تدشين حجر الأساس للهيكل المزعوم

الخطوة ما قبل الأخيرة لتدمير الأقصى والمقدسات الإسلامية..

عبد الله الحسن

يتيح مصطلح إسرائيل شاحاك وزميله يهوشع ليبوفيتس <<اليهودية-النازية>>، المتوافق مع رأي اليهودي التروتسكي اسحق دوتيشر: <<إن الزعيم النازي أدولف هتلر هو أكبر مجدد للهوية اليهودية>>: ..يتيح المنظور الأكثر ملائمة لتفسير السلوك الصهيوني عامة، وفي ظل انتفاضة الأقصى المباركة خاصة.. حيث يفرغ العدو الصهيوني ما في جوفه من حقد محموم، وبكثافة غير مسبوقة، تطال البشر والحجر والزرع والضرع والمقدسات، وفق استراتيجية، دأب على ممارستها، منذ قيامه على أرض فلسطين، وأصيغ عليها تسميات عديدة، تبعاً لخصائص كل مرحلة، وتقوم على ثنائية تكاملية، ثنائية <<التطويق-الإبادة>>. التطويق استيطانياً وسكانياً، والإبادة للوجود العربي بشتى الوسائل، القتل والاعتقال، والتجويع، والتهجير <<الترانسفير>>. وما حصل في نكبة عام 1948، يدلل على مدى فاعلية ونجاعة، هذه الاستراتيجية للمشروع الصهيوني. لذا لم يكف عن محاولة تطبيقها في الأراضي المحتلة عام 1967، في المدن والنجوع الفلسطينية كافة، والقدس خاصة. ولا ينكر أحد حقيقة أن العدو الصهيوني، قد شارف على الانتهاء من ترسيخ الركيزة الأولى لاستراتيجيته <<التطويق>> عبر بناء المستوطنات، والطرق الالتفافية، والأحزمة الأمنية، وتجزئة الضفة الغربية إلى <<64>> كانتوناً معزولة بعضها عن بعض، إضافة إلى مشاريع أخرى، لايني يطلقها لتشديد <<التطويق>> في ظل انتقاله إلى التطبيق الصريح، والكثيف للركيزة الثانية <<الإبادة>>. ولا شك أنه على نتائج المعركة المصيرية المستعرة اليوم على أرض فلسطين، بانتفاضة الأقصى، يتوقف ليس نجاح الاستراتيجية الصهيونية، وحسب بل والوجود الصهيوني برمته، مثلما يتقرر مصير الوجود العربي. وثمة دور محوري تضطلع به الخرافات والأساطير التوراتية والتلمودية، في الصراع الجاري، والمحتدم على أرض فلسطين، سواء لتقديمها، الأساس والمبرر لاستراتيجية <<التطويق-الإبادة>> أو لجهة إكسابها الزخم اللازم.

دورة الأسطورة..

لم يشهد التاريخ من هو أبرع من الصهيونية في توظيف الخرافات والأساطير اليهودية، واستثمارها دينياً وسياسياً، وأيضاً مالياً، ولا أحسب أن هناك حاجة للاستغراق في الأمثلة الدالة على أثر <<قوة الأسطورة>> في إنشاء الكيان الصهيوني، حسب تعبير حاييم وايزمان. حيث لا فرق في ذلك بين العلمانيين والمتدينيين الصهانية أبداً، بأكثر من بعض التصريحات الواردة على لسان أكاديميين وساسة صهاينة، وشواهد عملية. ولعل أبرزها ما جاء على لسان المؤرخ الصهيوني زئيف هرتسوغ في صحيفة هآرتس (28-10-1999)، نقلاً عن (تشرين 1-11-1999): <<لقد شكل التاريخ التوراتي، أحد أحجار الأساس في بناء الهوية القومية للمجتمع الصهيوني في فلسطين، أما السكان العلمانيون في إسرائيل، الذين رفضوا الاسس التشريعية الدينية لليهودية القائمة على التلمود، فقد تبنوا جوهر التوراة، والتاريخ التوراتي، المعبر عنه في أسفار التوراة، والتي توحدت كنتاج إيديولوجي ثيولوجي، تحول في إسرائيل العلمانية إلى أساس ثقافي. إن التواصل التوراتي لسلسلة الأجيال من إبراهيم إلى موسى وسليمان، وحتى خراب الهيكل الأول، تشكل حجر الأساس في دراسات التاريخ والتوراة، وهو مكرس في دراسات الأدب ومعرفة البلاد في المدارس الابتدائية>>، أما الشاعر اليهودي حاييم نحمن بياليك فيقول: <<إسرائيل والتوراة شيء واحد>>، بينما الحاخام المقتول مائير كاهانا، مؤسس حركة <<كاخ>> العنصرية، يصرح لا يمكن التمييز بين الدولة والتوراة، لأن دولة إسرائيل لم تقم بفضل قرارات الأمم المتحدة، بل بفضل التوراة>>، ويعبر عن ذلك، لكن بكلمات أخرى هارولد فيتش، رئيس جامعة بار إيلان: <<أبعد البعد اللاهوتي تتلاشى الصهيونية هباء منثوراً>>.

الأستاذ في الجامعة العبرية في القدس يعقوب تالمون يقول: <<إن الحق اليهودي التاريخي بفلسطين يفتقر إلى أساس ثابت، فيما لو تم إقصاء مسألة الإيمان بالوعد الإلهي، وفكرة الشعب الذي اختاره الرب، واصطفاه، مما يؤدي حتماً إلى إظهار اليهود بمظهر الفاتحين والإمبرياليين>>، لكن الشاهد الأبرز الذي يفضح <<قوة الاساطير>> في تشكيل الاستراتيجية، والسياسة الصهيونية، هو ذاك النص المرفوع كشعار فوق منصة الكنيست الصهيوني، والمقتبس من التوراة سفر التكوين: <<لنسلك أعطي هذه الأرض من النهر الكبير إلى الفرات>> ناهيك عن دور أسطورة <<الهولوكست>> في قيام الكيان الصهيوني. إذ يقول أحد الحاخامات: <<إن قيام إسرائيل هو رد الله على الهولوكست>>، بينما يقول ناحوم غولدمان رئيس الوكالة اليهودية الأسبق: <<لم أكن أتصور كيف كان يمكن أن تقوم إسرائيل لولا التعويضات>>.

وتعلق الباحثة العربية حياة الحويك عطيه <<الدستور 3-11-2000>> على ذلك في سياق تقديمها، للقاء صحفي مع بيير غيوم، الناشر الذي يقود حركة المراجعة التاريخية في فرنسا، بقولها: <<(قوة الأسطورة) التي تحدث عنها حاييم وايزمن و(قوة التعويضات) التي اشتريت بشقها المالي فلسطين، وبنيت عليها إسرائيل، واشتريت بشقها المعنوي مواقف دول العالم الغربي في دعم دولة الاغتصاب وسيطرة اللوبيهات اليهودية، هما في واقع الأمر نتيجة مدروسة لأسطورة حرق ستة ملايين يهودي في الحرب العالمية الثانية>>، ولأهمية أسطورة <<الهولوكست>> عمل الصهاينة على تحويلها إلى <<ديانة>> لها قداسة ويبدو أن الغرب قد استسلم لها فها هو قانون <<غايسو-فابيوس>> في فرنسا، قد حولها إلى <<عقيدة جمهورية>> كما أضفت عليها الصهيونية طقوس معينة، ولإكسابها مزيد من القداسة، والتأثير. وفي هذا الصدد يقول غيبوم: <<لقد شهدنا طوال هذه السنوات عملية تدجين شعب بأكمله مع <<ديانة الهولوكست>> التي تتجدد باستمرار، ودورياً بواسطة الاحتفالات الطقسية: الاستعراضية-التجارية. وهي محاكمات <<المجرمين ضد الإنسانية>>، أو محاكمات هؤلاء <<النفيين>> والاحتفالات المؤسساتية الإعلامية السنوية بـ<<الشواة>> التي يعيد بها اليهود بناء وحدتهم الأسطورية عبر إعدام <<صلب>> رمزي لمن تعرض لمقولاتهم>>، ويستطرد <<ويبدو أن هذه الحالة تذكرنا بالاستمانة على <<صلب المسيح>> في فلسطين المحتلة، من قبل الرومان قديماً، حيث راحت تتكرر أكثر فأكثر، وبكثافة أكبر فأكبر على مستوى الأرض كلها بعد ألفي عام>>. وهنا أقف وأتساءل لماذا أقدم (14) مثقفاً، من كبار المثقفين العرب من أمثال: أدونيس، محمود درويش، أدوارد سعيد، إلياس خوري، إلياس صئبر.. الخ على توقيع بيان يطالب الحكومة اللبنانية بمنع انعقاد مؤتمر المراجعة التاريخية، لدى محاولة عقده في بيروت، قبل أن يعقد في عمان وأن يقذفوا منظميي المؤتمر بتهمة معاداة السامية، وأنهم مجموعة من النازيين؟ رغم أن مدير معهد المراجعة التاريخية، ومقره كاليفورنيا قال: <<إن عنوان المؤتمر كان المراجعة التاريخية والصهيونية>> أي أنه يقوم بمراجعة تاريخية للحركة الصهيونية ونشاطاتها وفكرها، وأهدافها، ولا شك أن للأمرعلاقة، باستعمارها فلسطين. ويبدو لي أن أفضل تفسير لهذا السلوك، هو قول الشاعر الفلسطيني محمد الأسعد (الأهرام العربي العدد 224): <<إن ذلك ليس سوى استسلام للمصطلح الصهيوني>>. وهنا تحضرني مقولة لإسرائيل شاحاك، وردت في كتابه <<الديانة اليهودية، وتاريخ اليهود وطأة 3000 عام>>: <<..علينا أن نواجه الحقيقة: إننا في نضالنا ضد عنصرية الديانة اليهودية وتعصبها، سنجد أن ألد أعدائنا لن يكونوا العنصريين اليهود، والذين يستخدمون العنصرية فحسب، بل أولئك الناس أيضاً، ومن غير اليهود، الذين يعرفون في مجالات أخرى زيفاً –برأيي- كأناس تقدميين>>.

الهيكل والأسطورة المزعومة..

تلحظ موسوعة دائرة المعارف البريطانية في سياق شرح معنى الصهيونية، أهمية الأسطورة والخرافة، في حياتها، وتجسيدها المادي الكيان الصهيوني، سواء لناحية النشأة أو الاستمرارية. فقد ورد في الموسوعة: <<إن اليهود يتطلعون إلى افتداء إسرائيل واجتماع الشعب في فلسطين، واستعادة الدولة اليهودية، وإعادة بناء هيكل سليمان، وإقامة عرش داود في القدس، وعليه أمير من نسله. وقد نجحت الحركة الصهيونية في تنفيذ جزء كبير من أهدافها حتى الآن، وتمثل في العودة إلى فلسطين، وإقامة دولة يهودية على أرضها، وجعلها عاصمة لهذه الدولة، وهم يجدون السعي لتحقيق أهدافهم الأخرى>>، وفق آلية. ربما يتضمنها، تعبير توماس تومسون صاحب كتاب <<التأريخ القديم للشعب الإسرائيلي>>، الصادر سنة 1992، حيث يقول: <<إن العهد القديم –أي التوراة- لم يكن تاريخاً تحول إلى خيال، بل خيالاً تحول إلى تاريخ>>، وخارج إطار قدرة الصهيونية على تحويل الخرافة وباستمرار إلى واقع تاريخي، فإنه لا معنى لوجودها، ويبدو هذا بصورة واضحة في قول ديفيد بن غوريون: <<لا قيمة لإسرائيل من دون القدس، ولا قيمة للقدس من دون الهيكل>>. وبالرغم من أسطورة وخرافة هكذا أقوال: لعدم وجود أي حق لليهود في القدس وفلسطين، عدا ما جاء في المرويات الخرافية التوراتية والتلمودية، كما أثبت علم الآثار، وحسبنا أن نذكر في هذا الصدد ما ذكره عالم الآثار الصهيوني زئيف هرتسوغ (تشرين، مصدر سابق): <<بعد 70 سنة من الحفريات الأثرية المكثفة في أرض فلسطين توصل علماء الآثار إلى استنتاج مخيف: الأمر مختلف من الأساس، فأفعال الآباء هي مجرد أساطير شعبية، ونحن لم نهاجر من مصر، ولم نرحل من هناك، ولم نحتل هذه البلاد، وليس هناك أي ذكر لإمبراطورية داود وسليمان، والباحثون والمختصون يعرفون هذه الوقائع، منذ وقت طويل، ولكن المجتمع لا يعرف>>، ويضيف <<نشأ وضع بدأت فيه الاكتشافات الكثيرة تقوض المصداقية التاريخية للوصف التوراتي بدلاً من أن تعززه، وبدأت مرحلة الأزمة، وهي مرحلة لا تستطيع النظريات أن تحل العدد المتزايد من المجاهيل، وغدت التفسيرات معقدة وغير لبقة فتشوشت الصورة، وتبين أنها غير قابلة للاكتمال>>. ولم يجد الكيان الصهيوني مفر في مواجهة الأزمة التي سببتها المكتشفات الأثرية، إلا مزيد من التمسك، والتأكيد على مروياته الخرافية، والمبادرة إلى تحويلها من خرافةإلى واقع وتاريخ. وكان أبرز تجليات هذا، قرار المحكمة العليا الصهيونية يوم 25/7، بالموافقة على وضع حجر الأساس للهيكل الثالث في القدس القديمة، لكن ليس في باحة الحرم القدسي الشريف، بل في حارة المغاربة؟! وجاء في نص القرار: <<إن حركة أمناء جبل الهيكل يمكنها أن تضع حجر الأساس للهيكل الثالث قرب الباب المسمى (باب المغاربة)، جنوب القدس القديمة>> ، وحدد يوم 29/7 يوم الحداد اليهودي <<يتساي أف>> على خراب الهيكل الأول على يد القائد الآشوري نبوخذنصر عام 586 ق.م، وخراب الهيكل الثاني على يد تيتوس عام 70 م، ومن المرويات التلمودية. وقد آثار هذا القرار الارتياح وإن بتحفظ لدى أتباع حركة أمناء جبل الهيكل، فوصفه زعيمها غيوشون سالومون: <<بأنه قرار تاريخي بالغ الأهمية.. لكن عدم السماح لنا بدخول جبل الهيكل من شأنه أن يطيل مأساة اليهود>>، ومن المعروف أن هناك (10) منظمات يهودية متطرفة تطالب، بالاستيلاء على الحرم القدسي الشريف، بدعوى أنه <<جبل الهيكل>> وشيد على أنقاض الهيكل، لكن قرار المحكمة العليا الصهيونية، أثبت أن المسألة ليست مسألة (10) تنظيمات متطرفة، وحسب، وإنما هي محط إجماع صهيوني. ألم يقل فلاديمير جابوتنتسكي يوماً <<نحن اليهود والحمد لله، لا شأن لنا بالشرق. يجب تنظيف أرض إسرائيل من الروح الإسلامية>>. وبالفعل فإن الصهاينة قاموا باليوم المذكور بوضع حجر الأساس، الرمزي لإعادة بناء الهيكل المزعوم، وهو عبارة عن حجر من الرخام يزن (4.5) طن، تم شراؤه، وإعداده من مال تبرع به يهود أميركيون بشكل خاص، عام 1998، حيث شهد أول محاولة من قبل غيرشون سالومون وأنصاره لوضع حجر الأساس ذاك، وذلك في شباط ثم تشرين الأول من ذات العام، ثم محاولة ثالثة بعد سنة، وأخرى رابعة، وكانت تمنع من قبل الشرطة بذريعة عدم الحصول على إذن قضائي.

الخطوات ما قبل الأخيرة..

مما تجدر الإشارة إليه أن التطورات الأخيرة من قرار المحكمة العليا إلى وضع حجر الأساس للهيكل الثالث لم تولد هكذا من فراغ، بل هي تتويج لمسار طويل ومعقد من التحضيرات. بدأت منذ احتلال الشطر الشرقي من القدس عام 1967، ولا زالت مستمرة. ولن تتوقف حتى يتحقق مآرب الصهاينة بتدمير المسجد الأقصى وكل المقدسات الإسلامية وإشادة الهيكل المزعوم، بدءاً من هدم حي المغاربة عام 1967 إلى حريق المسجد الأقصى يوم 21-8-1969، إلى حفر الأنفاق تحت أساسات المسجد الأقصى وعلى أعماق كبيرة تصل إلى (14)م، إلى إزالة مقبرة المسلمين، والاستيلاء على مبنى المحكمة الشرعية.. والحفر تحت مسجد النساء داخل حرم المسجد الاقصى، إلى إنشاء كنيس يهودي صغير بالقرب من الجدار الغربي عام 1986، افتتحه رئيس الكيان الصهيوني، إلى إجلاء أعداد كبيرة من سكان القدس، وافتتاح النفق أسفل المسجد الأقصى عام 1996، ومحاولة توطين يهود داخل أسوار المدينة القديمة، من غير أن يفلح حتى الآن في إحداث الخلل المطلوب ديمغرافياً فيها، إذ ما زال يقطنها (34) ألف عربي مقابل (4500) يهودي فقط، إلى افتتاح معهد جبل الهيكل، الذي تموله الحكومة الصهيونية، والذي حدد هدفه وفق الآتي: <<إن أهدافنا في المدى المنظور تكمن في إعادة الروح إلى شعلة جبل الهيكل في قلوب الإنسانية. أما على المدى الطويل، فيتعلق الأمر ببذل أقصى ما يمكن من أجل إعادة تشييد المعبد المقدس في أثناء أيامنا هذه، إضافة إلى منع المصلين المسلمين في الصلاة في المسجد الأقصى، واقتصار الصلاة على أعداد محددة، فبعد أن كان يؤمه في صلاة الجمعة (300) ألف مصلي لم تعد قوات الاحتلال تسمح خصوصاً مع انطلاقة انتفاضة الأقصى المباركة بأكثر من (3000) مصلي، ويبدو، حسب المعطيات أن الصهاينة قد قاربوا الوصول إلى الخطوات ما قبل الأخيرة في عملية تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل. وفي هذا الصدد نشير إلى قول يزهار بعير مسؤول ما يسمى <<مركز حماية الديمقراطية في إسرائيل>>: <<لقد دخلوا منطق تنفيذ المراحل، فعندما يكون كل شيء جاهزاً (الشعائر والعدة) فلن يبق أمامهم سوى إعادة بناء الهيكل، ونحن نقترب من ذلك>>. والعقبتين الأخيرتين اللتان تعترضان ذلك، هما العثور على البقرة الصهباء التي سيستخدم رمادها لتطهير الكهنة، والجدير ذكره أنه في عام 1997 ساد اعتقاد لدى الصهاينة بأنهم عثروا على ضالتهم المنشودة، وأعلن عن وجود البقرة المطلوبة في مدينة حيفا، وأنها برعاية عدد من الحاخامات لكن سرعان ما تلاشت آمالهم، بسبب اكتشاف شعرتين من اللون الأبيض في ذيل البقرة، وهذا مخالف لنصوص التلمود التي تنص على شعرة بيضاء واحدة. ويبدو اليوم أن الوجود يراهنون على الثروة المعرفية في مجال الهندسة الوراثية، ويودعوا آمالهم فيها، فهي الطريق الأكثر واقعية لإنتاج البقرة الصهباء. وتتحدث بعض المعلومات عن وفد من الحاخامات اليهود جال في أوروبا، على مختبرات الهندسة الوراثية للبحث في إمكانية إنتاج هذه البقرة وذلك عام 1989 أما بصدد تجاوز إشكالية كيف يمكن تطهير اليهود برماد البقرة الصهباء، إن وجدت، وهم جميعاً مدنسون. منذ القرن السادس الميلادي حين فقد رماد آخر بقرة طاهرة، لكون الشريعة اليهودية، كما هو معروف، لا تجيز أن يضحي بالبقرة المقدسة إلا كهنة طاهرون، فيقول عبد الوهاب المسيري في موسوعته الشهيرة (مج5): <<إن إحدى المجلات العلمية الدينية في الكيان الصهيوني، اقترحت أن تعزل امرأة يهودية حامل من إحدى الأسرا لكهنوتية داخل منزل يبنى على أعمدة حتى يعزل المنزل نفسه عن أي جثث يهودية قد تكون موجودة تحته، ويقوم رجال آليون بتوليدها، ثم يقومون بعد ذلك على تنشئة الطفل بعيداً عن كل البشر، حتى يصل إلى عامه الثالث عشر ساعتها يمكنه أن يصبح كاهناً طاهراً فيضحى بالبقرة المقدسة وتحل المشكلة، بينما اقترح آخرون القيام ببعض الحفريات حول بقايا الهيكل، فقد يعثر على زجاجة تضم بقايا رماد البقرة الحمراء، وتحل بذلك المعضلة، وفي سياق إعداد الكادر لخدمة شعائر العبادة القربانية اليهودية لدى بناءا لهيكل الثالث، يقول د. المسيري في موسوعته (مج4): أنه تم تأسيس مدرستان تلموديتان عاليتان بالقرب من حائط البراق لتدريب (200) طالب على تلك الشعائر وقد بدأت هذه المدارس في إعداد أدوات العبادة القربانية، وانتهت من (38) منها، تم وضعها في متحف، وهي في سبيل أعداد الـ(65) الباقية، وتوجد جماعات أخرى تدرس شجرات العائلات الخاصة بالكهنة، حتى يمكن الإجابة عن سؤال نصه: من منهم المؤهل لتقديم القرابين؟ ويضيف د. المسيري قائلااً أنه في عام 1990 عقد مؤتمر يضم اليهود الذين يعتقدون أنهم من  نسل الكهنة: وهناك في <<فندق الهيكل>> في القدس مجسم صغير للهيكل، ويسعون أن يبنوا.

مجسماً آخر أكبر حجماً يكلف مليون دولار، يتم جمعها من يهود العالم دون سواهم. أما العقبة الثانية التي تعترض الشروع في بناء الهيكل الثالث، كلياً، فتتمثل في ضرورة بناء كنيس داخل باحة المسجد الأقصى، وذلك تبعاً للتقاليد التوراتية. وفي هذا الصدد تشير المعطيات (الدستورية 2-7): <<إن مجلس الحاخامات الأكبر>> في الكيان الصهيوني بدأ بدراسة مشروع يتطرق لاختيار الموقع الملائم لبناء هذا الكنيس، ومن هذه المواقع سطح باب الرحمة، وسطح المدرسة العمرية، أو سطح المحكمة الشرعية، الذي احتلته قوات حرس الحدود الصهيوني غداة عدوان حزيران 1967، وحولته إلى مقر مشترك لها مع الشرطة الصهيونية. وقد لفت الأنظار إلى هذا المخطط أيضاً مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري بقوله: <<هناك مخطط إسرائيلي قديم-جديد لبناء الهيكل في محاذاة البوابة الخارجية للمسجد الأقصى، وهي بوابة المغاربة>>، ليضيف <<لقد قام اليهود بحفر اساسات هذا الكنيس خارج ساحات الأقصى ليتمكنوا من بناء ثلاث طبقات>>، وكان مجلس رجال الدين اليهودي في المستوطنات قد أباح لليهود اقتحام الحرم القدسي الشريف وإقامة الصلاة هناك <<رغماً عن أنف الفلسطينيين ورجال الشرطة الإسرائيلية>> حيث يعتبر هؤلاء أن صلاة اليهود في باحة الحرم، بداية الطريق إلى إعادة بناء الهيكل. وقال أحد هؤلاء الحاخامات، الحاخام اسحق شيلات: <<إن لليهود حق أكبر ألف مرة من حق المسلمين في الصلاة في الحرم القدسي، ويجب أن تقول ذلك علناً أمام كل البشر>>، وقرر هؤلاء الحاخامات تشكيل وفد <<يصبح نموذجاً يحتذي لدى المؤمنين اليهود، فيبادرون هم أولاً إلى اقتحام الحرم وإقامة الصلاة في باحته ثم يتبعهم الآخرون>>، ويدعم تقرير لجنة ميتشل هكذا دعوة، على شكل الإعراب عن <<الأسف من جراء عدم وجود فرصة تتيح للمؤمنين (يقصد اليهود) بأداء الصلوات بحرية في الأماكن المقدسة مثل الحرم القدسي وقبر يوسف>> (الشرق الأوسط 21-7).

الأسباب..

ثمة سؤال يلح على الذهن، ويقوة، مفاده: لماذا الآن قرار المحكمة العليا الصهيونية في الموافقة على وضع حجر الأساس للهيكل الثالث، تحت وطأة هذا السؤال لا بد من التوقف عند العديد من الظواهر، أعتقد أنها ساهمت، بهذا القدر أو ذاك في صدور قرار المحكمة، وبهذا التوقيت لعل في أبرزها:

-وجود حامل دولي لهذا القرار، يتلخص في اعتباره القدس مدينة يهودية خالصة، وفي مقدمته قرار الكونغرس بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، ووعود الرئيس الحالي بوش، الابن بترجمته على الأرض خلال حملته الانتخابية، ومن ثم موقف البنك الدولي. ففي الكتاب الصادر عنه العام الجاري بعنوان <<مدن تاريخية ومواقع مقدسة>>، أفرد مساحة كبيرة للتراث اليهودي، بما لا يتناسب إطلاقاً مع عددهم، على حساب المسلمين (1.2) مليار نسمة، والمسحيين ملياري نسمة، حيث تضمنت أجزائه الـ(8) (13) مقالة عن التراث اليهودي، فضلاً أخرى متناثرة.. وبخصوص القدس اعتبرها الكتاب مدينة يهودية، لذا نشر عدداً كبيراً من المقالات لمختصين في مركز الفن اليهودي بالجامعة العبرية بالقدس (الكتب وجهات نظر، العدد 30، سمير غريب) ولا غرو في هذا الموقف فهو يعير، برأيي عن صدقية مقولة كارل ماركس في <<المسألة اليهودية>> <<إن الرأسمالية أعادت المسيحية إلى اليهودية، فبات اليهودي هو المسيحي العملي، وعاد المسيحي العملي يهودياً>>.

-مزيد من تجييش قوة المسيحية-الصهيونية الرافد الأكبر لبقاء الصهيونية واستمرارها لصالح الكيان الصهيوني، من خلال ترجمة اعتقاداتها على أرض الواقع. ومن المعروف أن كل اعتقادات هؤلاء مركزها في فلسطين، ويلخصها الأب قسطنطين قرمش، في محاضرته في الندوة العالمية لشؤون القدس، في عمان، <<الدستور 30-8-2000>>.

نورد الأهم منها وهي مايلي: إن المسيح قادم ليحكم اليهود في فلسطين لمدة ألف عام. لذا يجب تجميع كل يهود العالم في فلسطين، وبناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى، وأن القدس هي العاصمة الأبدية للكيان الصهيوني.

-توفير حافز جديد لهجرة يهودية جديدة وكبرى إلى فلسطين، تمكن الكيان الصهيوني أن يواجه المعادلة الديمغرافية في فلسطين المحتلة، التي تهدد بالاختلال لمصلحة العرب في المدى المنظور. وليس هناك ما هو أفضل من الحافز الديني، لا سيما في ظل استكمال صهينة اليهودية، وتهويد الصهيونية. ومن المعروف أن التحية اليهودية التقليدية التي تقول <<العام القادم في أورشليم>> تعني أن <<القدس ستكون ملكاً خاصاً لليهود، وهذا <<حسب حسن ظاظا، مجلة الفيصل العدد 253>> يفسر لنا موقف كثير من الأحزاب والطوائف اليهودية التي تحلم بإخلاء القدس من أي أثر لأمة غير اليهود، وأن ينفرد اليهود يحكمها والقيام بعملية تطهير عرقي بالقتل والتشريد، والاغتصاب لكل ما هو غير يهودي.

-توفير أساس جديد للحلم الصهيوني، الذي ظهر مدى تآكله خلال انتفاضة الأقصى المباركة.

-حسم الصراع على القدس من خلال تحويلها إلى مدينة يهودية نقية، لأن القدس، حسب تقديرات عالم المستقبليات الفرنسي جاك أتالي، ستكون مقر السوق المشتركة للدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط. (السياسة الدولية العدد 144).

-رفع المعنويات الصهيونية المتدهورة بعد هزيمة العدو الصهيوني في لبنان والمأزق الوجودي الذي ألقته به انتفاضة المباركة، من خلال الإيحاء بأن المشروع الصهيوني في طريقه إلى النجاح، لا بإرادة البشر، وإنما بإرادة الإله يهوه ومن المعروف أن الاعتقاد التلمودي، يقول: إن بناء الهيكل الثالث سيؤدي إلى ظهور <<الماشيح>> اليهودي وهو غير السيد المسيح (ع)، وأن قدوم <<الماشيح، سيحقق النصر المنتظر.. وتكون الأمة اليهودية في غاية الثروة لأنها حصلت على جميع أموال العالم>>.

-تبرير الحرب القادمة ضد الأمة العربية والإسلامية، للعالم الغربي، على غرار تلك المبررات التي أطلقها رونالد ريغان في تسعيره الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي السابق بدعوى أنه <<إمبراطورية الشر>> من خلال حديثه عن معركة <<هرمجدون>>، وفي هذا المجال تقول الكاتبة الأميركية غريس هالسيل في كتابها <<النية القاتلة>> إن العالم في نظر هؤلاء اليهود، والمسيحية الصهيونية يقترب من نهايته، والمعركة النهائية آتية، وهناك دور فاعل للمبشرين الذين يخدمون غاية، أو أكثر من غايات الحركة الصهيونية، وبعض هذه المؤسسات يهتم بجمع التبرعات من أجل إزالة المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث مكانه، وتنقل عن أحد المبشرين الأميركيين واسمه أوين قوله: إن إرهابيين يهود سينسفون المسجد الأقصى، وسيستفزون العالم الإسلامي للدخول في حرب مقدسة مدمرة مع إسرائيل، ترغم المسيح المنتظر على التدخل، نعم لا بد من التأكيد أن هناك هيكلاً ثالثاً سيكون>>. وهل في هذا الكلام أي خلاف مع تصريح الحاخام الصهيوني الأكبر إسرائيل لاوفي وصف الحرب الصهيونية الجارية ضد الشعب بأنها <<حرب من حروب الوصايا>>.

إزاء ذلك لنا أن نتساءل هل تستشعر الأنظمة العربية الخطر، وتهب للدفاع عن المقدسات، أم تهون الأمر، لتبرير خنوعها، وحبسها لطاقات الأمة عن نصرة الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن مقدسات الأمة، ووجودها، وتتركه وحيداً؟

----------------------------------------------

أمناء الهيكل وحجر الأساس للهيكل المزعوم

حركة أمناء الهيكل الإرهابية واحدة من الحركات اليهودية التي أخذت على عاتقها تدمير المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم مكانه وتعتبر أن الحجر الاساس للهيكل الثالث هو الخطوة الأولى لهدم المسجد الأقصى وطرد العرب من القدس. وأمناء جبل الهيكل هو اسم يطلق على منظمة صهيونية أمريكية كان مؤسسها الإرهابي <<يهودا عتسيون>> في منتصف الثمانينات، ويعتبر هذا الإرهابي عضواً في مجموعة صهيونية ارتكبت مجازر بحق الفلسطينيين حيث قاموا باغتيال رؤساء بلديات واغتالوا ثلاثة طلاب من جامعة الخليل في الثمانينات ولهم باع طويل في قتل الفلسطينيين، اعتقل بعد ذلك وتم الإفراج عنه في نهاية الثمانينات كعادة كل القتلة ليؤسس منظمة أمناء جبل الهيكل والآن يشغل في المنظمة الرئيس الفعلي وجامع التبرعات لها ويلقى دعماً صهيونياً أمريكياً فأكثر عناصرها من المستوطنين الأميركيين، <<جرشون سلمون>> نشيط ميداني والقائد للمسيرات التي تثار كل سنة، في التاسع من آب حسب التقويم العبري وهو تقليد سنوي من أجل التحريض على هدم الاقصى وبناء الهيكل على أنقاضه، وتسببوا مع حكومتهم بالكثير من المجازر أشهرها مجزرة الأقصى في 8/10/1990 والتي أدت إلى استشهاد 22 مواطناً وإصابة أكثر من 300 جريح واليوم 29/7 حاولوا وضع حجر الأساس في باب المغاربة وبعد فشلهم قاموا كعادتهم بمسيرة نحو حائط البراق حيث هتفوا ونددوا فيها ودعوا فيها إلى تحرير جبل الرب <<من الغرباء حسب زعمهم>>. ولو لم تكن حكومة العدو الصهيوني لديها الرغبة في تنفيذ هكذا عمليات لما أقدمت منظمة إرهابية كهذه على فعلتها وبات من المؤكد أن هذا السلوك مخطط له من قبل حكومة العدو لإطلاقه كبالون اختبار لرد الفعل العربي والإسلامي والدولي مقدمة لخطوات أخرى تاليه أكثر تصعيداً وستصل في نهايتها إلى تدمير المسجد الأقصى ما دام رد الفعل العربي والإسلامي لم يتعد التنديد والاستنكار.

داود المناصرة

....................................................................

في مواجهة الانتفاضة

تعدد أشكال القمع والفشل هو الحصيلة النهائية

منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28/9/2000 استخدمت حكومتا إيهود باراك وأرئيل شارون أدوات عسكرية وأمنية مختلفة ونفذتا خططاً عسكرية عديدة من خلال استخدام مختلف صنوف الأسلحة من: الرصاص الحي والرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع وقذائف الدبابات والزوارق الحربية والمدفعية والقصف الجوي من طائرات مقاتلة متقدمة من طراز ف-15. وكان الهدف الرئيس هو قمع الانتفاضة. وكان الأسلوب الأبرز الذي يتفق مع الذهنية الإرهابية لكل من باراك وشارون هو الأسلوب الذي مارساه مراراً قبل وصولهما إلى منصب رئاسة الحكومة ألا وهو أسلوب الاغتيالات الفردية، الأمر الذي جعل الكيان الصهيوني دولة الاغتيالات. ففي عهد حكومة باراك تم اغتيال نحو 17 ممن يوصفون بـ<<نشطاء الانتفاضة>> بينما تم اغتيال نحو 24 قيادياً فلسطينياً منذ وصول أرئيل شارون إلى رئاسة الحكومة حتى 31/7/2000.

من الذين تم اغتيالهم، بين 9/11/2000، و13/12/2000 سبع شخصيات قيادية فلسطينية هي: حسين عبيات وجمال عبد الرازق وإبراهيم بني عودة ومحمود المغربي وأنور حمران وأحمد أبو صوي وعباس العويدي. تم تحديد أسباب اغتيالهم وحددت طرق اغتيالهم فقد تم اغتيال حسين عبيات البالغ من العمر 37 سنة، وهو من <<التنظيم>>/ فتح لكونه قائداً لهذا التنظيم في منطقة بيت لحم ومسؤولاً عن أحداث إطلاق نار قتل بها ثلاثة جنود وإصابة شرطي من حرس الحدود. وتم اغتياله من خلال إطلاق مروحية لصاروخ أصاب السيارة التي كان حسين يستقلها في بيت ساحور حيث قتل معه شخص آخر كان في السيارة وامرأتين عابرتي سبيل وأدخل نائبه خالد صلاحات للمستشفى في بيت لحم لإصابته بجروح.

أما جمال عبد الرازق <<28 عاماً>> ومن التنظيم/ فتح فتم اغتياله في 22/11/2000 من خلال إطلاق زخات من الرصاص على سيارته بجوار مفترق <<موراج>> حيث قتل معه إسماعيل ضهير ومواطنان كانا في السيارة.

وعن طريق تفجير مقعد السائق في السيارة تم في 23/11/2000 اغتيال إبراهيم بني عودة <<23 عاماً>> لكونه كان قائداً بارزاً في الجناح العسكري لحركة <<حماس>> في منطقة شمال الضفة الغربية وكان ضالعاً في إعداد العبوات الناسفة.

وفي 10/11/2000 تم اغتيال محمود المغربي <<25 عاماً>> من التنظيم/ فتح عن طريق إطلاق النار عليه حتى الموت في بيت جالا. وبنفس الطريقة تم اغتيال أنور حمران <<28 سنة>> من الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في 11/12/2000 لكونه أحد المخططين للعملية الاستشهادية في سوق محنية يهودا عام 1998. وكذلك اغتيال أحمد أبوصوي <<28 عاماً>> من التنظيم/ فتح في 12/12/2000 وعباس العويدي <<26 عاماً>> من حركة <<حماس>> في 13/12/2000.

وحول هذا الأسلوب الصهيوني الفاشي في قمع الانتفاضة شرح مسؤول أمني صهيوني كبير لأعضاء لجنة الخارجية والأمن في الكنيست في أعقاب اغتيال الدكتور ثابت أمين ثابت أمين سر حركة فتح في منطقة طولكرم بأن <<تصفية المطلوبين أثبتت نفسها وإننا نضرب من يتوجه لتنفيذ أعمال إطلاق النار ونبحث عن مسؤولي الخلايا في المناطق ونضربهم. وهذه العمليات تشل وتخيف وتجعلهم يخافون القيام بالعمليات>>.

أما المسؤول الأمني إيهود برام فرد على عضويتي الكنيست زهافا جلئون وناعومي حزان اللتين أشارتا إلى الفارق بين إرهاب الأفراد وإرهاب الدولة قائلاً: إننا في حرب، وإذا كانوا يطلقون النار علينا فبديلنا هو ضربهم.. والدولة التي تيعش في ظل تهديد الإرهاب ملزمة بالكفاح.

وبالنسبة لعموم الصهاينة على اختلاف مراتبهم الرسمية فأي من نشطاء الانتفاضة يتم اغتياله هو مجرد <<عربي ميت آخر>>. رغم تحفظ وزير العدل السابق يوسي بيلين على أسلوب التصفيات، وكذلك قول وزير العدل الاسبق في حكومة نتنياهو دان ميريدور أنه يجب الحرص على التمييز الواضح بين ضرب الأشخاص الذين يشتغلون في الإعداد الحقيقي للعمليات، لمنع الكوارث وبين ضرب القيادة وأعمال العقاب.

إفراط في القمع!!

ويشكل أسلوب التصفيات الجسدية شكلاً من أشكال المحاولات الصهيونية لقمع الانتفاضة والشعب الفلسطيني إلى جانب أشكال أخرى. فالبيانات الإحصائية تشير إلى أنه منذ 29/9/2000 ولغاية 18/7/2001 استشهد نتيجة للقمع الصهيوني والأعمال العدوانية نحو 578 فلسطينياً، وذلك بمعدل شهيدين يومياً وهذا ما يوضحه الجدول التالي:

الشهر

عدد الشهداء

النسبة المئوية

28/9-27/10/2000

140

24.2

28/10-27/11

127

22

28/11-27/12

65

11.2

28/12-27/1/2001

25

4.3

28/1-27/2

29

5

28/2-27/3

23

4

28/3-27/4

47

8.1

28/4-27/5

62

10.7

28/5-27/6

30

5.2

28/6-18/7

30

5.2

المجموع

578

100.00

 

وكان من بين هؤلاء الشهداء نحو 177 شهيداً ممن هم دون الـ18 سنة يشكلون نسبة 30.6% من مجموع الشهداء، و364 شهيداً ممن تتراوح أعمارهم بين 19 و49 سنة شكلوا 62.9 من شهداء الانتفاضة فيما شكل الشهداء ممن تزيد أعمارهم عن 50 سنة نسبة 6.4 في المائة أي نحو 37 شهيداً. وفيما كان عدد الشهداء من المدنيين خلال الفترة المذكورة 498 شهيداً فقد بلغ عدد الشهداء من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية 80 شهدياً.

هذا ويبين الجدول التالي الأماكن التي أصيب بها شهداء الانتفاضة جراء استخدام الصهاينة للذخيرة الحية والقصف والذخيرة المعدنية المغطاة بالمطاط:

مكان الإصابة

العدد

النسبة المئوية

الرأس والعنق

184

35.5

الصدر

139

36.9

البطن

36

6.2

جميع أنحاء الجسم

154

29.8

الجزء السفلي

4

0.8

 

ووفق هذه المعطيات وتعدد أشكال القمع الصهيوني للانتفاضة يتكرس بشكل واضح وفاضح مستوى البربرية والهمجية وليس العنصرية والإرهاب فقط التي تشكل ركائز الدور العدواني للكيان الصهيوني.

مأمون كيوان

--------------------------------------------