الشعر والانتفاضة \ المكان الفلسطيني \

مهاد تاريخي ونظري

د. جمال الدين الخضور

هل تتحول اللغة إلى دم ؟ أم يتحول إلى لغة ؟

إذا استطعنا الإجابة عن هذا السؤال يمكننا مقاربة عنوان " الشعر والانتفاضة " فالحيثيات اليومية والميدانية الواسمة لانتفاضة أهلنا في فلسطين المحتلة ، تكّون المفردات ، والوحدات البنائية ، والمعماراللفظي والتركيبي لنصوص شعرية لم تكتب بعد .

بل إن الدلالات التي تطرحها يوميات المنتفضين تشير إلى معان أعمق وأوسع مما يقّدمه المعجم اللغوي الراكن في المكتبات وعلى طاولات النخب والشعراء . لذلك يبقى الكلام من الشعر عاجزاً عن الوصول إلى الدلالات والمعاني التي تقّدمها قصيدة الانتفاضة.

فمنذ تواجد الإنسان العربي بتكوينه الجماعي في الجغرافية العربية المرسومة حالياً، ومنذ أكثر من عشرة الاف عام ، وهويرسم في سلوكه ولغته معنى مختلفاً تماماً ، للمكان والزمان ، ولا حاجة للتذكير بالنصوص السومرية والبابلية والأكادية والكنعانية والنيلية وغيرها ، والتي حدّدت اللغة التالية انطلاقاً من موقع المكان ، حيث يصبح الشارة المعيارية لحركية الزمان التالي فاتصف الزمان بوشم المكان ، وكل تلك المقّدمات ، والتي رسخت في المعاني الدلالية للغة ، ولهجاتها في الجغرافية العربية شكلت المقدمات الأولية ، وموقع الانطلاق للدخول في منظومة المكان المقدس ، والزمن القدسي .

المكان المقدّس في المنظومة الأناسية المعرفية العربية ، هوزمن عظيم مكثف ، يمتلك أبعاد التحديد الممكن ، والزمن القدسي ، هوواقعٌ مكانيٌّ ، انتشر لما يمكن أن يطلق عليه المكان المحلول ، المنتشر ، المنتثر ، والمكان المقدس ، والزمان القدسي في منظوماتنا الثقافية العربية ، وبنية أناسية ترتبط بفعل  النمووالتطور الطبيعي ( العضوي ) بل والتلقائي أحياناً، لدى الفرد والجماعة . وهنا تدخل اللغة وسيطاً حاملاً ، لتلك البنية الأناسية ، لتنقلها إلى موقع الوعي والإدراك . فلولا اللغة لما عرفنا المكان المقدس ، ولما تحّث الإشارة إلى زمن مقدّس ما . وما تفعله العناصر البنائية في المنظومة الثقافية ، على وعي وإدراك الفرد والجماعة قد يسبق ما حملته اللغة نفسها ، بحيث يصبح الفعل التالي لموقع المعنى في الإدراك والوعي ، أكثر وأبعد تأثيراً ، بالمستويين الأفقي والشاقولي . وهذا ما يعطي العربيّ فضاءً انسانياً جديداً أوسع وأبعد من الفضاءات الأولى المحدّدة بالمقدمة الأولية في البنية الثقافية ، وفي تحميلها اللغوي .
ألا ليت شعري هل أبدين ليلةً          بجنب الفضا أزجي القلاص النواحيا

فليت الفضا لم يقطع الركب عرضه         وليت الفضا ماشي الركاب لياليا

لقد كان في أهل الفضا لودنا الفضا  مزارٌ ، ولكن الفضا ليس دانيا

تحول الفضا في المتخيل لدى مالك بن الريب إلى مكان مقدس موسوم بأهله ، الذين هم تجلٍّ من تجليات الزمان . والفضا فضا ء مكاني موسوم بلغة الشاعر ، التي حملتها إلينا على مدى قرون ، ومن يرى وادي الفضا الان ،لانتابته بالضرورة ، قشعريرة الدخول إلى المكان المقدم . قلوسم الطالع من اللغة ، يتحرك في تخييل المتلقي بأبعاد مختلفة عن المستوى الذي تقدوه اللغة كلفة .

انطلاقاً من ذلك ، يمكننا ان ندلف إلى واقع المكان الفلسطيني في شعر الانتفاضة . فيمكننا أن نقسم بمقاربته إلى عدة مجموعات :

الأولى ، والتي تتعامل مع المكان الفلسطيني كمتخيل ، بعيد عن التحديد الفضائي المعروف والواسم للمكان. وينضوي تحت لوائها الشعراء العرب الذين " تغنوا " بالانتفاضة \ والانتفاضات \ ، معتبرين المقاربة لذلك الحدث الجلل ، مشابهة لمساحات ضوئية من أفلام سينمائية فيها من المواقف الانسانية ما يستدعي التعبير عنها شعراً . فالمكان الموسوم جغرافياً ، بلا تحديد أناسي ، وأفق زمني واسم له ، يتحول في المتخيل الشعري إلى مكان هلامي ، لا يتجاوز بمعناه المستوى اللفظي من النص الشعري .

الثانية ، تتعامل مع المكان الفلسطيني المنتفض بجزئيات الحراك الجغرافي ، والتي تعني النص المقدم بخصوصية التعامل الهندسي \ البعدي \ مع المكان ، مباشرة .

أما المجموعة الثالثة ، فأهدرت المكان تماماً ، بحيث يبدوالنص وكأن قائم في لغة الفراغ ومعظم النصوص الشعرية المنتفضة ، تعاملت ، وقاربت المكان الفلسطيني ، وكأن ليس في فلسطين . ولا أقصد بذلك تحديد المكان إسمياً حتى يبدومنتمياً للنسق الفلسطيني فهذا أليس شعراً أصلاً ، وإنما أقصد أن البنية الدلالية المتكاملة للنص تنشىء بتحديد المكان المقدس تنطبق على المكان الفلسطيني الذي أخضع وخضع للكثير من التغيرات الجغرافية بهدف تغيير رمزيته المقدسة في الوعي الجمعي والفردي . وهذا ما يبقى في منظومة الذاكرة لدى بشر خارج المكان ( اللامكان ) .

يتأسس عليه متخيل لاحق مبنى على فعل الزمان الغياب مستقلان تماماً عن وعي وإدراك من هوفي اللامكان ، وبالتالي لا بدّ من التعامل مع المتخيل اللاحق مهما كانت بنية وطبيعة التغيرات الطارئة ، ضمن أطر رمزية المكان المقدس . أما الذين يعيشون في واقع المكان المقروء ، فلم ينجوأيضاً يوازي تضحياتهم الميدانية اليومية ، بحيث يندعم الإنسان بالمكان ويتماهى معه ، تماماً كما يتحول المكان نفسه إلى سائل من ضوء مقدس يغطي جسد الإنسان العالق فيه . والحالتان المذكورتان لم ينتجا نصاً شعرياً موازياً لواقع فعلهما اليومي والميداني والدائم ، وهذا ما يرتبط على ما يبدوللقارىء الأولي ، بأسبقية الفعل الانساني على تعبيره اللغوي .

أما ما يخص علاقة الشعر بالجماهير في كتلتها الاجتماعية ، فالمتابع المتواضع يدرك تماماً أن الشعر والجماهير في موقع متخلف عن موقع الانتفاضة . فالمثلث الواسم لعلاقة الجماهير بالشعر ، بالانتفاضة ، يتطابق رأساه ( الجماهير والشعر ) ليتحول إلى ظاهرة خطية فيها الانتفاضة وفعلها ليشكلان القاطرة التي تتبعها الجماهير العربية المهزومة ، ومعها الشعر يمارس ألعابه اللغوية المتخلفة . ولن نخوض في أسباب سلبية الجماهير العربية تجاه الفعل الانتفاضي في فلسطين ، السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها  فهي ليست في موقع نقاشنا الان ، لكن القراءة المقارنة تشير بالضرورة إلى سلبية الجماهير العربية مقارنة بفعلها التاريخى ، وعلى مدى التاريخي الطويل ، وحتى في الامتداد الأعظم من القرن العشرين المنصرم فاندفعت منتفضة هذه كل أشكال الاستبداد والاحتلال والاستعمار من المحيط إلى الخليج متضامنة متأزرة ، حتى غدا الفعل الانتفاضي عملاً يومياً يمارسه العربي ، كما يفعل مع كل متطلباته الحياتية وغدا الاستشهاد سمةً أناسيةً ثقافيةً مزروعة في القلب من البيان الحياتي للإنسان العربي ،  وخصوصاً في نموذجه الجزائري سابقاً وفي الفلسطينين لاحقاً ليبدوفي أنصع صوره ، وأكثرها توهجاً رغم تقحم النموذج العربي في لبنان لتلك الظاهرة ، لفترة تاريخية جدّ‍دت فيها المعنى الثقافي لكلمة " فدائي ".

المنتفض فدائي ، وبالتالي فهواستشهادي

أري مقتلي دون حقي السليب            ودون بلادي هوالمتبقى

يلذّ لأذي سماع الصليل                 ويبهج نفسي سيل الدما

وجسم تجتذل فوق الهضاب           تناوشه جارحات الفلا

كسا دمه الأرض بالارجوان              وأثقل بالعطر ريح الصبا

وعفر منه بهاء الجبلين                         ولكن عفاراً يزيد البها

لعمرك هذا ممات الرجال                   ومن رام موتاً شريفاً فذا

فالشعر يمارس واقعاً فدائياً استشهادياً ، تتحول فيه اللغة إلى دم وموت ، ويتحول الشاعر إلى شهيد مقاتل حقيقي يضيق من موته مرات ومرات ، ليعاود القتال من جديد عبر النموذج الذي قدمه ، فعبد الرحيم محمود كان النموذج الأوضح ، الذي حمل روحه على راحته ، وألقى بها في مهاوي الردى ، فإما حياة تسرٍّ الصديق وتحرّرُ الوطن ، وإما استشهاد عظيم ، يقدم النموذج الحي للأخرين فينحر الأعداء بكيدهم وغيظهم :

هوبالباب واقف         والردى من خائف

فاهدئي ياعواصف              خجلاً من جرأته

صامت لوتكلّما         لفظ النار والدما

قل لمن عاب صمته          خلق الحزم أبكما

وأخوالحزم لم تزل            يده تسبق الفما

فالشاعر في القياس التاريخي النسبي يتقدم المنتفضين ، وهوفدائي حقيقي ، لذلك يبقي للقصيدة وقع خاص في نفوس الجماهير ، خصوصاً عندما يشتد الظلم والقمع فتنفجر عواصف لم تكن ضمن إدراك الشاعر نفسه ، فالاستسلام والسلبية بعيدتان عن روح ووجدان العربي المظلوم :

وطني يعلمني حديد سلاسلي         عنف النسور ورقة المتفائل

ما كنت أعرف أن تحت جلودنا         ميلاد عاصفة وعرس جداول

وهذه السمات البارزة تاريخياً في العمل الفدائي الفلسطيني لم تكن معزولة عن التطور التاريخي للواقع العربي . بل شكلت نموذجاً جديداً أكثر نصاعةً ، بسبب طبيعة الصراع الدائر ، بشكله الاشتباكي الالفائي ، بين حركة التحرر العربي وامكانية قيام مشروع نهوضي عربي ، وبين منظومة العولمة الامبريالية . الأولى تتمثل بواقع الخندق الفلسطيني ورموزه المنتقضة وسلبية الشارع العربي ، والثاني يتمثل بالمشروع الصهيوني وامتداده الفاعل والإيجابي والداعم من قبل منظومة العولمة الامبريالية . لكن الوقائع التاريخية المتضامرة لم تستطيع أنجاز فعلها التاريخي الداعم للانتفاضة الفلسطينية بسبب انخراط النظام العربي الرسمي في أقوى وأكثر مواقعه في مقولة المركزة والتطريف العولمية الامبريالية . وهذا ما دفع بالشق التراكمي النوعي التاريخي إلى الانسحاب إلى هامش الفعل وسلبية الموقف ،

يمشي الشهيد على الشهيد وإنما                   يمضي على أثر الرفاق ويتبع

ويح الركائب والنواعب هاجها                  عادي الفراق فذاهب ومشيع

فالنموذج الذي قدمه أحمد محرم بعد انتفاضة 1919 في مصر ، يرسم واقع الانتفاضة الفلسطينية الحالية ، تماماً كما تمثلت انتفاضة أهلنا في العراق ضد الطغيان الايطالي ، وملحمة يوسف العظمة في تصديه وصراعه مع طلائع جيش الاحتلال الفرنسى.

هوى وحلته حمراء من دمه                         كالشمس حين هوت في ثوبها الجادي

هكذا يقول خليل مروم عن يوسف العظمة ويقول خليل مطران عن شهداء انتفاضة العراق

تحيةً أيها القتلى وتسليما                        بلغتم الشأ وتخليداً وتعظميا

لا يعبد المرء رباً، ولاوطناً                    بمثل إعلائه القربان تقديما

ليس الشهادة إلا من يموت على            حق ومن لا يبالي فيه ماسميا

للمشتري بصباه عز أمته                        ذكر يديم السمة بالتبر مرقوما

ومما يمكن للنقد أن يكثر من أدواته في مقاربته ، هوإمكانية تميز واقعة الشهادة بحد ذاتها فالشهيد الشعري الفدائي الذي يقاوم حتى الاستشهاد في معركة الشجرة نموذج مختلف تماماً عن النموذج الإنساني الذي يقدمه الطفل محمد الدرة ، والشهيد الأخير يقدم نموذجاً أيضاً عن فارس عودة . ففارس يقدم نموذج الفدائي المقاوم عفوياً وتلقائياً ، هولم يقرأ قصائد انتفاضة الحجر الأولى ، بالتأكيد ، ولكنه انطلق لمواجهة الدبابة الصهيونية وواقعة الاستشهاد تختلف عن واقعة استشهاد الدرة. فإذا كانت الأخيرة تشير إلى نازية العدوالصهيوني وعنصريته ، فإن عودة يؤكد على قدرتنا على إمكانية التصدي والانتفاضة لكن الشعر الذي كتب في استشهاد محمد الدرة ، وبقراءته النظرية ، خلط بين الوقائع الثلاث ، وقدم الطفل الشهيد الدرة على أنه استشهادي .

وهذا ما يقدم لنا سؤالاً اخراً :

هل يمكن للغة أن تخترق الواقع ؟ أم أنها قادرة فقط على صنع واقع وهمي ؟

أسئلة نحتاج للكثير من الشغل النقدي عليها.

كمّ النصوص كثير ، والانتفاضة مستمرة ، والتاريخ يسمعنا صوته فكيف سنتقدم ؟

النصوص الشعرية المقاومة عي عهدتها التاريخية ومسارها ، اشتغلت على الإنسان،أكثر

من شغلها على المكان المقاوم . وكان من الأسهل للشعر كما لاحظنا في بعض نصوص التاريخية على مدار القرن العشرين أن ترتفع بالشهادة ، وترفعها ، ولكن المكان الذي يستحق كل ذلك بقي خلف الحجاب الشعري .ونحن بأمس الحاجة إلى نصوص تماهي الإنسان بالمكان . حتى نعرف شعرياً ما معنى هذا المكان الذي يستحق كل هذا الاستشهاد.

وإذا قلنا بأن المكان يأخذ شكله المتحرك بانحلال معانيه في الإنسان فهذا يدفعنا إلى مطالبة الشعر بالقيام بدوره ذاك ، كإمكانية تحول المكان إلى زمان . وبالتالي لا بد من الاقتراب من المعنى الأناسي ، المعرفي الثقافي للمكان الفلسطيني . وهذا ما يدفع الاستشهاديين إلى القيام بفعل الخلق .

فأين نصوصنا الشعرية من ذلك ؟؟!       

عندما يبكي الرجال

 

   قصة قصيرة                                              غازي حسن

يتراجع قليلاً إلى الخلف و بشكل نصف دائري ، يحاول إسناد ظهره المنحني ، فيما يهمس أكره كل تضاريس الغربة و الذوبان . و اغتيال الوطن .

يهمس في سره  أعذرني يا كمال ، علمتك أن الوطن بيادر حنطة و خوابي زيت و شمس، و إنسان .

الزاوية الغربية من الغرفة كل ما تبقى ، صورة لطائر كنعاني ، تزّين صدر الغرفة الرحب، تقرأ في عينيه ، أن الصراع لم ينته . يدخل في حلمك ليشكل حالة التكوين.

يعود إلى سرّه ثانية ، أه يا أبا سعد ؟

صدرك يختزن أشياء و أشياء ، الناصرة ، المخيم ، الخروج الأول ، الثورة ، الشعارات المقلوبة و المعلّبة ، الفرج ، الحزن ، و رؤوس تحت المقصلة ! تشكلت عبر هذا الشكل الخارج من بين الأصابع ، بعد الخروج ، قبل خمسين متراً ، و منذ ثلاثين عام ونيف من الناصرة .

مقبرة الشهداء تبعد خمسين متراً ، و منذ ثلاثين عام ونيف و علاقته لم تنقطع ، يعرف الأسماء ، يخلد الشهداء على طريقته بعد أن تناسى البعض .

هو يعرف جيداً أن علاقته بها هو الحبل السري الواصل بينه و بين الوطن .

بين هذه المقبرة ، و الوطن ، نبوءة و رسلاً لم تأت بعد .

أخر مرة شاهدته قبل عشرين عاماً ، يوم خرجنا بحراسة البوارج الأمريكية .

البارجة ( 925 ) مازالت محفورة في ذاكرتي .

المسافة بين استشهاد كمال ، و الخروج ، يخرج شهداء تلو شهداء و بكل الأشكال التي لا تحلم بها ، و لكن يبتعدون لبعض الوقت .

أصابعهم قوائم اتهام على أسفار الخروج الأول . والثاني .  والثالث ……..
حاولت تجميع ما تبقى خارج دائرة الزمن غادرتا الرأس قبل الموت  .

أفقت ، اقتربت قليلاً ، كان نحيل الجسد ، أعرفه جيداً ، أنه لا يجيد فلسفة الهذيان يلعن رسم الحدود .

عرفّته على نفسي ، و نظرة يخونه بعض الوقت .

الغرفة تعج بأصوات مختنقة ، ينظر إلى و كأن بداخله شيئاً ما . هكذا تصورت ؟

كسرت حاجز الوقت ، قلت أنا يوسف يا عم أبا أسعد .

يصمت قليلاً ، فيما يحاول الدخول في الجزئيات المحطّمة و استنشاق غبار المتراكم ،

و سلاطين الشعارات فجأة تومض الصورة في ذهنه ، تكبر ، تصغر ، الصوت مازال في زاوية الغرفة ، صهيب ، يوسف ، عبد الله ، خالد ، كمال . اه إنني أشم فيك رائحة كمال ، الزاهرني ، الجرمق ، العيشية ، الدمشقية ، الهبارية ، قواعد التحدي .

 يقول أنظر يا يوسف هذه بندقية كمال لقد حافظت عليها عندما تبرأ البعض منها!؟

وبشكل عفوي ، حاولت إخراجه من مساحة الحزن و التآكل .

المهم يا عم أسعد ما أخبار الخالة أم أسعد و أسعد و بيسان ؟

الآن ترقد بجانب كمال ، هناك في مقبرة الشهداء ؟

أسعد هاجر إلى الدنمرك ، بعد خروج المقاومة ، نحن محاصرون يا يوسف في كل الاتجاهات.
بيسان تزوجت من أبن خالها ، وهي تعيش في السويد بالتأكيد أنت تعرف زوجها ؟

لم يبق في المخيم الآن إلا كبار السن ، و بعض الشباب و شعارات على الجدران غادرها أصحابها .

يلتقط عكازه ، يحاول الوقوف ، و الدموع مازالت تتساقط الواحدة تلو الأخرى ، تحفر في الذاكرة وطن و نبوءة لدم يخرج مثل السيف ، و صبح يخرج من كومة رصاص و كمال ، و صهيب ، و يوسف ، و عبد الله ، و خالد ، يولدون كل يوم ، على امتداد الوطن ليغسلوا عاراً صدأ فينا .

ودعته و سرت باتجاه مقبرة الشهداء و عيناه شاخصتان باتجاهي .

ملاحظة :

قبل تسعة عشرة عاماً و بالتحديد في السادس من شهر آب عام 1983 نشرت صحيفة دفار الإسرائيلية قصة مصرع الجنرال ادام ، العقيد حاييم سيلع ، و المقدم أيلاني أثناء مهاجمة موقعهم من قبل خمسة فدائيين فلسطينيين و هذه القصة يرويها الجنرال فرايم أبيدان و الذي كان يرقد في مشفى تل هشومير في تل أبيب وقد أصيب في تلك المعركة

يقول : الجنرال فرايم أبيدان كان المهاجمون خمسة فدائيين فلسطينيين ، يحملون أسلحة خفيفة و قواذف أر بجي لقد دخل الفدائيون إلى المقر في بلدة دامور بينما كنا نقلب الخرائط التي أمامنا المسافة التي تفصل بيننا لا تزيد عنا بضعة أمتار كانوا ينظرون إلينا بسخرية و أسلحتهم مصوبة نحونا أما نحن فكنا في حالة هلع و انهيار تام أدركنا أننا في عداد الأموات ؟ حاول الجنرال ادام مدّ يده ليتحسس مسدسه و لكن نيران أسلحة الفدائيين أسرع ، لقد سقطنا جميعاً نسبح بدمائنا أحسست أن أحداً لن يخرج حياً لقد تحولت الغرفة إلى بركة دم ، لم أعد أذكر شيئاً مما حدث ، بعد ذلك أفقت في مشفى تل هشومير .

عندما حاولت المجموعة الانسحاب من بلدة الدامور باتجاه الدوحة اشتبكت ثانية مع قوة إسرائيلية دامت أكثر من ساعتين قتل خلالها أعداداً من أفراد القوة و أستشهد الفدائيون الخمسة صهيب ، يوسف ، عبد الله ، خالد ، كمال ، ودفنوا في الدوحة .

و بعد دحر الاحتلال من بيروت و الدوحة و الدامور نقل رفات الشهداء الخمسة إلى مقبرة الشهداء في بيروت ، و قد شيعت الجماهير هؤلاء الشهداء في موكب مهيب ، وقتها قال أبا أسعد ما أصعب أن يبكي الرجال .  

فنانون مصريون يعبرون عن رأيهم فيما يحدث

-                      

-                     محمود ياسين : لانفع للمفاوضات مع الصهاينة

-                      محمود حميدة: لقد ذقنا الإرهاب من الكيان الصهيوني

-                      نور الشريف: يتوافد إلى الحكم في الكيان الصهيوني مجرمى الحرب الواحد تلو الآخر

الانتفاضة الفلسطينية متواصلة يواجه أبناؤها الصهاينة بكل ما امتلكوا من قوة و إرادة و في الوقت ذاته يواصل الكيان الصهيوني إرهابه ضد شعبنا الفلسطيني و أرضه وزرعه و ضرعه و لا يترك فرصة إلا و يعبر فيها عن حقيقته الإرهابية و تعطشه الدائم للدم

الفنانون المصريون الملتصقون بهموم الأمة و بقضية فلسطين عبروا عن آرائهم فيما يجرى داخل فلسطين و فيما يلي آرائهم :

الفنان محمود ياسين عضو المسرح القومي يرى أنه لا مفاوضات تنفع مع الكيان الصهيوني السفاحين و قاتلي الأطفال الذين يجلسون للتفاوض ثم يحنثون بكل الوعود و الاتفاقيات و يلقون بها عرض الحائط ، ويقومون بالقتل و الإرهاب وهدم البيوت و خرب الأراضي ليصبح الضرب الصهيوني في الصميم ، و رغم كل هذا ينادى الرئيس الأمريكي بوقف العنف ، حتى توافق العدو على التفاوض من جديد ، فهل الحجارة التي يحملها الأطفال هي مظاهر العنف في حين يتم صرف النظر عن المدافع و الطائرات و الصواريخ و الدبابات الصهيونية التي تدك البيوت و المؤسسات الفلسطينية ..تخطينا مرحلة إصلاح المنكر بالأيدي . وحاولنا الإصلاح بالألسن و لمدة عام فهل سنصلح المنكر في المرحلة المقبلة بقلوبنا ؟ و هذا أضعف الإيمان في رأى المصطفى ( صلي الله عليه و سلم ) و لا يغيب عن أحد أن العدو يحترف أرذل الحرف .

ويرى الفنان محمود حميدة  أنه كان يجنح مثل الكثيرين إلى طريق التسوية العملية

بشرط أن تكون الأرض مقابل السلام ، لكن المباحثات و المفاوضات اصطدمت بطريق  مسدود أمام ألاعيب شارون و تعطشه للدماء و عنصريته الواضحة و الجلية و التي هي جزء لا يتجزأ من الكيان الصهيوني و قد ذقنا مرارة تجرد العدو من الآدمية كمدنيين و كعسكريين فى فلسطين و سوريا و لبنان و من قبلنا مصر .. و هم أي الصهاينة يعرفون جيداً ما يمكن أن يفعل الجيش المصري بتعاونه مع شقيقه السوري كما حدث في معركة أكتوبر 1973 . إن النهاية قد اقتربت كثيراً  ، ورب حل يأتي من لدى العزيز المقتدر يكون أقوى من أسلحة كل جيوش العالم فمن أغرق قوم نوح .. أرسل طيراً  أبابيل ترمى أبرهة الأشرم بحجارة من سجيل كفيل بهم .

ويرصد الفنان نور الشريف مدى فقدان الصهاينة لأدنى صفات الإنسانية في تعاملهم مع طفل صغير أو شيخ كبير أو عجوز كبير أو عجوز مسنة و مدى بشاعة تعاملهم مع الأسرى العرب ، و حتى الآن لم يتحرك الرأي العام العالمي خطوة ، و لم تحرك الأمم المتحدة ساكناً ، و يتوافد إلى الحكم في الكيان الصهيوني من مجرمي الحرب ، الواحد تلو الاخر، والقرار السياسي له أصحابه ، و نحن لا نملك إلا أن نعرب عن تصوراتنا .. وحتى الآن لم يطلب منا مجرد طرح الآراء ، و لو كان هتلر فعل باليهود ما أشاعوه عن المحارق لكان معه كل الحق هكذا نرى أن الشعب العربي يتفصد غضباً ، و أمام انتهاك الحرمات

ووءد  الطفولة ، ورغم ذلك مازال النخيل يعلو في سموق ، و مازالت الأمهات يرضعن أطفالهن صموداً ، و إن غداً لناظره قريب ‍  

نتساءل : من فوض أمريكا لكي تكون شرطي العالم ؟؟؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍

صلاح السعدني :

 - الحل في تفعيل مقولة جمال عبد الناصر " ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة "

 -أمريكا أضعف من أن نضغط على الكيان الصهيوني و الحكومات العربية سلبية للغاية   

الأحداث السياسية المتغيرة و المتتابعة التي يشهدها العالم حالياً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر . و الذي خلق أراء و انقسامات مختلفة في كل أنحاء العالم . كل هذه الأحداث خلقت تياراً من الرفض لكل ما يحدث من أمريكا و تحالفها المزعوم ضد ما يسمى الإرهاب .

و كذلك موقفها من ما يسمى السلام في الشرق الأوسط خاصة مع ازدياد الكيان الصهيوني في صلفه و ممارساته التعسفية داخل الأرض المحتلة .

فنانينا الكبار ليسوا بمعزل عما يحدث من حولنا من تداعيات سياسية .

بلا تردد أو مواربة قالها الفنان صلاح السعدني :  يجب أن تعلم الإدارة الأمريكية أن الشعوب العربية مجتمعة رافضة لسياستها و أسلوب هيمنتها الذي تريد أن تفرضها على العالم و على الشعوب بصرف النظر عن أراء الحكام أو الدبلوماسيات الهادئة .

و يضيف السعدني متسائلاً: من فوض أمريكا لتكون هي وحدها " شرطي العالم " تفعل ما تريد و قتما تريد و في أي مكان تريد . أنها رغم كل ما حدث لها في الحادي عشر من سبتمبر لا تعترف إلا بأنها الأقوى و التي يجب أن تطاع و التي يجب أن يخضع العالم كله بشعوبه المختلفة لسياستها و لإرادتها و لمصالحها .

هل ترى أن ما أعلنته أمريكا على لسان رئيسها جورج بوش من ضرورة إعلان دولة فلسطينية  ثم عدم تدعيم ذلك بالأفعال المؤكدة على هذا الاتجاه كان نوعاً من التخدير السياسي للعرب و للفلسطينيين ؟

سمعنا من الكلام الكثير سواء من أمريكا أو من دول الاتحاد الأوربي الكل يتحدث و يتكلم و لكن يبقى الفعل محدوداً و غير فعال و لا وجود حقيقي له . من هنا نؤكد أن الوعد الحقيقي الفعال الذي تحقق كان وعد بلفور الذي أتاح وطن قومي لليهود في فلسطين .

أما خلاف ذلك من وعود ظل مجرد وعود براقة لا ترقى إلى مستوى الحقائق .

إذن أنت ترى أن الضغط الأمريكي لكي تدخل كما يزعمون في مفاوضات سلام مع العرب لحل مشكلة احتلالها لفلسطين و بقية الأراضي المحتلة .  لن يحدث و إن الكيان الصهيوني يعلم ذلك و يزيد من ممارساته ؟

هذا صحيح تماماً و الجميع مع الأسف و الحزن يرى هذا الموقف بوضوح . و أؤكد هنا أن أمريكا لم و لن تضغط على الكيان الصهيوني هي التي تفعل العكس و تضغط على امريكا و تواصل كل ممارساتها .

و تزيد من عدوانها على الفلسطينيين و كل يوم نسمع عن مذابح غاية في البشاعة أمام مرأى و مسمع من العالم كله و أمريكا لا تملك أن تمارس أي ضغط عليها حتى لكي تحسن صورتها أمام العرب أو حتى لتحمى مصالحها في المنطقة ……  و مع الأسف أيضاً

الحكومات العربية سلبية للغاية في مواجهة الضعف الأمريكي تجاه الكيان الصهيوني  و

سلبية للغاية في مواجهة العدوان الصهيوني على الفلسطينيين .

وكيف يكون التحرك من وجهة نظرك ؟

لست متشائماً و لكن  أقولها أيضاً بصراحة إنه في النهاية لن يجدي سوى حمل السلاح و الكفاح المسلح و هنا أردد مقولة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر " ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة " فالقوة وحدها هي القادرة على مواجهة غرور إسرائيل و ممارستها و كذلك ضعف أمريكا تجاه إسرائيل .

                                              أجرى الحوار أحمد الجندي

فسحة ثقافية

" نهاية الجدار الطيب "

محمود حيدر وتطلعات الحرية

يقدم الباحث والصحفي اللبناني محمود حيدر في كتابه " نهاية الجدار الطيب " قراءة معمقة وممنهجة للاحتلال الصهيوني في جنوب لبنان منذ العام \ 1976 – 2001 \ . ويبين في دراسته كيف انهار هذا " الجدار الطيب " الذي حاول أن يبينه الكيان الصهيوني في لبنان في فترة احتلاله .

أن أهم ما يدرسه الباحث حيدر هوتفكك النظرية الأمنية الصهيونية ، وسقوط مقولات الجنرالات الصهاينة ، وانهيار كل تلك المنظومة من التفكير التي سقطت أمام ضربات المجاهدين . بل إن الجنوب أصبح عبئاً ثقيلاً على كاهل المحتل .

وبالتحليل الدقيق المستند إلى الوثيقة يفيد الباحث محمود حيدر كل المقولات الأمنية التي حاول الصهاينة ترويجها في فترة احتلالهم لجنوب لبنان . بل أن محمود حيدر يبين وبشكل خلاق كيف بدأت تنهار هذه الأسطورة الأمنية التي يعتبرها الكيان الصهيوني من الركائز الهامة والأساسية في ترسيخ وجوده على أرض الجنوب وفلسطين . ويلحظ كيف تهاوت أيضاً كل البؤر التي دفع الكيان لتثبيتها كأمر واقع \ جيش لبنان الجنوبي \

مشيراً إلى أن هذه الجيوش سقطت أمنياً منذ الأيام الأولى لمحاولة الكيان الاعتماد عليها .

وتأتي قضية " مزارع شبعا " لتحتل حيزاً في كتاب حيدر ويدرس هنا القضية التي يحاول ترويجها القادة الصهاينة حول " تبعية الأرض " . وهنا تظهر الوثيقة لتقطع كل الافتراءات الصهيونية ، وتدلك على أن " شبعا " ، هي لبنانية ، وما يدعيه الكيان هواستمرار الاحتلال في لبنان ، أولإيجاد نقاط ارتكاز يمكن أن تشكل له قاعدة في الرؤية التوسعية التي لا تغادر هواجسه الأمنية ومستقبله في المنطقة .

والملاحق الكثيرة التي يوردها الباحث والتي تتضمن القرارات الدولية بشأن " جنوب لبنان " والاحتلال الصهيوني ترفد الدراسة بزخم أكبر لتضيىء جوانب هامة في الصراع.

كتاب الباحث والصحفي محمود حيدر " نهاية الجدار الطيب – الاحتلال الإسرائيلي 1976-2001 " من الكتب القيمة والهامة لم تحمله من مقولات تؤكد أن الاحتلال سيزول مهما طال أمده . بل يدفعك لأن تقول وتؤكد أيضاً أن الاحتلال الصهيوني سيزول لأن الإرادة هي واحدة ، وتطلع الحالمين لوطن حر بلا غزاة قاوم رغم إرادة المحتل ، فخرب الإدارات وحرب الحرية هي عنوان الشعوب التواقة لغد بلا غزاة . كل التقدير لمحمود حيدر على هذا الإنجاز الهام والمميز .

بسام رجا

" رسوم عارية " للفنان معتز علي

صدر للفنان التشكيلي الفلسطيني معتز علي مجموعة رسوم كاريكاتيرية بعنوان " رسوم عارية " ويضم عشرات الرسوم التي تتحدث عن الهموم الوطنية والقومية ومسائل الصراع العربي الصهيوني .

والفنان معتز على عضوفي الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين ، ويعمل في مجال الخط العربي منذ عام 1984 وله العديد من ا للوحات  وبدأ بمزاولة الرسم الكاريكاتوري عام 1989 أقام العديد من المعارض الفلسطينية والعربية وشارك في عدد من المعارض على المستويين الفلسطيني والعربي .

نهاية الجدار الطيب

" نهاية الجدار الطيب " عنوان الكتاب الجديد للصحافي والباحث محمود حيدر الصادر عن دار رياض نجيب الريس للنشر والتوزيع – بيروت – .

الكتاب يعد من الكتب الهامة والقيمة في تتبعه لمسيرة الاحتلال الصهيوني بين الفترة (1976-2001 ) ، ويرصد حيدر التحولات التي طرأت على مفاهيم الأمن ونظرياته في الكيان الصهيوني .

ويستعرض الكتاب آلية المنطق السياسي للعقل الصهيوني ، وعبر قراءة ممنهجة ومعمقة يلحظ التفكك الذي حصل في المؤسسة العسكرية الصهيونية ، والفشل الذريع الذي وصلت إليه الاختبارات الأمنية والاحتلالات المتعاقبة للبنان .

ويخصص الباحث حيدر فصلاً لقضية مزارع " شبعا  " ويبين هوية هذه الأرض عبر الوثائق التي ترد افتراءات وزعم الكيان الصهيوني . ويثبت حيدر أنها أرض لبنانية .

يضم الكتاب ملاحق ووثائق لاتفاقات الهدنة وقرارات مجلس الأمن واتفاقات ترسيم الحدود ، ورسائل وبيانات تخص الصراع اللبناني الصهيوني .

" نهاية الجدار الطيب " يقرأ تفكك الكيان الصهيوني ف جنوب لبنان .. وانسحابه المذل الذي فُرض فليه من هلال ضربات المقاومة الإسلامية في لبنان ويشد على مقولة الاحتلال إلى زوال مهما طال زمنه . فالأرض تلفظ الغرباء .

  " العالم هذا المساء "

عن اتحاد الكتاب العرب صدرت حديثاً المجموعة الشعرية " العالم هذا المساء " للشاعر د.صالح الرحال . " العالم هذا المساء " تأتي بعد " مسارات الوجع " . وفي مجوعة الجديدة يظهر الشاعر الرحال الموهبة التي توظف تأثره بالتجربة الصوفية ، واستحضار الرموز التاريخية والاعتماد على الأسطورة في إيصال صورته الشعرية المتألقة في غزارتها ودلالاتها . بحيث يوظف هذه الصور ليغوص في عمق الحالة في رؤيا فينة وجمالية عالية الروح .

" العالم هذا المساء " يرحل بالشاعر الرحال إلى أجواء ومفاجئات تفرض نفسها على واقعنا وحياتنا بلغة رهيفة قادرة على التقاط اللحظة والدوران معها في مدارات الإنسان الباحث عن الحقيقة .

الشاعر الرحال يكتب على النمط الكلاسيكي ، ونمط التفعيلة . وحتى القصيدة التفعيلة لديه تحافظ على روح القصيدة الكلاسيكية الأصلية . وقد ضمن المجموعة بقصيدتين كلاسيكيتن :

 "هذا القرن

تاريخ العالم هذا القرن بوابة قابيل

المجنون .. يا من أشرق ليلاً .غاب

صباحاً .. صلى الظهر وقام .. داعب

نرجسة الأفعى ، سن الفيل ، ونـاب

السبع وزواج ما بين الشــاه

وبين الضبع . وشارط لا يأتي على

قوم.. أومخلوق كان هذا

الكان الناقص

.من أفعال النقص ، ينقص هذا

العالم ويذوب "

السينما العربية إلى أين

لصالح موسى

" السينما العربية " . إلى أين على بوابة قرن جديد " عنوان الكتاب الجديد للقاص صالح موسى في كتابه يرصد صالح مجموعة التحديدات التي تواجه السينما العربية وتقف أمام مستقبلها . ويدرس موسى في كتابه أيضاً تلك التحديات التي يمكن أن تنعكس على الوجه الثقافي والفكري والفني . ليصل إلى التحدي التكنولوجي والديمقراطية التي هي أساس صناعة فن سينمائي غير مقيد بظوابط تحد من إيصال رسالته الثقافية والاجتماعية والسياسية والإنسانية .

المهمة التي يحملها كتاب " السينما العربية إلى أين " تحمل طابعاً ثقافياً مميزاً كونها تدخل في التفاصيل لدراسة الفن السينمائي في الدول العربية والتأثيرات التي يمكن أن تفرض نفسها على " الفن السابع " وبالطبع هذا النمط من الدراسة احتاج الكثير من المراجع والجهد للوصول إلى قراءة معقمة ومستفيضة وهذا ما سلكه صالح مرسى في كتابه .

النصف الاخر من الكتاب تضمن شهادات قيمة لمجموعة كبيرة من النقاد والسينمائين العرب الذي عرضوا وجهات نظرهم في مستقبل السينما العربية وتحديات العولمة من الأسماء التي سبر رأيها الكتاب : سمير فريد ، ماجدة موريس ، محمد ملص ، نبيل المالح ، مي المصري .

" السينما العربية .. إلى أين .. على بوابة القرن العشرين " خطوة هامة وجادة في سبيل قراءة معمقة لواقع السينما العربية وتحدياتها . وخاصة أن المطلوب اليوم من الثقافة بكل وجوهها هوالتصاقها بالواقع المعاش والتعبير عنه بأصدق صورة ممكنة والعين السينمائية الذكية يمكن أن تصل إلى كل بيت إذا أتيحت لها مناخات توفر لها الحد المعقول من الإمكانات والتفاعل كي تستطيع أ ن تقدم رسالتها .

 غسان كنفاني

شهادات وصور

في عمل أدبي جامع لايخلومن التأريخية لشخص الشهيد الأديب والمناضل الفلسطيني

" غسان كنفاني " حمل عنوان " غسان كنفاني – شهادات وصور " . صدر مؤخراً كتاب أعده الفنان التشكيلي " الحكم النعيمي " الكتاب كما أراد له معده ليس ببلوغرافيا حول الكاتب الكبير بقدر ما يضيء جانباً هاماً وهوكيف يراه  الاخرون ؟

مما يوحي بمدى قيمة غسان الأدبية التي لا يختلف عليها اثنان في العالم العربي .

يحتوي الكتاب شهادات عشرات الكتاب والشعراء والباحثين والصحفيين ممن عايشوا غسان وممن لم يعايشوه ، إلا عبر كتاباته التي قفزت عميقاً في ذاكرة كل فلسطيني وعربي . وتتناول الشهادات معظم جوانب نشاط غسان بدءاً من نضاله كفلسطيني وكفاحه كسياسي وجرأته ككاتب وتأثيره في تاريخ المشهد الفلسطيني .

العمل هاماً من حيث تدوينه وجمعه لكلمات الكتاب التي تثبت في أهم ما تثبته تأثير ما تركه الشهيد الراحل غسان كنفاني في الحياة النضالية والثقافية الفلسطينية .

" الطوفان "

لنزار بريك الهنيدي

البعد المعرفي  هوما يؤرق الشاعر نزار بريك الهنيدي في مجموعته الشعرية " الطوفان " .

لكن هذا  المعرفي هوما يعطي الشاعر تلك الرهافة والإحساس بالمكان الذي يصل إليه عبر الأسئلة العميقة التي يطرحها ليقبض على الزمن الذي ينشده . والزمن عند بريك الهنيدي هوذاك الزمن الذي يمكن أن يقوم بعداً إضافياً لمعرفة الأشياء الزمن يتغير عند الشاعر .. لأنه يبحث دائماً عن الحقيقة . ، تلك الحقيقة التي يجب أن يبحث عنها الشاعر حتى يستريح قلبه وليستقر على قمر الانتظار الذي يبدد كآبة النفس المتعلقة بفجر قادم .

اللغة الشعرية عند بريك الهنيدي ، لغة تحتفي بالإنسان ويعطيها من روحه فتخرج من الرتابة واللهاث وراء الصورة فالصورة عنده هي الحاضرة في تدفقها الذي يضفي تنوعاً في النص الشعري .

" شجر يرتدي ثوب عاصفة

راح يومىء لي :

لا تنم

أزف الوقت

لم يبق غير هنيهة دمع

ورجفة دم

لك أن تستعيد رفيق البداية

مازال في الغمر موج

يحن

إلى شهقات الحروف

وهمس النغم

 " الحديقة الأجمل "

عن اتحاد الكتاب العرب صدرت مؤخراً مجموعة من قسس الأطفال تحت عنوان

" الحديقة الأجمل " من تأليف " زهير ابراهيم رسام "

تحاول المجموعة من القصص المقدمة النهوض بمخيلة الطفل من خلال البدء بفطرية اللحظة والحدث والنهوض بالمتخيل حسب الفهم الطفولي للأشياء في خلق عوالم ايجابية تخص تفكيره وفهم الطفل العربي .

وتدور مجموعة القصص حول القيم الأنسانية النبيلة وتنسج من التراث مادتها وحكاياتها بشكل سلس واضح لا يتعب الطفل في فهمه أويحتمل التباس المعنى . وربما كان هذا أهم ما تطرحه القصص، فهي تسعى إلى غاية تعليمية غير مباشرة بتثبيتها للقيم الانسانية والتراثية بشكل يسعى لإدخال سعادة ما إلى جوانية الطفل .

تقع مجموعة " الحديقة الأجمل " الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في ( 75 ) صفحة من القطع الصغير ولا ينقص قصصها الطرافة والسلاسة والهدف .

رحيل فضاء الروح

للشاعرة عفاف الرشيد ، صدرت مؤخراً مجموعة شعرية تحت عنوان " رحيل في فضاء الروح " وفي هذه المجموعة تبحر في فضاء روحها بحيث تبوح بتساؤلات فلسفية وإنسانية رقيقة و شفافة " من تقرحات الزمن الكئيب \ أمضي نحوأمل باهت \ يزف صمت الجراح " . بلغة شفافة وعمق متسائل برؤية كونية تبحث في أعماق النفس الإنسانية وتعبر عن سخط  داخلي هادئ ، يخرج كسيل هادئ لانتقصه روح التمرد و

السؤال في ماهية الأشياء والطبيعة بمكنوناتها وانعكاساتها "

" أمضي نحوأمل باهت \يزف صمت الجراح \ أشم عطر الأمسيات \ يحلق عبق الرصاص . على أجنحة الحذر " . وفي هذه اللغة محاولة تجديدية ، لا في رؤية الأشياء وحدها بل من خلال استثمار الفرادة اللغوية تفاجئ القارئ " لست حزينة فاسألوا صمت المدينة " .

قدمت للديوان على الغلاف الأخير ، الشاعرة والأديبة ليلى مقدسي ، بموجات مشابهة اذ نقول " ترى أتبقى عفاف غارقة في دخان ضبابي "

يقع الديوان في مائة وأربع صفحات وهي من القطع الوسط .

على أسوار بابل

عن " شركة رياض الريس للكتب والنشر "في بيروت صدر كتاب للناقد جورج طراد بعنوان " على أسوار بابل ، صراع الفصحى والعامية في الشعر العربي المعاصر "ويتكىء البحث النقدي على تجربة يوسف الخال ، ويحتوي على خمسة فصول وأربعة ملاحق ، يتحدث فيها عن اللغة والحداثة وسمة التمرد في الشعر ويبحث في شعر يوسف الخال ودوره في الحداثة ويتحدث الكتاب عن خطر التشبه بالغرب .

أما في الفصل الثاني ، يبحث في تطوير اللغة ومحاولات " التمصير واللبننة " ومقارنة بين الفصحى والعامية – الفصحى تشرح العامية -، وما هناك من ترابط بين اللغة والشعور القومي ، كما يورد الكتاب في ختام فصله الثاني متحدثاً عن قضية الحرف اللاتيني مبيناً مؤشرا ته وتأثيراته لغوياً أما في الفصل الثالث فهوبعنوان " يوسف الخال واللغة العربية "،  ويبحث في الفصل الرابع الانعكاسات اللغوية ، حسب فهم الخال ومؤثراتها على شعره وقصيدته بدءاً من تركيبها وانتهاءً حتى بحجمها ، وانتهاءً باستخدام الشكلين بشكل لافت في قصيدة الخال ، والفصل الخامس جاء بعنوان مأخذ 

" مأخذ على لغة يوسف الخال " ويرى بعض المآخذ والهنات هنا وهناك في جنبات وثمة أربعة ملاحق في الكتاب .

ويرى الكاتب في نظرته عموماً إلى اللغة العربية على أنها لغة حيوية متجددة ، ويستعرض المحاولات التي جرت لاستبدالها عبر ما تم طرحه من أن العامية أكثر قابلية للحداثة ويرصد في الكتاب محاولة يوسف الخال " الموصوفة لقتل الفصحى ، ورغم لغة يوسف الخال الفصيحة وشعره الناجح ودوره في الحداثة الشعرية العربية فإنه من الرافضين لمشاريع بديلة عن الفصحى ، الذي جسده في عدة مؤلفات لاسيما في الولادة الثانية ويرى الباحث أن العربية الحديثة تعجز عن كونها بديل عن الفصحى التي تطورت وصارت أقرب إلى الناس

من غير أن يسجنها أحد خلف أسوار بابل . 

أمريكا والحقوق الوطنية !!

المقاومة هي الطريق

الأول: صدق أن الجنرال "أنطوني زيني" مسكين... جاء إلى فلسطين وهو لا يعرف شيئاً عن قضيتنا .. لقد جاء ليتعلم!!

الثاني: "جحظت عيناه": يتعلم ماذا؟!

الأول: يتعلم، ويعرف ما يدور في منطقتنا !!

الثاني "ازداد انفعالاً": قل شيئاً معقولاً يا رجل.. كلامك لا يدخل العقل.. هل تصدق أن أمريكا تبعث رجلاً غراً إلى منطقتنا؟!

الأول "ببرود": نعم.. هي الحقيقة، ويجب أن نأخذ بيده ونساعده.

الثاني "تمتم كلاماً مبهماً": "زيني" هذا يا من تريد أن تساعده يأخذك إلى البحر ويرجعك عطشان كما يقول مثلنا العربي.. استيقظ من نومك، وقل كلاماً معقولاً... وإذا لم تعرفه فعليك قراءة تجربته!!

الأول: أنا المعرفة ذاتها... "زيني" مسكين ويجب أن نعلمه وسوف يساعدنا!!

(غادر الثاني المكان بعد أن أطلق من بين شفتيه فرقعة قوية)

*  *   *  *

(بعد العمليات الاستشهادية، وصدور التصريحات الأمريكية الداعمة لإرهاب العدو الصهيوني)

الأول: ما بك منفعل؟

الثاني: ألم تسمع ما يقول أصدقاؤك؟ ... هل هذه هي نتيجة مساعدتك "أنطوني زيني" على التعلم؟

الأول: يجب أن نتعامل مع الأمر بروية، فـ"زيني" المسكين الذي لم ير في حياته لون الدم مصدوم... مصدوم جداً!!

الثاني "بحنق": يا لطيف ألطف.. لماذا لم يصدم على قتل أطفالنا ونسائنا وشبابنا؟

الأول: طول بالك يا بن الحلال ... مصير أعصاب الرجل تهدأ.

*   *   *   *

(بعد قصف المدن الفلسطينية)

الثاني: ما هي أخبار صديقك "زيني" يا مستر؟

الأول: بسيطة... قدم لنا لائحة للاعتقال وسنطيب خاطره!!

الثاني: والشهداء والجرحى والعدوان وحقوقنا!!

الأول "ببرود الثلج": لا تزعل نفسك كثيراً فالدولة على الأبواب!!

الثاني "انفعال غير محدود": اخرج من أوهامك يا رجـ ...ـل

*   *   *   *

(قصف بالقرب من المكان)

الأول: يجب أن نبقى صامتين .. هذا تكـ .. تيـ ..ـك القـ .. ـيادة!!

الثاني "يطلق بين شفتيه فرقعة ويرفع بندقيته إلى الأعلى، ويغادر المكان"

(بعد أيام استشهد الثاني، ورفعته الجماهير الحاشدة على الأكف، واقترب من الشمس، بينما انزوى الأول في مكان مظلم لا يبارحه).

خالد بدير