يواصل المجرم شارون وجنرالاته عدوانه وحربه الدموية ضد الشعب الفلسطيني، وهو يهدد بالمزيد من التصعيد والعدوان مدعوماً بموقف أمريكي عبرت عنه الإدارة الأمريكية في محاولة لتطبيق مخططاتها الإجرامية الهادفة إلى وأد الانتفاضة وتصفية القضية الفلسطينية من خلال كسر إرادة الشعب الفلسطيني وفرض الاستسلام عليه وبالتالي اقتلاعه من وطنه.

هذه المستجدات والتطورات العدوانية وما تحمله وتعكسه من حرب دموية طالت الشعب الفلسطيني وألحق أضراراً بالغة بالمباني والممتلكات والمؤسسات والمرافق والبنى التحتية جاءت بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها شارون لواشنطن،فالذي حصل عليه رئيس حكومة العدو الصهيوني من الولايات المتحدة الأمريكية خلال هذه الزيارة هو أكثر بكثير مما كان يتوقعه شارون شخصياً بكل تأكيد، وقد تبين ذلك من خلال تصريحات الناطق باسم البيت الأبيض بعد لقاء شارون، حيث قال وبالحرف الواحد" من حق إسرائيل اتخاذ ما تراه مناسباً للدفاع عن نفسها"..

وما قاله كولن باول وزير خارجية الولايات المتحدة في بوخارست حين قال:" إن رسالة شارون الصاروخية التدميرية هي أنه آن الآوان حتى يستخدم رئيس السلطة كل نفوذه لضبط العناصر الإرهابية"  حكومة شارون وجنرلاته عبابة الضوء.

وهو ما اعتبر الخطر كي تتصرف وفق رؤيتها، وكما هو معروف فالرؤية الشارونية هي بالأساس عدوانية أن كل ما يعنيها هو العدوان والإرهاب ومواصلة سياسة تهويد المزيد من الأرض.

وبالطبع لسنا بحاجة للتوقف أمام رجع الصدى عند الغرب، وبخاصة بريطانية التي سارعت للقول" إن حق إسرائيل الارتياح إلى أمنها".

إن سلوك الإدارة الأمريكية اتجاه قضايا الشعوب ونضالاتها واضحة لا لبس فيها، وهي لم تكن في يوم من الأيام واضحة في موقفها من العرب والمسلمين من قضاياهم كما هي اليوم، فالولايات المتحدة التي حاربت لاشتراكية والشيوعية في العالم باسم حقوق الإنسان والديمقراطية نراها بالأمس القريب تصعد مواقفها ضد دول وأحزاب   كما حصل منذ سنوات حين صعد الحزب القومي في النمسا إلى سدة الحكم ديمقراطياً، فأقامت الولايات المتحدة الدنيا وأقعدتها عليه وبدا الكلام وكأن النازية قد بعثت من جديد ضد العالم كله، واستجاب العالم كله (لإسرائيل) وللغرب، وحين صعد إلى الحكم في تركيا حزب الرفاه الإسلامي ولم يعلن قط إلا أنه ديمقراطي اسقطوه لأنه يشكل خطراً على (إسرائيل) واليوم يقوم شارون بحريه الدموية ضد الشعب الفلسطيني لا بل يتمادى السفاح المجرم شارون في الإساءة لكرامة العرب والمسلمين، وتطئ قدمه المقدسات،ويعلن عن قراره لبناء الهيكل الثالث المزعوم، ومع ذلك تعتبر الولايات المتحدة ما يقوم به الكيان الصهيوني هو مجرد الدفاع عنى النفس ومن حق الكيان أن يقتل ويدمر ويسحق ويجوع ويحتل وينبي المستعمرات كل ذلك دفاعاً عن النفس، أما بالنسبة للفلسطيني الذي شرد من بيته وطرد من وطنه فليس من حقه أن يفعل شيء، يريدون محو ذاكرته فليس من حقه أن ينتفض لإزالة كابوس الاحتلال عن صدره وأرضه.

هذه المواقف والسياسات للإدارة الأمريكية تجعل من البعض لا يزال يراهن على دور للولايات المتحدة فيما يسمى بالسلام المزعوم.. وهل فعلاً واشنطن تريد للإرهاب في المنطقة أن يتوقف وان يعم السلام المنطقة.!! وهل هي تمارس دور الحكم العادل والنزيه؟ وإذا كانت كذلك فأين هي من قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي بقيت دون تنفيذ فيما يتعلق بالكيان الصهيوني؟. وأين هي من مؤتمر دوربان وقرارات هيئة الأمم المتحدة، وقمة جنيف الخيرة وأين هي من كل نضالات وحركات الشعوب التي ناضلته من أجل حريتها واستقلالها وعلى الخصوص قضية فلسطين، رغم أنى النزيف الذي أصاب الشعب الفلسطيني لم يتوقف منذ اغتصاب فلسطين إلا أن هذا النزيف الدموي ضد شعبنا، تحول إلى أنهار في زمن حكومات ما يسمى بالوحدة الوطنية التي يرأسها المجرم السفاح شارون، والتي انفلتت من عقالها خصوصاً بعد أحداث الحادي والعشرين من أيلول ، وإعلان واشنطن حربها الدولية على ما يسمى بالإرهاب، ونصبت نفسها الحاكم والجلاد، وبدأت تصدر أحكامها وتشكل محاكم عرفية داخلية وخارجية، تعبر عن عمق كراهيتها لكل ما هو عربي ومسلم، وبالمقابل تفسح المجال للصهاينة وجمعياتهم في التحرك وجمع المال من أجل تمويل المستوطنات وإنشاء مدارس الكراهية التلمودية التي تعلم الصهاينة كراهية كل من ليس يهودياً، أما إذا كان هناك جمعية عربية أو مسلمة تمد الفلسطينيين بالتبرعات فهي تمد الإرهاب وتنميه وتعلم الأطفال على القتل.

تلك هي سياسات الولايات المتحدة المنحازة للكيان الصهيوني والداعمة له على كل الصعد وهي في تحركها على صعيد المنطقة وإرسالها مبعوثها زيني لا يعني أن ثمة حلول في جعبة الإدارة الأمريكية، فما تريده الولايات المتحدة وفي إطار أولوياتها الإستراتيجية هو ترتيب أوضاع المنطقة وتأمين أمن الكيان والحفاظ عليه ككيان متماسك كي يستطيع القيام بدوره ووظيفته على صعيد المنطقة،وكي يلعب دوره الإقليمي في إدارة الصراع الذي تقوده الولايات المتحدة وفي هذا  السياق يأتي تحرك الإدارة الأمريكية وليس نتيجة تبدل في سياساتها تجاه قضيتنا بفعل التطورات الأخيرة التي يشهدها العالم، وإن ما يطرح من مواقف ومبادرات الهدف منها وأد الانتفاضة، وكسر إرادة الشعب الفلسطيني، وقتل حالة الصمود التي جسدها بفعل نضاله منذ قرن، وبالتالي ترتيب أوضاع المنطقة بما يخدم أهدافهم ومشاريعهم، إن احتدام الصراع ووصوله إلى هذا المستوى، ووضوح مستوى العلاقة الاستراتيجية العضوية بين الإدارة الأمريكية والعدو الصهيوني التي أظهرت بدقة الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، وفي المقدمة منها تصفية القضية الفلسطينية.

ومن المفترض أن يزال الوهم عند البعض في إمكانية التصالح والتعايش مع هذا العدو الصهيوني العنصري، أو الرهان على الولايات المتحدة وسلامها المزعوم الذي اتضحت أهدافه، وهنا يجب أن يشكل بالنسبة لشعبنا وقواه المناضلة نقطة انعطاف واضحة في مجرى الصراع واستمرار النضال أو لم يعد مقبولاً أمام ما يرتكب بحق شعبنا ومناضليه ومؤسساته من قتل وتدمير، وأمام الوضوح الأميركي وأمام سقوط برنامج المراهنة على التسوية، فالمطلوب زج كل الطاقات الفلسطينية في مواجهة الأخطار التي تهدد قضية شعبنا.

ومن هنا فإن ما يطرح من حلول ومبادرات سواء كانت تحت اسم تقرير ميتشل أو تينيت، وما يتعلق بالدولة الفلسطينية المزعومة ليست أكثر من سراب، فالمطلوب من السلطة الاستجابة الكاملة لإملاءات وشروط الكيان الصهيوني عبر تنفيذ سلسلة من الإجراءات القمعية ضد شعبنا لوأد الانتفاضة، وقتل حالة الصمود والمقاومة لدى شعبنا، وهذا ما أوضحته المطالبة الصهيونية المتمثلة في توقيف (الإرهابيين) ومساعديهم وقادتهم وتفكيك (البنية الإرهابية لمنظمات الإرهاب) وتصفية ورش صنع الأسلحة ومدافع الهاون، وتسليم الولايات المتحدة الأسلحة غير المرخصة وإحباط عمليات (إرهابية) ووقف التحريض.

وإزاء ما سبق نؤكد أن الحلقة المركزية اليوم في نضالنا يتجسد في توفير مستلزمات صمود شعبنا وزج كل إمكاناتنا وتنظيمها في خدمة استمرار المقاومة والانتفاضة والعمل باتجاه تشكيل قيادة  طوارئ وطنية قادرة على إدارة الصراع واستمرار العمل على توفير كل مستلزمات صمود شعبنا وقواه لمواصلة النضال واتلمقاومة والانتفاضة، وأن تنظم صفوفها وقواها في مواجهة التهديدات الأميركية التي تطال العراق وسورية وتعكس النوايا المبيتة اتجاه أمتنا العربية والإسلامية والتي تهدف إلى فرض البرنامج الأميركي وتكريس وجوده العسكري كقوة احتلال دائم في بلادنا، وبالتالي إسقاط الوهم بالحياد الأميركي، فأميركا العدو الأول لكل الشعوب التي تناضل من أجل حريتها واستقلالها، فنحن أصحاب قضية عادلة تستدعي أن نستنهض من أجلها كل الطاقات والإمكانات ومن حقنا أن ندافع عن أرضنا وحقوقنا وتاريخنا ومستقبلنا والنصر دائماً حليف الشعوب المناضلة.