الصفحة الرئيسية

 
 
   فتح تحاور المناضل الكبير ناجي علوش


فتح تحاور المناضل والمفكر الفلسطيني الأستاذ ناجي علوش

-الاخ ناجي علوش: أرى أن كل سنبلة تقطع في جزء من هذا الوطن هي سنبلتي الخاصة ويجب على كل عربي أن يملك هذا الشعور بحقه.
-فلسطين تستحق منا أن نقاتل وأن نموت وان نقدم أولادنا وبناتنا على مذبحها لأن الحرية شئ كبير جداً.
-نحن نقاتل كي لا نكون عبيداً ونحن لا نبيع حريتنا لمحتل أو غاصب.
-إن شعار تحرير فلسطين هو شعار كل وطني.
على الرغم من أن نصف جسمه قد أصيب بالشلل وأصبحت أوجاعه كثيرة ولا يستطيع التحرك بالسهولة التي كان يتحرك بها ولكنه مازال مصمماً على الاستمرار كما بدأ منذ أن اكتحلت عيناه بوهج ثورات فلسطين الأولى وثقته أن المناضلين حريصين على المناضلين وهذا ما يسبب له العزاء في الأوقات الصعبة فهو يبدأ عمله في الثانية عشر مساء ويبقى حتى الصباح ثم يقضي نهاره في عمل من نوع آخر.
يذهب للمكتبات العامة ودور الكتب في دمشق وبيروت وعمان ويواصل قراءاته وكتاباته ويعتبر نفسه جاهزاً لأي مهمة ويقينه أن محاربة الأمريكان هي مهمة لكل وطني عربي ويعتبر أيضاً أن فلسطين تستحق حياتنا لأنها تكثف معنى الحرية ومعنى الحياة في آن معاً.
وهكذا وبتفاؤل العقل والإرادة يتقد ذهن المناضل الفلسطيني الكبير الاخ ناجي علوش الذي التقته فتح أثناء زيارته مؤخراُ لدمشق، في حوار تمحور حول الوطن والإنسان والقضية والمستقبل والمتغيرات وجدل الثوابت الوطنية والقومية،والدلات العميقة للانتفاضة شعبنا الباسلة في فلسطين التي تستأنف تاريخنا الوطني العظيم.
وفي مايلي نص الحوار:

س-يلاحظ منذ الحرب الباردة أن أمريكا والغرب صبوا جام حروبهم على المنطقة العربية والاسلامية على الرغم من حالة الوهن والضعف والانحطاط، لماذا؟
ج- إن الوضع العالمي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تميز بسيطرة القطب الواحد وقبل قيام هذه السيطرة كانت حكومة الولايات المتحدة الامريكية تسعى دائبة إلى متابعة خطها السابق الذي كان يعتبر أن السيطرة على هذه المنطق هو من أولويات السياسة البريطانية جاء الامريكيون فورثوا السيادة العالمية البريطانية وتابعوا هذا النهج.
وفي نهاية الحرب العالمية الثانية كلفوا مجموعة من الخبراء لأن يضعوا استراتيجية عالمية وتم وضعها وتتلخص هذه الاستراتيجية العالمية في السيطرة على مناطق متعددة في العالم، ولكن أهم ما فيها هو السيطرة على هذه المنطقة أيضاً،وتحدثت عن هذه الخطة صحف أمريكية عديدة كما تحدث عنها خبراء أمريكيون أيضاً وقالوا أنها موجودة في الارشيف الوطني.
ولذلك فإن الامريكييين ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة كانوا يضعون هذه المنطقة في رأس استراتيجيتهم، ومن هنا زرعوا لنا الكيان الصهيوني وزودوه بالأسلحة لكن يقوم دائماً بالمناوشات والضغط واستمرت هذه السياسة وزادت عنفاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي سيما أن الامريكيين قرروا إحكام السيطرة على العالم وفي قلبه هذه المنطقة ومازالوا يفعلون ذلك وشاء الله والصدفة أن يكون في القلب من هذه المنطقة وطن عربي وعالم إسلامي فتشدد النكير على العرب والمسلمين بتأمين أمن العدو الصهيوني ولضمان السيطرة على النفط والثروات العديدة الموجودة في هذه المنطقة وما حولها وآخر ماحدث هو الحرب في أفغانستان التي تجيأ ضمن هذا الإطار وليس بعيداً عنه وما العملية التي حدثت في الحادي عشر من سبتمبر إلا القشة التي قصمت ظهر البعير ولو لم تحدث لخاض الامريكيون حروباً.
فالأمريكيون قبل ذلك حاصروا مصر وحاصروا سوريا ثم قاموا بحصار العراق وضربه مازالوا يهددون بضربه ولكنهم كما فعلوا في أفغانستان وقالوا سنضرب أفغانستان ثم وضعوا أهدافاً أخرى ومن هنا فإن ضرب العراق لا يعني ضرب العراق فقط بل يعني أيضاً ضرب كل عوامل القوة في الدول العربية ذات الوزن والشأن فهم يريدون السيطرة الكاملة على هذه المنطقة وأكثر من ذلك يريدون حماية طويلة المدى للكيان الصهيوني ولا يريدون أن يفاجأ ذلك الكيان في يوم من الأيام بصواريخ تطلق من هذا المكان أو ذاك لتصيب المدن في <<‎دولتهم>> المزعومة.
إن كل التهديدات والتهويش الذي يحصل ياتي ضمن هذا الإطار من أجل ضمان السيطرة الامريكية على الثروات ومن أجل حماية الكيان الصهيوني، حماية بعيدة المدى وحتى لو أنهوا الانتفاضة في الداخل على صعوبة ذلك فإن هناك أخطاراُ كبيرة تحيط بالكيان الصهيوني ومن هذه الأخطار النمو الذي يجري مثلاُ في مصر وسوريا والعراق، والقوى البشرية والقوى العسكرية التي تبنى ولذلك فهم يطالبون الآن بوضع رقابة دولية على تشريع مصر، إذن ليس العراق وحده المستهدف ولكن ضربه الآن المراد منه التقاط ذريعة لتوسيع الضربة لتستهدف أطرافاً عربيةً أخرى فلن يستريحون أو يستقرون ماداموا يرون أن هناك اتجاهاُ أوروبياُ يتقدم رغم كل الحواجز، فضلاً عن اتفاقات اقتصادية تمت بين مصر والعراق وبين سوريا والعراق وبين سوريا والسعودية وبين مصر والمغرب، وخطورتها بالنسبة لهم أنه يكمن في أساسها بناء قوة اقتصادية عربية كبرى بل وحدة اقتصادية شاملة لان الدول العربية الكبرى عندما تتفق فإن الدول الصغيرة ستجد من مصلحتها الحقيقية أن تنضم لمثل هذه الاتفاقيات لتعزز اقتصادها وتزيد من قوتها، ولان التنمية الاقتصادية تسير بموازاتها تنمية عمرانية وعسكرية وفي مختلف المجالات وعلى ذلك فالتعليم سيتقدم كما الزراعة كما الصناعة وسيتحول الشعب من مستورد إلى منتج ومن ضعيف يعتمد على غيره إلى شعب يعتمد على نفسه وهذا مخيف جداً بالنسبة للقوى الامبريالية التي تفضل التعامل مع الضعفاء بدل الاقوياء ومع المحتاجين بدل المنتجين. إن مصر التي كانت تكفي نفسها منذ 4000 سنة قبل الميلاد وتوزع القمح على المنطقة المجاورة لان يعقوب بن يوسف ذهب إلى مصر من أجل القمح، مصر هذه لاتستطيع أن تكفي نفسها لمدة أسبوع دون معونات أجنبية وهم يريدون أن يبقى الوطن العربي كله كذلك.
وإن سوريا الآن تنتج القمح والحبوب وسوف تصدرهما كما تنتج الكثير من منتجات الاقمشة مثلاً والكثير من الصناعات الأخرى وهذا يعني ببساطة أننا سنكون غير محتاجين وأن المحتاجين منا سوف يعتمدون على غير المحتاجين وهذا يعني أننا سوف لن نظل عبيداً للحاجة وننتظر استيراد السلع المصنوعة بالخارج ونستدين لندفع ثمن طعامنا وشرابنا لأننا نصنع مانحتاجه وفي كل عام نحن نطور ذلك بحيث أننا لو كثر عددنا واصبح المائتا مليون إنسان عربي سبعمائة مليون عربي كما هو وارد في إحصاءات الامم المتحدة سنة 2025 أي سبعمائة مليون إنسان سيجدون في بلادهم طعاماً وشراباً ولباساً وكل شئ ولن يكونوا بحاجة لان يركضوا وراء الأجانب لاستدانة الدولار من أجل أن يشتروا القمح والأرز أو أي شئ آخر وهذا مصدر قوة كبيرة يجب أن نستمر به فهو من أهم أنواع الحرب والمقاومة أي ألا تكون محتاجاً للاستيراد من الخارج.
س-هل الحديث عن عدوان جديد على العراق يحمل نذر تغبيرات في الخرئط الجغرافية في المنطقة كما يشاع في بعض وسائل الاعلام؟
ج-بعد توصيف بوش العراق وإيران وكوريا الشمالية(بمحور الشر) يحاول الامريكيون أن يقطعوا أوصال هذا الوطن لأنهم رأوا أن كل السياسة البريطانية وكل ما فعله سايكس-بيكو في الماضي لم يجي نفعا وبقينا نغني بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان ومن مصر إلى يمن إلى نجد فتطوان وبقينا نحن في هذه الوحدة. لقد اعتقوا أن رسم الخرائط في الهواء لا يجدي نفعا كثيرا فلجأوا إلى ما يسمى بحروب الطوائف كما حاولوا في لبنان ليفصموا عرى الشعب ويخلقوا صراعات لاتزول أقوى من تقسيمات الحدود والرسومات على الارض وحقيقة الأمر أنهم أرادوا أن يرسموا الخرائط في النفوس لكنهم لم ينجحوا لأن شعبنا فيه من عوامل الوحدة والقوة ما يجعله عصياً على مثل ذلك وهاهو الشعب اللبناني بتعاضده مع سوريا ومع كل العرب المخلصين استطاع أن ينجز مهمتين كبيرتين:
الأولى: تحرير الجنوب اللبناني بقوى شعبية وليس بجيوش نظامية وطائرات ومدافغ ولم يحتاج الشعب اللبناني لا إلى السلاح الامريكي أو السلاح السوفييتي إنه بالأسلحة الصغيرة التي يمكن أن تصل إلى كل أنحاء العالم وبالإرادة الحديدية الصلبة استطاع أن يحرر الجنوب وان يهزم الجيش الصهيوني وأن يدحر مؤامرة التقسيم فبقي موحدًا وجعل من الأطراف التي كانت لا تؤمن بالوحدة ولاتقبل بالتحرير تؤمن بالوحدة وتأيد التحرير وبعض الأطراف في لبنان التي كانت قد انخدعت بالخطة الصهيونية انسجمت مع التحرير وبعد التحرير انسجمت أيضاً بخط التحرير وبمواجهة العدو الصهيوني ورفض السياسة الامريكية، الشئ الذي يشعرنا بالكثير من الفخر والاعتزاز فشعبنا عصي على عمليات التفتيت والخضوع ولديه إرادة المقاومة والتحرير حتى في الظروف الصعبة كظروف لبنان أمام العدو الصهيوني وأمام العدو الامريكي اللذين اعتقدا أن سياستهم هي سياسة ناجعة في الوطن العربي والعالم الاسلامي وأنهم على طريقها سوف يستطيعون إخضاعهما ونحن نقول أن هذه الامة التي امتلكت دائماً إرادة المقاومة والصمود قادرة في الظروف الجديدة ورغم المآمرة ورغم اختلال موازين القوى قادرة على أن تستنهض قواها وتلحق الهزيمة بالمخططات الأجنبية وأذكر عندما قرأت التايخ القديم ومنه القرطاجانيين أن الرومان استطاعوا أن يصلوا إلى قرطاجنة فماذا حدث؟ كانوا يظنون أنهم سيذلون أهلها انتقاماً لمحاولات هانيبعل أن يذل روما وعندما وصلوا تزعزع بعض المسؤولين فسلموا، فجاءت زوجة أحد هؤلاء المسؤولين الذين سلموا وأشعلت ناراً كبيرة وأخذت أولادها إلى السطح المشرف على هذه النار قفزت هي في النار وجعلت أولادها يقفزون فجاءت النسوة والأطفال ليفعلوا كما فعلت هذه المرأة وأولادها ولم يجد الرومان أشخاصاً ينتقمون منهم لأنهم كانوا يذلون الرجل المقاتل ويبيعون أولاده في السوق ويعتدون على زوجته فلم يبقى أحد ليبيعوه في السوق أو ليذلوه، وهكذا حدث مثل ذلك في صور وفي صيدا عندما تعرضت هذه المدن لغزوات وهكذا كان شعبنا يقاوم تلك الغزوات وسيظل يقاومها كما قاومها قديماُ، لن يستسلم ولن يجد الاستسلام لذيذاً وإذا وجد فئة منه الاستسلام لذيذاً ومريحاً فإن الشعب لن يقبل بذلك لانه يرى الموت كما ذهب الشاعر المتنبي بالقول:<<‎مت كريماً أو عش وانت عزيز بين القنا وخفق البنود>>.وشعبنا الفلسطيني قاوم ومازال يقاوم الغزوة الصهيونية بأشكال نضالية مختلفة فهب منه استشهاديون ارعبوا الصهاينة وأقضوا مضجعهم ولهذا حيث يتحرك طفل أو أمرأة لانهم يرون شبح الاستشهاديين يطاردهم أينما حلوا.
س: على هامش الحرب الأمريكية الجديدة في المنطقة، هناك قراءاتان لهذه الحرب، الأولى ترى أنه في الحرب تجديد لشباب وحيوية أمريكا كقطب أوحد، وأخرى ترى فيها أنها اندفاعة غير واعية من قبل أمريكا، ستقصيها عن ماكنتها كقطب أوحد لتلاقي مصير شبيهاتها من الامبراطوريات السابقة، أنتم ما قراءتكم لهذه الحرب؟!.
الاستاذ ناجي علوش:
لقد درست تاريخ الولايات المتحدة ومنذ قيامها وحتى الآن، وهي دولة لا تستطيع أن تعيش بدون حروب، وشن غارات وتعبئة شعبها، تعبئة مستمرة ويومية لعدة أسباب، أولاً: أن هؤلاء المجتمعين في الولايات المتحدة الأمريكية، الذين يسمون مواطنين، هم ليسوا مواطنين تاريخياً، وهم بمعظم الأحيان رجالاً جدداً ونساء وعائلات مهاجرة جديدة، بحلجة إلى ما يشدها، فليس هناك ما يشدها إلى الأرض، ليس هناك تاريخ، والتاريخ الذي كان موجوداً، وهو تاريخ الهنود الحمر، أبيدوا فأصبحت بلاداً جديدة بكل معنى الكلمة، ويعيش فيها الناس بانتظار لقمة الخبز، وليس هناك ما يجمعهم أو يشدهم، ليس هناك تاريخ يجمعهم، فهم بحاجة دائماً إلى عوامل شد، والجيش في الولايات المتحدة والتجديد من العوامل التي يثقف فيها الأمريكي الجديد والقديم بالتمسك بالولايات المتحدة وطاعة حكومة الولايات المتحدة، وبقيم حكومة الولايات المتحدة وبالأخطار التي تواجه الولايات المتحدة، وأن يكون مستعداً دائماً لأن يفعل ما يؤمر به، ولذلك عندما تململ الجنوبيون في الولايات المتحدة الأمريكية في أول نشوئها، شن الشمال هجوماً على الأمريكيين وأباد منهم من أباد وأخضع منهم من أخضع حتى تكونت الولايات المتحدة، ومنذ ذلك الحين والولايات المتحدة تشن حروباً في الجوار أو في الخارج، لتبقي هذا التماسك، لتدرب جيشها على أن يكون جيشاً وأن يكون مدافعاً عن البلاد، وأن يكون متمرساً بقيمها، ولكي ينظم المهاجرون الجدد والأجيال الجديدة السابقة التي لم تعش بنزعة العدوان، وبروح العدوان، وبنزعة الولايات المتحدة، ومن هذا المنطلق فإن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تعيش بدون حروب، وإذا قرأتم تاريخها ستكتشفون أن الشمال قام بأول حرب على الجنوب ثم بدأت نزعة التوسع في أمريكا الشمالية فطرد الاسبان الذين جاؤوا من أوائل المستعمرين في أمريكا هم والبرتغاليون، ومدت الولايات المتحدة سيطرتها إلى الجنوب وهي سيطرة ما زالت قائمة حتى اليوم، وما زالت توسعها، ثم بدأ الغزو العالمي لطرد الانكليز والاسبان والبرتغال من مستعمرات آسيا، وافريقيا، وأمريكا الجنوبية، وظل الأمر كذلك حتى الحرب العالمية الثانية، وبدأت الحرب على أن الولايات المتحدة ستدعم أوروبا ضد النازية والهتلرية وحدثت حرب وكأنها مقدسة ضد ما يسمى النازية والهتلرية، ولكن هذه الحرب لم تحول الولايات المتحدة إلى بلد ديمقراطي، بل أنشأت في الولايات المتحدة ما سمي بالمكارثية في ذلك الحين، وهي نزعة أشد شراسة من الهتلرية وعندما هزم الألمان في الحرب، حاول الأمريكيون أن يستولوا على كل منجزاتهم، ولكن أهم ما أخذوه من الألمان ليس المصانع والتكنولوجيا فقط، بل أيضاً خبراء التعذيب والسجون والقهر، أخذوهم واستخدموهم في العالم الثالث، وكانوا يوزعونهم على دول العالم الثالث، ومنها البلاد العربية، عرفنا منهم أنماطاً في الأردن كما يوزعون القمح والهبات، والولايات المتحدة الآن تريد بالتهديد أو بالهجوم الي شنته على أفغانستان وبالتهديدات التي توجهها إلى العراق، يريدون أن يحكموا سيطرتهم على هذه المنطقة، سيطرة كاملة وأن يضربوا كل المنجزات في الوطن العربي، لا في العراق فحسب، ولكن العراق عنوان.
لأنهم في الأشهر الأخيرة أخذوا يفتعلون إشكاليات مع مصر، مع أن مصر لم تكن متحدية لسياساتهم، ولم تحتل بلداً مجاوراً ولم تقم بأي عمل يؤدي إلى مثل هذه التهديدات، وهذه الإشكاليات.. ولكنهم يرون أن هذه المنطقة لا تحكم من قطر بل بإمساك النقاط الأساسية، وهي سورية، والعراق،المغرب، والجزائر، ولذلك هناك حرب دائرة في الجزائر، بمعنى مراكز الثقل الأساسية، ومراكز السكان الأساسية، بحيث يكون هناك ملايين من الرجال والنساء والأطفال من المؤكد ستبنى قوى مقاتلة ذات يوم مخيفة، كما كانت تخيف في ايام طارق بن زياد، وعقبة بن نافع، وموسى بن نصير، والآخرون، الذين لم يكونوا يرون حداً لقوتهم، وكان الواحد منهم ومعه عدد من المقاتلين الذين لا يحملون غير السلاح البسيط يرون أنهم يستطيعون أن يهزموا العالم كله، فهم يريدون أن يحكموا هذه المنطقة، وأن يمنعوها من أن تتوحد، وأن تصبح قوة هائلة تنصر الأصدقاء وتخيف ا‘داء، ولذلك فإن التهديدات جدية جداً، وعلينا أن نأخذها على محمل الجد، وعلينا أن نرى بعين قومية أنهم عندما يضربون فهم لا يضربون شخصاً أو قطراً معادي لقطر عربي آخر، فهذا لا يعنيهم فهم يحبون أن نتعادى وأن نتحارب وأن نقتتل، وهم يحبون أن يروان أن لا نعطي أهمية لأي إنجاز في أي قطر عربي، صحيح أنني مناضل فلسطيني ولكني في الأساس قومي عربي أرى أن كل سنبلة تقطع في جزء من هذا الوطن، فهي سنبلتي الخاصة، وأرى أن على كل عربي أن يملك هذا الشعور بحقه، وألا نسمح لأحد أن يمس طرفاً عربياً حتى لو كان لنا نقد عليه، لأن نقدنا شيء وموقفنا شيء، وعداء الأعداء شيء آخر مختلف.
عندما ننتقد أو لا يعجبنا شيء فهذا حقنا، ولكن لا يجوز أن نسمح للأعداء أن يستغلوا ذلك ليضربوا قطراً عربياً، وعندما ضرب العدو الصهيوني المفاعل النووي العراقي أول مرة أنا حزنت كثيراً، لا لأنه ضرب العراق فقط، ولو ضرب في الجزائر سيكون حزني مماثلاً، ولو ضرب قاعدة عسكرية في سورية فسيكون حزني مماثلاً كذلك، لأنه تجرأ وضرب، ولأن أي موقع يضرب في هذا الوطن هو لنا جميعاً، ولا يجوز أن نعطيه الصفة القطرية أو صفة الخلافات، لنتشفى بصاحبه، لأن هذه الروح تقودنا إلى الاستسلام للعدو وعلينا أن لا نقبل أن يضربوا أي نقطة في هذا الوطن حتى لو كانت من الربع الخالي، فهو رملنا ولنا، ولا يجوز أن نقبل منهم أن يعتدوا علينا.
كما كان يفعل العرب القدماء وأن نتذكر قضية المرأة التي قالت وامعتصماه، هب المعتصم، وأن نتحلى بالروح التي كان يتحلى بها أجدادنا، لا الشعب فقط حتى القادة والخلفاء، عندما قام ملك الروم بإرسال رسالة إلى هارون الرشيد، لمس فيها تهديداً اجابه الجواب التالي: من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نكفور كلب الروم، وصلنا كتابكم وسيصلكم جوابي أوله عنكم وآخره عندي والسلام. وفعل ذلك فعلاً، ولذلك لم يكن الروم يستطيعون أن يدخلوا بلادنا وان يعتدوا علينا، عندما هاجم الروح حلب،وهرب سيف الدولة لأول مرة قام أهالي حلب بالدفاع عن حلب ومنعوا الروم من دخولها، وهرب الروم قبل أن يعود سيف الدولة لأنهم اعتقدوا أنه ذهب إلى الجزيرة ليجند جيشاً ويعود مقاتلاً فلم يستطيعوا أن يصمدوا حتى يعود فهربوا لأنهم كانوا يعرفون أنه عندما يذهب يستطيع أن يجند جيشاً، وأنا أرى أن روحنا يجب أن تبقى كذلك وأن شعرنا يجب أن يكون، أن نقاومهم بكل شيء وأن نمنعهم من أن يسيئوا لوطننا ولأمتنا، وأنهم إذا داسوا على طرف خيمة فقد داسوا على رؤوسنا جميعاً، إنهم يتعاملون بهذه الروح، فلماذا نتعامل معهم بالليونة، فلا يفل الحديد إلا الحديد.. والقوة لا تجابه إلا بالقوة، وعلينا أن نستعد لذلك، وإذا كان أجدادنا يملكون ذلك ولا يملكون أسلحة متطورة، بينما من المعروف أن الروم يأتون حتى بجياد مدربة، ولذلك قال أبو الطيب المتنبي:
أتوك يجرون الحديد كأنما أتوا بجياد ما لهن قوائم
س: منذ 18 شهراً والشعب الفلسطيني يخوض غمار انتفاضته الباسلة، كيف تقيمون الانتفاضة لجهة المعاني والدلالات والمنجزات، وما هي الشروط اللازمة لاستمرارها وتطورها؟.
الاستاذ ناجي علوش: الشعب الفلسطيني يخوض انتفاضته منذ مئة عام، أي منذ بدأ المشروع الصهيوني في القرن الماضي، والشعب الفلسطيني ينتفض ويقوم بأعمال سياسية ونضالية كما هو اليوم، والذي يقرأ التاريخ والصحف الفلسطينية والعربية يكتشف أن شعبنا كان دائماص ينتفض في مواجهة العدو الصهيوني، ولي في هذا السياق كتابان، الأول عنوانه:" المقاومة العربية في فلسطين 1948-1918. والآخر بعنوان:" الحركة الوطنية الفلسطينية أمام اليهود والصهيونية 1948-1982 يغطي كل هذه النشاطات، فشعبنا لم يكن يستكين ولا يخضع، كان دائماً يقوم بانتفاضات وحتى في شرق الاردن حاول الصهيونيون أن يقيموا مستعمرات فأنشأوا مستعمرة بالقرب من جرش، ثم جاءت القبائل في ليلة من الليالي ودمرتها عن بكرة أبيها وقتلت من فيها واقتلعت الاشجار وهدمت البيوت، وقتلت المستوطنين وشعبنا هذا شأنه دائماً هو هو لايمل ولا يخضع ولا يستسلم ولكن الذي كان يحدث ان شعبنا يدفع الدم ويقاتل ثم تأتي قيادات ذات أحلام وأوهام، تريد سلطة، تريد مكاسب فتساوم على انتفاضاته وتبددها وهذا الذي حدث سنة 1939 فكان هناك ثورة عظيمة سيطرت على كل فلسطين، ثورة 1936-1939 وهي بدأت بانتفاضات أشعلتها لجان اسمها اللجان القومية، ونشأت في المدن الاساسية كيافا وحيفا ونابلس ثم تحولت من المظاهرات والاضرابات إلى العمل المسلح وكانت تسيطر على أجزاء واسعة من فلسطين لتمنع الجيش البريطاني والقوات الصهيونية من أن تفعل فعلها ولكن هذه الانتفاضة التي بدأت كذلك وشكلت اللجان القومية، خافت منها القيادة السياسية في ذلك الحين حتى أن القسام عندما خرج من يعبد أرسل رسالة إلى الحاج أمين الحسيني رئيس الهيئة العربية العليا، طلب منه إذناً بأن يصبح مأذوناً شرعياً، فلم يقبل الحاج أمين الحسيني بذلك لأنه كان يعرف أن هذا الرجل يخطط لعمل مسلح وهو لا يريد ولذلك خرج القسام مبكراً ومعه بعض المناضلين الفلسطينيين واستسهد في حادثة المغارة في يعبد،ورفضت القيادة حتى أن تقيم له مأتماً أو أن تشارك في مأتمه رغم الجهود التي بذلها الشعب، لأنهم يريدون أن يقنعوا المندوب السامي البريطاني أنهم معتدلون وأنهم يختلفون عنه ولن يشاركوا حتى في مأتمه واتفقوا على مقاطعة البريطانيين فجاء المندوب السامي البريطاني باقتراح في اجتماع طاولة مستديرة بلندن فوافقوا وذهبوا وهناك في اجتماع المائدة المستديرة اصدروا الكتاب الابيض لتحديد الهجرة فقبلت القيادات الفلسطينية واعتبرت ان الانتداب بدأ يتجاوب معها وأن الدولة الفلسطينية على الطريق، فعملت على كسر الثورة وأخرجت ما يسمى قوى السلام الفلسطينية التي كانت تطارد بقايا الثورة وأنا كنت رأيت ذلك بنفسي في مطلع حياتي وهذه من الحوادث التي مازالت تؤثر في حتى الآن لأنني كنت مرة أنام في بيت خالتي وسط البلد وهناك توجد الأحواش واسيقظنا في الصباح فوجدنا فلاحين فلسطينيين يلبسون قنابيز جديدة وأحذية جديدة لم نألفها سابقاً ويحملون بنادق بريطانية جديدة ويدورون في الحي، ما الذي حصل؟ عادة نحن نرى ثائراً شبه حاف ويلبس قنبازاً ممزقاً ويحمل بندقية عتيقة .. وإذا بهم يبحثون عن مقاتلين، فظلوا يبحثون حتى وجدوا مقاتلاً مختبئاً في كوم القش، ونزعوا عنه القش وأجلسوه على حجر فصدر قرار بإعدامه وأطلقوا عليه النار ولكن الكبسولة إنفجرت والطلقة لم تصيب، فقال لهم قائدهم (الله لا يريد له أن يموت بالرصاص لانه كلب، فاقتلوه بأكعاب البنادق)فظلوا يدقونه حتى تطاير دمه .
س- هناك أصوات بالداخل بدأت تبرز تطالب بضرورة تخلي الانتفاضة عن الكفاح المسلح واقتصار أساليبها على القتال المدني اللاعنفي تحت دعوى كسب تعاطف الرأي العام العالمي، ماذا تقولون؟
ج- أنا أختلف اختلافاً شديداً مع هذه النظرة لأنني أعتقد ان شعبنا لا ينتصر باستجداء القوى العالمية، شعبنا ينتصر بقوته فقط وبالتالي أنا أقول في الرد على هؤلاء يجب أن نطور كل أشكال الكفاح المسلح، من العمليات الاستشهادية، إلى الكمائن، إلى الهجمات، إلى المتفجرات إلى كل الأشكال، وأعتقد أن بإمكاننا أن نفعل أشياء لم نفعلها جيداً حتى الآن وهي ضرورية لكسر العدو وأنا كنت أقول لهم دائماً أن أي مقاتل يعرف أنه يستطيع أن يدمر كل دبابة تصل إلى البيوت وأن يدمر كل جرافة تهدم بيتاً ولو كنت موجوداً لفعلت ذلك وما عادت دبابة أو جرافة إلى موقعها وما عادت دورية كما كان يحدث في غزة سابقاً فالدورية من السهل اصطيادها ومن السهل تدمير سيارة الجيب وهذا لا يحتاج إلى عبقرية أو قوى غير عادية، والدبابة والجرافة كذلك. وقد قام مناضلونا مؤخراً بتدمير دبابة (ميركافا) وهذا عمل يجب أن يقتدى به لأن كل دبابة تتحرك يجب أن تعتبر هدفاً وعندما يوجد استشهاديون يفجرون أنفسهم ضد الأعداء ، لا تصبح الدبابة مشكلة، ولا الجرافة مشكلة، ولا الجندي مشكلة لأن الدبابة عندما تقترب إلى مرمى القنبلة اليدوية أو حتى الجندي يكفي أن تشعل خرقة بالبنزين وترميها على جنازير الدبابة لتشتعل لأن هناك تجمعاً للشحوم والزيت ثم هناك قنابل خاصة لذلك اسمها القنابل اللاصقة أو الحارقة وإذا رميت على الدبابة فإنها تثير قوة مغناطيسية هائلة فتحدث قوة تفجير هائلة تذيب حتى الفولاذ لأنها تنفجر بدرجة حرارة 2000، ولكن يبدو أن بعض القيادات يخشى من ذلك لأن هناك قاعدة في القتال عند العشائر، إذا ضربت أنت في الرأس، أضرب أنا في الرأس، وإذا ضربت في الحواشي، أضرب أنا في الحواشي، هم يريدون أن يبقى القتال هامشياً حتى لا يضرب العدو في الرؤوس، وهم يمنعون تطور القتال، ولذلك أثار مقتل وزير السياحة زئيفي هذا مشكلة عند القيادات الفلسطينية، لأنه ارتقى من ضرب جندي في الشارع إلى ضرب وزير، فبدأت كثير من القيادات الفلسطينية تخاف على رؤوسها، إذا ضربنا في الرؤوس فأعداؤنا يضربون في الرؤوس، ولذلك فإنهم يبذلون الآن كل الجهود ليحلوا مشكلة هذا السفاح الصهيوني شارون كي يعيدوا الصراع إلى أدنى مستوى، لا لكي يرتقوا بالصراع، وهم بذلك يتجنبون الدبابات، إذا كان قتل مستوطن يؤدي إلى حصار عرفات، فضرب الدبابات والجرافات إلى ماذا يؤدي؟!.
هم يحسبون أنه سيؤدي إلى أشياء خطيرة، ولكن الذي يقاتل لا يجوز أن يحسب حسابات مستوطن، وذات مرة أرسلت فتح دورة تدريبية إلى فيتنام كان من عدادها خالد أبو خالد، فسأله الجنرال جياب، ماذا عن الشهداء ؟ فقال لهم: إن الذي يقاتل لا يعود، وهو ليس مقامراً ليدخل في حسابات الربح والخسارة ..
ولذلك الفيتناميين انتصروا وهزموا الأمريكان، والعملاء الجنوبيين، لأنهم كانوا يقاتلون بشجاعة عالية، ولم يكونوا يخافون من الخسائر، وإن كانوا يحسبوها لأنفسهم، ولكن كان يهمهم الفعل ومدى فعاليته ضد العدو، والذي يحارب دائماً يفكر ما هو الأثر الذي تركه في العدو، وليس ماذا خسر، لأنك لو أردت أن تحسب وأن تقاتل ماذا تخسر من المال والأرواح لن تقاتل.. لأن القتال خسارة مستمرة، والذي يضغط على زناد الكلاشنكوف ويطلق مخزن واحد من الرصاص، هو يخسر مالاً.. والذي يطلق صاروخاً كذلك، وهكذا مع المقاتل الدرب باعتباره ثروة، فسنوات التدريب والخبرة ليست مجانية، إضافة إلى أنك تخسر إنساناً وطنياً محباً لوطنه، مقاتلاً شجاعاً، يملك خبرة فهي خسارة كبيرة، ولكن ما الذي يجبرك على الموت، ما هو أمر منه ، الوطن يستحق كل ذلك، ويستحق أن نقاتل وأن نموت، وأن نقدم أولادنا وبناتنا، وأن نتألم وأن نتوجع لأن الحرية شيء كبير جداً، وأجدادنا عندما حرروا فلسطين من الفرنجة لم يبخلوا بشيء، بل قدموا كل التضحيات ولكنهم في النهاية انتصروا رغم أن الأعداء كانوا يحشدوا الملايين، صحيح أنه لم يكن لديهم أسلحة، ولكن حشد الأسلحة لا يفيد كثيراً، استعمل الأمريكيون والبريطانيون في أفغانستان كل أشكال الأسلحة، ولم يحققوا الأهداف التي طلبوها، وكانوا يبحثون عن أسامة بن لادن وهو ما يزال طليقاً، وكذلك الملا عمر، صحيح أنهم احتلوا أفغانستان، وكان ذلك معروفاً من قبل، ولكنهم كانوا مستعدين لأن يقدموا تضحيات أكبر، فنحن علينا أن نقول أن وطننا يستحق كل التضحيات، ويستحق أن نتقن كل أشكال الصراع، وألا نخشى شيئاً، وألا نفكر بالمساومة لأن المساومة لا تعيد شيئاً، ولأن المراهنة على العدل الدولي لا تعني شيئاً، فنحن لدينا عشرات القرارات الدولية، ولكن لم ينفذ منها شيء، لأننا لم ننفذها نحن بينما الصهاينة لديهم قرار واحد، ولكنهم نفذوا ما يتعلق بهم، فطردونا وأقاموا دولتهم، لا بالدعم الولي فقط، ولكن بالقوة التي بنوها، وبمعرفتهم أن القرار الدولي لا ينقذهم ولا يحميهم رغم أنهم حتى الآن يعيشون بالعم الدولي، وبالقرار الدولي، ولكن ما يتاح لهم لن يتاح لنا، لأنهم دولياً يحظون بموقع لا نحظى نحن به، ينظر إلينا على أنه يجب إخضاعنا، بينما ينظر إليهم على أنهم مدللوا الساحة الدولية ويجب أن يدعموا بكل شيء.. وقد أخذوا الآن قراراً أمريكياً بحق ضرب العراق،وربما غير العراق إذا ضربوا مرة أخرى، أخذ شارون هذا القرار عند زيارته الأخيرة للولايات المتحدة من الرئيس بوش، ومع ذلك هناك بعض الحكومات العربية التي ما زالت تراهن على بوش وعلى الدعم الأمريكي، فليسقط ذلك كله، لأنه لا يعني شيئاً، فالذي يعني شيئاً هو إرادتنا وقوتنا ومقاتلونا واستشهاديونا، وفدائيونا، الذين لا يخافون الموت، غير ذلك لا يجوز أن نراهن عليه بحال من الأحوال، وأنا كنت طرحت فيما سبق أنه علينا أن نتوقف عن المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية لأنها لا تنفذ، وهم يريدونها ليلهونا كي يعطوا العدو الصهيوني المزيد من الدعم، فنحن كلما لجأنا إليهم استضعفونا، وكلما وجهوا لنا ضربات أكبر، ولذلك يجب أن نقول لهم لا نريد قراراتكم، ولا نريد دعمكم، ولن نوقف عملياتنا استناداً إلى تأييدكم، ونحن نرى أن عملياتنا هي مصدر قوتنا فقط، وبالتالي سنتمسك بها وسنزيدها عنفاً وسنزيدها اتساعاً، وسنقاتل في كل الجبهات، وإذا أردتم أن توقفوا دعمكم فأوقفوه، ولا نريده بالاعتماد عليكم، لأننا إذا أعدناه بالاعتماد عليهم فسيكون لهم وليس لنا، وسنكون نحن عبيداً لهم، وهذا ما لا نريده،نحن نقاتل كي لا نكون عبيداً، ولا لنبيع حريتنا وأرضنا لمحتل أو غاصب.
والأمريكيون يريدون أن يكونوا محتلاً جديداً محبوباً، كما فعلوا عام 1919 عندما أرسلوا لجنة كينج كراين،ويعلوا بعض العرب يطالبون بانتداب أمريكي بدل الانتداب البريطاني، هذا لا يجوز أن يحدث مرة أخرى، لا نريد حتى سلاحاً أمريكياً، لا نريد شيئاًَ أمريكياً، نحن لدينا ما يكفينا وشعبنا قادر وبقوة شعبنا نحن نستطيع أن نفعل ما نريد، فلا نريد أن نعتمد على السياسة الأمركية، وارى أن مهمة الإعلام الملتزم والوطني أن يركز على ذلك فيما يتناوله.
إن تنفيذ القرارات الدولية إذا أصبح ذلك وهماً لدينا، كما هو عند بعض القوى، أنا أعتقد أن ذلك ضعف وخلل وليس مصدر قوة، لا يجوز أن نعتبر أن تنفيذ القرارات الدولية يأتي بمناشدة الدول العظمى التي أعطت قرارات لا تريدها أن تنفذ علينا، هي تريد أن تعطي العدو الصهيوني شيئاً وأعطت شيئاً مزدوجاً بما يتعلق بنا، ولا ينفذ، وما يتعلق بالعدو الصهيوني ينفذ بدون نقاش.
س: باعتباركم مثقفاً وطنياً، ولكم دوراً مميزاً في فتح، كيف تقرأ مواقف فتح داخل الأرض المحتلة، والذي عبر عن نفسه من خلال الكفاح والمقاومة ضد الاحتلال والتباين بين مواقف هؤلاء المناضلين، ومواقف قيادة فتح في الداخل ..
الاستاذ ناجي علوش: دعني أقول شيئاً، لم يكن ذلك شيئاً غريباً لأن فتح بنيت على فكرة وهي تحرير فلسطين، وانتمى الناس إلى فتح تحت هذا الشعار، وأنا من الذين انتموا إلى فتح تحت هذا الشعار، أنا كنت يسارياً، كان بإمكاني أن أكون في فصيل آخر، ولكني انتميت لفتح لسببين، أولاً: إن شعار تحرير فلسطين هو شعار كل وطني . وثانياً: لأن الجمهور الذي انتمى لفتح كان جمهوراً وطنياً بدون سفسطة، ولذلك عندما نهجت القيادة نهجها انتبه هؤلاء المناضلون ومنهم كتائب الأقصى إلى أن هناك خلل، فعبروا عن موقفهم بأسلوبهم، لم يعتقدوا أنهم يريدون أن يقنعوا القيادة، ولم يسمعوا كلام القيادة، ذهبوا وقاتلوا إلى جانب القوى الأخرى، على أساس أن هذه هي فكرة فتح الأساسية، وتعاونوا مع الجهاد الإسلامي، وحركة حماس، ومع مقاتلي الجبهة الشعبية دون تردد ولا عجرفة، ومن هذا المنطلق انسجم الجميع، وكانت هذه الخطوة جديرة بالاحرتام والتقدير، أقدرها واقدر هؤلاء كثيراً والسبب أنني تركت فتح منذ 1979، ولكنني أقدر ذلك وأحيي هؤلاء الشباب وأعتبر أنهم قاموا بإنجاز كبير أسهم في إنقاذ الساحة الفلسطينية فهم يستحقون تقديرنا وتحيتنا، يستحقون كل التقدير لأنهم حملوا السلاح وقاوموا العدو الصهيوني إلى جانب القوى الأخرى، اسهموا في منع السلطة الفلسطينية من تصفية الفصائل الأخرى، ولكانت حماس والجهاد الإسلامي يواجهان خطر الذبح الآن، لا من العدو الصهيوني فقط، ولكن من السلطة الفلسطينية.
س: كيف تقرأون تخلي أقطاب الحكم الذاتي عن مبدأ حق العودة مؤخراً بشكل فاضح وصريح، ومبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله؟.
الاستاذ ناجي علوش: أقرأها كالتالي: أولاً: إن حكومة الحكم الذاتي لم تعط لا حكماً ذاتياً ولا غير ذاتياً، اصبحت تريد أن تتنازل عن قضايا أساسية لتبقى في الحكم الذاتي، وحين تنازلت أولاً عن الأرض مقابل الحكم الذاتي،والآن هي لكي تحافظ على الحكم الذاتي ستتنازل عن الشعب وتنهي قضية اللاجئين، ولذلك قام سري نسيبه مسؤول ملف القدس ليتكلم علناً عن ذلك، وهذا ليس كلامه، هذا كلام سلطة الحكم الذاتي التي تريد أن تحافظ على الحكم الذاتي، لأنه لم يبقى لديها شيء تفرط فيه، ففرطت بالأرض أولاً مقابل اسم الحكم الذاتي،والآن من أجل المحافظة عليه سيفرطون بالشعب، ولا نعرف بماذا سيفرطون بعد ذلك، وشارون يعرف كيف يلعب لأنه الآن يحاصر رئيس الحكم الذاتي حتى لا يسبقه إلا إذا أخفى شيئاً مهماً،وقد أخذ الآن تصريح الأمير عبدالله بالتطبيع الكامل مقابل الانسحاب الكامل،وسيحدث التطبيع الكامل قبل أن يحدث الانسحاب الكامل،وسيأخذ ( الإسرائيليون) التطبيع قبل أن يأخذ شعبنا الانسحاب الكامل كما جرى ذلك سابقاً، عن ماذا سيتنازلون أيضاً ؟! سيتنازلون عن كل شيء من أجل أن يأخذوا الأسماء فقط،وكنت مرة أحضر ندوة في طرابلس الغرب كان اسمها التضامن مع الانتفاضة،وبمناسبة مرور ستة أشهر على اغتيال القائد أبو جهاد،وسموها الندوة الفكرية،وحضرتها كل القيادات الفلسطينية من فتح ياسر عرفات إلى الفصائل الأخرى، فطلبت أن أتكلم فرضوا أن يعطوني خمس دقائق فقلت لهم: سموه ما شئتم، هو بموجب كل القوانين والقواعد، والدساتير يسمى خيانة، لأنكم ستتنازلون عن التحرير باسم التمثيل، ثم تتنازلون عن التمثيل باسم الدولة، ثم عن الدولة باسم حماية وجود الشعب الفلسطيني، ثم تتنازلون عن قضية اللاجئين باسم الدولة، سموها ماشئتم، هذا خيانة.. هذا خيانة.. فوقفوا ليضربوني، وقام الجمهور الليبي فحماني، لأنه فعلاً ما يفعلونه خيانة مهما سموه بكل المقاييس اسمه خيانة، يتنازلون عن شيء، ليأخذوا شيئاَ آخر وفي النهاية لايأخذون شيئاً، ليأخذوا سراباً ووهماً من أجل أن يحظى أبو عمار بسجادة حمراء،ولو في بورة مثل صبرا، يقف عليها مع فرقة موسيقية يعتبر نفسه رئيس دولة، هو لا يريد شيئاً آخر، فهو بتكوينه لايثق بنفسه فيحتاج لأي شيء شكلي، حتى لو كان رمزياً ليقول عن نفسه الرئيس الأول لدولة فلسطين.

شـؤون : فلسطيــن , كاتب المقال : admin

3/25/2002 ,12:50:51 PM

 

  طباعة     ارسل هذه المقــالة

 
اخبــار أخرى  فلسطيــن
   المقاومة الباسلة تصد الصهاينة في مخيم جنين ونابلس وبيت لحم وتوقع خسائر في صفوفه [ 8/4/2002, 12:49:52 PM ]
   المواجهات مستمرة في كل المدن الفلسطينية [ 7/4/2002, 8:42:52 AM ]
   صمود أسطوري ومواجهة باسلة والهجمة الصهيونية مستمرة 7/4/2002 [ 6/4/2002, 6:39:11 PM ]
   قوات الاحتلال تقتحم قرى ومخيمات جنوب الخليل [ 6/4/2002, 11:29:04 AM ]
   أيام البطولة والفداء الفلسطيني في مواجهة البربرية الصهيونية [ 6/4/2002, 4:27:10 AM ]
 




بحث متقــدم


 
poll
هل تؤيد دعوة السلطة لحل كتائب شهداء الأقصى وغيرها من الفصائل المسلحة واعتبارها خارج القانون

لا
نعم
ليس لي رأي

النتــائج