا الإصرار على ميلوسوفيتش أن جريمته كقاتل سفاح لم تقترن بجريمته كمتواطئ وعميل للغرب وأمريكا بالذات، وبالتالي فإن مطالبته بمحاكمة المسؤولين في الناتو عما فعلوه ببلده حين أغرقوه بالقصف الجوي المنظم والمدمر ليل نهار أمداً ليس بالقصير سوف تغدو مطالبة مشروعة جداً وسيعلو صوته بها عل مسؤوليته الشخصية مدار تحقق ما يطالب به أم لم يتحقق.

بلى.. يجب أن يحاكم ميلوسوفيتش، ولكن يجب أن يحدث هذا تعويضاً عن محاكمات أخرى لا بد منها كيبوشيه التشيلي وشارون الصهيوني وآخرين من الحكام العرب وغير العرب.. ولكن أية أقفاص قادرة على اعتداء هذه القاعدة الطويلة يا رب؟!.

----------------------------------------

جمر الأسئلة:

معارك

جمال الدين الخضور

في الوقت الذي يشتد فيه الصراع على ساحة فلسطين، وترتفع فيه هامات المنتفضين شهداء وجرحى وأحياء عالياً، وفي الوقت الذي احتدت فيه خطوط الصراع داخل أوساط المثقفين في مصر العربية، ضد المطبعين مع العدو الصهيوني، بهدف التقدم أكثر نحو حسم المواقف الشعبية الداعمة للانتفاضة الباسلة، ترتفع أصوات الحوار الذي عبر عن معركة حقيقية بين المؤيدين والمعارضين لقصيدة النثر، ترتفع أصوات الحوار الذي عبر عن معركة حقيقية بين المؤيدين والمعارضين لقصيدة النثر، أو قصيدة الشعر الجديد. وتحولت المعركة من نقاش جاد يغوص في عمق إمكانيات الأدب العربي وقدراته الخلاقة على الإبداع والتجديد، إلى مهاترات وسباب وصراخ. وفي كل تنخرط أصوات أدبية معروفة <<أحمد عبد المعطي حجازي، حلمي سالم، عبد المنعم رمضان..>> دون أن تتجه وشائج الحوار إلى ضرورة تطوير الخطاب الأدبي العربي إلى المواقع المتناسبة مع مستوى الصراع المطروحة في الوطن العربي.

وبالتالي لم تحاول أن تتمثل تلك النماذج الحوارية الرفيعة التي وسمت حوارات العقدين الخامس والسادس من القرن العشرين، حول الشعر الخليلي، والحر.

والتي شكل فيها الهم القومي الأساس الفكري في معنى وجدوى وقدرة التطوير.

ولكن القبح العام والسائد في الساحة الثقافية الأدبية العربية فرض مقولات الهزيمة والخراب، ولم تستطع المحاولات الجادة النادرة حتى الآن، من إخراج ذلك القبح من ساحة الفعل والتأثير. وما يحدث في الساحة الثقافية الأدبية العربية وفي كافة المستويات خير دليل على ذلك.

فبدلاً من أن نناقش ضرورة تطوير النص الأدبي العربي بما يعيد للثقافة القومية العربية المواجهة وهجها وقدرتها الصراعية والصدامية، نتكئ على هوامش الخطوط مبتعدين عن جوهر القضية.

فمن جانب أول لم تحاول المومياوات الخروج من تحنيط الأيام التي رسبتها على دقات الطبول، وتركت نفسها تسبح على أوهام الرقص دون الخوض في جدوى ودلالات ومعاني الخطاب الأدبي، خصوصاً مستويات الخوض في عمق الخطاب الثقافي الأدبي. ومن جانب ثان، ضاعت الأصوات الأخرى في قرقعات المفردات وبناها اللفظية والتركيبية، دون الانتقال إلى ضرورة تطويره بما ينجز مشروعاً تجديدياً قومياً مواجهاً.

<<في ساحتنا العربية في سورية، صدر كتاب للباحث الدكتور وليد مشوح، حول الموت في الشعر العربي المعاصر في سورية، يهمل تماماً قصيدة النثر وموقفها من الموت. والقارئ للكتاب يكتشف فعلاً الفارق بين الموت البيولوجي الذي قصده المؤلف، و<<الموت>> الشعري الذي يعنيه الشاعر في نصوصه. وهذا يعني أن الباحث حسم موقفه تماماً، بحيث لا يستحق الشعر <<النثري>> حتى مناقشة موقفه من الموت ولذلك لم يستحق <<سياف الزهور>> والماغوط كله بجلالة موقفه من الموت حتى الدخول في تصنيف الباحث!!>>.

-------------------------------------

الاختراق الثقافي.. وإيديولوجيا التماثل

تقدم فلسفة <<نهاية التاريخ>> للمبشر الأميركي فرانسيس فوكوياما دعوة صريحة لمقاطعة الماضي بتناقضاته الثقافية والإيديولوجية. والدخول في مستوى جديد من الزمن والفكر يدعى <<النظام العالمي الجديد>>. الذي يلبي الغطرسة الأميركية إذ تنبثق عنه إيديولوجيا جديدة تتحدث عن أبدية الرأسمالية أثر سقوط المعسكر الاشتراكي. وتهدف إلى أمركة العالم عبر اختراقه وغزوه ثقافياً باستخدام وسائل الإعلام والتقنيات العلمية وتصدير السلع الاقتصادية والتكنولوجية. من أجل نشر الثقافة الاستهلاكية وتزييف الوعي وتوجيه العقول والسيطرة عليها. وهو ما يعرف بالعولمه.

وتتعامل <<إيديولوجيا الأمركة>> مع العولمة بمفهوم الحرب إذ تبدأ بالمعركة العسكرية وتنتهي بالمعركة الثقافية التي ولد منها التطبيع كأثر للانتصار العسكري والسياسي. فإذا كان الغزو العسكري يهدف إلى احتلال الأرض بواسطة الإخضاع الخارجي واستخدام القوة العسكرية. والغزو الاقتصادي يهدف إلى السيطرة على الأسواق المالية من خلال المنافسة واحتلال الأموال والموارد الطبيعية. فإن الغزو الثقافي يهدف إلى احتلال العقول عن طريق الإخضاع الداخلي والاختراق الثقافي. وهذا الغزو يمثل أخطر أنواع الغزو الذي تتعرض له شعوب العالم وبصفة خاصة شعوب العالم الثالث. ويتمثل في التغلغل الأميركي بين الأمم بفضل التقدم في مجالات البث الفضائي والمعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة التي تستند إليها الولايات المتحدة في نشر ثقافتها إلى كل نقطة من الكرة الأرضية. ويعد الوطن العربي هدفاً استراتيجياً لنشر الثقافة الأميركية لإنتاج عقلية عربية ترى في التفوق الصهيوني أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه وإعادة صياغة الوعي العربي بشكل يلغيه ويتركه مستسلماً ومخذولاً، في محاولة لإنتزاع اعتراف شعبي عربي بالكيان الصهيوني واعتباره جزءاً من المنطقة العربية.. انسجاماً مع توجهات الصهيونية في إيجاد هوية جديدة للمنطقة تدعى <<الشرق أوسطية>>. وفتح أبواب العواصم العربية أمام البعثات الرسمية والدبلوماسية المختلفة في الكيان الصهيوني وربط اقتصاد الدول العربية بالاقتصاد الصهيوني. وفي هذا الإطار برزت مصطلحات جديدة مثل: <<سقوط الإيديولوجيا>> و<<ثقافة السلام>> و<<المقترحات الصهيونية للسلام>>. وهي تمثل سلاحاً إيديولوجياً للاختراق وتعميم ثقافة السوق الرأسمالية المسيطرة. بهدف إنهاء الصراع العربي-الصهيوني والدخول في الزمن الأميركي المسيطر والولوج في المستقبل عبر التماثل والنمذجه واستنساخ روح الحياة الأميركية بدلاً من الصراع الإيديولوجي. من أجل إقصاء الثقافات الأصيلة وتذويب هوياتها التاريخية بوصفها <<ماضويه>>. وتتعامل معها الولايات المتحدة على إنها تقليدية تعارض التغييرات الاجتماعية. وتعيق التغلغل الثقافي الذي ينسجم مع المشروع الرامي إلى تحقيق أحادية الاستقطاب وفرض الهيمنة على بلدان العالم. الذي يهدف إلى خلق <<إجماع عالمي>> قائم على النمذجه التي تمليها ثقافة الاختراق لأن الصراع الإيديولوجي لا يلغي خصوصية الثقافات القومية بل يعمل على تعميق الوعي وفق منظومته الفكرية التي تقوم على أساس طبقي أو ديني أو قومي. ويعزز مقومات الصراع الإيديولوجيه والثقافية، في حين أن ثقافة الاختراق وإيديولوجيا التماثل تهدف إلى إلغاء الثقافة القومية المعبر الأصيل عن خصوصية الإنسان التي صاغها الصراع السياسي والاجتماعي عبر الزمن. وضرب المكونات الفكرية والثقافية ومنظومات القيم الأخلاقية والاجتماعية للشعوب والعمل على تسطيح الوعي وسلب الإرادة عن طريق إثارة الغرائز والرغبات وتوجيه العقول باستخدام وسائل البث والاتصال والتقنيات العلمية والتكنولوجية المختلفة.

بهذا المعنى فإن <<ثقافة السلام>> التي يجري تعميمها في الوطن العربي من أجل إنهاء الصراع العربي الصهيوني، واعتبار الكيان الصهيوني جزءاً من نسيج منطقتنا وإضفاء الشرعية على وجوده، لا تعبر عن الإرادة الإنسانية الحرة ولا تعبر عن الترابط الفكري والثقافي للأمة العربية. فهي ليست نتاجاً فكرياً إنسانياً ينطوي على التداخل بين ثقافات الشعوب. بل هي ثقافة إشهارية دعائية واستهلاكية، من نتاج الثقافة الرأسمالية الغربية التي تنتشر على نطاق واسع في العالم وتسيطر على الأسواق العالمية بفضل الشركات متعدية الجنسية. لكي تعيد استقطاب العالم وتعمق الهوة بين الفقراء والأغنياء لتكريس <<الاستتباع الحضاري>>(1) الذي يعيق التنمية ويضعف القدرة الإنتاجية للمجتمعات ويمنعها من التطور.

وتقوم الشركات الأميركية بغزو أسواق العالم وتؤثر على بعض المجتمعات بإحداث انقلابات في الأذواق الشعبية حسب مصالحها. وذلك بالاعتماد على البعد الثقافي واستخدامه في مواجهة الأمم الأقل غنى والأكثر هشاشة لتفتيتها وتذويب هوياتها القومية. حيث يتخذ السياسيون الأميركيون من <<العلاقات الثقافية>> التي يقيمونها مع بلدان العالم. وسيلة للغزو والانتشار الثقافي الذي يقوم على التدخل في حياة الأمم المختلفة. ونقل القيم الأساسية في الثقافة الأميركية والمظاهر الاجتماعية وأشكال التعبير. وتصدير الأساليب المتبعة في الحياة الأميركية إلى <<المجموعات المستهدفة>> التي تخضع للولايات المتحدة بشكل مباشر ولا تستطيع أن تقيم أي حاجز أمام التغلغل الثقافي الأميركي.(2)

وقد بدأت الولايات المتحدة بنشر مجموعة من الأفكار والمفاهيم الأميركية من أجل خلق أوهام في عقول بعض المجتمعات. تتحدث عن قدرة الولايات المتحدة على ممارسة الزعامة على العالم. وتقنع الأمم المتحدة بصحة مشروعها وإنها تقدم ما تصفه بأنه <<تضحيات كبيرة>> من أجل القيام بالأعمال النبيلة مثل التعليم ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان، بهدف إنقاذ العالم. إذ يفترض وجود لغة عالمية مشتركة باسم المنفعة والسهولة في الاتصال. مما يجعل اللغات القومية والمحلية مهددة بالزوال والانقراض. ففي دراسة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة يصل عدد اللهجات المحكية في العالم إلى سبعة آلاف. بينها أربعة إلى خمسة آلاف تعود لشعوب أصيلة. لكن هناك أكثر من 2500 لغة مهددة بالاختفاء فوراً. وكثير منها يفتقد صلاته مع الطبيعة بشكل تدريجي. ويقول الخبراء أن 234 لغة أصيلة معاصرة اختفت كلياً. وحذروا من أن 90% من اللغات المحكية في العالم سوف تختفي خلال القرن الحادي والعشرين. (3)

وتعمل الولايات المتحدة على تسخير العلاقات المتبادلة مع الدول لخدمة أهدافها الرامية إلى الهيمنة والاستغلال عبر استخدام وسائل الإعلام وتبادل الأفراد من أجل التغلغل بين الشعوب واختراقها ثقافياً. حيث تعمل وسائل الإعلام على التأثير في السلوك العام للناس ومتابعة الآثار الناجمة عنهامن خلال الدعاية الثقافية والإعلامية التي تضعها الولايات المتحدة في أولوياتها لمساعدة الدول بدلاً من المسائل المادية التي تساعد على النهوض والتطور. بينما يأخذ تبادل الأفراد مفهوماً وحيد الجانب، حيث يأتي الأفراد من دول العالم إلى الولايات المتحدة دون أن يقدموا شيئاً عن ثقافتهم بينما يقوم الأميركيون المرسلون إلى بلدان العالم بنشر الثقافة الأميركية مما يساعد على تنشيط الأهداف الأميركية في هذه البلدان.

وتعتمد إيديولوجيا الاختراق على <<الأساطير والأوهام التضليلية>>(4). التي تشكل مضمون الثقافة الإعلامية المستخدمة داخل الولايات المتحدة الأميركية والمؤسسة على فكرة الاختيار الإعلامي الحر الذي يحكمه حجم التدفق وليس التنوع الإعلامي. وتقدم المعلومات بوصفها وعياً جاهزاً للأفراد للتأكيد على ثبات طبيعتهم الإنسانية وعدم قابليتها للتغير. فيكتسبون صفة مطلقة تعكس أسلوب الحياة الأميركية التي تبرر النزعة العدوانية على أنها استجابة لاحتياجات الإنسان والادعاء بحيادية المؤسسات الاجتماعية والرئيسية في صنع القرارات المهمة في البلاد، بعيداً عن الصراع الإيديولوجي وجذره الاجتماعي. بهدف تحقيق الدعم المطلوب للنظام الذي يقف وراء هذه المؤسسات. وتوجيه العقول بالشكل الذي يحد من القدرة على الفعل الاجتماعي والانصياع كلياً لآليات اقتصاد السوق. الذي ينطوي على أبعاد سلبية كبيرة وخطيرة تؤدي إلى جمود الإنسان. باعتماده على توجيهات أجهزة السيطرة على العقول بما يضمن استمرار النخبة المسيطرة في سلطة المؤسسات الحاكمة. إن التضليل الإعلامي وتزييف الحقائق من أجل ثقافة السوق الرأسمالية وفق شروط الهيمنة باستخدام وسائل الإعلام والسلع الاقتصادية. ينتج عنها تفريغ الهوية القومية من محتواها الإنساني ويجعل المرء متناقضاً مع الواقع الذي يعيشه فيصبح منقطعاً عنه ويصير عبداً لما حوله. ويصاحبه وهم دائم بأن البحث عن الجديد واختراق الرغبة في إيجاد البديل يحققه التدفق الإعلامي. ذلك أن تجديد الثقافة لا يمكن أن يتم إلا من داخلها والعمل على تحديثها وإعادة بنائها من خلال معطياتها التاريحية عبر ربط الحاضر بالماضي في اتجاه المستقبل.

إن الثقافة الإنسانية الحقيقية الذي يستهدفها تعميم ثقافة أميركية معادية للإنسان هي ثمرة العقل البشري والتراكم التاريخي وهي خلاصة تطور الإنسان.

المصادر:

(1): د. محمد عابد الجابري-المسألة الثقافية-مركز دراسات الوحدة العربية. ص198

(2): إيف أود-غزو العقول-ترجمة غسان إدريس. ص189

(3): جريدة تشرين-دمشق بتاريخ 10/2/2001

(4): سلسلة عالم المعرفة-عدد 234-المتلاعبون بالعقول. ص17 تأليف: هربرت أ. شيللر. ترجمة: عبد السلام رضوان

إبراهيم أبو ليل

---------------------------------------------------

<<من القاتل : الفرد أم عصره>>

ممدوح عزام

تثير هذه الرواية كثيراً من الأسئلة . منها ما هو متعلق بطبيعتة الشخصية الغريبة المجنونة، ومنها ما هو مخصوص ببناء العمل، وأسلوب كتابته ومنها أخيراً تلك الامكانيات العديدة لقراءته .

فلا مناص من السؤال، عندما ننتهي من الكتاب، ونغلف غلافه، من أن نسأل : من هو غرنوي هذا ؟ جان بانيست – غرنوي . هل هو من دم ولحم مثلنا ؟ فمن وجهة نظر الحياة، نعم، لقد نجح في خلق عالم دوار، غني، معقد، متشابك من العلاقات الانسانية العجيبة، ومن وجهة نظر الرواية . لا، فهذا الرجل ليس بشراً، إنه فكرة، ويالها من فكرة جهنمية مرعبة، تجعل الدماء تتجمد في أجسادنا وعروقنا، وعقولنا أيضاً .

ففي وسط مدينة باريس، في القرن الثامن عشر، الذي أطلق عليه <<قرن الأنوار>> ولد جان باتيست – غرنوي سفاحاً لإمرأة شابة مشردة، حاولت قتله بعد ولادته مباشرة، ولكن صرخته، كشفت أمرها، فحوكمت، وأعدمت تحت المقصلة، لينتقل الطفل إلى رعاية الدير القريب، ومن ثم إلى إمرأة وحيدة تربي الأطفال اللقطاء والأيتام لقاء أجر .

لكن غرنوي هذا يعي منذ يفاعته أنه بلا رائحة، أى أنه لايمتلك وجوداً إنسانياً حقيقاً . فيجعل هدفه أن يمتلك بأي وسيلة رائحته الخاصة . لن تكون رائحة بشرية عادية، وإنما رائحة لهبة لا مثيل لها، روح الرائحة !

كان العصر عصر الانقلابات السريعة الحاسمة في مجرى التاريخ، عصر تغيير المفاهيم والافكار والفاسفات، والآداب …وفي هذا العصر الذي يزحف بإصرار نحو التغيير، لابد أن يتسم الأفراد (أفراد المجتمعات التي شهدت النهضة الأوربية) بسلوك معين ينسجم مع لحظة الانقلاب الآتية لا ريب فيها . ولكن غرنوي، لم يكن رجلاً عادياً، بل موهوباً نابغة، ولانه موهوب ونابغة فقد استطاع لا أن يكتشف أهدافه، وغاياته من الحياة وحسب .وإنما أن يحدد السبيل إلى تحقيق هذه الغايات . وسريعاً بدأ يتسم بروح مجتمعه : الانطلاق والاندفاع، الرغبة في التحرر، الرفض، الجرأة، والتحرر الكامل من الأخلاقيات، والمواضعات الاجتماعية، ثم اكتساب المبدأ النهضوي الأوربي الأشهر : الغاية تبرر الوسيلة .

نعم لم يعد يهم غرنوي، أي مبدأ أخلاقي انساني، فعلى كل شئ أن يرتهن بالغاية والهدف اللذين يسعى إليهما .

ولقد اكتشف غرنوي أن العالم من حوله متناقض، مضطرب، يفتقر إلى الأصالة وهو يعج بالروح من جهة (وهي ما يعبر عنها بالرائحة) ولكنه يعاني من فقر في لغة التعبير عن هذه الروح . فالحليب ، مثلاً ، يختلف طعمه من صباح إلى آخر، وفق درجة حرارته، أو وفق البقرة التي حلب منها، بل حتى حسب الحشائش التي التهمتها أو حسب درجة الدسم المتبقي من الحليب . ولكنه مع ذلك، ورغم تغير الهوية، قد اصطلح على تسميته حليباً . وغير ذلك كثير . ومع هذا الاكتشاف يقرر أن يعبر عن الأشياء كمفاهيم روائحية، فلم يعد يشم الخشب، وإنما أنواع الخشب كالبلوط، والصنوبر، والدردار …الخ وكذلك الخشب العتيق

والطازج، والهش، والمتعفن، والطحلب، وهذا ينطبق على جميع الاشياء .

ولكن تفكير غرنوي يغتني أكثر، فبعد أن يشبع من اكتشافاته الروائحية التي تتجه نحو الطبيعة، والعالم الخارجي، يتجه نحو داخله .فلم يعد راغباً في معرفة روح الياسمين مثلاً، أو البنفسج، أو زهر البرتقال، أو النرجس أو الخشب و التراب والحجارة وإنما صار هدفه – الذي لن يقف في وجهه أي شئ – هو اكتشاف روح العبق ذاته .

وأين تكمن هذه الروح ؟ إنها في أجساد الفتيات العذراوات الصغيرات اللواتي لم يمُسهن أي رجل بعد . وهكذا يقرر أن يستخرج من أجسادهن روح ذلك العطر الساحر الغريب بالقوة . وفي أحد الأيام تكتشف مدينة <<غراس>> جسد فتاة عذراء  مقتولة، وقد جز شعرها، وعريت من ثيابها كلها . ثم تتوالى الجرائم، وتزداد غموضاً كلما ازداد عدد الفتيات القتيلات إلى أن يبلغ عددهن أربعاً وعشرين فتاة . كان غرنوي خلال ذلك يقطر أجسادهن، ويأخذ عبقهن بالكامل بواسطة نسيج مشبع بالدهن، ثم يحرث الدهن بثيابهن وشعرهن، ليصل في النهاية إلى قطرة واحدة مركزة من جسد كل فتاة .

لم يغتصب ضحاياه، ولم يؤذ اجسادهن إلا بضربة الهراوة التي يقتلهن بها (ولكن ياله من أذى !) ولكنه أيضاً لم يكن يعرف الرحمة، أو الشفقة، أي معنىً انساني على الاطلاق . وعلى كل حال فإن قاموس معارفه، كان خالياً من جميع الكلمات التي تنتمي إلى السماء .

لقد كان غرنوي حتى تلك اللحظة يعتقد بأنه يريد أن يتساوى مع البشر، بيد أنه يستشف أنه يريد أكثر من ذلك : أن يتفوق عليهم، ويحطمهم، ويفسد حياتهم لأنه يكرههم، ويبغض كل سلوك إنساني يقومون به، ثم يدرك أن الحب لن يشبعه أبداً، وإنما الكراهية . أن يكره، وأن يكون مكروهاً، حتى صار بوده لو يستأصل شأفة الناس جميعاً من على وجه البسيطة . هؤلاء البشر الأغبياء القذرين في نظره .

فهل ينتصر غرنوي ؟ هل يستطيع أن يدمر كل قوة إنسانية خيرة ويمتص عبق الروح الداخلية للبشر ؟ هل يستطيع بعطره العجيب أن يجعل عشرة آلاف شخص عبيداً بين يديه ؟ أو أن يرغم الملك نفسه على تقبيل قدميه ؟

لقد آمن بهذا، الايمان كله . لكن الغريب أن عطره، أو قدرته إنما تدفع الناس للحب أي لما يحتقره، ياللمفاجأة الخاسرة، لقد أحبوه هو أيضاً، فيثور ويغضب لانه ظل الوحيد العاجز عن معرفة نفسه، عن شم رائحته الخاصة : إلى الجحيم إذن بهذا العالم، وبنفسه، وبعطره .

لكنه لم يدرك أيضاً أنه حين حرر قوة الحب الانساني، إنما كان قد خلق العاطفة القادرة على هزيمته . ففي قاع المجتمع حيث أرض المقبرة التي بدت أشبه ما تكون بحقل دمرته القنابل، كانت الحياة تدب ليلاً، حين يظهر السفلة بكل أنواعهم، اللصوص، والقتلة، وضاربو السكاكين، والعاهرات، والفارون من الجيش، والشبان الجائعون، وهناك يجرب غرنوي عطره، وفي الحال ينجذب إليه أولئك القتلة، وبدل أن يعبدوه، كما كان يظن، كان حبهم له طاغياً إلى درجة أنهم بدأوا بالتهامه، لقد مزقوه إرباً إرباً، بالفؤوس والسواطير، وهشموا عظامه، وأكلوه بالكامل حتى اختفى دون أي أثر . الغريب مرة أخرى، أن الأمر أعجبهم، ببساطة، لقد أكلوا لحم البشر، ولكن أكلوه عن حب .

الآن، كما كان غرنوي يبحث عن روح الزهرة، روح العطر والوجود، فإن القارئ ما إن ينتهي من قراءة هذا العمل حتى يجد نفسه في موقع البحث ذاته متسائلاً : أين تكمن روح الرواية ؟ والحقيقة أنه مضطر إلى اعتصار العمل اعتصاراً، أي أن يقوم بعمل مماثل لما كان يقوم به غرنوي، في محاولة الوصول إلى روح الكتابة الغريبة . ولذلك نقول بأنه لا غنى عن قراءة هذه الرواية، فهي تضيف، بإمكاناتها التخيلية الرفيعة، شحنة شعرية عميقة إلى وجدان القارئ، وتحثه على المتابعة من البداية إلى النهاية .

فمن هو غرنوي هذا ؟! وما هي هذه الفكرة المرعبة التي تقوده ؟! من هو غرنوي هذا إن لم يكن هو المجتمع الذي أنبته، وأوجده ؟ لا نتململ أبداً، فكل كلمة وكل وصف، وفقرة، وحدث يكتبه الروائي يشير باصبع اتهام خفي، مضمر إلى المجتمع الرأسمالي الصاعد . ولنحاول إجراء بعض التشابهات : فالرأسمالية الناشئة وجدت أنها لم تعد قادرة على البقاء في جغرافيتها، وأن جسدها لم يعد يتسع لها، لقد استطاعت أن تكتشف إمكاناتها الداخلية العظيمة : التنافس، والصناعة، والأسواق، والانتاج الهائل، والمال المتكدس، والترف، والمكتشفات العلمية المذهلة . ومثل غرنوي وجدت فجأة أنها صارت بلا رائحة، لقد استهتلكت قواها بالكامل،أو أنها صارت قوية منتفخة بذاتها إلى الحد الذي جعلها تبدأ النظر وراء حدودها، بحثاً عن أرض عذراء، لم تمس بعد، كي تقوم بسلبها أفضل ما لديها، روحها العميقة، ثقافتها، أي عبقها الخاص، لكي تستطيع إغناء علومها، ومعارفها، وتحديث أدواتها . وهذا ما حدث بالفعل ،فقد عززت أوروبا الرأسمالية عشرات البلاد العذراء ونهبتها، ودمرت ثقافتها، وأدخلت قسماً من تلك الثقافة في بنيتها دون أن تعترف لأحد بأي فضل، بحيث صار العطر الأوروبي، أو الروح الأوروبية مثل عبق غرنوي المستخلص من العذراوات – هي روح الحضارة المعاصرة . وقد فعلت ذلك كله مثل- غرنوي أيضاً- بلا رحمة، دون رحمة، دون أي وازع أخلاقي، أو إنساني .

وباتريك زوسكيند لا يماري في ذلك، فجميع الشخصيات في روايته – باستثناء الفتيات القتيلات – مجردة من الحس الانساني . إنك لا تلتقي أبداً شخصاً نظيفاً يعيش لأجل العيش، وإنما يعيش لأجل المال والغرض، من أم غرنوي المجرمة، إلى مربيته <<مدام غايار>>

عديمة القلب، إلى معلمه في صناعة الجلود<<السيد  غريمال>> وحشي الطباع، إلى <<السيد بالديني>> العطار الطماع المتكالب، وحتى <<أنطون ريتشي>> والد الفتاة <<لور>> تاج عطور غرنوي يبدو بلا حس أبوي، شاذاً ومريضاً .ولهذا فأنك لا تستطيع أن تقرأ غرنوي كرجل من لحم ودم وعادات وحسب (وهو كذلك في الرواية) وإنما مضطر لأن تبحث عما وراء القراءة، أو عما ترى، لان الكاتب يبدع في رسم عالم الرواية، وتلوينه وتجسيده حباً نابضاً إلى النهاية .

هذا السبب لا مناص من مماهاة الشخصية بالمجتمع، رغم أننا لا نستطيع اجراء مطابقات هندسية مطلقة، كما أننا لا نريد أن نغمط الرواية حقها من الكلام عن جمالياتها، وأسلوب كاتبها المدهش . فقد استطاع أن يخلق في عمله الفريد هذا عالماً ساحراً، غريباً (زادته الترجمة الرائعة التي قام بها الدكتور نبيل الحفار جمالاً وقوة) مشغولاً داخل شبكة من الصور والاستعارات، والمجاز الغريب المفاجئ، والوصف الحسي، والمجرد، والمقابلات الضدية، أو المتماثلة ، التي تروى وفق تقنيات كلاسيكة جداً تعود بنا إلى عصر نشوء الرواية (أو إلى عصر اكتمالها) حين كان الروائي يظهر من بين سطور كتابته ليرتق ثقباً ما أو يصحح معلومة، أو يملأ فراغاً، زوسكيند يقوم بهذا كله دون أي خوف، أو وجل، من أن يتهم بأي تهمة تقنية ما (وهذا برسم نقدنا  ونقادنا) معتمداً على أنه يحمل روايته على جناحي الرؤية العميقة، واللغة الروائية العالية .

وبهذه المماهاة تكتمل لدينا صورة الرواية في قراءتنا لها – إنها صورة أوربية عن أوروبا، لحظة تأمل مليئة بالأسف واللهفة، وقفة مع الجمال والروح المدمرين على يدي من أراد إعلاء شأنهما وأخطأ بالطريق . ويا لها من وقفة .

(1) بابريك زوسكيند : روائي يعيش متفرغاً للكتابة بين ميونخ وباريس وله مسرحية واحدة هي <<عازف الكونترباس>> قدمتها معظم المسارح الألمانية . ورواية <<العطر>> التي ترجمت إلى أكثر من عشرين لغة .                                 

الكتاب : <<العطر>> قصة قاتل

المؤلف : باتريك زوسكيند

المترجم : د.نبيل الحفار

الناشر : دار المدى ـ دمشق

-------------------------------------------

متابعات ثقافية:

مطبخ-خيالات ضوء القمر

العدد الجديد من إبداعات عالمية كرس للأدب الياباني للمؤلفة بنانا يوشيموتو وروايتي <<المطبخ وخيالات ضوء القمر>> ترجمة بسام حجار.

مما جاء بالتعريف:

إن الكتاب اليابانيين الجدد يعتمدون المدرسة المعروفة باسم <<الشوسيتسو>>، بوصفها الشكل الروائي الأمثل لما يريدونه من الرواية، ولعلهم استلهموه من التجارب الكتابية المعروفة هناك للروائي <<أكوتاغوا>>، الذي ترك تأثيره الحاسم على الكتاب اليابانيين، وبخاصة رائعته <<راشمون>>. ويأتي اختيارنا لروايتي <<مطبخ>> وخيالات ضوء القمر>> بنانا يوشيموتو تأكيداً لهذا النهج عند هذه المؤلفة، حيث نجد أن رواية <<مطبخ>> تبدأ بسؤال بسيط: ماذا تفعل فتاة في العشرين من عمرها إذا شعرت فجأة أنها أصبحت من دون أسرة، وأنها تستأنس بأجواء المطابخ <<الدافئة>> أكثر من أي مكان في العالم؟ تلك هي حال ميكاج بطلة مطبخ في حياتها الطفيلية.

في <<خيالات ضوء القمر>> تفقد ساتسوكي حبيبها هيتوشي في حادثة سير مفجعة، فتغرق في مشاعر الحزن، وتحسب أن ما حصل جعل حياتها رهناً بالماضي الذي لن يعود، أي أن حياتها أصبحت حفنة من الماضي (..)؟!

المؤلفة: بنانا يوشيموتو. ولدت في طوكيو 1964

أصدرت إحدى عشرة رواية وسبعة مؤلفات أدبية.

ترجم معظم أعمالها إلى عدة لغات مثل: الفرنسية والإنجليزية والألمانية والإيطالية.

 رواية لمن هذا البياض

عن دار النمير صدرت رواية <<لمن هذا البياض>> للأديب أنور رجا. والرواية تطرح موضوعاً مركباً في معالجة روائية يستخدم فيها أنور رجا تقنيات خاصة. فالإنسان هو محور الرواية، الإنسان المقهور الذي يفشل في تحقيق رغباته فتطحنه الحياة وتحوله لمجرد خيال أو شيء غير قادر على فعل عمل مؤثر-من لحظة الموت تبدأ الرواية وتدور أحداثها في المقبرة.. إنها أحداث متخيلة لكنها تستمد تفاصيلها من الواقع.

مما كتب على غلاف الرواية:

وحيدان نحن في ممر النهاية.. في بؤرة الزمن والمكان المكثفين. ولكن، أكنت بحاجة لكل هذا الوقت لتتعرف إلي؟ ربما نت بحاجة لأصافح نفسي، كي تنكشف أسرار الرؤية بين يدي، ومن حسن طالعي أنك اخترتني لأتجرع قطرة قطرة طقوس النهايات والاندثار التدريجي تحت تأثير الخدر البطيء للشمس الحارقة، وموجات البرد الجليدي.. كي أنجو من موت الغفلة ووطأة الأيام التي وسمت بحروفها لساني وكوت جلدي الأسمر (…).

صدر للكاتب:

الصافرات <<مجموعة قصصية>>.

ليل التمتمات <<مجموعة قصصية>>.

لمن هذا البياض /رواية/ تقع في (173) صفحة من القطع الوسط.

 

سمر

عن منشورات دار الطلائع <<الناصرة>>، صدر للشاعر والقاص الفلسطيني وليد أيوب ديوان شعري باللهجة المحكية، وفيه يحاول أن يقارب الشاعر وليد أيوب بلهجة محكية، مواضيع إنسانية ووطنية.

والشاعر وليد أيوب من الشعراء الفلسطينيين الفاعلين في الحياة الثقافية في الوطن المحتل وله مساهمات عديدة في تنشيط الحياة الثقافية والوطنية في فلسطين. وقد صدر له مجموعة <<قصصية-شعرية>> حملت عنوان <<البيت البارد>>.

من مجموعته الجديدة نقتطف من قصيدة مهداة إلى الشهيدة إيمان حجو:

إيمان فرخة حجل:

يا بنت يا إيمان حجو

يا طير بالجنة

صوب عليك الذيب..

عينيه ما رمشوا

وإيديه ما رجوا

(…)

يا بنت خمس شهور

عينك على أمك

ومره

ع بيك المقهور

رصاصن على سريرك

يصيب الصدر الزغيد

يفتح ظهرك بيد ويفجو

إمك؟

يا ويلها إمك

تفرد عليكي جناحها

مثل دوري هجم ثعبان ع عشو

تنده يا ربي قلوبهن يعمي

وما يصيب لبيتي أذى

المجموعة من القطع الكبير تقع في مائة وعشر صفحات

 الثقافة العالمية

العدد الذي حمل الرقم <<107>> من الثقافة العالمية الصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون /الكويت/ تميز بمواضيعه المنوعة والقيمة.

<<يلقى ملف (الثقافة العالمية) الضوء على موضوعات تعالج المجتمع المدني من زوايا شتى، وتعلل أسباب الاحتفاء به.. وتفسر جدوى هذا المفهوم في تحليل الوضع الإنساني، ودور الاقتصاد ونظام الدولة والثقافة المحلية في تشكيله، والمغالطات التي تكونت حوله أخيراً وأدت إلى تشويش مفاهيمي.

ويكرس العدد مساحة بارزة للسيرة الذاتية الفنية، فيقدم في مقال <<هنري ماتيس والواجهة الهادئة>> رؤى جديدة عن حياة هذا الفنان الفرنسي الذي بدأ ممارسة الفن متأخراً، حيث لم يشاهد لوحة قط حتى بلغ سن التاسعة عشرة، والذي عانى معاداة الجمهور والنقاد لأسلوبه(…)>>.

من موضوعات العدد:

-آخر الكلام: إمكانية إنقاذ لغات العالم الصغيرة بقلم إيرل شورس.

-حول مصطلح المجتمع المدني. بقلم كريشان كومار.

-هنري مايتس. بقلم: إليانور واشتل.

-هل تكون رأسمالية العولمة أنجلو ساكسونيه. بقلم: رونالد دور.

-هل يشكل الإسلام تهديداً للغرب. بقلم: يوكسيل سيزغين.

-الكانطية الجديدة. بقلم: أفانيش بيرسود.

-واحة من الفن. بقلم: بينيت شيف.

وهناك مواضيع عديدة احتوتها الثقافة العالمية في عددها الجديد.

 حبيبتي حيفا

يرحل الجسد ويبقى الأثر وما يتركه المبدع في حياة شعبه وقضيته. والديوان الجديد للشاعر الفلسطيني الراحل حسن البحيري –حبيبتي حيفا- الذي جمع قصائده وأشرف عليه المهندس مروان البحيري، وصدر عن اتحاد الكتاب العرب، هو قصيدة حب جديدة خطها البحيري لفلسطين التي حلم بالعودة إليها، ولكن الموت كان أسرع.. البحيري الذي عاشت فلسطين معه في غربته يهديها في هذه القصائد روح العشق المتأصل في قلبه من قصيدة ربيع حيفا نقتطف:

بعطرك فاح نفح ربيع <<حيفا>>

ربيع الحب في زهر المغاني

فماج تألقاً.. وسنى.. وطيبا

وعاد بدفء أحضان الحنان

على ما امتد من شطآن رمل

وثير كالحرير الخسرواني

على <<المرج>> المقيم الخير فيه

لعرس جناة أسنى مهرجان

على السفح المطرز بالأماني

ولد الشاعر حسن البحيري في مدينة حيفا سنة 1921، كتب الشعر مبكراً وكان معروفاً كشاعر في حيفا.

من أعماله المطبوعة:

الأصائل والأسحار –شعر- 1943

أفراح الربيع –شعر- 1944

ابتسام الضحى –شعر- 1946

حيفا في سواد العيون –شعر- 1973

جنة الورد –شعر- 1989

ألوان –شعر- 1990

 

ليلكيات

<<ليلكيات>> هو عنوان الديوان الثاني للشاعرة الفلسطينية منى عادل ظاهر. والشاعرة ظاهر من مواليد الناصرة وتقيم فيها. صدرت مجموعتها الشعرية الأولى عام 1997 بعنوان <<شهريار العصر>>.

ما يميز الشاعرة ظاهر هي تلك الالتقاطات الشعرية المميزة، واللغة الدافئة التي ترسم بها كلماتها من قصيدة نوم الفراشة نقتطف:

جذور العنكبوت تتفرع

تتأصل وتتضخم

الأذرع تظلم وتتشعب

وعصف الأمواج يتلاطم

شبكة الأشجار

أغضان على فروع

على أغصان

والفراشة تنام

والألوان تختلط

يفترش الظلام

المجموعة من القطع الوسط جاءت في 74 صفحة.

الدولة البوليسية في تونس المعاصرة

صدر للزميل توفيق المديني كتاب جديد يحمل عنوان <<الدولة البوليسية في تونس المعاصرة>> عن المركز العربي الجديد للطباعة والنشر ببيروت.

يقع الكتاب في 235 صفحة من القطع الكبير، تسعة فصول:

الفصل الأول: حدود <<التغيير>> وإمكانياته.

الفصل الثاني: دور الجيش والأمن في عملية <<التغيير>>.

الفصل الثالث: العسكر والديمقراطية.

الفصل الرابع: ديكتاتورية الخوف.

الفصل الخامس: ضياع <<الوعد الديمقراطي>> بالخديعة والقمع.

الفصل السادس: توتا ليتارية الدولة البوليسية التونسية.

الفصل السابع: الدولة البوليسية والإيديولوجيا والإعلام.

الفصل الثامن: الدولة البوليسية والفساد.

الفصل التاسع: مستقبل السلطة والمعارضة في تونس.

 

فسحة ثقافية:

بسام رجا

سلاماً.. للدم الطاهر

لا شيء.. لا شيء يدفعك للكتابة وأنت تضغط على أنفاسك المتلاحقة.. وأنت تكتب صرخة تمزق صدرك، أكثر من مشاهد الاستباحة للحرم القدسي الشريف.. وكأن أفعى لدغت العرب ودب السم في أجسادهم.

يا الله أمعقول هذا.. أن تستباح مقدساتنا وأرضنا المباركة ونحن نلوك الكلام ونتثاءب مع نشرات الأخبار البليدة.. ألا تكفي هذه المشاهد كي يتحرك العرب والمسلمون.

الانتفاضة تدخل شهرها الحادي عشر والأرقام يحفظها العرب.. لكن ألا يريدون أن <<يحفظوا ماء وجوههم>>.. أم أن الصمت غير وسيلة للتعبير عن الرأي.. ألا تسمعون صرحة فارس عودة وهو يقف أمام دبابة وحده وحجارة صغيرة بيده.. ألم تروا محمد الدرة يموت بين يدي والده.. ألم تروا وتروا.. أم أن الظلام قد حل في مضارب العرب وحان وقت القهوة المرة.. مرة أيامكم دون فلسطين.. دون القدس.. دون أن تسمعوا صرخات الثكالى وصيحات الأطفال المرعوبين من قذائف تقتل أحلامهم وهم يحلمون بوطن حر.. بأجسادهم الملفعة بأعلام فلسطين يدخلون إلى ساحات القتال.. حقاً إنهم أسطورة التاريخ الحديث.. أسطورة مكتوبة بدم فلسطيني يتجدد ويتجدد في كل يوم مواجهة..

كم سننتظر.. كم سنحدق بشاشات <<التلفزيون>> ونصفق بحماس للشعب الذي لا يتعب من عشق وطنه.. إنها فلسطين.. فلسطين أرض الإسراء والمعراج.. الأرض المقدسة.

صلاح الدين يناديكم.. خيوله تصهل على بوابات القدس.. وامعتصماه تتردد في جنبات القدس وتطاول المآذن.. دمنا يلون الأفق يجعل من نهارات الوغى حمراء.. حمراء.. متى سيصل النداء والشعب يعلن أن فلسطين هي أرض عربية-إسلامية..

إنها فلسطين.. فلسطين التي فلت جيوش الغزاة على مدى التاريخ.. فلسطين تستباح اليوم.. تقصف بكل الأسلحة الأميركية، وما زال من يراهن على الموقف الأميركي..

لن يتحرك قتلة الشعوب.. لن يتحرك قتلة الهنود الحمر.. وإذا تحركوا فهم يخرجون نصالهم لقتلنا..

إنها فلسطين.. وهذا الدم عربي.. مسلم ينتمي إلى هذه الأمة التي أنجبت العظماء والمقاتلين الذين سالت دماؤهم لكي تبقى الأرض تنبض باسم عروبتها.. باسم انتمائها..

إنها فلسطين إلى متى هذا الصمت.. إلى متى هذا الندم؟!

-------------------------------------------

قالوا:

-الذين يعيشون اليوم على الأرض دون رسالة، دون جهاد، ودون نضال هؤلاء أموات، أما الذين استشهدوا فهم الأحياء.

ولا يعقل أن يتحرك الصهاينة في عواصمنا العربية، وهم آمنون علىحياتهم، بينما أهلنا في فلسطين يقتلون.. يجب أن تقول الأمة كلمتها ورسالتها.. لا صهاينة على أرضنا.

الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي

لحركة المقاومة الإسلامية حماس

-المشروع الذي يقاوم في فلسطين اليوم، لا يستهدف جغرافيتها السياسية ومن يسكنها من العرب وحسب، وإنما ينطلق من تلك المواقع بداية ليستهدف العرب كلهم حاضراً ومستقبلاً ومشروعاً حضارياً منشوداً في النهاية.

د. علي عقلة عرسان

الأمين العام لاتحاد الكتاب والأدباء العرب

-نحن نعلم كيف نحافظ على مسجدنا، ولا بد من حملة إعلامية مدروسة لأن المسجد الأقصى المبارك ليس أرضاً يمكن تقاسمها أو التفاوض بشأنها بل هو موقع قدسه الله، أن الحرب ضد المسلمين والإسلام التي تقودها بعض الجهات الغربية والصهيونية حرب خاسرة وإن نجحت بعض الجولات فإنها خاسرة في النهاية، لأن الأمر هو إرادة ربانية لا يمكن تغييرها بأفكار وإيديولوجيات شاذة من هنا وهناك.

المهندس عدنان الحسيني

مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس

-ما زلت مؤمناً بأن فلسطين ستعود ولو بعد موتي الشخصي، لكنني لم أهزم وأقاوم.

الشهيد الفنان ناجي العلي

-التأكيد على الدعم المطلق وبكافة الوسائل المتاحة للانتفاضة الشعبية الفلسطينية التي تواجه قوات الاحتلال الصهيوني وممارساتها العنصرية ضد أهلنا في فلسطين العربية المحتلة، وإدانة إقدام العصابات الصهيونية على خطوتها التهويدية بمحاولة وضع حجر الأساس للهيكل المزعوم، والإسراع بعقد قمة عاجلة لإنقاذ المقدسات وردع العدوان ودعم ومساندة قوى النضال الفلسطيني، والشعب الفلسطيني في دفاعه عن أرضه ومقدساته والحق القومي.

من البيان الختامي لملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي

------------------------------------------