آلة موت أول السقوط

خيري الذهبي

مع بدء انهيار الدولة العباسية الجامعة لأقطار العالم العربي والإسلامي في دولة واحدة، والحقيقة أن هذا الجمع لم يكن متشدداً كما نرى في الدول الحديثة، فالمواصلات لم تكن سهلة، والبريد لم يكن سريع الوصول، والدولة بطبيعتها لم تكن راغبة في التدخل الشديد في كل التفاصيل والصغائر، فترك الأمر للنحل والملل ترتاح وتنمو وتنشئ مفاهيمها وثقافاتها، فلم تكن الدولة تتدخل إلا إذا رفعت هذه الملل والنحل راية العصيان أو دعت إلى الشقاق، فكانت الدولة حينذاك تجيش الجيوش وتخرج للقضاء على الخوارج.

من هذه الملل والنحل التي ظهرت منذ فترة مبكرة الانشقاق الإسماعيلي الذي يعتقد بالإمام السابع إسماعيل، ثم تحولات هذا المذهب ما بين الخلافة الفاطمية في المغرب، ثم القاهرة، والقرامطة، وجماعة حسن الصباح أو الحشيشيين أو الحشاشين كما اصطلح أعداؤهم على تسميتهم.

شكلت جماعة حسن الصباح أو الحشاشين شكلاً من أشكال الإمبراطوريات الغريبة، فقد أقاموا سلسلة من القلاع امتدت من قلعة آلة موت الواقعة ما بين إيران وأفغانستان وحتى الساحل السوري في قلاع مصياف والمرقب والقدموس..إلخ.. لم ينزلوا إلى السهول ولم يشاركوا في الزراعة أو المهن الشعبية، بل ظلوا الفرسان المقاتلين والذين كانوا يحصلون على رزقهم من الغنائم والأتاوات يفرضونها على القوافل العابرة، وربما شاركوا في بعض القوافل والحملات التجارية البعيدة، ولكنهم كانوا وحرصوا على أن يكونوا شوكة في جنب كل الحكام المجاورين من مسلمين وفرنجة وبيزنطيين، وكانت الغلطة الفظيعة هي في تحرشهم بالقوة الجديدة الصاعدة المغول الذين اصطدموا بهم أكثر من مرة، وأطلقوا عليهم كما أطلق عليهم كل القوى الأخرى اسم الملاحدة، هذا الاسم الذي سنراه كثيراً في رسائل هولاكو إلى خليفة بغداد في شهر جمادى الآخرة من سنة خمسين وست مئة هجرية ترك كيتوبو أو كتبنا كما نعرفه في المصادر الإسلامية ترك بلاط منكوقاآن وذهب في مقدمة جيش هو لوكوخان قاصداً بلاد الملاحدة <<الصيغة والنص لكتاب جامع التواريخ لرشيد الدين الهمذاني>> وشرع في الهجوم على بلاد قهستان فاستولى على بعض البلاد حتى وصل إلى قلعة كردةكوة وهي قلعة للإسماعيليين، وأرسل هولاكو إلى خليفة بغداد يطلب إليه التعاون العسكري وإطلاق الفتاوى بتكفير من أسماهم بالملاحدة لعزلهم عن محيطهم الإسلامي، ولكن خليفة بغداد اكتفى بإرسال الرسائل المراوغة سعيداً بأن يصطدم خصماه المغولي والإسماعيلي بعيداً عنه، حاصر كتبنا الذي سيقتله السلطان قطز في معركة عين جالوت بعد سنوات-حاصر قلعة كردةكوة وحفر الخنادق حولها وأقام الحصار، ثم مضى إلى قلعة مهرين فحاصرها، ثم إلى المنصورية وقلعة آله بشين فقاوم الإسماعيليون مقاومة شرسة ودمروا معسكر المغول وقتلوا الكثير منهم وفيهم القائد المغولي بوري، فشن كتبنا هجمة عنيفة على قهستان واستولى على تون وترشيز وقلعة كمالي ومهرين، ثم وردت الأخبار من قلعة كردةكوة مما سبب وفاة أكثر المحاربين فأسرع علاء الدين بإرسال المؤن والإمدادات والفرسان وصمدت كردةكوة وولكن الخيانة جاءت من الداخل فقد قتل السلطان علاء الدين محمد على يد حاجبه وعين الابن المتآمر على أبيه <<حسب رواية التاريخ>> مكان أبيه وكان اسمه خورشاه.

وأخذ الملوك وسلاطين القلاع بالتهالك والتنازل أمام سلطان الشرق المغولي وأخذ في ضمهم إلى بلاطه رهائن وبتدمير قلاعهم بدءاً من سلطان قلعة سرتخت وحاول الرعاع كما يسميهم المؤرخ المقاومة على عادة المغول، وحاول سلطان الإسماعيليين خورشاه المساومة والمصالحة، ولكن هولاكو رفض إلا أن يخرب القلاع جميعها ويسلم نفسه وأبناءه إلى رحمة هولاكو، وتردد السلطان خورشاه ولكن هولاكو لم يتردد، فأكمل فتح المدن وتخريب القلاع وقتل المحاربين وأسر النساء والفعلة والصناع الجيدين حتى وصل إلى طالقان وأرسل يهدد خورشاه فأرسل نصير الدين الطوسي الفلكي المشهور وسيطاً وأخيراً نزل للقاء هولاكو وأرسل هولاكو من قبله آباؤه وأجداده في قهستان ورودبار وقومس، وقد بلغت هذه القلاع أكثر من مئة وقاومت قلعتا كردةكوة ولمبسر ولكن الوباء الداخلي ما لبث أن قضى على أكثرهم فنزلوا وسلموا لهولاكو.

ما يهمنا من هذا العرض هو الرسالة التي أرسلها هولاكو إلى خليفة بغداد بعد أن قضى على قلاع الملاحدة والذين كانوا السد والحاجز بين بلاد جنكيز خان وما بين خلافة بني العباس، أرسل هولاكو إلى الخليفة يقول: لقد أرسلنا إليك رسلنا وقت فتح قلاع الملاحدة، وطلبنا مدداً من الجند ولكنك أظهرت الطاعة ولم تبعث الجند، وكانت آية الطاعة أن تمدنا بالجند عند مسيرنا إلى الطغاة فلم ترسل إلينا الجند والتمست الغدر، ومهما تكن أسرتك عريقة وبيتك ذا مجد تليد

فإن لمعان القمر قد يبلغ درجة

يخفي معها نور الشمس الساطعة

وغزا هولاكو بغداد وسقطت الخلافة العباسية، وكان بدء سقوطها سقوط قلاع من أحب الجميع تسميتهم بالملاحدة، فلما سقطوا سقطت بغداد.

-----------------------------------------------

قالوا في الصراع العربي-الصهيوني:

-إن انتفاضة شعبنا الفلسطيني تشكل جزءاً لا يتجزأ من تراثنا العربي المقاوم، منه أيضاً تستمد القوة، فشعبنا الفلسطيني يواصل مشوار المقاومة منذ 120 سنة بكل الأشكال ولم يسلم أو يفرط ولم ينحن رغم الاختلال الهائل في موازين القوة ولو كانت موازين القوة هي التي تحدد قيام الثورات واندلاع الانتفاضات لما ناضل شعبنا الفلسطيني أبداً وكذلك شعوب أمتنا في مختلف أقطارها وهذا الأمر يقوله التاريخ ومن لا يستحضر التاريخ ولا يتعلم من دروسه لا يمكن أن يحصن واقعه ولا يمكن أن يستمر بالمقاومة حتى النصر.

الأخ أبو خالد العملة أمين السر المساعد للجنة المركزية

لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح

 -يجب أن يشعر شعبنا في فلسطين أنه ما زال في قلب الاهتمام العربي والإسلامي بالدرجة الأولى وأنه لن يترك أو يهمل أو ينسى. ويجب أن نبين بكل الوسائل الممكنة لشعبنا الفلسطيني وأمتنا ما أنجزته الانتفاضة والمقاومة ليقوى الأمل بالانتصار وتشتد العزيمة ويصبح للمعركة أفق وللصبر معنى. ويجب أن نؤكد بكل وسيلة ممكنة على مواصلة الجهاد والمقاومة لتحرير أراضينا العربية والإسلامية المقدسة دون أن ترعبنا اتهامات الإرهاب التي اعتدنا على سماعها طويلاً..

السيد حسن نصر الله

الأمين العام لحزب الله

 -يمر عام والانتفاضة أقوى، فقد تحولت من حدث نضالي إلى خيار شعبي، وتطور هدفها من الاحتجاج على الظلم ومقاومته إلى التمسك بالتحرير كاملاً، فصارت خياراً للأمة والطريق الأمثل للتحرير والاستقلال والسيادة، وأن ما لاقته وتلاقيه الانتفاضة المجيدة من دعم شعبي عربي إنما يؤكد تمثيلها للأمة كلها، وحملها عبء النضال عن الشعب العربي كله وها هو شعبنا يعتبرها طليعة مباركة في نضاله ويدعمها بكل طاقته، لأنه يرى فيها المعبر عن رأيه وحركته النهضوية.

الرئيس علي ناصر محمد

رئيس اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الانتفاضة ومقاومة المشروع الصهيوني

 -ليس تاريخ (إسرائيل) سوى سلسلة من المجازر. لقد قامت على المجازر واستمرت على قيد الحياة إلا بارتكابها المزيد من المجازر وها هي اليوم تتوسل المجزرة تلو الأخرى، في كل ساعة وكل يوم، علها تجد بوهمها العنصري المستعر، مخرجاً ينقذها من الأزمة الوجودية الطابع التي تعصف بكيانها، وتمسك بتلابيبها، ونعرف جيداً جلادينا الذين يعدون لنا اليوم نكبة جديدة أفدح، فلنعد لها جميعاً ما استطعنا من عدة. ولنحم الانتفاضة ولتستمر.

ميشال إده

-قاوم الشعب الفلسطيني المحتلين الصهاينة وما يزال يقاوم وجاءت الانتفاضة لتؤكد أن المقاومة هي الطريق الصحيح والأكيد لاستعادة الحقوق والمقدسات. إن الخطر الصهيوني لا يهدد فلسطين وحدها بل يهدد الأمة كلها وأن حسم الصراع يتطلب مشاركة الجميع عرباً ومسلمين فاستمرار الانتفاضة والكفاءة في إدارة الصراع العربي الصهيوني شرط أساسي من شروط الانتصار ولا بد من دعمها ومساندتها بكل الوسائل حتى تحقيق النصر.

الأخ المناضل بهجت أبو غربية

---------------------------------------------------