ماذا يستوجب عمله فلسطينياً وعربياً..

أمام الحرب الدموية التي يشنها شارون وحكومته ضد شعبنا ومناضليه

صعدت حكومة المجرم السفاح أرييل شارون عدوانها الوحشي ضد شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع،لتطال حربها المتواصلة الحجر والأرض والزرع والمقدسات والمناضلين والمجاهدين من أبناء شعبنا، وذلك في سياق مخطط وبرنامج يعتمد سياسة الأرض المحروقة، ومحاولة إفراغ الأرض من أصحابها الشرعيين، عبر القتل والبطش والتدمير، مستخدمة في ذلك مختلف وسائل الإرهاب العنصري الفاشي.

وتأتي جريمة نابلس والفارعة المتمثلة باغتيال كوادر وقادة فتح وحركة حماس التي راح ضحيتها 14 شهيداً استهدفتهم صواريخ الاحتلال الصهيوني، متزامنة مع العدوان الجديد على المسجد الأقصى وانتهاك حرمته، ومحاولة وضع ما يسمى بحجر الأساس للهيكل المزعوم في باحة المسجد الأقصى، لتشكل مقدمات حرب إبادة شاملة، يشنها شارون وحكومته ضد شعبنا، مما يتطلب اليوم من هذا الشعب وقواه المناضلة العمل الجاد على تنظيم صفوفها، وزج كل طاقاتها وإمكانياتها لمواجهة آلة الحرب الصهيونية، والتنكيل الدموي، والشوفينية العنصرية، والتطهير العرقي، عبر خيار المقاومة، والتصدي للمشروع الصهيوني، الهادف إلى تهويد فلسطين، وإخضاع المنطقة لإملاءاته وشروطه.

ومن هنا فإن السؤال الذي يطرح بنفسه علينا جميعاً هو،كيف يمكن مواجهة هذه الحرب التدميرية بكل أبعادها وأشكالها؟ ويأخذ هذا السؤال أهمية خاصة في ظل غياب استراتيجية فلسطينية وعربية واضحة تسهم في دعم الانتفاضة وحمايتها واستمرارها، وتطوير الأداء الكفاحي وتعمل على خلق اقتصاد مقاوم، من شأنه تعزيز صمود شعبنا في أرضه ووطنه،فالجرائم التي ترتكب ضد شعبنا ومناضليه، لا يمكن النظر إليها كجريمة تضاف إلى جرائم العدو الصهيوني فحسب، بل يجب وضعها في إطارها الصحيح على أنها تمثل إشارة واضحة إلى أن قادة الكيان الصهيوني، قد اعتمدوا شكلاً آخر من أشكال الحرب ضد الشعب الفلسطيني، لها أهدافها وأبعادها، ولها آلياتها وتكتيكها الخاص، والتي تهدف إلى إنهاء الانتفاضة، وفرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني، من خلال كسر إرادته في المقاومة، وخلق واقع على الأرض لتهجير واقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه.

لذلك فإن ما يجري داخل الوطن المحتل، وما يرتكب من مجازر، يشكل انعطافة حادة في مجرى الصراع، الأمر الذي يتطلب على الصعيد الفلسطيني ومن جميع القوى رص الصفوف، وتوحيد الجهد، والارتقاء بأشكال المقاومة، بما يستنزف العدو ويضرب جانباً من عدوانيته ويعمق من أزمة الكيان ويشكل الرد المناسب على عدوان وهمجية العدو الصهيوني، وهذا يعني العمل على توليد أرقى أشكال الوحدة الوطنية وتقييم أشكال وأساليب العمل القائمة، وبالتالي الابتعاد عن السياسات والمواقف التي لا تخدم الانتفاضة وشعبنا ومقاومته، وتعرض للخطر وحدته التي تجسدت في سياق المقاومة المتواصلة، وهذا يتطلب العمل على مايلي:

-تتطلب المرحلة من كل القوى وقفة جادة تعكس مدى جديتها والتزامها وعمق التحامها مع شعبها،وهذا يعني ضرورة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني، وحمل راية المقاومة للتحرير،مما يتطلب  تشكيل قيادة وطنية تحمل هدفاً سياسياً واضحاً، لمواجهة خطط شارون الدموية، وخوض الصراع بكل أبعاده واستحقاقاته،وبمعنى آخر، وضع استراتيجية واضحة، تتعزز من خلالها وحدة القوى، على قاعدة أهداف سياسية واضحة، ومغادرة أوسلو، والتمسك بالميثاق الوطني الفلسطيني وبحق العودة وبكل الثوابت الوطنية والقومية والعمل على حماية الانتفاضة، واستمرارها، من أجل بلوغ أهدافها في تحرير الضفة والقطاع والمقدسات، دون التنازل عن أي من حقوقنا التاريخية في فلسطين، وفي المقدمة من ذلك حقه في العودة إلى وطنه.

-أن توفر تلك القيادة مستلزمات صمود شعبنا،وزج كل الطاقات والإمكانات وتنظيمها، وبالتالي إيجاد آليات عمل /اقتصاد مقاوم، يتعزز من خلاله صمود شعبنا في أرضه، وتشكيل لجان مقاومة شعبية، في كل مدينة وقرية، مؤهلة لإدارة الصراع وقيادة برنامج المقاومة، وتنظيم كل الجهد في إطار مقاومة شعبية شاملة، في مواجهة معركة مصيرية، تستلزم تحشيد كل طاقات الشعب الفلسطيني.

-إن من ضمن المسؤولية التي تتحملها السلطة وأجهزتها، هو اتخاذ الموقف الواضح والصريح من العملاء، الذي يسرحون ويمرحون، وهم معروفون للسلطة وأجهزتها الأمنية حيث تشكل تلك الحالة أحد إفرازات أوسلو، فلم يعد مقبولاً التستر عليهم أو حمايتهم، بل أن المطلوب في سياق تحصين وحماية الانتفاضة، وضع حد لظاهرة العملاء بكل الوسائل، وإذا تعذر ذلك، فإن هذه المهمة تصبح منوطة بالقوى الوطنية، وليس الأفراد، وشعبنا بما يمتلك من تجربة وخبرة لقادر على معالجة تلك الظاهرة لجهة تشكيل المحاكم الشعبية، لمحاكمة العملاء،ومن يثبت أنه عميل، وقام بدور في خدمة العدو وجرائمه، سيخضع للعقاب، حتى يتم تنظيف الشارع الفلسطيني من هؤلاء العملاء والخونة لشعبهم وأمتهم.

-وأمام ما يجري لشعبنا ومناضليه من حرب إبادة، فإن المواقف الرسمية والشعبية العربية للأسف لم تكن في مستوى هذا الأحداث والتطورات،فماذا ينتظر النظام الرسمي العربي،وهل لا يزال هذا النظام واهماً حول سلام موعود به؟ وهل مبرراً استمرار تسويق الأوهام حول دور الإدارة الأميركية كحكم نزيه ومحايد؟؟ وهل صحيح التعويل على الغرب وعدالته وحياديته؟؟ وهل بالتالي تأتي عدالة من الولايات المتحدة والغرب الذين يعتبرون أن القاتل هو الضحية؟ أليس ما يجري يهدد المنطقة وليس فلسطين فقط؟ أليس من العار أن لا يجتمع حكام الدول العربية جميعهم من اجل تطبيق قرارات الحد الأدنى التي اتخذت في القمم العربية، ومن أجل تفعيل دور المقاطعة للعدو الصهيوني؟!

نأمل أن يشكل ما يجري اليوم في فلسطين من جرائم صحوة ضمير. فالمطلوب على المستوى الرسمي العربي، إسناد ودعم الانتفاضة، وليس الشجب والاستنكار، فالدفاع عن فلسطين والمقدسات واجب وفرض عين على كل عربي ومسلم، وبرنامج العدو المدعوم من الولايات المتحدة واضح ويهدف إلى تهويد فلسطين، واقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه، ومن ثم إخضاع المنطقة لإملاءات المشروع المعادي،والمطلوب أيضاً من الحركة الشعبية العربية، الارتقاء بمستوى فعالياتها، والعمل على تقديم كل أشكال الدعم والاسناد للشعب الفلسطيني، والضغط على حكوماتهم، من أجل قطع كل علاقة مع الكيان الصهيوني والعمل على دعم وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، من خلال التوأمة بين المدن والقرى العربية والمدن والقرى الفلسطينية.

إن شعبنا لن تضعف من عزيمته حرب الإبادة التي يشنها شارون وحكومته،وهو مستمر في نضاله ومقاومته، ويرفض تقرير ميتشل وخطة تينت وكل المشاريع الرامية إلى تصفية قضيته، وهو يدرك أنه مهما قدم من تضحيات ومن شهداء فالخسارة أقل بكثير من الخسائر المترتبة على القبول بما يريد العدو فرضه على شعبنا وأمتنا، وهو سيواجه هذا العدوان ويستمر في انتفاضته، وسيبزغ الفجر الجديد،وسينهض المشروع القومي، لأن الانتفاضة باستمرارها ووحدة شعبها ومناضليه سوف تخلق واقعاً من طراز جديد على صعيد حركة التحرر العربية، تأخذ على عاتقها حمل راية الأمة وإدامة الصراع مع هذا العدو إلى أن تحقق أهدافها في التحرير والنصر.

---------------------------------------------