|
مشروع جنستون (1953) من المشاريع الأولى للسيطرة على المياه العربية
|
سعت إسرائيل منذ نشأتها إلى السيطرة على مصادر المياه في فلسطين، واتخذت لتحقيق ذلك وسائل مختلفة تتضافر في النهاية لتؤكد هيمنتها على المياه. وقد أنجزت إسرائيل العديد من المشاريع المائية، في حين اقتصرت أغلب المشاريع الفلسطينية على الترميم والصيانة.
أولاً: المشاريع البريطانية إبان الانتداب بدأت بريطانيا منذ فترة الانتداب اهتمامها بالمياه في فلسطين بدفع من الجماعات اليهودية، إلى أن تم إرسال بعثة علمية عرفت باسم "بعثة بيل" لدراسة الواقع المائي في فلسطين. وقد ترتب على تقرير البعثة إقامة مشاريع عديدة منها:
1- مشروع أيونيدس:
اقترح هذا المشروع في عام 1939، ويتمثل في مجموعة من التوصيات والمقترحات انتهت لتصبح المنطلق الأساسي للعديد من البرامج مثل:
- تحويل جزء من مياه نهر اليرموك بواسطة قناه تعبر الأراضي الأردنية لتجميع مياه أودية زقلاب والعرب، وذلك بهدف ري 45300 دونم في الغور الشرقي.
- تخزين فائض مياه نهر اليرموك في بحيرة طبريا. ويوفر المشروع 742 مليون متر مكعب سنويا.
- نقل مياه رأس العين إلى مدينة القدس ويافا وتل أبيب (1935).
- إعطاء بريطانيا امتياز استثمار مياه نهر الأردن واليرموك لشركة روتنبرغ اليهودية.
- إعطاء بريطانيا امتياز استثمار أنهار النعامين والعوجا والمقطع للشركات الإسرائيلية لاستعمالها لصالح المستوطنات الإسرائيلية.
2- مشروع لاودر ميلك:
رفض اليهود مشروع أيونيدس لأنه يوفر للفلسطينيين والأردنيين حصة من المياه، وقد ظهر الرفض اليهودي في كتاب "أرض الميعاد" (نشر سنة 1944) وكتبه والتر كلاي لاودر ميلك. وشمل الكتاب العديد من المقترحات والتوصيات، تحولت فيما بعد إلى مشروع لاودر ميلك. ويهدف هذا المشروع إلى استثمار مياه نهر الأردن التي تقدر بـ 1800 مليون متر مكعب في السنة، بحيث تقسم إلى 800 مليون متر مكعب لري 540 ألف دونم، ومليار متر مكعب لإنتاج الكهرباء. وقد أوصى المشروع بتسليم إدارته لليهود.
وتم تنفيذ مشروع لاودر ميلك من خلال ما عرف بمشروع هيز المنشور سنة 1944، مركزا على استغلال مياه حوض نهر الأردن للمصالح الإسرائيلية. وقسم مشروع هيز إلى ثماني مراحل هي:
المرحلة الأولى
بناء سد على نهر الحاصباني في لبنان ونقل مياهه بواسطة قناة مغلقة إلى فلسطين لإنتاج الكهرباء اللازمة لاستخراج مياه آبار الساحل.
المرحلة الثانية
زيادة المياه الفائضة من نهر الحاصباني بنقل مياه نهري بانياس ونهر الدان إليه عبر قناة مكشوفة، بهدف ري أراضي الحولة والجليل الأدنى ومرج بن عامر ثم تخزين الفائض في سهل البطوف.
المرحلة الثالثة
نقل مياه نهر اليرموك إلى بحيرة طبريا لأخذ ما يعادل 50% من هذه المياه إلى الغور الشرقي في نهر الأردن، والباقي إلى مثلث اليرموك ومنطقة بيسان.
المرحلة الرابعة نقل جزء من مياه البحر المتوسط لتعويض النقص في البحر الميت.
المرحلة الخامسة
تخزين مياه الفيضانات والسيول الشتوية بواسطة بناء السدود في سهل البطوف.
المرحلة السادسة
استصلاح مستنقعات سهل الحولة لري الأراضي الزراعية، وتحويل 45 مليون متر مكعب لري أراضي غور أريحا والسهول الجنوبية.
المرحلة السابعة
استغلال مياه الينابيع المحلية وسيول الوديان غرب الأردن ابتداء من أبو سدرة حتى غور أريحا.
المرحلة الثامنة
إقامة السدود وخزانات المياه وعددها 23 خزانا لاستغلال مياه الأودية وأنهار البحر الأبيض المتوسط وسيول السفوح الغربية، وتقدر مياه هذه المرحلة بـ 320 مليون متر مكعب.
3- مشروع جونستون:
توزيع مياه مشروع جونستون وفق المصادر الإسرائيلية (مليون م3)
|
البلد
|
كمية المياه
|
سوريا
|
45
|
الأردن
|
774
|
إسرائيل
|
394
|
توزيع مياه مشروع جونستون وفق المصادر العربية (مليون م3)
|
البلد
|
كمية المياه
|
لبنان
|
35
|
سوريا
|
132
|
الأردن
|
975
|
إسرائيل
|
287
|
أصدر مجلس الأمن قرارا يمنع تحويل مياه نهر الأردن إلى صحراء النقب، وأرسل موفده جونستون إلى الدول المعنية وهي سوريا ولبنان والأردن وإسرائيل. ويهدف المشروع وفق المصادر الإسرائيلية إلى تنمية الزراعة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول المذكورة، إلا أن لبنان استثنيت من هذا المشروع.
وتصل كمية المياه المقرر تقسيمها في مشروع جونسون -وفق التقديرات الإسرائيلية- إلى 1213 مليون متر مكعب سنوياً، في حين تصل التقديرات العربية إلى 1429 مليون متر مكعب بما فيها حصة لبنان. لكن المشروع لم يستمر بسبب احتلال إسرائيل لمنابع نهر الأردن إثر عدوان 1967، ثم بعد ذلك توقيع الأردن وسوريا على مشروع سد الوحدة في عام 1987 كما أوردت مجلة "معلومات دولية" في عددها السادس والخمسين.
4- مشروع كوتون: ظهرت فكرة المشروع بعد الرفض العربي لمشروع جونستون. وقد تبنى المشروع الجديد وجهة النظر الإسرائيلية التي تخطط لضم مياه نهر الليطاني البالغة 700 مليون متر مكعب. وبلغت كمية المياه المتوقعة من مشروع كوتون 2345 مليون متر مكعب.
توزيع مياه مشروع كوتون ومساحة المياه المروية
|
البلد
|
مساحة الأرض المروية (ألف دونم)
|
كمية المياه (مليون م3)
|
لبنان
|
350
|
300
|
سوريا
|
30
|
45
|
الأردن
|
430
|
710
|
إسرائيل
|
2600
|
1290
|
ثانيا: المشروع العربي لاستغلال مياه الأردن وروافده سنة 1954
توزيع مياه المشروع العربي على نهر الأردن وروافده والمساحات المروية
|
البلد
|
مساحة الأرض المروية
|
كمية المياه (مليون م3)
|
سوريا
|
68 ألف دونم
|
90
|
الأردن
|
أراضي الغور الشرقية والغربية
|
330
|
قام المشروع ليحافظ على الحقوق العربية (سوريا والأردن) في مياه نهر الأردن، ويسعى إلى توفير مياه للشرب والزراعة ومصادر توليد الكهرباء. ويركز المشروع على نهري اليرموك والأردن وروافد نهر الأردن شمال بحيرة طبريا والوديان والآبار الموجودة في المنطقة، وسيوفر كمية مياه تصل إلى 420 مليون متر مكعب.
ومن ناحية أخرى رفض المشروع العربي تخزين مياه اليرموك في بحيرة طبريا لوقوع شواطئها في المناطق الإسرائيلية ولتلافي زيادة نسبة الملوحة في مياه الأردن.
ثالثا: المشاريع الإسرائيلية منذ 1948
بدأ اليهود تنفيذ مخططاتهم للسيطرة على مصادر المياه في فلسطين منذ فترة مبكرة من خلال المشاريع التي نفذتها أو تبنتها الحركة الصهيونية، مثل امتياز روتنبرغ في عام 1926 لصالح الشركة اليهودية.
مشروع خطة سميث
” نفذت إسرائيـل عـددا من المشاريع المائيـة بقصـد السيطرة على موارد المياه في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بمنابع نهر الأردن
”
|
تم تكوين لجنة من 17 خبيراً انتهت إلى ما يعرف بمشروع خطة سميث التي تمتد لسبع سنوات 1953 - 1960. وقد حدد لهذا المشروع هدفان رئيسيان:
- زيادة كمية المياه إلى 1730 مليون متر مكعب عام 1960 بدلا من 810 ملايين عام 1953.
- زيادة الإنتاج الغذائي ليسد 75% من احتياجاتهم الغذائية.
وقد حددت كمية المياه المنتجة من المشروع على النحو التالي:
- 380 مليون متر مكعب تستخرج من الينابيع والمياه الجوفية والسطحية في فلسطين المحتلة.
- 540 مليون متر مكعب تؤخذ من مياه نهر الأردن وروافده.
وقسم هذا المشروع إلى ستة مشاريع تغطي المناطق الرئيسية في إسرائيل، وهذه المشاريع هي: 1- تجفيف بحيرة الحولة:
ظهرت فكرة المشروع عام 1914 في العهد العثماني، إلا أن العراقيل التي وضعتها بريطانيا حالت دون الانتهاء منه. وقد نفذ المشروع -بعد أن توقف عدة مرات- في عهد الدولة اليهودية بإشراف الصندوق القومي اليهودي "كيرن كميت" والوكالة اليهودية. وقد تم تنفيذ المشروع عبر ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى (1951 - 1953) قامت شركة سوليل بونيه الإسرائيلية بتنفيذ المشروع، إذ وسعت مجرى نهر الأردن أربعة أمتار لمسافة 4,5 كيلو مترا، إلى جانب تصريف 200 مليون متر مكعب من مياه البحيرة والمستنقعات الملحقة بها إلى مجرى نهر الأردن.
المرحلة الثانية (1953 - 1955) هدفت هذه المرحلة إلى استصلاح المستنقعات بإنشاء طرق بينها، إضافة إلى حفر ثلاث قنوات لتصريف المياه وتجفيفها.
المرحلة الثالثة (1955 - 1957) وهي مرحلة تكميلية تم فيها تحلية المياه المتبقية على الأرض وباقي مياه البحيرة التي بلغت 12 مليون متر مكعب، كما تم خلالها إزالة السد الموجود عند التقاء نهر الأردن بالقناة الشرقية وغيره من السدود الصغيرة.
نتائج المشروع:
- تجفيف وإضافة 60 ألف دونم إلى الأراضي الزراعية.
- الحد من تبخر المياه المتجهة إلى بحيرة طبريا.
- إجلاء سكان المنطقة من العرب وتدمير 14 قرية عربية.
- تشجيع تنفيذ مشاريع مائية شاملة مثل مشروع جونستون.
2- مشروع الجليل الأعلى:
يهدف المشروع إلى توفير مياه لري مائة ألف دونم من الأراضي الزراعية.
3- مشروع غور الأردن:
ويحمل هدف المشروع السابق نفسه بري مائة ألف دونم في غور بيسان من نهر الأردن وبحيرة طبريا.
4- مشروع الجليل الغربي: أقيم لاستثمار مياه الفيضانات والسيول في وادي العوجا وجزء من المياه المحولة من نهر الأردن والمياه المكررة لري القسم الغربي في صحراء النقب.
5- مشروع العوجا (اليركون):
وهو يكمل مشروع الجليل الغربي إذ يهدف إلى ري القسم الشرقي من صحراء النقب.
6- مشروع تحويل مياه نهر الأردن:
لم تذكره الخطة السبعية إلا أنه وضع لنقل مياه نهر الأردن من جسر بنات يعقوب في الشمال إلى صحراء النقب، ويهدف إلى:
- إنشاء سد تحويلي وحفر قناة مفتوحة لنقل مياه نهر الشريعة من جسر بنات يعقوب جنوب بحيرة الحولة. وتنقل القناة 435 مليون متر مكعب من المياه سنوياً.
- توليد الكهرباء من خلال إسقاط 236 مليون متر مكعب عبر القناة المفتوحة من منسوب 42 مترا فوق سطح الأرض إلى منسوب 210 أمتار تحت سطح البحر في بحيرة طبريا.
- نقل 173 مليون متر مكعب من المياه إلى خزان في موقع سلامة (تسالمون) عبر رفعها إلى منسوب 42 مترا فوق سطح البحر.
- نقل المياه المحولة بواسطة محطة ضخ إلى خزان البطوف الكبير (يستوعب مليار متر مكعب).
- نقل مياه خزان البطوف الكبير إلى ضواحي تل أبيب عبر قناة مغلقة يبلغ قطرها 275 سنتمترا.
” دمرت إسرائيل بعد عدوان 1967 الكثير من الآبار الفلسطينية وقامت بتلويث مياه نهر الأردن، وأقامت المستوطنات فوق خزانـات الميـاه الفلسطينية لتتمكن من السيطرة على 85% من مياه الضفة الغربية
”
|
رابعاً: المخطط الإسرائيلي للسيطرة على مياه الضفة الغربية وقطاع غزة بعد احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967 بدأت تنفذ خططها للسيطرة على الموارد المائية في الضفة الغربية وقطاع غزة، واتخذت لتنفيذ خطتها الوسائل التالية:
- تدمير الآبار والمضخات على طول الأغوار بحجة المحافظة على الأمن.
- تلويث مياه نهر الأردن.
- السيطرة على 85% من مياه الضفة الغربية.
- إقامة المستوطنات فوق مناطق الخزانات الجوفية وإصدار الأوامر بالسيطرة على مياه قطاع غزة.
خامساً: المشاريع الفلسطينية المتعلقة بالمياه
تنقسم مشاريع المياه الفلسطينية (الوطنية) إلى قسمين هما:
- مشاريع أنجزت
- مشاريع تحت التنفيذ
أولا- المشاريع المنجزة أقامت السلطة الوطنية الفلسطينية العديد من المشاريع المائية التي تركّز أكثرُها في مجال صيانة الآبار ومحطات ضخ المياه وتركيب وصلات مياه جديدة في مختلف المناطق الخاضعة للسلطة الوطنية، كما منحت الصفة القانونية للعديد من وصلات المياه. ومن أهم ما قامت به هو إدخال نظام الإدراة الإلكترونية للمياه في مناطق السلطة من خلال شبكة حديثة للكمبيوتر، إلى جانب هذا حفرت السلطة العديد من الآبار الجديدة لمواجهة الحاجات المائية خصوصاً في الأرياف.
ثانيا- مشاريع تحت التنفيذ
يلاحظ أن أكثر المشاريع المائية مركزة في قطاع غزة باعتباره الأفقر ماء في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية, ويوجد العديد من المشاريع التطويرية للمياه.
وتركز المشاريع الحالية على تطوير وتقوية البنية التحتية في قطاع المياه في الضفة والقطاع، وتساهم العديد من المنظمات الدولية في تنفيذ هذه المشاريع التي تبلغ كلفتها نحو 192,2 مليون دولار. ويمكن أن نلخص هذه المشاريع في النقاط التلية:
- تطوير البنية التحتية للمياه، وتحلية مياه البحر، وإنشاء خط وطني للمياه في القطاع.
- تزويد آبار المياه بالمعدات طبقاً لبروتوكول باريس، وتركيب عدادات المياه.
- مشاريع صرف مياه الأمطار في خان يونس والمناطق الصناعية وشمال غزة.
- تصميم وتنفيذ مشروع المحطة الرئيسية لمعالجة المياه العادمة في منطقتي رفح والوسطى في قطاع غزة.
- حفر خمسة آبار في القطاع.
- تطهير خزانات المياه.
- مشروع إدارة الخزان الساحلي، وتخطيط وإدراة الموارد المائية في كامل الضفة الغربية وقطاع غزة.
|