تحولات صهيونية تحت وطأة الانتفاضة

الحلم الصهيوني هل أصبح كابوساً؟!

أحدثت الانتفاضة منذ اندلاعها وحتى الوقت الراهن –بعد نحو عام- جدلاً واسعاً داخل أروقة مؤسسات صنع القرار السياسي الصهيوني حول عدد من المسائل ذات الطبيعة الاستراتيجية التي تتعلق ليس بأمن هذا الكيان فحسب بل بمستقبل وجوده. فعلاوة على وجود شبه إجماع صهيوني على حدوث ما يمكن تسميته بـ<<هزيمة أمنية>> لحقت بالكيان الصهيوني جراء الانتفاضة والفشل في كبح العمليات الاستشهادية داخل ما يسمى بـ<<الخط الأخضر>> فقد عاد النقاش حول السيناريو الأمثل للخروج من عنق الزجاجة والتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين والقبول بقيام كيان لهم لدواعٍ صهيونية استراتيجية في المقام الأول والأخير.

ورغم أن هذا النقاش اندلع قبل سنوات من اندلاع الانتفاضة وتحديداً في عهد حكومة اسحق رابين 1995، وهو ذاته النقاش الذي تعود جذوره العميقة إلى عام 1967 عندما دعا موشيه دايان إلى تكامل أقصى بين <<الشعبين>> وخلق شراكة بين الطرفين، حتى لا يعود بالإمكان الفصل بينهما. مقابل دعوة وزير المالية آنذاك بنحاس سامبير إلى إخلاء الضفة الغربية وقطاع غزة بأسرع ما يمكن، وتثبيت خط حدود واضح. فقد كانت عودة هذا النقاش في عهد انتفاضة الأقصى أكثر حدة. وتمثل هذا النقاش في رزمة من المواقف والطروحات التي عكست تغيرات هامة في مواقف صانعي القرار السياسي الصهيوني وفي مقدمتهم رئيس الحكومة الحالية أرئيل شارون الذي سبق له وأن أعلن في 11/4/2001 في سياق حديث صحفي بشأن خططه لمواجهة الانتفاضة: <<لا أرى إمكاناً للفصل. ولا أؤمن بأن نكون نحن هنا وهم هناك. وفي رأيي، إن هذا الاحتمال غير قائم بصورة عملية. ولقد قلت دائماً إن في الإمكان العيش مع العرب، ومن لم يرد العيش مع العرب هو اليسار بالذات، الذي قال إن الأمر الأساسي هو ألا يعيشوا هنا إلى جانبنا، أن يغربوا عن عيوننا>>. وقوله في لقاء صحفي آخر في 29/6/2001: <<يوجد لدي استعداد لأن أنظر في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولكني أؤكد أن هذا مشروط فقط بتلبية كل الشروط الأخرى(…) التأكيد على احتياجات إسرائيل الحيوية، وهي المناطق الأمنية التي لا يمكن أن نتنازل عنها، وقضية القدس وغلاف القدس ومحيطها والمياه والمجال الجوي. وإذا تحققت هذه الشروط فسيكون هناك اهتمام واكتراث بالاحتياجات الفلسطينية للتواصل الإقليمي ومحاور الحركة بدون رقابة أو تفتيش وإمكانية للاستقلال السلطوي لدرجة الدولة ضمن شروط معينة>>.

ومن جهته اعتبر وزير البنى التحتية أفيغدور ليبرمان أن هناك حلاً عسكرياً وسياسياً لمواجهة الانتفاضة وأنه لا مكان لكيان فلسطيني وأن <<النظرية الصحيحة هي إنشاء اربعة أجزاء منفصلة بالضفة الغربية وقطاع غزة، أي جيوب منفصلة مع سلطات منفصلة وقادة منفصلون واقتصاديات منفصلة وأجهزة أمنية منفصلة. ويتوجب عليهم تطوير اقتصادهم داخلهم، وليس عندنا نحن>>.

أما رئيس الكيان الصهيوني موشيه كتساف فأرسل إلى رئيس الحكومة أرئيل شارون وثيقة في 29/5/2001 تتضمن خطة فصل أمني وليس سياسياً كوضع مؤقت حتى إجراء المفاوضات حول الحدود وحسب الخطة المذكورة ستكون تحت السيطرة الصهيونية <<مناطق غور الأردن وكل المستوطنات وأيضاً 4% من الفلسطينيين سيخضعون لإدارة عسكرية إسرائيلية. ومناطق (ب) و(جـ) لن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية>>.

وذهب عامي أيالون الرئيس السابق لجهاز <<الشاباك>> للقول إن <<خلاصة الصهيونية في نظري هي التوازن بين الحلم والواقع. إن قاتلنا من أجل الحلم فسنقاتل للأبد وإن لم نخضع للتسوية فإن الصراع لن ينتهي ابداً>>. وذلك في تبريره لأهمية تجسيد فكرة الفصل بين الكيانين: الصهيوني والفلسطيني وذلك لأنه يعتقد أن <<الحل الوحيد هو الانفصال التام بيننا وبين الفلسطينيين. وفي الفترة القريبة لن يكون الفلسطينيون قادرين على إعطائنا مستوى الأمن الذي يمكننا أن نتعايش معه. ونحن لن نكون قادرين على إعطائهم ما يطلبونه ولديهم استعداد للتعايش معه، الأمر المتبقي فقط هو الانسحاب. الخروج ببساطة من دون انتظار موافقة أحد في السلطة الفلسطينية. علينا أن ننسحب ليس بسبب النقاء الروحي والتسامي وليس بسبب القلق من قدرة الجيش، وإنما بالأساس بسبب خطر الوجود الديمغرافي للدولة. والخطر الوجود الأقرب هو مواصلة الصراع على مدى السنين. والوضع الراهن والمشكلة الديمغرافية سيؤديان إلى ألا تكون هناك أغلبية يهودية في دولة إسرائيل ونحن لسنا أغلبية اليوم. ومن الناحية الأخرى أن أعيش في بيت يهودي يقوم على الأبارتهايد والتفرقة ليس بالصهيونية التي أتمسك بها>>.

وعكس رئيس الحكومة السابقة إيهود باراك مواقف حزب العمل من خطة الفصل التي سميت في عهده بـ<<خطة التحويلات>>، بقوله لصحيفة <<واشنطن بوست>>، أواخر شهر تموز الماضي: <<إنني أؤمن على المدى البعيد بأن الحاجة الاستراتيجية لإسرائيل هي الانفصال عن الفلسطينيين(..) ومن الناحية التقنية قد يكلف 1.5 مليون دولار لكل ميل(..) وإن أي محاولة تبقي لنا سياسة واحدة في غربي نهر الاردن سوف تنتهي بدولة مزدوجة القومية أو بنظام تمييز عنصري لكن بالتأكيد ليس بدولة يهودية وديمقراطية. والجواب الوحيد هو إنشاء حاجز لإسرائيل توجد فيه أغلبية يهودية ثابتة لأجيال عديدة قادمة. ولعل الأمر سيتطلب ثلاث أو أربع سنوات لرسم الخطوط حول مباني المستوطنات>>.

وفي سياق تواصل المؤشرات على إمكانية تجسيد فكرة الفصل وتنفيذ مخططاتها المقترحة عملياً، سارع وزير الخارجية شمعون بيرس إلى طرح فكرة دولة في غزة أولاً، والتشديد على أنه <<حان الوقت لنتفق مع الفلسطينيين ونقسم البلاد ونرسم الحدود بيننا وبينهم>>.

وبهذا العرض المكثف لتجاذبات الجدل الصهيوني الراهن المتحمور حول فكرة الفصل ومقولة باراك <<نحن هنا وهم هناك>> نجد أن الانتفاضة بوصفها خياراً شعبياً وتدخلاً رافضاً لمسار التسوية شكلت عامل ضغط كبيراً على الكيان الصهيوني أو حالة إكراه استراتيجي إن تم تنظيمها ستؤدي لا محالة إلى دحر الاحتلال وزعزعة أمن ووجود الكيان الصهيوني.

مأمون كيوان

أسس خطة <<الفصل>>

تستند خطة <<الفصل>> المقترحة لتلبية أهداف استراتيجية وأمنية صهيونية إلى الأسس التالية:

<<-إقامة سياج كهربائي مزدوج على طول الحدود مع المناطق الفلسطينية وأشكال أخرى من الفصل الفسيولوجي-حواجز ترابية ومائية وجدران من الإسمنت وغيرها- لمنع دخول أي فلسطيني إلى إسرائيل.

-تحويل المستوطنات في المناطق الفلسطينية إلى سبع كتل استيطانية كبرى متصلة جميعها بإسرائيل ما قبل 1967.

-ما تبقى من الضفة الغربية وقطاع غزة يكونان كتلتين جغرافيتين متكاملتين.

-القدس الشرقية تغلق تماماً من جهة الضفة الغربية ويصبح دخولها مرهوناً بالأحداث والتقويم الإسرائيلي لها>>.

وتقدر كلفة هذه الخطة بما يزيد عن مليار دولار أميركي يعتقد بعض الصهاينة أن صرفها على هكذا خطة يشكل إضاعة للمال بلا مردود ذي أهمية تذكر.

حركة صهيونية جديدة تدعو للانفصال عن الفلسطينيين

سيعلن قريباً في الكيان الصهيوني عن تشكيل ما يدعى بحركة <<شعبية>> تضم <<حشداً>> من السياسيين والوزراء السابقين والجنرالات والعلماء والباحثين من جميع الأحزاب. ويحتمل أن تضم في قيادتها كلاً من أعضاء الكنيست حاييم رامون وميخائيل إيتان وداليا ايتسك وزيرة التجارة والصناعة حالياً ودان مريدور رئيس حزب المركز الذي سينضم إلى حكومة شارون، وموشي أراد من حزب ميرتس.

وستهتم هذه الحركة بالعمل من أجل تحقيق الانفصال السياسي من طرف واحد عن الفلسطينيين. وتقترح إبقاء القدس و30% من الضفة الغربية و80% من المستوطنات في أيدي إسرائيل. ولكن هناك اختلاف في وجهات نظر المبادرين إلى تشكيل هذه الحركة من ناحية الدوافع والأهداف لفكرة الفصل بين <<الإسرائيليين>> والفلسطينيين. ففي اليمين يرونها حلاً عسكرياً يمنع تسلل الفدائيين الفلسطينيين إلى داخل <<الخط الأخضر>> ويحفظ الأمن، وفي الوسط يرونها حلاً سياسياً أيضاً وفي اليسار يرونها بداية لإنهاء الاحتلال. وهذه التوجهات المختلفة تشير بجلاء إلى واقع الأزمة السياسية الاسترايتجية التي يعانيها الصهاينة جراء الانتفاضة.

-------------------------------------

خص الأكاديمي والباحث الفلسطيني د. سلمان أبو سته مجلة فتح بهذه المقالة حول أهمية محاكمة الشركات الأميركية المخالفة لحقوق الإنسان.. وترحيباً منا بالأكاديمي  أبو سته فإننا ننشر مقالته رغم تحفظنا على مصطلحات ومقولات واردة فيه:

 

بعد شارون، محاكمة الشركات الأمريكية المخالفة لحقوق الإنسان

 سلمان أبو ستة

خاص فتح

يستعد فريق من الناشطين العرب في أمريكا للقيام بحملة إعلامية،قد تتبعها دعوى قضائية،ضد شركة إنتل(intel) العملاقة التي تصنع شرائح الكمبيوتر، وذلك لمشاركتها(إسرائيل) في الاستيلاء على أراض فلسطينية وطرد أصحابها من ديارهم وضلوعها في مخالفة الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وتأييدها لسياسات(إسرائيل) العدوانية.

وهذا فصل جديد من اتجاه الرأي العام العالمي لمحاكمة مجرمي الحرب والذين اقترفوا جرائم ضد الإنسانية،مثل شارون الذي تجري محاكمته في بلجيكا،بعد المبادرة الجريئة التي قام بها المحامي شبلي ملاط ورفاقه، ولن يقتصر هذا على مقترفي الجرائم أنفسهم،بل يشمل من يساعدونهم ويتعاونون معهم أو يستفيدون من هذه الجرائم اقتصادياً.

وهذا حال شركة (إنتل)، فقد أنشأت قبل حوالي خمس وعشرين سنة مركزاً لها في حيفا والقدس، لكنها خلال السنوات القليلة الماضية قد اقامت أكبر مصنع لها في قرية عراق المنشية لتصنيع شرائح بنتيوم 3،4 .

وهذه كانت غلطة قاتلة قانونياً،وربما تؤثر كثيراً على أعمال الشركة في البلاد العربية.

وقد قام الفريق العربي بتحديد موقع المجمع الصناعي عل الخرائط(الإسرائيلية)،فوجد أنه في المنطقة الصناعية في قرية جات على مساحة 6000 دونم، وقد بني حول المجمع سور خرسانة عال ارتفاعه 7 أمتار فوقه سور عال من القضبان الحديدية الخضراء،ويقع المجمع بين خط السكة الحديد الممتد بين تل أبيب وبئر السبع والطريق السريع رقم 6 الذي يخترق (إسرائيل) من الشمال إلى الجنوب.

وقارن الفريق هذا المكان بالخرائط البريطانية لعام 1948 فوجد أن هذا المكان يطابق تماماً موقع بيوت قرية عراق المنشية التي هدمت، وبني مكانها وعلى باقي أراضي القرية، مصانع ومنازل لامتداد مستعمرة قرية جاءت التي كان لا يتجاوز عدد سكانها 50 شخصاً عام 1948 .

أهمية المكان ترجع إلى أن الوضع القانوني لقرية عراق المنشية والفالوجة وضع خاص يختلف عن باقي قرى فلسطين،فعندما حوصرت فرقة من الجيش المصري بقيادة السيد طه( الضبع الأسود) ومساعده جمال عبد الناصر،رفض السيد طه الاستسلام وبقي محافظاً على موقعه وسلاحه،وعندما وقعت اتفاقية الهدنة بين مصر و(إسرائيل) في 24 فبراير 1949 ،كان هناك نص صريح يخص القريتين،إذ جاء في الملحق الثالث للاتفاقية نصر الرسائل المتبادلة بين الدكتور رالف بانش،الوسيط الدولي بعد اغتيال برنادوت، ووالتر إيتان مدير خارجية(إسرائيل) جاء فيه تعهد(إسرائيل) بأن يسمح لجميع الأهالي  المدنيين الذين يرغبون في البقاء في الفالوجة وعراق المنشية البقاء في ديارهم ويكونون آمنين على أنفسهم ومساكنهم وممتلكاتهم ومتعلقاتهم الشخصية، وقد أودعت هذه الوثيقة في الأمم المتحدة،وأصبحت جزءاً من الاتفاقيات الدولية.

ولم يحدث من قبل أن تعهدت(إسرائيل) هذا التعهد المسجل دولياً لأي قرية فلسطينية بعد انتهاء الحرب، إلا أنها بعد شهر من هذا التاريخ، أعطت تعهداً شبيهاً بذلك، ولكنه أقل تحديداً للملك عبد الله عندما وافق على التنازل عن المثلث الصغير، الذي لا تزال فيه قرى أم الفحم والباقة الغربية إلى اليوم داخل ما يسمى(إسرائيل)

وبدلاً من الوفاء بالتزاماتها الدولية، عمدت(إسرائيل) على الفور إلى التكيل بأهالي عراق المنشية والفالوجة الذين بقوا في ديارهم، وفرضت عليهم منع التجول وأطلقت النار على كل من أطل برأسه من الباب ومنعت عنهم الطعام أو الخروج إلى الحقول،وكان هذا جزءاً من حملة مدروسة لإجبار الأهالي على مغادرة ديارهم.

ووصفت المنظمة الخيرية الأمريكية(الكويكرز) التي كانت متواجدة في المنطقة آنذاك الوضع بقولها إن اليهود شنوا على القريتين حرباً نفسية مريعة، وجاء في تقرير رالف بانش للأمم المتحدة، بناء على تقارير مراقبي الهدنة، أن القوات (الإسرائيلية) ضربت الأهالي وسرقت ممتلكاتهم وأطلقت الرصاص عليهم دون تمييز وكانت هناك حالات من محاولات الاغتصاب.

وقد أخذ قرار التنظيف العرقي هذا قائد المنطقة الجنوبية آلون، بموافقة بن جوريون وبتحريض من يوسف فايتز المسؤول عن الأراضي لرغبته في الاستيلاء على هذا المكان الاستراتيجي،وقد نسب المؤرخ( الإسرائيلي) بني موريس إلى مشي شرتوك وزير الخارجية آنذاك قوله أننا نريد تطبيق"ما عملناه" في الفالوجة حيث طردنا العرب،في أماكن أخرى.

وقال موريس أن عملية الطرد تمت"بجميع الوسائل" إشارة إلى استعمال القتل والعنف والترهيب لطرد الأهالي.

وقد بحث الفريق العربي عن أهالي عراق المنشية الذي يبلغ عددهم الآن 14.345 حسب وكالة الغوث، فوجد أن منهم 29 في غزة و5.126 في الضفة، و9.190 في الأردن، ومن هؤلاء حوالي 1000 ولدوا قبل عام  1948، ويستطيعون الإدلاء بالشهادة.

وقد اتصل الفريق بعدد منى هؤلاء في مخيم البقعة بعمان وحصل على تأكيد بعملية التنظيف العرقي التي تعرضوا لها، كما حصل الفريق على صور لنقلهم بعد طردهم في شاحنات جهزتها بعض المنظمات الدولية.

كذلك عثر الفريق على بعض أهالي عراق المنشية في الولايات المتحدة يحملون الجنسية الأمريكية.

لقد كلف المصنع الحالي(f-18) الذي أنشأته شركة إنتل على مساكن القرية حوالي بليون دولار بالإضافة إلى مساهمة الحكومة(الإسرائيلية) برئاسة اسحاق رابين بمقدار 600 مليون دولار، ويعمل في المصنع في 1.600 مهندس و2000 عامل فني، وقد صدرت الشركة منتجات هذا المصنع في"إسرائيل" العام الماضي بمقدار 2 بليون دولار، وبلغت المبيعات في الربع الأول من عام 2001 ما قيمته 1.2 بليون دولار أي بزيادة كبيرة عن العام الماضي، ويبلغ عدد العاملين في مصنع حيفا 1000 فني،ومجموع العاملين مع الشراكة في (إسرائيل) 5.200 فني.

وتنوي الشركة توسيع استثماراتها في(إسرائيل) بمقدار 4 بليون دولار جديدة، رغم الانخفاض الشديد للاستثمارات الخارجية في( إسرائيل) بعد الانتفاضة، حسب ما جاء في مجلة بيزنس ويك الشهر الماضي.

وقد زار (إسرائيل) في شهر يونيو الماضي رئيس الشركة  كريج باريت، وقابل أرييل شارون الذي رحب به وأكد له أن مجلس الاستثمار سيوافق على طلبه بزيادة الاستثمار وستساهم (إسرائيل) بنسبة 12,5% من استثمارات الشركة الجديدة على شكل خدمات وبنية تحتية، وقال باريت أن شريحة بنتيوم 4 الجديدة ستكتسح السوق العالمي وسينخفض سعرها من 600 دولار إلى 352 دولاراً، وأن مصنع عراق المنشية سيكون المنتج الأول لهذه الشريحة.

وقام باريت بعد ذلك بزيارة خاطفة للأردن ووعد بالقيام ببعض المشاريع البسيطة إرضاء للعرب،والاستفادة من خبرات الشباب المتدربين على برامج الكمبيوتر.

حمل الفريق العربي في أمريكا هذا الملف عن شركة إنتل واتصل بها طالباً إيقاف استثماراتها في (إسرائيل) لأنها مخالفة صريحة للقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة التي تمنع جرائم التنظيف العرقي والاستيلاء على الأراضي والبناء على أرض لا تملكها الشركة، ولأن الاستثمارات في بلد يمارس التفرقة العنصرية وانتهاك حقوق الإنسان مخالفة لا يجوز أن تقوم بها شركة أمريكية، ولأنه لا يجوز لشركة أمريكية أن تدعم سياسات(إسرائيل) التي شجبها المجتمع الدولي والتي تؤدي إلى إشاعة الاضطرابات والقلاقل في المنطقة، وطلب الفريق من الشركة أن تمتنع عن الاستثمار في(إسرائيل) وأن توجه نشاطها الاقتصادي إلى مناطق آمنة حسب القانون الدولي.

 وقد أجابت الشركة أنها تعمل في(إسرائيل) حسب القوانين المرعية هناك، وأنها لا تقصد مخالفة القانون الدولي، ورد الفريق أن هذا تفسير غير مقبول على الإطلاق، وسأل الشركة:هل القيام بأعمال في ألمانية النازية أو في جنوب إفريقيا العنصرية يعفيها من العقاب؟ وقال الفريق أنه لو لم تطرد(إسرائيل) أهالي القرية لأصبحوا الآن مواطنين(إسرائيليين) ولما أمكن للشركة البناء على أراضيهم بهذه السهولة.

وقد انهمرت عشرات الرسائل الإلكترونية على الشركة من الناشطين العرب في أمريكا، وبدأت الاستعدادات لاتخاذ إجراءات قانونية في أمريكا لوقف مخالفة الشركة للقانون الدولي، كما تجري اتصالات مع جهات اقتصادية عربية للتـاثير على إنتل في الأسواق العربية، وينظم الحملة الدكتور مازن قميصة في جامعة ييل الأمريكية.

هذا مثال  آخر على الجهد الشعبي الذي تستطيع القيام به مجموعة ناشطة لملاحقة المخالفين لحقوق الإنسان والمقترفين لجرائم الحرب،وهذا المثال، مثله مثل الجهد الذي قام به المحامي شبلي ملاط لمحاكمة مجرم الحرب شارون، يجب أن يكون حافزاً لكل الجهات الشعبية لكي تقوم بدورها، بعد أن عجزت الدول العربية أن تقوم به، فعصرنا هذا هو عصر حقوق الإنسان وعصر صوت الشعب.